إنه من دواعي سروري وفخري واعتزازي أن أتيحت لي الفرصة للعمل في مكتبك خلال فترة توليك ادارة جامعة الكويت سنة 2006، في فترة عصيبة شهدت جامعة الكويت خلالها العديد من الصراعات التي افتعلها البعض ممن يعملون وفق أجندات خاصة بهم وبمصالحهم الفئوية فقط، ولكنك صمدت ووقفت بإصرار وعناد، لم نتعود أن نراه من المسؤولين في الدولة، وأدرت دفة الجامعة الى بر الأمان رغم المنعطفات الحادة ومحاولات التدخل الخارجية والتحديات الصعبة، التي كانت الأصعب في تاريخ جامعة الكويت. وفي سبيل ذلك تعرضت لأذى كثير لا لشيء سوى لكونك مديرا (مستقلا) غير محسوب على تيار سياسي يدعمك أو حزب معين تنفذ أجندته فيدافع عنك، بل كانت أجندتك الارتقاء بجامعة الكويت وهدفك مصلحة الطلبة وتطوير العملية التعليمية وكان معيار اختيارك للمناصب القيادية الخبرة والكفاءة، ففي فترة توليك لمنصبك عينت نخبة من عمداء الكليات من كل أطياف المجتمع الكويتي، حيث كان معيارك لاختبارهم الخبرة والكفاءة، ممثلا للروح الكويتية الاصيلة المبنية على التعاون والاصالة والوفاء البعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية، لتعكس جامعة الكويت مجتمعا مصغرا للمجتمع الكويتي الكبير بروحه الكويتية الاصيلة والمتميزة.
ورغم كل الصعاب والتحديات التي واجهتك والهجوم الشرس الذي تعرضت له وطال شخصك، الا انك قد تساميت عن ذلك كله، يدفعك الى ذلك نبل الاخلاق وسمو الهدف وعلو الهمة، فلم يزدك هذا الهجوم الا شموخا وثباتا وعزة، فأدرت العمل بكل حكمة وشجاعة، لتصل بجامعة الكويت الى بر الأمان حريصا كل الحرص على ابعاد الجامعة عن الصراعات السياسية لما في ذلك من تأثير سلبي على العملية التعليمية وجيل المستقبل، ولإيمانك بأن التعليم هو الاستثمار الأمثل لرفعة الكويت، فقد كانت جامعة الكويت هاجسك اليومي وشغلك الشاغل.
فزدت عدد مقاعد الطلبة المقبولين بالجامعة، وأقررت زيادة لمكافأة الطلبة المالية، وأنشأت في عهدك كلية العمارة وكلية علوم وهندسة الحاسوب، كما بدأت في تنفيذ أعمال البنية التحتية لمشروع مدينة صباح السالم الجامعية، وسعيت الى نقل تبعية مستشفى مبارك لجامعة الكويت.
كما احتضنت جامعة الكويت مؤتمر اتحاد جامعات العالم الاسلامي ومؤتمر اتحاد جامعات الدول العربية على مدار سنتين متتاليتين، لتشهد جامعة الكويت عرسا تعليميا حافلا ولتصبح جامعة الكويت قبلة ومنارة علم يشار إليها بالبنان على المستوى العربي والاسلامي والعالمي.
كما أشركت أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والموظفين والطلبة في إعداد مشروع قانون الجامعة بجو عمل جماعي وبروح ديموقراطية. ولم تنس في زحمة مشاغلك أبناءك من ذوي الاحتياجات الخاصة فانتصرت لهم وأتحت لهم الفرصة لخدمة وطنهم، وذلك من خلال توظيفهم بالوظائف الادارية. وقد بينت تقديرك للعاملين في الجامعة، الذين كنت تسميهم بالجنود المجهولين، وذلك بتحفيزهم وتشجيعهم من خلال إقرار كادر مالي مناسب يليق بموظفي الجامعة، وحققت لهم هذا الانجاز خلال ستة اشهر فقط من توليك المنصب، وأنصفت كذلك الموظفين غير الكويتيين عندما قمت بتعديل رواتبهم لأول مرة منذ التحرير.
وعلى الرغم من زحمة يومك وامتداده حتى ساعات المساء، إلا أنك كنت تذكرنا دوما ومنذ يومك الاول بأن نمد يد المساعدة لكل من يطلبها، فقد كان باب مكتبك مفتوحا، ايمانا منك بأحقية الجميع بمقابلتك، مستقبلا اياهم بابتسامتك المعهودة وبالآية القرآنية (ادخلوها آمنين) فاتحا قلبك بكل حفاوة وترحيب. فاجتمعت مع من يختلف معك في الرأي قبل مؤيديك، فكنت حسن الاستماع.. تناقش وتحاور بهدوء وصبر ليقينك بأن الاختلاف لا يحسم الا بالحوار، وان الاختلاف في الرأي يولد الحقيقة.
فهنيئا لك بهذه الانجازات، وهنيئا لجامعة الكويت بهذا الاثر العطر الذي تركته في نفوسنا، فالمناصب زائلة لكن المواقف والانجازات ماثلة باقية، وسنظل نقطف ثمار مجهودك الطيب في السنوات المقبلة، ولا نملك الا الدعاء لك بالتوفيق والنجاح وكلنا شوق لرجوعك الى أروقة الجامعة مكملا مسيرتك التعليمية بين طلبتك وزملائك تغرس فيهم القيم والمبادئ الانسانية الجليلة التي غرستها في نفوسنا خلال فترة ذهبية كانت من حسن طالعنا ان عملنا خلالها معك في جامعة الكويت.
بقلم: رهام العويس