آلاء خليفة
تؤثر الأحوال الجوية تأثيرا بالغا على الحالة النفسية والمزاجية لدى الانسان، خاصة ان الكثير من الاشخاص تنتابهم حالة من الكسل وضعف الانتاجية في العمل في فصل الشتاء والميل الى النوم والاكثار في الأكل وغيرها من المظاهر.
«الأنباء» التقت اكاديميين نفسيين للتعرف عن كثب على هذا الموضوع وخرجنا بالنتائج التالية:
في البداية أكدت استاذة علم النفس الاكلينيكي بجامعة الكويت د.أمينة السماك ارتباط الحالة الجوية بالحالة النفسية والمزاجية لدى الفرد.
وقالت ان عددا من علماء النفس اكدوا في كتاب «دليل التشخيصي الاحصائي الرابع للاضطرابات النفسية ـ المعايير التشخيصية»، ان بعض الاشخاص يتعرضون لاكتئاب في فصل الشتاء ولكنه ليس من النوع الصعب او الحاد او العصابي الذي يستمر لمدة سنتين.
واشارت د.السماك الى ان البرودة تؤثر على النواحي الكيميائية عند الانسان.
وترى د.السماك ان الافراد مختلفون فيما بينهم بيولوجيا وكيمائيا، ولكن غالبية الافراد يشعرون بالرغبة في التدفئة اثناء البرودة بما يجعلهم يميلون للاماكن المغطاة والمغلقة اكثر من الاماكن المفتوحة، وهؤلاء الافراد يكونون اكثر تواجدا في منازلهم اثناء الشتاء، على عكس فترة الصيف فيميلون فيها للخروج والعمل والسفر نظرا لطول النهار الذي يحفز الفرد على العمل اكثر، لافتة الى ان الطاقة الحرارية المأخوذة من الشمس تعطي الانسان الحرارة وتجعله اكثر نشاطا بما يجعل الفرد يؤدي برامج عمل اكثر، اما الفترة الشتوية فيكون فيها النهار قصيرا ومع البرودة ويميل الانسان الى التدفئة باستخدام الملابس الثقيلة والأغطية وبالتالي تزيد لديه ساعات النوم في فترة الظهر.
واشارت د.السماك الى ان كثرة تناول الأكل اثناء فترة الشتاء مع قلة الحركة نوعا ما، يؤدي كيمائيا الى حدوث اضطراب في البرمجة البيولوجية لدى الفرد، بما يؤثر على مزاجه.
واوضحت د.السماك ان الفرد في الدول النامية يميل الى النوم في الوقت الذي تغيب فيه الشمس، على عكس الفترات التي تكون بها الشمس قوية فنجد ان الفرد يكون اكثر حركة ونشاطا وطاقة ويميل الى التحدث بشكل اكبر.
كما لفتت د.السماك الى ان الناس في الدول النامية يعانون من هوس الاكتئاب، وهو شعور الفرد بالميل الى التحدث كثيرا عندما يكون في حالة ضيق من امر ما، بل ويكرر نفس الكلام بما يقلل من الانتحار نظرا لتنفيسه عن نفسه بالكلام والبكاء وبالتالي فالدول النامية اقل انتحارا من الدول الباردة لاسيما الدول الأوروبية.
كما أوضحت انه في فصل الشتاء تقل تلك الانشطة الانتاجية سواء على مستوى العمل أو على مستوى الحياة الاجتماعية كالهوايات وغيرها، بما يخلق حالة من الانتكاسة في المزاج.
وربطت د.السماك بين فصل الشتاء وازدياد تناول المنبهات التي تؤثر بطبيعتها على مزاج الانسان، على عكس فصل الصيف الذي يميل فيه الناس لشرب السوائل الباردة التي تزيد من نشاط الانسان نظرا لاحتوائها على ڤيتامين سي، وهذا سبب زيادة اصابة الانسان بالانفلونزا اثناء الشتاء نظرا لقلة تناولهم للعصائر بما يقلل من وجود ڤيتامين سي داخل الجسم بما يزيد من الامراض فضلا عن ان الانسان في فصل الشتاء يرتدي ملابس ثقيلة وبالتالي تقل حركته أو تقيد نوعا ما عن فصل الصيف الذي يرتدي فيه الناس ملابس خفيفة تسهل من حركتهم.
واكدت د.السماك العلاقة القوية بين الغلاف الجوي ومزاجية الانسان ونموه، لافتة الى انه عند خط الاستواء يكون الجو حار نظرا لأن الشمس تكون عمدية، وبالتالي فتتميز تلك المناطق بعلو الاشجار فيها ويتميز الاشخاص الذين يعيشون في تلك المناطق بقصر القامة، اما الدول البعيدة عن خط الاستواء فيتمتع افرادها بطول القامة، مشيرا الى ان الشمس تؤثر على عظام الانسان وتمدها بالطاقة.
من جانبها، قالت استاذة علم النفس بجامعة الكويت د.امثال الحويلة ان الانسان يتعرض لعدة انواع من الضغوط ومنها الضغوط الفيزيائية والمتعلقة بالعوامل الجوية المختلفة مثل الضوضاء والحرارة أو البرودة الزائدة في الجو، بالاضافة الى الغبار والرطوبة، مشيرة الى انها تعتبر من مصادر الضغوط التي تؤثر على الانسان.
ولفتت د.الحويلة الى ان الدراسات الحديثة اثبتت ان الزحمة المرورية تدخل ضمن الضغوط التي تؤثر على الفرد، فيشعر الفرد بالضيق وتزداد لديه التصرفات السلوكية الغريبة احيانا، ويكون اكثر ميلا للعدوان وتقل عنده الانتاجية في العمل ويتعامل مع الآخرين بطريقة تختلف عن الاوقات العادية الاخرى.
ومن جهة اخرى، وعن فصل الشتاء على وجه التحديد قالت د.الحويلة: تأثير الاحوال الجوية على نفسية الانسان تعتمد على طبيعة الانسان وشخصيته، فجميعنا لدينا قدرة معينة على التحمل ولدينا قدرة معينة في التعامل مع التغيرات الفيزيائية والجسدية والمرضية، واوضحت: لكن بطبيعة الحال لا يمكن التعميم على جميع الافراد، واوضحت ان هناك بعض الافراد لا يتحملون الاجواء التي بها غيوم وظلام، لاسيما في فصل الشتاء الذي تغيب فيه الشمس مبكرا مقارنة بالفصول الاخرى من السنة، بما يشعرهم بحالة من الضيق والضغط نتيجة عدم تمكنه من انهاء العمل المطلوب منه وكأن حياتهم ارتبطت بشروق الشمس وغروبها.
واكدت د.الحويلة ان الحالة النفسية تعتبر نوعا من انواع الضغوط، وبالتالي يجب على الانسان التأقلم مع الحالة الجوية نظرا لأن الحرارة او البرودة لن تستمر لمدة طويلة، مضيفة: وهناك اشخاص على اتصال دائم بالارصاد الجوية لمعرفة حالة الجو قبل الذهاب الى المخيمات أو المنتزهات وغيرها لتجهيز أنفسهم وفقا لما تقوله لهم الارصاد الجوية.
من جهته، ذكر استاذ علم النفس بجامعة الكويت د.بدر الانصاري انه بالنسبة لفصول السنة، فهناك دراسات اوروبية، وبالتحديد في الدول الاسكندنافية اشارت بالفعل الى ان هناك ارتفاعا في معدلات الاكتئاب نتيجة لغياب الشمس خلال فصل الشتاء نظرا لغيابها هناك نحو 3 اشهر بما يرفع من معدلات الاكتئاب، وايضا بما فيها الانتحار نظرا لارتباط الانتحار بالاكتئاب، أما على مستوى الدول العربية، وفيما يخص علاقة الحالة الجوية بإنتاجية الموظف، فقال: ان الجو البارد له علاقة بزيادة انتاجية الموظف نظرا لأن البرودة تعطي نشاطا وحيوية وقوة وطاقة اكثر من الحرارة التي تؤدي الى سرعة الشعور بالتعب، وبالتالي خفض الانتاجية، وهذا ما اشارت اليه دراسات علم النفس البيئي والتي اكدت ان الدول التي تتعرض للحرارة الشديدة يشعر الناس بها بالتعب والارهاق وقلة الانتاجية على عكس الدول الباردة التي تحتفظ بمعدلات انتاجية أعلى في الفصول الباردة.
واكد د.الانصاري انه ثبت علميا ان انتاجية الافراد في الدول الباردة أعلى من انتاجية الافراد في البلدان الحارة.
صفحة الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )