بيان عاكوم
عبر مدير الادارة الاوروبية في وزارة الخارجية السفير الشيخ علي الاحمد عن خيبة امله من عدم ابرام اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا الى وجود بعض العقبات التي حالت دون اتمام هذه الاتفاقية والتي تركزت حول موضوع حقوق الانسان واسلحة الدمار الشامل.
واوضح الشيخ علي الاحمد، خلال مشاركته ممثلا عن نائب رئيىس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح في منتدى الحوار الخليجي ـ الاوروبي والذي تنظمه وحدة الدراسات الاوروبية ـ الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت بالتعاون مع معهد الدراسات السياسية بباريس، انه كان هناك شبه اتفاق على الاتفاقية لولا البند الذي قدم من قبل الاتحاد الاوروبي بعد اجتماع الرياض، حيث كانت المانيا رئيسة للاتحاد الاوروبي والمملكة العربية السعودية تتسلم رئاسة مجلس التعاون، مشيرا الى رفض دول التعاون حينها لهذا البند والذي يتعلق بمسألة حقوق الانسان واسلحة الدمار الشامل.
وعلى الرغم من ذلك، فقد ابدى الشيخ علي الاحمد تفاؤله بانجاز الاتفاقية، حيث لفت الى ان دول التعاون تدرس النقاط المعروضة لأنه من الضروري لدول الخليج الموافقة عليها لمصلحة الطرفين، وكشف الشيخ علي الاحمد ان هناك تقدما في المشاورات الجارية بين الجانبين، آملا الموافقة عليها في القريب العاجل، وقال: هناك امل كبير في امكانية التوقيع على هذه الاتفاقية خلال الفترة المقبلة وذلك بفضل تواجد ارادة سياسية حقيقية لدى قيادات التجمعين.
وهذا ما عبر عنه السفير الفرنسي جون رينيه جيان والذي تتسلم بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي، حيث تأمل اقرار الاتفاقية قبل نهاية العام بالرغم من اقراره بصعوبة المناقشات الدائرة بين الطرفين.
وعن الموقف الخليجي المتباين مع حلف الناتو بخصوص مبادرة بروكسل، قال الشيخ علي الاحمد: موقف الكويت معروف مع الناتو وليس هناك اي تعثر، معتبرا ان دور الكويت في الاتحاد الاوروبي يسهل الامور مع الحلف.
حــوار الأديان
وردا على سؤال عن انجازات الكويت بخصوص حوار الاديان، قال: نحن نسعى وندعم جميع الحوارات بين الشعوب والاديان، لافتا الى ان دور الكويت اساسي في انجاز اي تقارب بين الشعوب والاديان.
وعن الاستثمارات بين الكويت والاتحاد الاوروبي، قال: وارداتنا للاتحاد نحو 4 مليارات يورو، في حين ان صادراتنا تصل لنحو 3 مليارات يورو.
وقال الشيخ علي الاحمد، خلال افتتاح المنتدى، «لكل من مجلس التعاون والاتحاد الاوروبي تجربته الخاصة ومنظوره الاستراتيجي ولم يحل بعدهما النسبي جغرافيا والتنوع في ثقافات ولغات شعوبهما من تحقيق تقارب عميق وتاريخي.
تحديات وقضايا مصيرية
وتحدث الشيخ علي الاحمد عن تاريخ المنظومتين الاوروبية والخليجية، معتبرا ان ايمان الدول الاعضاء بهما مكنهما من تجاوز الكثير من التحديات والقضايا المصيرية، مشيرا الى الصراعات والحروب التي كانت لها تداعيات سياسية واقتصادية الا ان ذلك لم يمنعهما من المضي في تطوير كيانيهما والمحافظة عليهما على الصعيدين السياسي والاقتصادي الى جانب قدرتهما على اجتياز المخاطر وتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة نشاطهما التجاري.
تــوافق وحــوار
ورأى الشيخ علي الاحمد ان التوافق في الرؤى السياسية تجاه الاحداث في المنطقة بين المجلس والاتحاد الى جانب تداعيات الازمة المالية الاخيرة على الاسواق العالمية وما كشفته عن عدم وجود دول محصنة من آثارها يستدعي تذليل كل العقبات امام تعاون الكيانين في كل المجالات، لافتا الى ان ما تتطلبه الشراكة هو الحوار المتواصل لفهم الآخر لا لنبذه.
وزاد بالقول: فالى جانب السياسة والاقتصاد تبرز اهمية الدفع ببرامج الحد من الزينيفوبيا والاسلاموفوبيا وتبني حملات جادة تهدف للقضاء على جميع انماط التمييز الديني والمذهبي.
وختم الشيخ علي الاحمد متأملا تحقيق تقارب اكبر وشراكة اعمق بين الخليج واوروبا في شتى المجالات وصولا لتحقيق التكامل المنشود.
تعزيز مفهوم التواصل الحضاري
ثم تحدث عميد كلية العلوم الاجتماعية د.حسين الانصاري حيث قال «اذا كان الحوار السياسي مستمرا بين دول الخليج واوروبا من خلال التمثيل الديبلوماسي والزيارات المكثفة، فإن الحوار العلمي البناء بين باحثي الطرفين ومؤسساتهم ينتظر ان تقوم دعائمه على اسس متطورة جديدة تهيئ للاجيال المتعاقبة سبل التواصل الفاعل والفهم العميق لتنطلق مسيرة البحث ضمن دائرة الاهتمام المشترك».
واضاف: «ان كلية العلوم الاجتماعية ممثلة في وحدة الدراسات الأوروبية – الخليجية ومعهد الدراسات السياسية في باريس يبادران اليوم الى عقد مثل هذه الندوة من منطلق حرصهما على تعزيز مفهوم التواصل الحضاري والثقافي بين المجتمعين الخليجي والأوروبي، لننطلق منها الى خطى وميادين اكثر رحابة ورسوخا تمثل مجالات حية لتعاون حقيقي بين الباحثين والمهتمين، ولارساء مزيد من الجهود العلمية لتحقيق تعاون وطيد والخروج بتصورات ورؤى مستقبلية لبناء دعائم العلاقات المأمولة للخليج ودول الاتحاد الأوروبي مبنية على معطيات علمية.
واننا في هذا الوقت بالذات ونحن نمر بتغيرات كبيرة احوج ما نكون الى مثل هذا الحوار والبحث معا في آفاق التعاون المستقبلي».
الشريك التجاري الأول
وبعدها كانت الكلمة لرئيسة وحدة الدراسات الاوروبية - الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية د.هيلة المكيمي والتي بينت فيها أهمية المنتدى لتوطيد العلاقات الاوروبية - الخليجية والذي بدأ منذ عام 2005، مشيرة الى ان المؤتمر هذا العام يكتسب أهمية خاصة تتمثل في تفاعل العديد من المؤسسات مع الانشطة الحوارية لافتة الى عزم الكويت على تبني المنتدى العام المقبل بصورة موسعة تشارك فيه العديد من الشخصيات من مختلف دول العالم.
وقالت المكيمي «لقد امتازت منطقتا أوروبا والخليج بعلاقات تاريخية مهمة، فقد بدأت علاقات منطقة الخليج مع العالم الغربي عبر البوابة الأوروبية إلا ان هيمنة السياسة الأميركية على منطقة الشرق الأوسط وانشغال الاوروبيين في اعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي في بناء البيت الأوروبي اعطى ذلك الاعتقاد بثانوية العلاقة التي تربط منطقة الخليج بأوروبا مما يتناقض مع الواقع المعاش وذلك لجملة من الأسباب:
-
الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لدول الخليج، الى جانب كل من اميركا واليابان.
-
تؤمن دول الخليج 25% من حاجات الاتحاد الأوروبي من الطاقة.
-
كما ان الأسواق الخليجية تأتي في المرتبة الرابعة ضمن الأسواق التصديرية للمنتجات الأوروبية.
-
كما أن تفعيل العلاقات النقدية والاقتصادية مع الدول الخليجية يؤدي الى تحفيز الحوار السياسي بين الطرفين، بل ان نجاح الأوروبيين في الشراكة الخليجية سينعكس ايجابا على الشراكة المتوسطية من خلال توسيع شبكة الاتصالات والمبادلات التجارية وتحفيز الاستثمار الأجنبي الذي يمكن ان ينطلق من اوروبا مرورا بالدول العربية المتوسطية وصولا الى الخليج العربي.
السير باتجاه مختلف
واضافت ان منطقتي الخليج واوروبا شهدا ظروفا وتغيرات اقليمية ساهمت في انغماس لكتا المنطقتين بشؤونها الداخلية والإقليمية، فقد انشغلت اوروبا بهويتها او اقتصادياتها، في حين انشغل الخليج في مشاكله الاقليمية وصراعات الهيمنة الدولية على منابع البترول، الا ان تلك المستجدات دفعت كلتا المنطقتين للبحث عن صيغة جديدة للوحدة ادت الى ولادة الوحدة الأوروبية والتي شهدت نقلة حقيقية في بداية التسعينيات وحتى الآن، كما اتجهت دول الخليج الى ايجاد منظومة جديدة للوحدة لاسيما في أعقاب اخفاق جامعة الدول العربية في لم شتات العرب في مرحلة اتفاقيات السلام بين مصر واسرائيل.
وانتقدت منظومة الدول الخليجية عندما قالت «من الواضح ان مسيرة كلتا التجربتين تسير في اتجاه مختلف، ففي حين رأت اوروبا أن طوي صفحة الحروب والصراعات لا يكون إلا من خلال بوابة الاقتصاد، سعت الدول الخليجية الى اقامة منظومة سياسية تنسيقية تفتقد الى الكثير من عجلات الدفع، وقد تداركت الدول الخليجية ذلك القصور».
فلسفة صاحب السمو
وأشارت الى ان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أولى أهمية خاصة لتفادي هذا القصور من خلال بوابة التكامل الاقتصادي، وهي فلسفة حملها سموه منذ ان كان وزيرا للخارجية وحتى الآن، حيث جاء انضمام الكويت الى اتفاقيات التجارة الحرة كمنظمة التجارة الحرة وغيرها من المنظمات الاقتصادية.
وسعى كذلك الى تأسيس المجلس الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وكان من اوائل الداعين الى توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي لرفع الضرائب الأوروبية الباهظة على الصادرات البترولية الخليجية لاسيما ان الميزان التجاري يميل لصالح الأوروبيين دائما، كما اطلق تقرير وزارة الخارجية عن عام 2004 بأنه عام انطلاقة الديبلوماسية الاقتصادية والتي دشنت بزيارة سموه الى عدد من دول الشرق الآسيوي لاسيما ان دول شرق آسيا قدمت نموذجا ناجحا في التحولات الاقتصادية، وجدد ذلك النهج في آخر خطاباته في القمة العربية التي عقدت في الرياض، حيث وجه الدعوة الى اهمية تبني القمم القادمة لقضايا ذات اهمية كبرى لاسيما الاقتصاد والبيئة والتعليم، وقد تبنت الكويت فكرة القمة الاقتصادية المقبلة والتي ستعقد في الكويت، وفي ظل الأزمة المالية العالمية تتجلى بوضوح الأبعاد الاقتصادية في رسم مختلف التحالفات والسياسات الإقليمية لجميع اشكال المنظمات والتكتلات الاقتصادية والدولية.
وقد اضحى ذلك سببا رئيسيا للدول الخليجية في سعيها مؤخرا الى بناء الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والعملة الموحدة، بل هذا ما اكد عليه اليوم اجتماع وزراء المالية في الرياض، حيث اكدوا على اهمية الانتهاء من بناء الاتحاد النقدي من اجل التصدي لانعكاسات الأزمة المالية العالمية.
مراجعة تجارب الطرفين
مع تزايد تعقيدات القضايا المشتركة كالإرهاب والتطرف والأزمة المالية العالمية وفقدان الاستقرار الإقليمي وتزايد معدلات الهجرة أضحى من اللازم مراجعة تجارب كلتا المنطقتين والتي تساهم في مراجعة مجمل العلاقات الأوروبية ـ الخليجية ومدى اسهام كلا الطرفين في ايجاد أرضية مشتركة تسع كلا الطرفين بدلا من ان تكون لصالح طرف على حساب الطرف الآخر.
رفع الوعي الثقافي والتعليمي يعتبر بوابة حقيقية لإيجاد علاقة شراكة متزنة تساهم في تحقيق مصالح ومكتسبات كلا الطرفين، ومن هنا تكمن أهمية تلك الحوارات التي تحتضنها المؤسسات الثقافية والتعليمية ومنها الأنشطة الحالية في جامعة الكويت والتي نأمل ان تستقطب المزيد من المهتمين بهذا الشأن من مختلف الشرائح في المجتمع الكويتي، فهذا المقال بمنزلة دعوة يتلقاها جميع القراء لحضور أنشطة تلك التظاهرة الثقافية المهمة.
ومن جهته اكد السفير الفرنسي جون رينيه جيون في تصريح للصحافيين على اهمية التوصل الى اتفاق بين الاتحاد ودول التعاون بخصوص اتفاقية التجارة الحرة وذلك لما ستضيفه من تطور في العلاقات بين المنطقتين.
وبالرغم من اقراره بصعوبة المناقشات الدائرة الا انه تأمل توقيع الاتفاقية خلال الرئاسة الفرنسية للاتحاد.
وقال «انها مسألة اساسية خلال الاشهر الثلاثة المقبلة ونتأمل التوقيع عليها قبل نهاية العام».
ومن التعامل مع الازمة الاقتصادية قال «كما رأيتم اجتمع وزراء مالية دول التعاون لبحث وتنسيق جهودهم لمواجهة الازمة المالية وكذلك قبل اسبوعين عقد اجتماع للمجموعة الاوروبية وشكل لحظة مهمة في التعامل مع الازمة.
واضاف بالقول «اعتقد ان الوقت مناسب للتفكير معا في طريقة ردنا على تحديات اليوم مثل الازمة الاقتصادية والطاقة، مشيرا الى انه خلال الاجتماعات سيتم البحث عن مسائل الوحدة والسياسة النقدية وكذلك مسألة الطاقة.
صفحات الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )