آلاء خليفة
تحت رعاية وحضور عميد كلية العلوم الاجتماعية د.عبدالرضا أسيري نظمت وحدة دراسات المرأة بالكلية ندوة ظهر أمس بعنوان «أين المرأة من القضاء؟» حاضرت فيها المحامية العنود الهاجري بمشاركة المحققة في وزارة الداخلية شروق الفيلكاوي وعقب على الندوة الخبير الدستوري والدكتور في قسم القانون العام بكلية الحقوق د.محمد الفيلي، وأدارت الندوة د.لبنى القاضي رئيسة وحدة دراسات المرأة بكلية العلوم الاجتماعية.
وأكدت المحامية العنود الهاجري ان ورود شرط ان يكون الجنس ذكرا في إعلانات وظائف النيابة العامة تعتبر ظلما للمرأة وخرقا للدستور الذي ساوى بين المواطنين في الحقوق والواجبات وبالتالي فان هذا الأمر يعد مخالفا للدستور ومن هنا قررت الهاجري تبني القضية التي رفعتها شروق الفيلكاوي فيما يخص هذا الموضوع. واشارت الهاجري إلى ان نساء الكويت على درجة عالية من الكفاءة وتولت المرأة الكويتية الكثير من المناصب القيادية فهي سفيرة ومديرة ونائبة ووزيرة كما ان الظروف الحالية موائمة ومساعدة لوصول المرأة إلى سلك القضاء لاسيما بعدما دخلت المرأة مجال الشرطة وأصبح هناك شرطة نسائية في الكويت.
وبدوره ذكر الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.محمد الفيلي ان تولي المرأة للقضاء موضوع يمكن ان ننظر له من زاوية قانونية وزاوية اجتماعية، ومن ناحية الزاوية القانونية فالدستور قرر مبدأ المساواة بين المواطنين ومنها المساواة في تولي الوظائف العامة، مشيرا إلى ان الدولة انضمت لاتفاقيات دولية تؤكد مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة وعدم التمييز على أساس الجنس. وأشار د.الفيلي ان القانون يقرر الشروط التي يجب توافرها فيمن يتولى منصب القضاء وانه ليس من تلك الشروط تحديد جنس القاضي سواء رجل أو امرأة، ولكن في نصوص القانون نجد في بعض الأماكن لفظ التذكير ومنها لفظ رجال القضاء، مبينا أن هذه الألفاظ وفي العديد من اللغات إلى جانب لغتنا قد تستخدم ليس للدلالة على الحصر بل هو مجرد شكل من الأشكال الدارجة لغويا كما نقول رجال الفن والسياسة بينما هذه المجالات لا تقتصر على الرجال، كما افاد د.الفيلي بأن قانون الانتخاب يقرر وقف حق الانتخاب لرجال الشرطة وتم تعيين سيدات في الشرطة وبالتالي فان الإدارة الحكومية فسرت لفظ رجال الشرطة بأنهم ذكور ونساء، مؤكدا على قناعته بان حرمان رجال الشرطة من الانتخاب هو تقييد واستثناء.
وشدد د.الفيلي على ان القانون يقرر مبدأ المساواة ولا يجوز الانحياز والعدول عنه إلى فتاوى أيا كانت قيمتها، وأوضح ان جهاز التحقيقات يقوم بوظيفة مشابهة لوظيفة النيابة العامة وهناك موظفات نساء في التحقيقات، متابعا: وإذا أخذنا المسائل بالنظائر والأشباه فحاليا المرأة تتولى وظيفة تشابه النيابة العامة، مشددا على ان القانون واجب التطبيق بناء على الزاميته وليس بناء على رغبة الناس فربط القانون بمزاجية الناس سيفقده معاييره.
وضرب د.الفيلي أمثلة لذلك من بينها قانون الانتخاب عندما تحدث عن حق الانتخاب بالنسبة لرجال الشرطة، والآن وبعد تعيين سيدات في هذا المجال تم تفسير مواده على شمولية اللفظ للرجال والنساء.
وقال د.الفيلي ان القضاء تعامل مع هذا الموضوع على أساس الجوانب الفقهية إضافة للمادة الثانية، فتمت الإشارة إلى وجود عدة توجهات فقهية في هذا الموضوع من بينها أن القضاء شعبة من شعب الولاية العظمى التي لا يجوز توليها للنساء، وبعض الآراء الفقهية بينت إمكانية تولي المرأة لهذه الوظيفة في بعض الأمور المحددة فقط وليس بشكل عام، بينما هناك آراء فقهية تقول أن القضاء بجوهره إبداء رأي وفتوى، وبما أن المرأة يجوز لها الإفتاء فيجوز لها القضاء، وتم الحكم بأنه يجوز للإدارة اتخاذ رأي من هذه الآراء، مشيرا إلى أن هذه فيها وجهة نظر حيث ان القاضي ينظر إلى القانون وليس إلى الفتاوى والقانون هنا ينص على المساواة.
أما من الناحية الاجتماعية فأوضح د.الفيلي اننا حين نتحدث عن وصول المرأة الى منصب القضاء فنحن بصدد مناقشة موضوع مشابه لموضوع حصول المرأة على حقوقها السياسية من حيث الانتخاب والترشيح فقد كان الدستور واضحا حينها ولكن كان هناك تمسك بتفسير النصوص نتيجة الظروف الاجتماعية، مشيرا الى ان المجتمع لا يتقبل المرأة في النيابة العامة في حين نجده يتقبلها في الادعاء العام وفي وظائف أخرى، وبالتالي فنحن أمام واقع وهناك حاجة لقفزة الى الامام ولكنها مصحوبة أحيانا بحالة من الرهبة.
وقال د.الفيلي: ان مسألة أن القضاء شعبة من الإمامة العظمى مسألة فيها وجهة نظر من منظور الدولة الحديثة التي لا يوجد بها ولاية عامة على الوجه المشار إليه، فحتى عضو مجلس الأمة هو شخص يمارس وظيفة لها واجبات مستمدة من الدستور وهو مصدر السلطات وليس للقاضي بناء على هذا المنظور ولاية عامة على الوجه المشار إليه.
كما أشار د.الفيلي الى ان هناك نظرية في مفهوم القانون الدستوري تسمى مفهوم التمييز المباح والتمييز لدواعي المصلحة العامة، ولابد من التعامل بحذر بانه لو كان تولي شخص معين لهذا المنصب سيؤدي الى اخلال غير عادي بالنظام العام يصبح هناك مبرر للحديث عن الحذر في تطبيق مبدأ المساواة موضحا انه يجب ان نجعل القانون بالمزاج الشخصي.
وختم د.الفيلي قائلا: ان المشكلة الحقيقة تتمثل في رهبة التغيير ففي موضوع حصول المرأة على حقوقها السياسية حدث جدال كبير ولكن بعد اقرارها زال الخوف، فمن الطبيعي ان نكون قلقين ولكن لابد من قفزة الى الامام. وعن تجربتها في العمل في التحقيقات بوزارة الداخلية ذكرت شروق الفيلكاوي ان منصب وكيل نيابة او قاض كغيره من الوظائف الحكومية في الدولة وانها تعمل حاليا كمحققة في وزارة الداخلية تحقق في الجنح بينما الرجال الذكور يحققون في الجنايات، لافتة الى ان الجنح تمثل اكثر من 50% من القضايا. وقالت: نحن قادرون على التحقيق في الجنح، فلماذا لا نحقق في الجنايات، فالمرأة الكويتية أثبتت نفسها في الكثير من الوظائف فلماذا يتم حرمانها من حقها في العمل في منصب القضاء، لافتة الى انها تعمل حاليا في المخافر وتحظى باحترام الجميع وسعادتهم بان هناك امرأة محققة خاصة من بين النساء اللواتي يشعرن بالراحة في الحديث معها اثناء التحقيق.
أما رئيسة وحدة دراسات المرأة د.لبنى القاضي فذكرت ان هناك الكثير من القاضيات في 11 دولة عربية، مؤكدة ان المرأة العربية بوجه عام والكويتية بوجه خاص قادرة وعلى درجة عالية من الكفاءة وانه يجب ألا يقتصر منصب القضاء على الرجل فقط.
كما أوضحت القاضي ان هناك قاضيات نساء في دول خليجية كقطر والبحرين والإمارات، والعادات الخليجية لم تمنع هؤلاء النساء من ان يصبحن قاضيات ويتولين منصب القضاء وبالتالي فإن نساء الكويت لا ينقصهن شيئا حتى يصبحن قاضيات متمنية ان تصل المرأة الكويتية الى القضاء في اقرب وقت ممكن.
ومن ناحيته قال عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.عبدالرضا اسيري: ان المرأة الكويتية تطورت سياسيا ولكن مازال في عقلنا الباطن عقدة ان للمرأة وظائف معينة لا تتجاوزها، موضحا ان فكرة خوض المرأة للحياة السياسية كانت مرفوضة من 10 سنوات تقريبا ولكن بعدما حصلت المرأة الكويتية على حقوقها السياسية تغيرت الفكرة تماما.
وقال: ان المرأة ليست بالجرأة والقدرة على الحكم في بعض القضايا ولكن اعتقد انه سيأتي الوقت الذي تصبح المرأة الكويتية قاضية وذلك في وقت قريب.