آلاء خليفة
زار وفد من كلية العلوم الاجتماعية جمهورية كوريا الشمالية، وتشكل الوفد من عميد كلية العلوم الاجتماعية د.عبدالرضا أسيري ورئيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية د.عبدالوهاب الظفيري والدكتور بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية د.بدر العيسى ومن قسم العلوم السياسية د.عبدالله سهر ورئيس وحدة الدراسات الآسيوية واليابانية د.محمد السيد سليم، وبعد عودة الوفد من كوريا الشمالية، نظمت وحدة الدراسات الآسيوية اليابانية ندوة ظهر امس تحت عنوان «انطباعات كويتية من كوريا الشمالية».
في البداية تحدث د.عبدالوهاب الظفيري عن عسكرة المجتمع وهو من المواضيع القديمة الحديثة من وجهة نظره ولها دور في تكوين الإستراتيجية النفسية والاجتماعية في المجتمعات وتؤثر على السلوك الاجتماعية في تلك المنطقة.
وتابع قائلا: من النادر ان نجد مجتمعات معسكرة كما هو الحال في كوريا الشمالية وهو نابع من النظام الشيوعي، لافتا الى ان الفكرة مبنية على ان جميع الأنشطة الخاصة بالحياة العامة مرتبطة بالجهة الحكومية والحزب الحاكم، وحول إستراتيجية التنشئة لديهم أوضح د.الظفيري ان الحكومة تعلم الأطفال من عمر مبكر وتكون مسؤولة عنهم في جميع مراحلهم الدراسية وهنا يكون دور الأسرة محدودا جدا ويكون الانتماء للدولة والحزب وليس للأسرة والقبيلة والمنطقة كما هو الحال في دولنا العربية، موضحا ان الحرص على الطاعة العمياء أمر لا يقبل النقاش في كوريا الشمالية والولاء ويتم توجيه الأبناء حسب التخصصات التي يراها الحزب والرغبات الفردية غير متوافرة.
متابعا: ومن الملاحظ ان هناك رتابة عامة مسيطرة على نمط الحياة الاجتماعية وتسيطر على عامة الناس هواجس الحرب بأنها قد تحدث في اي وقت، بالاضافة الى ان جميع الناس لديهم عدو مشترك في أذهان الناس حتى يلتفوا حول القيادة.
واضاف قائلا: ويسيطر على الشعب الكوري فكرة تقديس الأفراد فلا يمكن ذكر القائد إلا بالقائد العظيم وجثته محنطة ليراها الجميع ولكن بعد المرور بالكثير من البروتوكولات، مشيرا الى نظام المراقبة اما عن طريق الأفراد أو الكاميرات كما ان الأناشيد الوطنية موجودة في كل مكان فالتعبئة العامة موجودة دائما.
مشيرا الى ظاهرة الزهد المنتشرة في كوريا الشمالية من ناحية الملابس والمباني وفي المقابل فإن كل ما يرتبط بالزعيم او الحزب مبالغ فيه فتماثيل الزعيم تصل الى أقصى الارتفاعات.
أما عن الاتصالات فأشار الى ان هناك شبكتين للاتصالات الهاتفية، واحدة للكوريين وأخرى للأجانب، وعن سلبيات الحياة الاجتماعية في كوريا الشمالية قال ان هناك تدميرا للبناء الأساسي للشخصية الإنسانية فكأنهم يمحون شخصية الفرد ويذوبونها في الجماعة بما يصعب معه بناء الشخصية المتزنة لدى الإنسان.
وأشار الى انه من الملاحظ في كوريا الشمالية توجيه جميع الطاقات لدعم الجانب العسكري والذي يأتي على حساب الأنظمة الأخرى كما ان معظم مهارات الأفراد تتركز على الجوانب العسكرية بما يجعلهم غير قادرين على تلبية متطلبات الحياة المدنية، موضحا ان الدراسات تقول انه في حالة التخلي عن الحياة العسكرية ففي الغالب يلجأ الناس الى العنف في حياتهم العادية.
وشدد د.الظفيري على ان عسكرة المجتمعات هو اغتيال حقيقي للهواية والهوية والرغبة والطموح والسرور والإبداع في المجتمعات.
ومن ناحيته قال د.بدر العيسى: ان المجتمع الكوري مجتمع غريب، لـ 3 أسباب منها الحصار الاقتصادي المخيف وانغلاق المجتمع الكوري عن المجتمع الخارجي والهاجس الأمني لديهم.
لافتا الى ان عدد سكان كوريا الشمالية يبلغ 22 مليونا والدولة تقوم على استقلالية الفرد والاعتماد على الذات، ويعمل الفرد بكل جهد لحماية الوطن والدفاع عنه، مشيرا الى ان الإنسان الكوري له حياتان، الحياة المادية التي تعتمد على الدفاع عن الوطن وخدمته والحياة الاجتماعية وهي عبارة عن الإرث الذي ورثه المواطن الكوري من خلال أعماله.
وأشار الى ان الزعيم الأعظم لديهم هو في حقيقة الأمر متوفى ولكنهم يتصرفون وكأنه موجود على قيد الحياة، موضحا ان الدخل القومي لكوريا الشمالية غير معروف ولكن هناك معلومات غير موثقة تفيد بان ما يصرف على الاسلحة يبلغ حوالي 9 مليارات دولار سنويا، فالجيش اولا كما هو شعارهم.
واشار د.العيسى الى ان الدولة توفر لمواطنيها السكن والتعليم والرعاية الصحية والعمل مجانا والحياة العسكرية طاغية على الشعب الكوري ومسيطرة على الحياة الاجتماعية، فالجندي يعمل بالزراعة والتنظيف والتشييد والبناء.
اما د.عبدالله سهر من قسم العلوم السياسية فتوجه بالشكر الجزيل الى الكويت بعد هذه الرحلة لما يتمتع به الشعب الكويتي من حرية التعبير ونعمة النظام الديموقراطي.
ومن ناحيته قال رئيس وحدة الدراسات الآسيوية اليابانية د.محمد السيد سليم: ان المجتمع الكوري هو مجتمع منغلق والمعلومات فيه نادرة ومتناقضة، لافتا الى ان كوريا الجنوبية تعتبر نمرا اسيويا ومتوسط دخل الفرد 12 الف دولار سنويا كما انها تعتبر ثاني اكبر دولة في صناعة السفن، موضحا ان هناك فجوة كبيرة بين كوريا الشمالية والجنوبية، ولفت د.سليم الى ان ازمة كوريا الشمالية نبعت من قضية المركزية السياسية الشديدة في النظام السياسي وهو نظام الحزب الواحد.
وقال: ان الشعار المرفوع بالدولة هو الجيش اولا، بمعنى ان احتياجات المؤسسة العسكرية والدفاع الوطني تسبق اي انفاقات اخرى بالدولة سواء الانفاق التنموي او التعليمي كما ان المعونات الاجنبية التي تصل لكوريا الشمالية تذهب الى المؤسسات العسكرية وليست للمدنيين، موضحا ان الهاجس الامني في هذه الدولة اساسي ومركزي وهناك ستار حديدي بين المواطنين الكوريين والاجانب، بالاضافة الى الشدة والحزم في مسالة الانضباط المركزي الصارم والتعبئة السياسية وحشد العقول والذي لا يعتبر اساسا للضمان الامني.
وتوقع د.سليم ان كوريا الشمالية في طريقها نحو التغيير ولكن المسالة غير محسومة فكوريا الشمالية تتميز بانها قومية واحدة ومعزولة بالاضافة الى سيطرة الحزب الحاكم وبالتالي فان المواطن الكوري تسيطر عليه فكرة ان النظام المتبع في الدولة هو الاصلح والافضل، مستغربا من وجود مستثمرين مصريين في كوريا الشمالية كونها دولة لا تشجع على الاستثمار الاجنبي، لافتا الى ان مناخ الاستثمار في كوريا الشمالية صعب ولكن الصندوق الكويتي للتنمية يمتلك مشروعين هناك.