- السلاح والسيطرة على الخامات والشرعية الدولية أهم وسائل تتحكم فيها دول المركز في دول الأطراف
- ما حدث في مصر وتونس ليس بمنأى عن الوقوع في الكويت
- الحظر الجوي على ليبيا سيكون لصالح الثوار وإيران تعد كابوساً لدول الخليج
آلاء خليفة
أكد عضو مجلس الأمة الأسبق، والمفكر الإسلامي د.عبدالله النفيسي اننا نعيش في مرحلة تحتاج الى تشخيص وتدقيق وصياغة موقف من هذا التشخيص متسائلا لماذا هذه الأمة من قطر الى آخر؟ والتي وصفها بأنها ليست إصلاحية وانما تغيير من الجذور.
وقال في الندوة التي نظمتها اللجنة الثقافية في جمعية اعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت تحت عنوان موجة التغيير الشعبي في الوطن العربي «السياق والدلالة»: في السابق كان يقود موجة التغيير رجال العسكر واليوم يقودها الشباب والطلبة والأساتذة لأنهم مؤهلون للقيادة وهم الفئة القلقة صاحبة الأسئلة والأجوبة والفرضيات رافضا وصف الحالة الكويتية بالفراغ وخصوصيتها عن الخارج، مؤكد أننا جزء من هذا العالم المتلاطم وستثبت الأيام ذلك، طالبا بضرورة الغاء مفهوم الاستقرار والهدوء والرحمانية التي ترعاها السلطة.
وأضاف النفيسي اننا ضمن نظام دولي تتحكم فيه دول المركز وهي الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي في دول الأطراف وهي أميركا اللاتينية وافريقيا وآسيا والشرق الأوسط ونحن جزء منها بـ 4 وسائل منها السلاح ودول المركز هي من تتحكم في إعطاء السلاح ومنعه وتسيطر على موارده حيث تمتلك بيدها مفتاح الحروب وتحدد من ينتصر ويهزم، مشيرا الى ان أي دولة من دول الأطراف تتجرأ على صناعة السلاح تهاجم بشكل عنيف من قبل دول المركز، مضيفا ان الوسيلة الثانية للتحكم هي السيطرة على الخامات مثل النفط والقمح حيث يتحكم في تلك الخامات الشقيقات السبع من الشركات البترولية في أميركا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وبيدهم تسويقه وبيعه واستخراج الصناعات منه ويحتكرون القمح وأي دول تحاول انتاج القمح يتم قرص اذنها وخير دليل على ذلك عندما حاولت السعودية انتاج القمح وكلنا يعرف الحادثة الشهيرة بين الملك فيصل والأميركي هنري كيسنجر، مشيرا الى ان جميع المرجعيات الثقافية اكدت ان جميع الحروب في المستقبل سيكون أساسها النفط والقمح.
وأشار النفيسي الى الوسيلة الثالثة وهي الشرعية الدولية التي تسيطر عليها دول المركز وتمنحها وتنتزعها الى من تشاء من دول الأطراف وهي وسيلة للتحكم في القرارات الدولية ومن يخرج عليها يواجه بالإقصاء من دول المركز والتي تتبعها دول الأطراف مستشهدا «بقول مهندس السياسية الأميركية هنري كيسنجر والذي يقول ان بين الأميركيين والبريطانيين مشاكل كثيرة ينبغي حلها لكي لا نخسر موقعنا كدول المركز» مستشهدا ايضا بكتاب القوة الناعمة للمؤلف جوزيف ناي والذي عرف القوة الناعمة وهي التي تقوم على أساس الاستدراج من خلال الشركات التجارية باعتمادها على شركات المطاعم والاتصالات والتكنولوجيا وهي تحقق نفس نتيجة العمل العسكري.
وتطرق النفيسي الى المشاكل المتشابهة والتي تعانيها جميع الدول العربية بداية بالطغيان السياسي حيث استئثار القلة بالقرار السياسي والاستراتيجي وكل الدول العربية بما فيها الكويت تحتكر القرار والقلة تقرر والأمة تنصاع لتلك القرارات وقد يكون لتلك القرارات نتائج كارثية مستغربا الاستمرارية في هذا النهج وعدم الاستفادة من الأحداث او المقولات او العبر او الحكم، مضيفا ان المشكلة الثانية وهي سوء توزيع الثروة والتي تفرز طبقة غنية لا تعرف ماذا يفعلون بتلك الأموال وطبقة فقيرة لا تملك قوت يومها بالاضافة الى طبقة من الناس تحت خط الفقر وطبقة فوق خط الرفاهية مدللا على ذلك بكثرة النوادي الصحية التي تعمل على تخليصنا من السمنة بينما شعوب كالصومال تختلف بدرجة كبيرة عن ذلك، مشيرا الى المشكلة الثالثة وهي تبعيتنا للخارج والتي تستمدها كل فئة متواجدة في كل دولة عربية من الحليف الخارجي وهو من يثبتنا في السلطة فبالتالي تعمل تلك الفئة على اعطاء الحليف الخارجي اكثر مما يطلبه.
وتابع النفيسي ان هذه المشاكل الثلاث تتفرع منها اشكاليات عديدة حيث أصبحت الاجهزة الأمنية تستهلك ميزانيات ضخمة ترهق شعوب الدول بالإضافة الى توجهها الى العمل السياسي حيث أصبحت تتحكم في حركة الحكام مستشهدا بزين العابدين بن علي حيث كان مسؤولا عن المخابرات بالإضافة الى حسني مبارك الذي كان يعينه عمر سليمان رئيس المخابرات، مضيفا ان احد التقارير التي نشرت عن الاسرائيليين تقول ان الاجهزة الأمنية العربية تؤمن مصلحة اسرائيل ولولا تعاونها لما حققت اسرائيل الانتصار على الدول العربية، مؤكدا ان الثورات اليوم هي نتاج تلك العوامل والمشكلات حيث أصبحت ادارة الدول نقابة للحرامية والدليل على ذلك الثروات التي اكتشفناها بعد سقوط الحكام مرجعا سبب هذا العبث الى الطغيان السياسي.
وشكر النفيسي ويكيليكس التي نشرت غسيل بعض الحكام والأنظمة لنا وهي لم تنشر الا القليل من واقعنا المر، متمنيا إطالة عمر ويكيليكس ليمدنا اكثر، مضيفا ان الشعوب العربية عاطفية وهذا خطر فعندما نشاهد التحولات التي تحدث بالمنطقة نعتقد ان قضايانا حلت، مؤكدا على ضرورة ان ننظر الى مجريات الأمور بعقولنا وليس بقلوبنا، مستبعدا انتقال ما يحدث في محيطنا الى الشأن المحلي وعدم الاستعجال في الحكم على انتقاله، مطالبا بضرورة استخدامها في ضغوط تمارس على السلطة لإحداث إصلاحات سياسية.
واستغرب النفيسي ما أعلنته وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن مشروعها وهي تصفية الحلفاء القدماء للولايات المتحدة الأميركية مما يجعلنا نقف مليا ونطالع بتمعن ما أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة وما كانت تقصده، مشيرا الى ان ما حدث في مصر وتونس وغيرهما من الدول ليس بمنأى عن الوقوع في الكويت ويجب علينا استخدامه كوسيلة من وسائل الضغط على أصحاب القرار السياسي في الكويت للمباشرة بإصلاحات سريعة وعاجلة.
ولفت النفيسي الى ان الثورات عادة تمر بمراحل منها اولا قمة الثورة وثانيها بناية الدولة الجديدة وثالثها التواصل مع الخارج.
المناخ الخليجي
وتحدث النفيسي عن مناخنا الخليجي حيث أكد انه صحراوي ومن سماته النظام القبلي والبداوة حيث ان قياداتنا مرهفة ومسنة وملولة بحكم كبر السن وهذه العملية بيولوجية لها عامل جسماني تؤثر في القرار مستشهدا بمقولة معاوية بن سفيان عندما خاطب الأمة وقال «لقد مللتكم ومللتموني وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي وهو لم يمكث بالحكم سوي 20 عاما»، فما حال معمر القذافي الذي استمر بالحكم 42 سنة ويقول «شعبي سيدافع عني».
وشرح النفيسي الفرق بين العوائل الحاكمة والمالكة، فالأولى تمارس أعمال السلطة بشكل يومي وتتحكم بالقرار، والثانية كالدول الأوروبية مثل بريطانيا وبلجيكيا حيث تحتفظ بمزايا دون التدخل في شؤون السلطة، موضحا ان الأفق السياسي مفتوح في الخليج العربي على الرغم من ان وضعنا بالكويت افضل عن المقارنة بدول الخليج.
ورفض النفيسي حجة تعارض التظاهرات مع الشرع حيث وصف بعض علماء الدين بعلماء الخمس والسلطة اذ يداهنون السلطة مطالبا عدم الانصياع وراء الفتاوى التي يصدرونها، رافضا العقيدة التي يحاول البعض ان يرسخها في أذهاننا بان أميركا ستدافع عن دول الخليج العربي وحكامها والدليل على ذلك ما حدث في فترة الاحتلال سنة 1990 حيث ذكرت العديد من التقارير التي تؤكد ان أميركا في البداية مالت الى كفة صدام حسين وطلبت منه ألا يتعدي الخفجي ولكن صدام عنيد ومندفع ولم تطمئن له القيادة الأميركية بالإضافة الى انشغالها بالعديد من الملفات الحيوية التي تجعل من قضية الكويت دون اهمية واكبر دليل ما حصل للكويت من قبل ديك تشيني حينما وصله خبر اجتياح العراق للكويت حيث قال «تساءلنا في الإدارة هل ثمة داعي للتدخل؟ وكانت اجابته: لا داعي للتدخل من قبل الادارة ولكن إصرار تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا التي ضغطت على الإدارة الأميركية من اجل تحرير الكويت.
التحديات الداخلية
وتطرق النفيسي الى التحديات الداخلية المستقبلية لدول الخليج حيث تتركز على عدة عوامل اولها العائلات الحاكمة فلابد ان تعيد فلسفتها وتنظر الى وضعيتها وتفتح الباب أمام المشاركة في القرار اذا أردنا الإصلاح، وثانيها المشاركة السياسية من حريات العامة وحرية الصحافة وانشاء البرلمانات الحيوية حيث كثير من دول الخليج لا تتقبل تلك المفاهيم منتقدا مجالس الشورى والتحدي الثالث هي المطالبات الاجتماعية والتي يتم تجاهلها ومنها السكن وتوفير فرص العمل بالإضافة الى التحدي الرابع وهي المعضلة السكانية حيث مازالت دول الخليج تعاني من ندرة سكانية وبالتالي تحتاج الى عمالة تخدمها مما ادى الى جعل نسبة الكويتيين 26% الى الوافدين مما يشير الى اننا نسير في اتجاه خاطئ كما اننا أصبحنا اقلية في بلدنا مما قد يساعد تلك العمالة الى الحق في المطالبة بحق تقرير المصير كما حدث في ماليزيا وسنغافورة.
واضاف النفيسي الى العوامل الداخلية، عوامل خارجية اولها الخوف من ايران والتي تعد كابوسا بالنسبة لدول الخليج العربي فهي دولة نفطية وذات كثافة بشرية وقوة عسكرية وامتداد جغرافي عظيم وتمتلك مقومات اقتصادية جبارة وهذا الخطر في الاتجاه الآخر من الخليج يتطلب اتحادا كونفيدراليا يتكون من توحيد وزارات النفط والدفاع والخارجية وجيش واحد يتم تدويرها بين الدول الأعضاء الست وهذا يعد بشرى سارة للشعوب ولكنها تبتدئ بالحلم الذي يدفعنا الى التطوير.
وبخصوص ليبيا اشار الى ان الحظر الجوي سيكون لصالح الثوار في ليبيا حيث سيتم تدمير المنظومة العسكرية للقذافي وهو في حالة موت تدريجي كما ان الثوار عازمون على السير قدما وخلال فترة بسيطة سيحسم الأمر.
وردا على احد الأسئلة المتعلقة بالتخوف من خطر ايران وهل هو تخوف مشروع؟ بين انني زرت العراق وايران مرات عديدة كون تخصصي في الشيعة والتشيع، كما انها كانت اطروحة الدكتوراه، ولزمني زيارتهما والالتقاء بالعديد من الشخصيات البارزة فيهما واستطيع الجزم بعد كل هذه المدة ان هناك تخوفا كبيرا منهم كونهم يعتقدون ان العرب هم من سلب حضارتهم ولذلك يسعون جاهدين الى استرجاعها بجميع السبل والطرق، لافتا الى ان تحركات ايران الاخيرة ضد البحرين تؤكد ما اتجهت اليه سابقا ومازلت اؤكد عليه حاليا ان الخطر المحدق بنا هو ايران.