- لـولا الأحـداث الأخيـرة لما تحركت السلطتان التشريعية والتنفيذيـة لتطبيـق وتنفيـذ القانــون رقــم 61/2007
- عند إصدار أي قرار مستقبلاً يجب توفير الامكانيات البشرية والماديـة والفنيـة وتعاضـد الجهـات الحكومية لإنجاحــه
- «العدل» و«الإعلام» و«الداخلية» و«الشؤون» اتفقت على أن قانون المرئي والمسموع في مجمله العام ممتاز عدا بعض الثغرات
شهدت وتشهد الساحة المحلية منذ فترة ليست بالقصيرة سجالا واسعا فيما يتعلق بحدود حرية التعبير في مختلف وسائل الاعلام المقروءة والمرئية، وتجاذبا سياسيا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فيما يتعلق بحدود الضوابط التي يفترض ان تلتزم بها تلك الوسائل على الرغم من وجود القوانين الخاصة بالمطبوعات والنشر والمرئي والمسموع، وقد بلغت ذروة تلك التجاذبات بتقديم العضو المحترم علي سالم الدقباسي صحيفة استجواب لوزير الاعلام الحالي الشيخ احمد العبدالله حول عدم تنفيذ وتطبيق قانون المرئي والمسموع بحق القنوات الفضائية المخالفة، وبغض النظر عن تأييد الاستجواب من عدمه ولكن يأتي طرح الموضوع لتبيان حقائق كثيرة تأتي في مقدمتها الممارسات الخاطئة لبعض القنوات الفضائية وما يحتاجه القانون من توفير البنية الاساسية لتنفيذ القانون منذ صدوره.
ولا شك ان ما شهدته الساحة المحلية مؤخرا تحت ذريعة حرية التعبير والتي استغلت للتجريح والاساءة الى النسيج الاجتماعي للمجتمع الكويتي الذي لم يألف تلك الممارسات الاعلامية الهابطة التي تؤدي الى المزيد من الشقاق والتفرقة والطائفية واثارة الفتنة واستثارة النعرات الطائفية وازدراء الدستور ادى الى التفاف كل طرف تحت شعار العصبية القبلية والطائفية.
ولعل ابرز ما شهدته الساحة المحلية هو ذلك الفرز الطائفي البغيض على القنوات الفضائية دون حسيب او رقيب مما ادى الى امتعاض الجميع من تلك الممارسات التي ألقت بظلالها على تماسك المجتمع الكويتي مما حدا بصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد على الاشارة الى تلك الممارسات.
ذلك الطرح وللأسف لم يحرك ساكنا من قبل الاجهزة المعنية بالدولة الا بعد ان وصلت الامور الى حد كادت تكون خارج السيطرة على الرغم من وجود قانون المرئي والمسموع رقم 61/2007 الذي يجسد سلطة وزارة الاعلام في متابعة وتنفيذ وتطبيق القانون.
والسؤال الذي يطرح نفسه من يتحمل ذلك التهاون في تطبيق القانون الذي ادى الى اتحاد جميع القوى والتيارات السياسية على اختلاف انتماءاتها امام وزارة الاعلام وتهاونها تجاه من يريد التعرض الى الوحدة الوطنية والمساس بها وهو ما يتضح جليا في مواقف العديد من النواب في تأييد الاستجواب.
وكردة فعل لما حصل على الساحة المحلية برزت مطالبات بإعادة النظر في قانون المرئي والمسموع رقم 61/2007 وتعالت الاصوات من هنا وهناك بفرض المزيد من العقوبات مما اوجد تيارا مناقضا اعتبره تقييدا للحريات، تلك التعديلات التي يتم ترويجها والداعية الى تشديد عقوبة الحبس وزيادات كبيرة في الغرامة للاسف ستؤدي في النهاية الى قمع وخنق الحريات الاعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة والتي لا طائل منها لوجود القانون 61/2007 الذي يعتبر بحق شاملا جامعا منصفا للحرية الاعلامية مقارنة مع ما يتم المطالبة به من تعديلات وخاصة ان تلك الممارسات اتت ليس نتيجة لضعف في القانون بل نتيجة الى عدم تنفيذ القانون الذي اوجد العقوبات المناسبة بحق اية قناة تخالف وايضا لعدم وجود ادارة متخصصة لتنفيذ القانون هذا ما كشف عنه المسؤولون بوزارة الاعلام بصورة صادقة لا لبس فيها منذ اكثر من سنة اثناء مناقشات احدى اللجان ان الامكانيات محدودة ووفق المتاح من الامكانيات على الرغم من المطالب المتكررة بالاحتياجات المادية والبشرية والفنية لتنفيذ هذا القانون بالصورة المطلوبة.
وان القاء اللوم على وزير الاعلام الحالي قد يكون صحيحا نظرا لما تم في عهده من تجاوز القنوات الفضائية للقانون وعدم اتخاذ اي اجراءات بحقها فورا ولكن بدلا من توجيه الاستجواب كان الاجدر بممارسة الادوات الدستورية المختلفة قبل توجيه صحيفة الاستجواب والتي تعتبر في النهاية الحل الاخير عندما لا يتجاوب الوزير.
اذا التساؤل الذي يطرح نفسه، أين تكمن المشكلة؟ هل هو القانون رقم 61/2007 وما اشتمل عليه من مواد؟ أم تقع المشكلة على تطبيق القانون؟ أم تراخي السلطتين التشريعية والتنفيذية في تطبيق القانون؟
بداية، فإن قانون المرئي والمسموع رقم 61/2007 صدر بتوافق السلطتين التشريعية والتنفيذية في اطار تنظيم عملية البث الفضائي للقنوات وما يجب ان تشتمل عليه الدولة من قوانين تواكب التطور التكنولوجي والذي أصبح العالم بفضله قرية صغيرة.
ان القانون رقم 61/2007 بشأن الاعلام المرئي والمسموع وضع بمواده العشرين من الضوابط والشروط والمسائل المحظور فيها، وكذلك العقوبات التي تحد من الممارسات السلبية والوقوف أمامها عند أداء القنوات الفضائية لدورها الاعلامي والمأمول منها لممارسة الاعلام المرئي والمسموع وما اشتملت عليه المادة العشرون من القانون من قيام وزارة الاعلام باصدار اللائحة التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه مشتملة على نظام ترخيص البث واعادة البث وغيرها من الامور الفنية والادارية والمالية المرتبطة بها كما تتضمن تلك المادة اصدار الوزير قرارا بين شروط وضوابط تغطية القنوات لانتخابات مجلس الامة والمجلس البلدي.
اللائحة التنفيذية للقانون
صدر القرار الوزاري رقم 6/2008 الخاص باللائحة التنفيذية للقانون 61/2007 الذي حدد الضوابط لممارسة البث واعادة البث والشروط لتراخيص القنوات المرئية والمسموعة والاجراءات الواجب اتباعها من قبل صاحب الترخيص والرسوم المقررة وايجاز المصنف وعرضه على الوزارة لإجازته وعدم مخالفته للنظام العام للآداب، وعدم جواز استيراد المعدات والاجهزة اللازمة لأعمال البث المرئية والمسموعة الا بعد الحصول على موافقة خطية مسبقة من وزارة الاعلام ولا يتم الافراج الجمركي عن مثل هذه المعدات والاجهزة الا بعد الحصول على موافقة الوزارة.
كما أصدر وزير الاعلام القرار الوزاري رقم 16/2008 بشأن شروط وضوابط تغطية القنوات المرئية والمسموعة لانتخابات مجلس الامة والمجلس البلدي، حيث اشارت المادة الثالثة منه الى أنها لا تتضمن ما يسوء الى المرشحين أو غيرهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الكلمات أو الصور أو الرموز أو الرسوم أو غيرها من الوسائل، كما تضمن القرار المذكور تشكيل لجنة من موظفي الوزارة ومن غيرهم من ذوي الخبرة والاختصاص تتولى رصد الاداء الاعلامي للقنوات وتغطيتها لها والتأكد من مراعاتها لأحكام هذا القرار وغيرها من التشريعات وتلقي الطلبات والشكوى وبحثها والتأكد من صحتها والاجراءات اللازمة بشأنها.
يتضح ان مواد القانون والقرارات الوزارية اللاحقة توضح حجم المهام والمسؤوليات الملقاة على الجهة المنفذة والتي اسندت الى قطاع المطبوعات بداية صدوره المثقل بواجباته ومسؤولياته، الامر الذي يتطلب ادارة متخصصة ان لم تكن هيئة مستقلة للاعلام واحتياجات مادية وبشرية وبتعاون الجهات الرسمية، وهو غير متوافر في الوقت الحاضر ما ينعكس سلبا على تنفيذ تلك القرارات على الرغم من تقديم طلب بإنشائها الى ديوان الخدمة المدنية ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة الاعلام منذ فترة ليست بالقصيرة ولم يتم البت فيه الى الآن.
بمراجعة مواد القانون رقم 61/2007 رغم شموليتها، الا انه لم يمنع من وجود ثغرات قانونية تتمثل في الآتي:
ـ عدم اعطاء الجهة الادارية بوزارة الاعلام صلاحيات بتوقيع أي جزاءات أو تدابير ادارية قبل الاحالة الى القضاء في حق القنوات المخالفة للمسائل المحظور فيها، حيث جعل ذلك من اختصاص القضاء وحده.
ـ اقتصار المادة العشرين من القانون رقم 61/2007 على التغطية الاعلامية لانتخابات مجلس الامة والمجلس البلدي فقط دون ان يشتمل على تغطية كل اشكال الانتخابات والمهرجانات والتجمعات الخطابية وأنشطة النقابات والاتحادات العمالية والطلابية وغيرها.
ـ اقتصرت المادة الحادية عشرة من القانون رقم 61/2007 الحظر على القنوات الفضائية الإضرار بالعلاقات الكويتية وغيرها من الدول العربية أو الصديقة اذا تم ذلك عن طريق حملات اعلامية منظمة مما يعتبر شرطا فضفاضا يسمح للقنوات الفضائية بان تقوم بالاضرار بعلاقات دولة الكويت وغيرها من الدول الاخرى ما دام ذلك لم يكن عن طريق حملات اعلامية منظمة، وإنما مجرد تعبير عن رأي القناة أو القائمين عليها.
بداية التحرك الحكومي
ولا يخفى بأنه خلال الحملات الانتخابية لمجلس الامة عام 2008 استخدم المرشحون القنوات الفضائية واتسعت التغطية الاعلامية لندواتهم في تلك القنوات وما تخلل ذلك من برامج حوارية وما تم طرحه من مواضيع والتطرق والمساس بالمسؤولين وما شاب ذلك من مظاهر الاثارة والشحن والتمادي في الاتهام والهجوم غير المبرر لمسؤولين وما يمثله ذلك من مساس بالمصلحة العامة، فقد تحرك مجلس الوزراء وأصدر قراره رقم 506/2008 بتشكل لجنة برئاسة وزارة الداخلية وعضوية ممثلي الدولة المعنية (العدل – الاعلام – الشؤون الاجتماعية) تتولى دراسة وضع القنوات الفضائية من كل الابعاد والحلول المقترحة بهذا الشأن، حيث توصلت الى مجموعة من التوصيات التشريعية والادارية المهمة التي تصب في الصالح العام ومن أهمها:
التأكيد على حرية الرأي والتعبير وفقا لما نصت عليه المادة رقم 36 من الدستور والقوانين والقرارات المنظمة لذلك دون المساس بحقوق وحريات الآخرين واحترام النظام العام وعدم الاخلال بالمصلحة العليا للبلاد.
ـ شمولية مواد القانون رقم 61/2007 بما احتوت عليه من ضوابط وشروط وعقوبات وضرورة تفعيله بإنشاء ادارة متخصصة أو هيئة مستقلة للاعلام المرئي وتلبية الاحتياجات المادية والبشرية المتخصصة وتعاون الجهات الحكومية المعنية مع وزارة الاعلام بتنفيذه.
بناء على ما تمت الاشارة اليه يتضح ان ما توصلت اليه اللجنة من شمولية القانون وضرورة تفعيله يهدف في المقام الاول الى الحفاظ على حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور في اطار القانون 61/2007 واني على يقين بانه لو تم تنفيذ التوصيات الواردة لما وصلت الامور الى هذا الحد من سجال وتجاذب وما يتم الاشارة اليه من ضرورة اعادة النظر في القانون وكأن أساس ما حصل هو القانون 61/2007 كما اننا لا نريد اضاعة مزيد من الوقت بالبحث عن تعديل القانون، فالقانون واضح وصريح ويمكن تسميته بحق بالدستور الاعلامي الذي ينظم الاعلام المرئي والمسموع، وان تطلب الامر بتعديله فإلى المزيد من حرية التعبير لا التضييق عليها، وليس قانون «قص ولصق» كما قال احد الاعضاء مؤخرا.
واقرأ ايضاً:
الخرافي: لا تأجيل لاستجواب العبدالله ولن أسمح بالخروج عن المحاور
السفير اللبناني: نقدّر عالياً الإعلام الكويتي وجهوده المتميزة
صباح الناصر: حملة «شكراً أمير العطاء» الأولى من نوعها وتحمل مشاعر الحب والولاء لصاحب السمو
العرادة: المزارع الكويتي يتعرض لخسائر كبيرة ولا توجد إلا سيارة إسعاف واحدة