تباينت آراء سياسيين وتربويين حول قضية إطالة اليوم الدراسي فمنهم من طالب بإلغاء هذا القرار غير المدروس من وجهة نظرهم، ومنهم من قال إن الأزمة الحاصلة بسبب إطالة اليوم الدراسي في غير محلها، فهناك قضايا في التعليم أهم وكانت تستلزم تحركا فعليا مثل تدني المخرجات بسبب عدم مواكبة المناهج لمستجدات العصر.
جاء ذلك في ندوة بعنوان «إطالة اليوم الدراسي بين الرفض والقبول» شارك فيها كل من النائب السابق أحمد المليفي وعضو مجلس إدارة جمعية المعلمين عبدالرحمن الجاسر ورئيس قسم بوزارة التربية عبدالخالق الملا وأمين عام قوى 11/11 ناصر الشليمي.
وشدد المشاركون في الندوة على ضرورة الالتفات الى قضايا ملحة تمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل التعليم ومنها المناهج وثقل الحقيبة المدرسية ومخرجات التعليم المتدنية خاصة ونحن في مرحلة تنفيذ خطة التنمية.
أدار الندوة مطلق العبيسان حيث أكد ان قضية إطالة اليوم الدراسي كانت مطروحة منذ فترة ولكنها أحدثت ضجة هذا العام عندما بدأت خطوات تنفيذها، وعبر عن اعتقاده بأن القضية تمس الأسرة الكويتية كما تمس أكثر من 30 ألف معلم ومعلمة، فهي قضية حساسة في ظل أوضاع مهترئة في وزارة التربية، من مناهج وخدمات متدنية أدت الى مخرجات ضعيفة جدا، لافتا الى ان هناك ملفات كثيرة في وزارة التربية كانت تحتاج الى الاهتمام بتناولها لتواكب خطة التنمية، فقد كان من المهم ان يكون للتنمية البشرية دور، ويكون ذلك من أهم أولويات الوزارة.
رؤية حيادية
بدوره، قال عضو جمعية المعلمين عبدالرحمن الجاسم ان قضية إطالة اليوم الدراسي هي قضية الساعة، وهي تنقسم الى شقين، هناك إطالة صدر بها فعليا قرار سيطبق بتاريخ 5 اكتوبر المقبل، وهي إطالة 25 دقيقة بحجة النشاط، والهدف منها تعزيز قيم الولاء والانتماء والمواطنة، كما ان هناك خطة للوزارة تطبيقا لبرنامج عمل الحكومة بإطالة الدوام بشكل عام في الأعوام المقبلة.
وأوضح ان رؤية جمعية المعلمين بخصوص إطالة اليوم الدراسي 25 دقيقة، هي رؤية حيادية، فالجمعية ليست ضد أي شيء في مصلحة البلد في العملية التعليمية، وقال ما يضايقنا ان يكون قرار الإطالة قرارا مرتجلا وغير مدروس، ولم يؤخذ فيه رأي أهل الميدان، فما حدث انه تم طرح اقتراح من قبل وكيل قطاع الأنشطة بالوزارة، عن ان هناك حاجة لإطالة اليوم لزيادة تنمية قيم الولاء، بناء عليه صدر القرار، متسائلا: على أي أساس صدر هذا القرار؟ هل تمت دراسته؟ وهل المعلمون والطلبة مهيؤون لذلك؟ وهل هناك نشاط منفذ فعلا في المدارس حتى تتم زيادته؟
مهنة شاقة
من جانبه طرح رئيس قسم في وزارة التربية عبدالخالق ملا جمعة عدة تساؤلات اهمها هل هناك حاجة فعلية لاطالة الدوام المدرسي، وهل اعدت وزارة التربية مشروعا متكاملا لذلك؟ مؤكدا ان هناك دراسة كلفت الدولة 300 ألف دينار، وهل من المعقول الا يتم التمييز بين رياض الاطفال والابتدائي والمتوسط والثانوي، فكلهم ستنالهم اطالة الدوام.
وطالب باعتماد مهنة المعلم مهنة شاقة، وتمييز مكانة المعلم واعادة تأهيل المدارس، مشيرا الى ان هناك مدارس منذ الخمسينيات، وهناك مدارس جديدة تآكلت بسبب البنية الهشة، مطالبا ببيئة مدرسية متكاملة متوافقة مع امكانيات الدولة، فالبيئة المدرسية الآن غير جاذبة ولا تشجع الطالب على البقاء في المدرسة ساعات طويلة.
رأي مختلف
اما النائب السابق احمد المليفي فقد كان له رأي آخر حيث عبر عن حزنه قائلا: نحن امام ماكينة تعليمية مخرجاتها اقل من المتوسط لعدة اسباب منها الاطراف الثلاثة، المناهج والمعلم والمنشآت كلها بها خلل من دون استثناء، للآسف بجانب هذا الخلل الذي يعيشه البلد في مخرجات التعليم في كل مراحلها، نجد مناقشات وتجاذبات من 25 دقيقة.
والقى بمسؤولية الخلل على جمعية المعلمين التي قامت بجمع 5000 توقيع وستقوم باضراب من اجل 25 دقيقة، في حين انها تركت القضايا المهمة جدا والملحة، وهي اخطر من قرار الاطالة، ولم تتحرك لها، مثل قضية المناهج الدراسية منتقدا ان تستمر الكويت حتى وقت قريب على مناهج من دول الخليج.
واشار الى ان الحقيبة المدرسية تثقل ظهر الطالب، والاقتراح بكمبيوتر لكل طالب، وتحويل الكتب الى «سي ديهات»، كل هذه الاقتراحات تأخرت ولم نجد تحركا حاسما، وبالعودة الى المدارس هناك مدارس خربانة مو مصلحة وكان يجب الاضراب حتى يتم اصلاحها.
واضاف انه للاسف رغم اننا امام خطة تنموية وامام مستقبل خطير وحساس ونتناقش حول فرعيات ونصل الى حد الصدام في قضية لا تستحق، نجد ان القضايا المصيرية المهمة لم نصل فيها الى الصدام، قضايا تتعلق بالمناهج والمنشآت واداء المعلم نفسه.
واضاف ان الدروس الخصوصية كارثة، هناك معلمون يعطون دروسا حتى الساعات الأولى من اليوم التالي، فكيف سيعلِّم الطلبة صباحا، ثم قضية الغش واللعب في الدرجات، وهذه قضايا تتحملها الوزارة والادارة الحكومية وتتحملها جمعية المعلمين ايضا، وهي مسؤولة ايضا اذا تخاذلت الحكومة، وانتقد التعاقد مع مدرسين من بعض الدول وهم لا يستطيعون نطق العربية بطريقة سليمة لتدريس اللغة العربية، لافتا الى اهمية التدقيق في اختيار نوعية وكفاءة المدرسين القادمين لتعليم ابنائنا، لان عدم التدقيق في اختيار المدرسين سببا من اسباب انتشار الدروس الخصوصية.
البيئة الصفية
بينما شدد ناصر الشليمي على اهمية البيئة التعليمية قائلا: كنا نتطلع الى تعليم بلا جدران ففي الخارج الصف لم يعد مهما، مؤكدا ان البيئة الصفية للطالب اذا لم تكن جاذبة وسليمة فلا فائدة مرجوة في بيئة صفية قاسية، وكان مفترضا من وزارة التربية الاهتمام بأن تكون مدارسنا نموذجية.
وانتقد جعل اطالة اليوم الدراسي ورقة ضغط وكارت مساومة من الممكن ان تؤثر على جودة التعليم، مطالبا جمعية المعلمين بالمساهمة في تطوير التعليم، مضيفا: اننا لم نعد نثق في وزارة التربية، فحالها اصبح كحال باقي الوزارات.
اما رئيس جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة عايد الشمري فقد قال ان ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحصلون على شهادات تثبت تعليمهم طوال اكثر من 30 عاما، منتقدا خروجهم 4 فجرا وعودتهم 4 عصرا من اجل التعليم اي 12 ساعة كاملة ولا يحرك احد ساكنا من اجلهم. واضاف لقد اخذنا وعودا بحل هذه المشكلة المعضلة من وزارة التربية ومن رئيس مجلس الامة ومن الحكومة والوزير د.محمد البصيري ورغم كل ذلك مازلنا مكانك راوح ولم نتقدم خطوة واحدة.