بيان عاكوم
قالت الباحثة في مجال العنف د.جولييت دينكا ان الأزواج في الوقت الحالي يتعاملون مع بعضهم بطرق تتسم بالعنف من خلال التعدي اللفظي او الجسدي في ظل وسط يتسم بالصراع والصوت العالي وغياب الحوار والمباشرة بالشكل العقلاني لتتحول الحياة بين الاثنين إلى حالة من الإيذاء سواء من طرف أحد الزوجين أو من كلا الطرفين الذين يؤذيان بعضهما على الصعيد النفسي وصولا إلى الإيذاء الجسدي العنيف.
جاء ذلك ضمن أنشطة الأسبوع التوعوي الذي نظمته الجامعة الأميركية حيث أقامت منتدى حواريا حول العنف وأسبابه وأبعاده تحدث خلاله العديد من المختصين والباحثين الذين تناولوا جوانب ظاهرة العنف من الناحية الصحية والاجتماعية والقانونية والنفسية.
وتحدثت الاخصائية في مجال العنف جيسون سوليفان في كلمتها حول الأبعاد الصحية وكيفية معالجة الأشخاص العنيفين من خلال الاستشارات النفسية والمعالجة التي أظهرت الدراسات أن لها دورا في التعرف على الأسباب التي تدفع الكثير من الناس لممارسة ردود أفعال عنيفة تجاه من حولهم داخل الأسرة أو العمل او المجتمع وكيفية توجيه أنظار المجتمعات نحو ضرورة معالجة هؤلاء الأشخاص بشكل يخفف من كونهم خطرا على الغير.
ومن ثم تحدث د.جيمس روس في ورقته حول العنف ضد الأطفال والاضطهاد الممارس تجاه صغار السن وكيفية تعامل الأطفال في البيئة التي تحتوي على عناصر تعزز العنف لديهم تظهر من خلال ردود أفعالهم مع بقية أقربائهم من نفس السن ويظهر ذلك من خلال الضرب بالقبضات والتعبير عن عدم الرضا والسخط ولعل هذا الامر يظهر بوضوح من خلال نزع الألعاب من قبل الأطفال الآخرين، وقد يتحول تهجم الأطفال على الآخرين من الجانب الجسدي إلى التعدي اللفظي وغير ذلك من مظاهر العنف الجسدي، مبينا ان الأطفال الذين يظهرون ردود أفعال عصبية أكبر تبرز العدوانية التي تتنامى معهم، حيث يتحول الأطفال العدوانيين إلى بالغين عدوانيين حسبما تشير الدراسات بل ان من كان منهم يتعرض للإيذاء الجسدي قد يمارس نفس التصرفات مع أطفاله في المستقبل.
وأشار الى أن الإحصائيات تظهر أن الوالدين الذين كانوا يحملون سجلات من خلفية تحتوي على جرائم في حياتهم يرتكب ابناؤهم جرائم بدورهم حتى الأطفال المتبنين سيحملون ذلك الجين في خلاياهم بسبب طبيعة آبائهم الحقيقيين، وهي دراسات لباحثين يصرون على أن السبب الوراثي الجيني قد يلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصية الطفل العدواني، بينما هناك دراسات تظهر أن الأطفال الذين يعاقبهم آباؤهم بشكل تأديبي قد يحسن تصرفاتهم لفترة ولكنهم قد يأخذون هذه العادات ليمارسوها بدورهم تجاه أبنائهم في المستقبل. بينما تحدث د.بليجرينو لوشيانو عن آثار العنف المباشر على المجتمع والأفراد والحالات التي تبين نوعية العنف الناتج لخلفيات بيئية أو أسرية أو مجتمعية أو اقتصادية أو في بعض الأحيان بسبب الأوضاع الصحية وبالتالي يكون هناك مبرر لدى الشخص العنيف ليلقي اللوم عليه بسبب تصرفاته العنيفة والتي تتحول إلى الإيذاء الجسدي، متطرقا إلى الأوضاع القانونية لجرائم الاعتداء الجسدي وكيفية تعامل المجتمع مع الأفراد العنيفين من هذا النوع الذي يبرر تصرفاته بأوضاعه أو ما تعرض له من أحداث في حياته.
ورأى لوشيانو ان المجتمعات تشهد حالات لتجسيد العنف قد يتم تبريرها من خلال الرياضة مثل الرياضات العنيفة التي يتم تشجيعها وممارستها وبالتالي تؤثر على نفسية المشاهدين اذ سيعتادون على مشاهدة الأحداث العنيفة وبالتالي تقل ردود الأفعال تجاهها لأنها رياضة وتدر أموالا لممارسيها ولها مشجعوها ومتابعوها الذين لا يرون فيها عنفا على الإطلاق لانها رياضات مشروعة قانونا حتى ان هناك من يتساءل: إن كانت هذه تصرفات تدل على العنف أم لا؟
وكان للطالبة مونيكا متى من الجامعة الأميركية مشاركة حول مدى الحاجة لتخفيف الظواهر العنيفة داخل المجتمع ورأت ان يتم من خلال منظورين: تغيير الطبائع العنيفة داخل نفس الإنسان، وتخفيف لغة العنف وصوره في المجتمع، مبينة أن البداية تكون من الإنسان نفسه من خلال اعترافه بوجود مشكلة في طريقة تعامله مع نفسه ومع الآخرين عبر الحوار وتغيير أساليب التعامل مع الآخرين وعدم الانتظار حتى تتفاقم الأمور بشكل يتحول معه العنف إلى أمر واقع وقد يترتب عليه إيذاء الآخرين علاوة على عدم الاستهانة بصور التعدي بالألفاظ والسباب مثلما يظهر لدى الأطفال في بعض الأحيان ما يعتبر بداية للعنف اللفظي الذي يجب إيقافه منذ الصغر.