- لا يجوز فرض غرامة تأخير لأن أسبابه تتحملها الوزارة مع عدم تخفيض مقابل الإيجار
مريم بندق
قبل الخوض في التفاصيل وبسبب الاتهامات الموجهة الى بعض الوكلاء المساعدين في وزارة التربية والمطالبات بإحالتهم الى النيابة العامة على خلفية مضمون تقرير لجنة التحقيق في قضية سيارات السوبربان اجد نفسي مضطرة اليوم الى تقديم ونشر الرؤية القانونية التي خلصت اليها ادارة الفتوى والتشريع على ما عداها من حيثيات وأدلة استندت اليها الادارة في حسم 3 اشكالات قانونية اختلفت حولها وجهات النظر في هذه القضية وأدت بالبعض الى التسرع واستصدار احكام مسبقة على بعض الوكلاء المساعدين بإيقافهم عن العمل لحين الانتهاء من نظر القضية في النيابة العامة. الرؤية القانونية التي انتهت اليها ادارة الفتوى والتشريع نصت صراحة على ان السيارات التي قدمتها الشركة مطابقة للشروط والمواصفات مستندة في ذلك الى تقرير لجنة الفحص المشكلة من اعضاء من خارج وزارة التربية وبقرار وزاري معتمد من وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي د.موضي الحمود حيث تضمن التقرير مطابقة السيارات للشروط والمواصفات. وتضمنت الرؤية القانونية للادارة ايضا انه «لا يجوز توقيع غرامة تأخير على الشركة الى جانب عدم تخفيض مقابل ايجار السيارات». وبلورت ادارة الفتوى والتشريع رأيها في هاتين النقطتين بالنظر الى نص العقد بين الشركة والوزارة والموقع قبل تسلم وكيلة القطاع الاداري عائشة الروضان مهام القطاع. وتأسيسا على هذه الرؤية القانونية التي انتهت اليها ادارة الفتوى والتشريع ـ والمعلوم انها اعلى هيئة قانونية في البلاد ـ والواردة في مذكرة رسمية معتمدة من رئيس ادارة الفتوى والتشريع المستشار الشيخ محمد السلمان والتي حصلت «الأنباء» على نسخة منها فإن وكيلة القطاع الاداري عائشة الروضان التزمت بالاجراءات التي اتخذتها بتقرير اللجنة التي شكلتها الوزيرة بموجب القرار الوزاري رقم 279/2009 والمتضمن ـ كما اشرنا ـ مطابقة السيارات للشروط والمواصفات وكذلك التزمت بنصوص العقد التي لا تتضمن ما ينص على الحق في غرامة تأخير يتم توقيعها على الشركة في حالة التأخير في التوريد في الموعد المحدد، فضلا عن ان اسباب التأخير في التنفيذ ترجع للوزارة وليس للمتعاقد وهذا ما اشارت اليه ادارة الفتوى والتشريع في تقريرها الذي تنشره «الأنباء» حرفيا. الى جانب ان عدم تخفيض مقابل ايجار السيارات جاء بناء على عدم تضمن شروط العقد نصا يلزم الشركة بتوريد سيارات جديدة الى جانب ان الشركة قدمت سيارات مطابقة للشروط والمواصفات بحسب تقرير اللجنة التي شكلتها الوزيرة من خارج الوزارة. وأجد لزاما هنا ان اؤكد واوضح ان هذه الرؤية القانونية لادارة الفتوى والتشريع جاءت على نحو يناقض جملة وتفصيلا الاتهامات الواردة في تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها الوزيرة الحمود وضمت 3 اساتذة من كلية الحقوق جامعة الكويت والتي اشارت بأصابع الاتهام والتقصير للاجراءات التي اتخذت في قضية السيارات. هذا وتنفرد «الأنباء» بنشر المذكرة الكاملة المرفوعة من رئيس الفتوى والتشريع الشيخ المستشار محمد السلمان الى وزيرة التربية د.موضي الحمود ووكيلة وزارة التربية تماضر السديراوي:
بالاشارة الى الكتابين المنتهيين بالكتاب المؤرخ 20/7/2010 في شأن ابداء الرأي حول العقد رقم 175 الناجم عن المناقصة رقم م ع/49/ 2007 ـ 2008 الخاصة باستئجار سيارات سوبر بان بوكس او ما يماثله ولا يقل عن 8 سلندر حمولة 7 راكب لنقل المعلمات.
وتخلص الوقائع ـ حسبما يبين من مطالعة الاوراق والوثائق ـ في ان الوزارة ابرمت بتاريخ 19/10/2008 العقد رقم 175 مع شركة الخليج لاستئجار سيارات سوبر بان بوكس او ما يماثله لنقل المعلمات وذلك لمدة سنتين تبدأ من 1/12/2008 وتنتهي في 30/11/2010.
وقبل الموعد المحدد لنفاذ العقد قامت الشركة المتعاقدة بتقديم سيارات «سوبر بان ـ تاهو» الى الوزارة لاجراء الفحص اللازم تمهيدا لقبولها وتنفيذ العقد، الا ان الوزارة ممثلة في الادارة المشرفة على التنفيذ امتنعت عن تسلم السيارات المقدمة من الشركة على اعتبار ان الشركة قد قدمت عدد 30 سيارة سوبر بان وعدد 34 سيارة تاهو وان الاخيرة غير مطابقة للمواصفات، فتم عرض الموضوع على ادارة الشؤون القانونية في الوزارة فأفادت بموجب مذكرتها رقم و ت/ و ق 1/ ظ/ 3879 بأنه يجوز قبول السيارات السوبر بان او ما يماثلها بعد قيام ادارة الخدمات العامة المشرفة على تنفيذ العقد بفحص السيارات وفقا للاجراءات المعمول بها والتحقق من توافر المواصفات الفنية المطلوبة سواء من حيث حجم السلندر وعدد الركاب والوقود والمكيف وغيرها من المواصفات المطلوبة.
وتم اعتماد رأي الادارة القانونية ومن ثم احالته الى الادارة المشرفة على التنفيذ الا ان الاخيرة اصرت على عدم مطابقة السيارات من نوع تاهو للمواصفات المطلوبة وذلك دون ان تبين اوجه عدم المطابقة، فتم اعادة عرض الموضوع على الادارة القانونية فأفادت بموجب مذكرتها رقم و ت/ و ق/1/ خ/4170 المؤرخة في 11/1/2009 بان التقرير المعد من الادارة المشرفة غير واف اذ لم يتضمن اوجه المخالفة بالنسبة للشروط التعاقدية المطلوبة وطلبت تقديم تقرير واف وشامل وفقا للمواصفات الفنية المطلوبة وتم اعتماد الرأي المذكور الا ان الادارة المشرفة اصرت وتمسكت بما سبق وان انتهت اليه من حيث عدم مطابقة السيارات للشروط دون ان تقدم التقرير المطلوب.
وتذكر ان الموضوع احيل مرة اخرى الى ادارة الشؤون القانونية فأعدت مذكرة في 21/1/2009 اكدت فيها أنها لاتزال عند رأيها من حيث وجوب اجراء الفحص واعداد تقرير شامل وفقا للشروط والمواصفات المتعاقد عليها.
ثم قامت الوزارة بتشكيل لجنة لفحص السيارات المقدمة من الشركة المذكورة وانتهت اللجنة المذكورة في تقريرها المؤرخ في 25/1/2009 الى مطابقة السيارات للمواصفات المطلوبة عدا نوع مطفأة الحريق مع وجود تحفظ من احد اعضاء اللجنة مضمونه عدم مطابقة السيارات التاهو للمواصفات وقد اعتمدت تماضر السديراوي وكيل الوزارة تقرير اللجنة المشار اليه.
وبتاريخ 10/2/2009 عادت اللجنة المذكورة وبذات اعضائها وقررت عدم مطابقة السيارات من نوع تاهو وانه لم يتم اعتماد تقرير اللجنة المؤرخ في 10/2/2009 من اي جهة داخل الوزارة.
وقد اقامت الشركة الدعوى رقم 77/2009 اداري/ 5 مختصمة فيها الوزارة، الا انها تنازلت عنها طبقا لاقرار التنازل رقم «34669 جلد: ج» بتاريخ 1/11/2009 وتركت الدعوى للشطب حيث شطبت بتاريخ 23/11/2009، وذلك بعد قيام وزيرة التربية بتشكيل لجنة فحص من خارج الوزارة بموجب القرار الوزاري رقم 279/2009 حيث انتهت اللجنة المذكورة الى مطابقة السيارات المقدمة للشروط والمواصفات.
الا انه وبعد البدء في تنفيذ العقد أفاد قسم النقليات في الوزارة بملاحظتين الأولى تتمثل في التأخير في تنفيذ العقد والثانية ان السيارات مستعملة استعمالا طويلا وانه لا يمكن قراءة العداد.
وتضيفون ان العقد المذكور ووثائق المناقصة قد خلت من شروط أو غرامات يمكن تطبيقها بشأن الملاحظتين السابق ذكرهما، وبناء على طلب ديوان المحاسبة فقد تم عرض الموضوع على إدارة الشؤون القانونية في الوزارة حيث قامت الأخيرة بدراسة الموضوع وأعدت مذكرتها رقم و ت/ و ق/ ا/ ع/ 11799 المؤرخة في 20/6/2010 والتي انتهت فيها الى التالي:
حيث انه لم يتم الاتفاق بين الوزارة وشركة الخليج لتأجير السيارات على تعديل الشروط التعاقدية لتنفيذ العقد المذكور وانه تم الاتفاق على تنفيذ بنود وشروط العقد فلا يجوز استحداث مخالفات أو غرامات جديدة غير المنصوص عليها في هذا العقد (ملحق الغرامات) لاسيما ان الشركة باشرت تنفيذ العقد بالفعل.
1 – بالنسبة للملاحظات الخاصة بأن السيارات مستعملة استعمالا طويلا وان قراءة العداد لا تتوافق مع حالة السيارة، تتم مخاطبة «الفتوى والتشريع» للوقوف على رأيها في مدى سلطة الوزارة في تخفيض مقابل إيجار السيارات بما يتناسب مع حالة السيارات من عدمه وذلك في ضوء شروط العقد والمناقصة وذلك لاستحالة تلافي هذه الملاحظات من قبل الشركة.
2 – بالنسبة للتأخير في التنفيذ، فقد رأت ادارة الشؤون القانونية ان الثابت من الأوراق امتناع الوزارة عن تسلم السيارات موضوع العقد لمخالفة بعضها للشروط والمواصفات الفنية المتعاقد عليها فأقامت ضدها الشركة المتعاقدة الدعوى رقم 274/ 2009 إداري، والتي تنازلت عنها بموجب إقرار تنازل رسمي رقم 34969 جلد: ج بتاريخ 1/11/2009 وشطبت بتاريخ 23/11/2009 بعد انتهاء اللجنة المشكلة بموجب القرار الوزاري رقم 279/ 2009 الى مطابقة السيارات للمواصفات الواردة بالمناقصة واعتماد الوزيرة نتيجة فحص اللجنة وتنفيذ العقد بعد تنازل الشركة عن القضية المقامة منها ضد الوزارة بما مؤداه ان فترة التأخير المشار اليها ترجع الى امتناع الوزارة عن تسلم السيارات موضوع العقد ووجود نزاع قضائي بشأنه وعليه رأت الادارة القانونية إما عدم تطبيق غرامات على الشركة عن فترة التأخير المشار اليها أو مخاطبة الفتوى والتشريع.
وحيث ان ما انتهت اليه الادارة القانونية بالنسبة لغرامات التأخير يفيد بعدم أحقية الوزارة في توقيع هذه الغرامات استنادا الى ان التأخير في التنفيذ كان بسبب امتناع الوزارة وليس بسبب إخلال الشركة.
وبناء على ما تقدم تطلبون ابداء الرأي فيما يلي:
1 – مدى جواز توقيع غرامات التأخير على الشركة المتعاقدة في ظل انتهاء الادارة القانونية الى عدم تطبيق هذه الغرامات وفقا للأسباب الواردة.
2 – مدى جواز تخفيض مقابل إيجار السيارات بما يتناسب مع حالة السيارة وذلك في ضوء شروط العقد والمناقصة لاسيما ان الشروط قد خلت من شرط يلزم الشركة بتقديم سيارات جديدة غير مستعملة وانه جار تنفيذ العقد بالسيارات التي قامت الشركة بتوفيرها دون أي معوقات أو مشاكل.
تفيد:
من حيث ان المادة 196 من القانون المدني الصادر بالمرسوم رقم 67 لسنة 1980 تنص على انه «العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لأحدهما ان يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون».كما تنص المادة 197 من القانون ذاته على انه «يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام، وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل».
ويستفاد من هذين النصين ان العقد شريعة المتعاقدين، فالعقد بالنسبة إلى عاقديه يعتبر بمثابة القانون او هو قانون خاص بهما وان كان منشؤه الاتفاق بينهما، ويترتب على ذلك انه لا يجوز لأيهما ان يستقل بنقضه او تعديل أحكامه او الإعفاء من آثاره إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق او يقضي به القانون.
وانه يجب تنفيذ العقد على نحو ما تتضمنه أحكامه على ان تتماشى طريقة التنفيذ مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل فحسن النية وشرف التعامل يظلان العقد ليس فقط بالنسبة الى تحديد مضمونه بل ايضا بالنسبة الى تحديد الطريقة التي يتم بها تنفيذه.
ومن حيث ان المستقر عليه فقها وقضاء ان حقوق المتعاقد والتزامه مع الإدارة تتحدد طبقا لنصوص العقد الذي يربط بينهما، وان تنفيذ العقود سواء كانت مدنية او إدارية يكون طبقا لما تتضمنه هذه العقود من شروط وأحكام.
وتأسيسا على ذلك فإذا لم يتضمن العقد نصوصا تسمح للإدارة بتوقيع غرامة عن التأخير في التوريد عن الميعاد المتفق عليه، فإنه لا يجوز توقيع غرامة تأخير لخلو العقد من نص يخول جهة الإدارة ذلك، حيث نصت المادة رقم 11 من العقد رقم 175 المبرم بين الوزارة وشركة الخليج لتأجير السيارات على أن: «يتم توقيع الغرامات المنصوص عليها في ملحق الغرامات المرافق لهذا العقد بمجرد حدوث المخالفة دون حاجة إلى إثبات الضرر الذي يعتبر في جميع الأحوال متحققا وكذلك دون حاجة الى إنذار او تنبيه او اتخاذ أي إجراءات قضائية أخرى، ولا يخل ذلك بأي حقوق أخرى محتفظ بها للطرف الأول في هذا العقد».
وبالرجوع الى ملحق الغرامات المرافق للعقد يتبين ان الغرامات اقتصرت على المخالفات الواردة تفصيلا في الملحق المشار اليه ولم يكن من بينها غرامة تأخير عن التوريد في الميعاد المتفق عليه، هذا فضلا عن ان التأخير في تنفيذ العقد كان بسبب امتناع الوزارة عن تسلم السيارات لأسباب ترجع لجهة الإدارة لا مما يجوز معه توقيع غرامات على الشركة.
أما فيما يتعلق بتخفيض القيمة الإيجارية للسيارات، فإنه لما كانت لجنة الفحص المشكلة من خارج الوزارة بموجب القرار الوزاري رقم 279/2009 قد انتهت الى مطابقة السيارات المقدمة من الشركة المذكورة للشروط، فإنه لا يجوز للوزارة تخفيض مقابل إيجارها نظرا لمطابقتها لشروط العقد حسبما انتهت إليه اللجنة المشار إليها على الوجه السالف بيانه، فضلا عن ان نصوص العقد لم تشترط توريد سيارات جديدة، على ان يتم سداد المقابل عن السيارات التي تم توريدها بالفعل للوزارة.
لكل ما تقدم نرى أن:
1 ـ لا يجوز توقيع غرامة تأخير على الشركة المذكورة وذلك لخلو العقد المبرم معها من النص على غرامة يتم توقيعها في حالة التأخير في التوريد في الموعد المحدد فضلا عن ان أسباب التأخير في التنفيذ ترجع للوزارة وليس للمتعاقد.
2 ـ عدم تخفيض مقابل إيجار السيارات نظرا لمطابقتها للمواصفات ولأن شروط العقد لم تلزم الشركة بتوريد سيارات غير مستعملة.