- المكافآت التشجيعية والممتازة تحقق الاستثمار الحقيقي في الكوادر البشرية وتوفر احتياجات التعليم من التخصصات النادرة وتقضي على هدر الملايين
مريم بندق
ما تفردت «الأنباء» بنشره الجمعة 27 الجاري تحت عنوان «230 مليون دينار لكادر المعلمين» المتضمن إعلان وزير التربية ووزير التعليم العالي احمد المليفي تعميم 88 مليونا مكافآت وبدلات المستوى الوظيفي والتدريسي والاشراف والتوجيه و142 مليونا للمتميزين وفق ضوابط أثار بعض ردود الأفعال الرافضة للضوابط التي ستكون بحسب نظرهم مخالفة لأهداف ومعطيات الكادر.
نقلة نوعية في التعليم
«الأنباء» من جانبها، ستحاول إلقاء الضوء على هذه القضية: بداية يتطلع المليفي مسنودا من الميدان الحقيقي الى احداث نقلة نوعية في التعليم تعتمد على جانبين اداري ومالي، ويتمثل ذلك في معالجة السلبيات والثغرات والمشكلات التي يعاني منها الميدان التربوي والتعليمي سواء على الجانب الإداري المتمثل في إعطاء المزيد من الصلاحيات للمناطق التعليمية واستحداث هيكل تنظيمي للمدارس مع تحديد الصلاحيات المنوطة بمديري هذه المدارس.
او الجانب المادي والمالي بإقرار كادر جديد للمعلمين وأصحاب الوظائف الاشرافية والتواجيه العامة وذلك بهدف نقطتين جوهريتين: الأولى ضمان الحياة الكريمة للمعلم ومكافأة المعلم المتميز وفق ضوابط يضعها بالتنسيق مباشرة مع ممثلي هؤلاء المعلمين وهم جمعية المعلمين والميدان الحقيقي المتمثل في آلاف العاملين من معلمين واصحاب الوظائف الاشرافية.
قناعة حكومية
بداية يجب التوضيح ان اقرار مجلس الخدمة المدنية 230 مليون دينار لكادر المعلمين وهو اكبر ميزانية اقرت لفئة وظيفية يؤكد القناعة بأهمية ودور المعلم في هذه المرحلة ويوضح ان الحكومة بدت على قناعة بأهمية الاستثمار البشري والذي يجب ان ينظر إليه على جانب المعلمين والطلبة، وهذا معناه ان الوزير المليفي ينظر بنفس المسطرة الى حقوق الطلبة كما النظر الى حقوق المعلمين، هذه امانة سيحاسب عليها.
والمليفي يقينا على قناعة بذلك حيث أبلغ رسميا مديري عموم المناطق التعليمية بربط 142 مليون دينار للمتميزين وفق ضوابط يتفق بشأنها مع جمعية المعلمين، ما أثار رفضا من الجمعية مستندة إلى عدة مبررات نأخذ منها على سبيل المثال قولها «إن الاستثمار البشري الحقيقي في مجالنا التربوي هو أكبر بكثير من أن يكون مرهونا بالمساومات المالية والضوابط المخالفة لأهدافه ومعطياته».
علينا النظر إلى الأمام
ومع قناعتنا المطلقة بأن الاستثمار البشري ليس فقط لا يجب أن يرهن بالمســاومات المالية بل ان الاستـــثمار الحقيقي هو أولا يجب أن يكون في الكوادر البشرية الوطنية لأنها ثروة لا تنضب عكس النفط وهو ما يجب ان ينظر إليه الجميع ومع قناعتنا بذلك فإننا نؤكد أنه يجب النظر إلى الأمام وليس فقط تحت أرجلنا من خلال عدة حقــــائق هي: أن ربط 142 مليون ديــنار للمتميزين من المعلمين والعاملين في الوظائف الإشرافية والتواجيه العامة والمناطق التعليمية التي تحقق نتائج متميزة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستثمار البشرى الأمثل والسعي الى خلق كوادر طلابية وطنية متميزة من خلال التنافس المشرف للوصول الى مستوى مرتفع على جميع المستويات ليس فقط التعليمية بل على المستويات التعليـــمية والتربوية والدينية والرياضـــية ومن شأن هذه العوامل مجتمعة خلق طلبة متميزين وقادرين على المنافسة وبذلك نكون قد حققنا أفضل استثمار بشري.
الخطوة الأولي في الألف ميل
ليس هذا فقط بل ان ربط ميزانية التميز بالتخصص النادر على سبيل المثال يعتبر الخطوة الأولي في طريق الألف ميل وهذه تحسب للمليفي لا تحسب عليه ومن شأنها تشجيع الطلبة من التخصصات العلمية وتوفير الكوادر الوطنية في التخصصات كالفيزياء والكيمياء والعلوم والرياضيات، فغني عن القول ان الكويت في امس الحاجة الى الكوادر الوطنية في هذه التخصصات حتى توفر ملايين الميزانيات المعتمدة بسبب هذا النقص اللافت وبذلك يكون هذا الربط هدفه تحقيق أفضل استثمار بشري.
إذا تطرقنا الى ربط مكافأة التميز بنتائج الطلبة فهذه خطوة أساسية أيضا لتحقيق عدة أهداف منها مكافأة المخلصين والمبدعين وأصحاب العطاء وليس المتمارضين والمتغيبين وهذه العوامل تقاس بنتائج الطلبة.
آلية امتحان المقررات مختلفة
ولذلك ليس صحيحا ما يقال ان هذه الخطوة ستعود بنا الى سلبيات نظام المقررات، وذلك للأسباب التالية: ان آلية الامتحانات الحالية (موحدة) على مستوى الوزارة عكس الحال أيام نظام المقررات التي كانت الامتحانات توضع على مستوى المدرس، ولذا كانت نتائج مستوى الطلبة مرتفعة لهذه الظروف.
الأغلبية مخلصة ومعطاءة
ان الحديث عن رفض استحداث ضوابط لمكافآت التميز، بل وصف هذه الضوابط بأنها تخالف أهداف ومعطيات كادر المعلمين يجعلنا نطرح عدة تساؤلات:
كم تبلغ نسبة المعلمين والمعلمات والعاملين في الوظائف الاشرافية غير المتوافرة فيهم هذه الضوابط أو غير الملتزمين بهذه الضوابط؟ أيا كانت النسبة فإن الملتزمين وأصحاب العطاء والمخلصين نسبتهم أكثر بكثير، ولذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ندافع عن هذه النسبة القليلة ونطالب بتعميم الميزانية الاجمالية البالغة 230 مليون دينار على الجميع؟
العدالة والمساواة
أليس من العدالة مكافأة النسبة الكبرى المتميزة المعطاءة التي تضع الطلبة نصب أعينها؟ صاحبة الضمير اليقظ؟ هل من الرحمة اعطاء المكافأة التشجيعية للمعلمة المنتظمة والمعلمة المتغيبة في الشهر الواحد أكثر من مرة؟
هل من العدالة المساواة بين المعلم الذي يحصل على كل حقه في إجازاته العارضة والمرضية والاستئذان ومعلم آخر يتنازل عنها لحاجة أبنائه الطلبة الى المزيد من الشرح؟
مصلحة الطلبة
هل تريدون مساواة الملتزم والمتسلق؟ هل تريدون معاقبة المخلصين؟ هل تريدون تشجيع المتكاسلين؟
إن رفض الضوابط التي يعتزم الوزير بالتعاون مع جمعية المعلمين يعني ببساطة ان البعض ينظر الى مصلحة الفرد ويتناسون مصلحة أمة ووطن، بل ويريدون المزيد من عوامل تأصيل قيم التكاسل والتمارض وتكدس المعلمين والمعلمات في تخصصات بعيدة كل البعد عن الحاجة الحقيقية في الميدان.
ثم أين مصلحة أبنائكم الطلبة من مساحة اهتمامكم؟ هل لا يدخلون ضمن الحسبة وهي حسبة تعني الربح والخسارة في الانتخابات فقط؟ وهل الطلبة لا يدخلون في حساباتكم التي تدور فقط حول قيمة المكافأة المالية؟ ثم أيضا الى أي مدى تشعرون بمعاناة أولياء الأمور؟
ان الحديث أيضا عن مبرر انصبة المعلمين هو حديث مبتور لأن بعض التخصصات نصاب المعلم فيها كامل، وهذا لا يرجع الى اعداد الطلبة فقط، بل يعود الى اعداد المعلمين في هذا التخصص بالذات كالرياضيات واللغة الإنجليزية والفيزياء.
ولذلك نؤكد أن القبول بمبدأ الضوابط يحقق الابعاد والاهداف الكاملة للكادر.
ان الدعوة الى إقرار الكادر دون ضوابط يعني الدعوة الى ظلم أصحاب العطاء من المخلصين والمتميزين من أبناء الكويت مقابل إعطاء قلة قليلة لا تملك ولا تؤمن بأهمية العطاء ما لا تستحق، والسؤال الذي ننتظر الاجابة عليه اليوم هو هل سينجح وزير التربية في حفظ حقوق الطلبة كما سعى الى حفظ حقوق المعلمين؟