بيان عاكوم
«الزيادات العشوائية على الرواتب لا تقودنا الا الى المزيد من التضخم في اسعار السلع»، في الواقع كانت تلك هي الرسالة التي اريد ايصالها للمواطن ولنواب مجلس الامة وذلك خلال الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة الكويت تحت عنوان «زيادة الرواتب وعلاقتها بارتفاع الاسعار»، حيث اجمع المحاضرون على ان الزيادة وان كانت في ظاهرها تحسين معيشة للمواطن الا انها لم تكن مدروسة من قبل متخصصين في هذا المجال، فلم تضف شيئا على وضع المواطن بل قد تؤدي الى سوء حالته بسبب التضخم الذي سيترافق معها.
أكثر المجالس إنفاقاً
رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الامة احمد باقر اكد انه ليس هناك منطق في طرح زيادة الرواتب عند نواب مجلس الامة، مشيرا الى ان هذه الاطروحات تتم دون دراسة علمية.
واضاف قائلا: اذا كانوا يريدون زيادة الرواتب فيجب تشكيل هيئة من المختصين لدراسة التضخم ونسبته، عندها يتبين مدى تناسب الزيادة مع التضخم الموجود.
ولفت باقر الى مسألة مهمة واساسية وهي عدم وجود اغلبية حكومية في المجلس، وهذا ما يقيد عمل الحكومة وخططها وقوانينها، مشيرا الى انه وضع دستوري غير سليم بينما النواب يستطيعون فرض قراراتهم.
وتحدث باقر عن مجلس الامة معتبرا انه من اكثر المجالس موافقة على زيادات للمواطنين، وقال «في الشهر الاول بعد انتخابنا مباشرة اقر مجلس الامة منحة للمواطنين تقدر بـ 200 دينار لكل مواطن، وكانت التكلفة 200 مليون دينار، وبعدها قدم اقتراح للجنة باعفاء المتقاعدين من فوائد الاستبدال مدى الحياة وقرر مجلس الامة اسقاط الفوائد واصبح المتقاعد يسدد رأس المال فقط».
وتابع كلامه متحدثا عن القوانين التي اقرها مجلس الامة بخصوص زيادات للمواطنين قائلا: بعدها اضيف الولد السادس والسابع في حساب المعاش التقاعدي للمتقاعد، ومن ثم اقر مجلس الامة قانونا بأن تدفع الدولة 100 دينار دون ان يقدم الطالب ما يفيد حاجته ومن ثم عمم القانون على الجامعات الخاصة والاجنبية، وايضا اقر قانون ان تدفع الدولة لكل طالب اسكان 150 دينارا بدل ايجار حتى وان لم يكن مستأجرا.
واضاف متحدثا عن بنك جابر قائلا: ايضا قدم قانون بانشاء بنك جابر برأسمال قدره 100 مليون دينار، وقدم اقتراح في الجلسة ان تقوم الحكومة بسداد الاكتتاب عن كل مواطن ووافق المجلس على هذا الاقتراح.
بيت القصيد
بعدها جاءت قضية الـ 50 دينارا، ففي شهر مارس الماضي قرر المجلس الزيادة، فاللجنة المالية درست الموضوع وقررت زيادة رواتب كل العاملين في الدولة، خصوصا ان نسبة التضخم وقتها كانت منخفضة.
وقال: عند مناقشتها بعد 9 اشهر ارتفعت الاسعار عندها بشكل جنوني، وفي هذا الوقت قرر مجلس الامة باقتراح داخل القاعة ان يكون الحد ليس 750 انما 1750 اي كل من يقل راتبه عن 1750 يزداد 50 دينارا الحكومة اعترضت على القانون واسباب ذلك تساؤلها عن سبب اختيار هذا الرقم، اما الرقم الذي اختارته اللجنة فاساسه ميزانية الاسرة وفق احصائية لوزارة التخطيط.
وتابع: بعدها تمت دراسة الموضوع مع البنك الدولي لتشمل الزيادة الجميع، وقبلها اعلنت الحكومة ان الزيادة التي توصلت اليها 120 دينارا للجميع وبينت الحكومة ان هذه الزيادة ستشمل الـ 50 دينارا التي اقرها المجلس، وزيادة عليها 70 دينارا، وستكون للجميع بما معناه ان الحكومة لا تريد ان يصر المجلس على الـ 50 دينارا لأنها قدمت اكثر، وهنا دخلنا في المشكلة الحالية مع اصرار المجلس على الـ 50 دينارا فعرضنا الموضوع على اللجنة وكان تصور كثير من الاعضاء ان الحكومة زايدت على مجلس الامة.
إرهاق الميزانية
وعن زيادة الرواتب، قال: هناك مقارنة للرواتب، فهي في ميزانية عام 2001 ملياران و80 مليونا، اما الرواتب في الميزانية المقدمة لمجلس الامة التي ستبدأ في شهر ابريل المقبل دون الـ 120 دينارا والكوادر الثلاثة التي اقرت في الجلسة نفسها (النفط، الكويتية والاطباء) فستكون 4 مليارات و818 مليونا، ومع الـ 120 دينارا والكوادر الثلاثة ستكون 6 مليارات، وبالتالي فهذا يعني انها تضاعفت ثلاث مرات في 7 سنوات.
وتحدث باقر عن تقديمه لاقتراحات بتقليل المصروفات وتقليل الاعتماد على النفط، لكن الاقتراحات الموجودة في اللجنة المالية كلها فيها صرف كاقتراح ما يسمى بالحقوق المدنية للمرأة وكلفته مئات الملايين وزيادة عدد الاولاد واقتراح برفع المعاش التقاعدي كلها فيها كلفة هائلة على الدولة.
رئيسة الجمعية الاقتصادية في الكويت د.رولا دشتي قالت: الاهداف التي وضعتها الجمعية هي حماية الاسر ذات الدخل المحدود والحفاظ على الاسر ذات الدخل المتوسط وتعزيز العيش الكريم للاسر عند التقاعد، وايضا استمرارية تطبيق هذه الاهداف عبر الاجيال، فهذه المعايير التي ننطلق منها.
وتابعت: عندما بدأنا بالدراسة تعرفت الجمعية على بعض الحقائق وهي عدم معرفة المواطن بالاقتصاد، وحقيقة هو يسمع بالفوائض المالية لكن الاقتصاد لا يقاس بهذا الشكل، لأن الصحيح لمقياس الوضع الاقتصادي هو في الميزانية غير النفطية ونحن لدينا عجز فيها، اما النفط فهو وديعة يجب الا تمس.
تغطية العجز بالفوائض النفطية
وقالت: ما يحدث على ارض الواقع ان الحكومة تغطي عجزها من الفوائض المالية لا بل تأخذ اكثر من العجز ولهذا يعتقد ان هناك فوائض مالية.
وزادت منتقدة الحكومة التي تردد دائما انها تريد التخفيف من الاعتماد على النفط لكنها في المقابل لا تفعل ذلك بل على العكس، واعطت مثالا على ذلك: قبل عشر سنوات كان 87% من الميزانية على النفط لتسديد العجز، اما اليوم فأصبح 91% اعتمادنا عليه.
وتخوفت د.دشتي من استمرار هذا الوضع، مؤكدة انه بعد عشر سنوات فقط وحتى لو زاد سعر برميل النفط عن الـ 120 دينارا الميزانية ستتضاعف وقد تصل لنحو 28 مليار دينار، وهذا ما يحمل في طياته ان المعاشات قيمتها ستقل والخدمات الحكومية ستتراجع ايضا.
مصروفات وزيادات دون فائدة
وقالت د.دشتي مبينة ان المصروفات والزيادات التي تقوم بها الدولة كلها لم تحسن معيشة المواطن، وذلك لأنها جاءت بطرق غير مدروسة خلال خمس سنوات انفقت الدولة 130 مليار دينار ولكن لم نشعر بالفرق فلا تطور في الخدمات المقدمة.
واضافت عام 2005 زادت الرواتب 50 دينارا ولكن النتيجة كانت كارثية لأنه قبل عام 2005 نسبة التضخم كانت 1.75 سنويا ولكن بعد الزيادة اي من عام 2005 حتى 2007 وصلت النسبة الى 6% سنويا وهذا ما جعل 42% من الاسر الكويتية تسوء اوضاعها عما كانت في السابق و17% لم تتغير اوضاعها.
خط الفقر
وتحدثت دشتي عن خط الفقر في الكويت وفقا لدراسة اذ قالت: خط الفقر لأسرة فيها 6 اشخاص يعادل 730 دينارا اما الطبقة الوسطى فيكون بين دخل 1460 دينارا و2700 دينار.
وتابعت من هنا تتوجه سياستنا الاقتصادية الى هذه الطبقات بحيث ننتشل الطبقة الفقيرة ونحافظ على وجود الطبقة الوسطى.
واضافت لتحسين ظروف من هو على خط الفقر يجب ان نعلم المكان الذي ينفق فيه امواله وندعمه واعطت مثالا هنا على البطاقة التموينية وضرورة دعمها واعادة النظر ايضا في الجمعيات التعاونية.
وتحدثت كذلك عن الاسكان وارتفاع الاسعار منتقدة امتلاك الحكومة الاراضي وهذا ما يتسبب في ارتفاع اسعار مواد البناء وبالتالي ارتفاع الايجار وشراء المنازل، مطالبة بضرورة تعزيز المنافسة.
وختمت مشيرة الى انه في الولايات المتحدة الاميركية اذا وصل التضخم الى 7% سمو هذه الحالة ازمة قومية بينما هنا تمر كأن شيئا لم يكن.
أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت د.عباس المجرن تحدث عن اسباب التضخم في الكويت وأرجعه الى تكاليف السلع المستوردة.
هذا، الى جانب ربط سعر صرف الدينار بالدولار الى ان تم فكه عام 2007، أما الاسباب الاخرى فنرجعها الى ارتفاع اسعار النفط، وايضا الاعتماد المفرط على النفط والى جانب التنافس الموجود على مستوى المنطقة على المشاريع السياحية والعقارية وغيرها.
مواجهة الدولة للتضخم
وتساءل د.المجرن عن مدى مواجهة الدولة لهذا الامر، مبينا انها قامت ببعض الامور لمواجهة التضخم كفك ربط الدينار بالدولار الذي ادى الى ارتفاع سعر صرف الدينار بالنسبة للدولار، كذلك اعلان النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء فيصل الحجي اتخاذ الحكومة اجراءات لمواجهة ارتفاع الاسعار، وكذلك اعلان سمو رئيس مجلس الوزراء، بتوجيه من صاحب السمو الامير معالجة ارتفاع اسعار الاراضي والعقارات وتخفيض البنك المركزي نسبة القروض.
وختم مشددا على ضرورة توفير بيانات واضحة واكثر دقة حول التضخم، وكذلك تطوير قدرة الجهاز التنفيذي والنجاح في تخفيف القيود الموجودة في السوق وكسر الاحتكار وتفعيل المنافسة.
من جهتها قالت عريف الحفل الاستاذة في العلوم السياسية د.ندى المطوع ان هذه الندوة هي ثانية ندوات مركز الدراسات الاستراتيجية والتي تتمحور حول الاقتصاد مبينة اهتمام المركز بمختلف الجوانب التي تهم المواطن، مشيرة الى ان هذه الندوة سيتم تدوينها في كتيب ليصبح في متناول الجميع للاستفادة مما تمت مناقشته.
صفحات الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )