إيليا فهمي
«السلطة المطلقة مفسدة مطلقة والحرية المطلقة كذلك مفسدة مطلقة» بهذه العبارة بدأ النائب علي الدقباسي المحاضرة التي ألقاها في اتحاد طلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بعنوان «حرية المواطن الى اين؟».
وقال انه لابد من اطر وأنظمة ومواثيق تنظم وتحدد العملين السياسي والاجتماعي، وأنا كعضو في مجلس الامة وكذلك عضو في البرلمان العربي أتيح لي النظر الى الكثير من البرلمانات على مستوى العالم ورأيت فيها قوانين متطورة تؤمن بالحريات، ومن هنا اقول انني أفخر بأن أنتسب الى هذا البلد الذي يتحلى بنظام دستوري يتميز بمشاركة شعبية وصحافة حرة، وعمل خيري متطور، فمجتمعنا منذ نشأته جُبِل على الشورى، وقد توارثنا نحن هذا النمط الاجتماعي.
وأضاف الدقباسي ان التطور الذي مرت به الكويت والذي يسعى الى مزيد من الحريات قد مر بمراحل متعددة، وسؤالنا في هذه الندوة. الى اين؟ أنا اقول الى حدود شرع الله، ثم حدود الدستور والقوانين التي تنظم علاقات المواطن في حدود عدم التعدي على حريات الآخرين، فلا مانع ان نقول رأينا في وزير أو نائب مقصر، أو مؤسسة أو غيرها، لكن في حدود مسموحة ذات لياقة، وبحكم أننا في بلد دستوري تنظمه علاقة واضحة فلابد ان يكون هناك وضوح في هذه العلاقة.
واضاف: عندما كنت أعمل في مجال الصحافة عشت فيها مرحلتين، الاولى مرحلة وجود الرقيب ومقص الرقيب، والمرحلة الاخرى بعيدة عن الرقابة، ولكن البعد عن الرقابة لا يعني ألا نراقب أنفسنا، وان نطلق العنان لأقلامنا دون ضوابط، فهناك حدود وميثاق، فالحرية التي تمس أمن البلد مرفوضة، والحرية التي تمس أمن المجتمع كذلك مرفوضة، وهذا ما يمليه المنطق، فالآراء تختلف وهذا طبيعي، ولكن التعبير عن هذا الاختلاف لابد أن تكون له حدود.
وتطرق الدقباسي الى القوانين التي صدرت في مجال الحريات مثل قانون التجمعات الذي ألغي، فهذا يعد اضافة الى الحريات في الكويت، وقانون الصحافة الذي أتاح المجال لإصدار العديد من الصحف، وقانون المرئي والمسموع، وكلها قوانين تتعلق بالحريات، وان اختلف عليها البعض، وفي أحيان اخرى نختلف عليها نحن كنواب مثل قانون المكافأة الاجتماعية الخاص بالطلبة، وقانون الزكاة، لكن في النهاية لكل واحد ان يقول رأيه ويبدي حجته، ولكن في اطار النظام الذي يحكمنا وهو رأي الاغلبية الذي يقره القانون.
وهذا ما نريد ان نقوله في «حرية المواطن الى اين؟» والتي تقف امام اعتبارات مهمة لا نقبل المساس بها، وهذا لا يعني ان تكون العملية مسلّمة، فهناك سلطات معنية بالقوانين والفصل في القضايا، وسلطات معنية بعدم تغييب الحريات، وسلطات معنية بعدم التعسف في استخدام القوانين والذي نرفضه اذا كان ضد الحريات، فتكميم الافواه مرفوض، وحرية الرأي والاعتقاد مسلم بها.
وأضاف الدقباسي: بالرغم من اختلاف الرأي في قضايا متعددة، الا انه يجب أن تكون الحرية للكل في الحدود التي تنظم هذه العلاقة، وهنا لزاما علي أن أعرج على قضية الوحدة الوطنية، وان أشدد على أنه لا يحق لأحد أن يتجاوز حدوده باسم الحرية فيمس الوحدة الوطنية، وهذا لا نقبل به، واعتقد انه خطر محدق وكلنا مسؤولون عن المحافظة على الكويت وما يمس وحدتها الوطنية، ومن المزعج ان يتجاوز البعض حدوده تحت بند الحرية، فبين الحرية والفوضى شعرة لا نقبل ان تُتجاوز حتى لا تتفلت الامور، ولابد من ضوابط. ومن الحرية ايضا: أن نتعلم كيف نقبل الآخر مهما كانت آراؤه مختلفة معنا، ولا يحق لنا ان نحجر على رأيه.
ثم تحدث الدقباسي عن العمل الطلابي والقوانين الطلابية، واكد ان الكويت متقدمة في هذا الشأن، وقال ان مجلس الامة كان له دور كبير فيما يتعلق بالعمل الطلابي وأقر المكافأة الاجتماعية، وذكر انه كان من ضمن النواب الذين تقدموا بمقترحات للطلبة بقوانين تسمح لهم بالعمل الى جانب الدراسة، وان تكون لهم حرية العمل التجاري أو حتى قيادة تاكسي، ولا نقبل ان تكون على الطلبة ايضا قيود في الالتحاق بالعمل الخاص، ونحن نعلم انه من ضمن شروط الالتحاق بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي او الجامعة ان يكون الطالب غير مقيد بالتأمينات، وهذا يعني انه لا يعمل بالقطاع الخاص، بالرغم من ان الكثير من الناجحين في العالم يجمعون بين العمل والدراسة ووصلوا الى رؤساء حكومات لذلك فالحظر ومس حريات الطلبة أمر غير مرغوب فيه، ومن باب الحرية تقدمت بهذه المقترحات وعلى الطالب ان يختار ولكن في النهاية القوانين هي الملزمة والرأي الغالب سيكون لمجلس الأمة.
وفي النهاية قال الدقباسي اننا نحمد الله ان الكويت من اكثر الدول تقدما في مجال الحريات ونحن نريد ان نحافظ على هذه الحريات ونعززها في اطار الدستور والقانون واذا كان هناك اي تعديل في هذه القوانين او في الدستور فإنما يكون لمزيد من الحريات في اطر وحدود لا تهدد الدولة وأمنها.
صفحات الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )