أسامة دياب
أكدت أستاذة دراسات الشرق الأوسط، ورئيسة قسم الآداب والثقافات الكلاسيكية والشرق أوسطية في مدرسة الآداب والثقافة الدولية، وعضو مركز دراسات الدين والصراع، وعضو شعبة الدراسات الجندرية والدراسات الافريقية في جامعة ولاية أريزونا الأميركية د.سعاد تاج السر علي ان كتابها «دين، وليس دولة: التبرير الإسلامي لعلي عبدالرازق للعلمانية السياسية». وهو تحليل مركّز لكتاب عالم الأزهر الشريف وأستاذ القانون الإسلامي بالأزهر وقاضي محكمة المنصورة في ذلك الوقت الشيخ علي عبدالرازق: «الإسلام واصول الحكم: بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام» والذي أحدث جدلا كبيرا منذ صدوره عام 1925 وحتى الآن وعلى الرغم من مرور أكثر من 80 عاما على إصداره إلا أنه لايزال يجذب الأنظار ويحظى باهتمام الدوائر الفكرية، الدينية والسياسية، موضحة ان الشيخ علي عبدالرازق هو أول عالم أزهري يطرح فكرة ان الإسلام دين وليس دولة، رسالة وليس حكومة.
جاء ذلك في مجمل كلمتها التي ألقتها في المحاضرة التي نظمها مركز دراسات الخليج في الجامعة الأميركية مساء أمس الأول في قاعة الاجتماعات بالجامعة تحت عنوان «الإسلام والعلمانية» وبحضور لفيف من أعضاء هيئة التدريس، الطلاب والطالبات، وعدد من المهتمين بالشأن العام والإعلاميين.
واضافت ان كتابها هو دراسة علمية تتناول آراء الشيخ علي عبدالرازق بالنقد والتحليل بصورة موضوعية وإعادة اختبار القوة الفكرية لكتاب علي عبدالرازق، وأهميته في الفكر الإسلامي والفلسفي والديني المعاصر، موضحة ان الشيخ علي عبدالرازق كان سابقا لعصره من خلال أطروحاته المتميزة، لافتة الى ان اهتمامها بالشيخ الجليل بدأ في وقت متأخر وبالتحديد أثناء دراستها للدكتوراه إلا انها منذ تعرفت على آرائه قررت التبحر فيها بمنهجية علمية سليمة على ضوء حالة الأرق السياسي المستمر في العالم الإسلامي المعاصر والنظر للكتاب على اعتبار انه تطور حديث ومعتدل في الفكر الإسلامي.
وأشارت الى تناقض آراء عدد من الرموز الإسلامية أمثال الشيخ سيد قطب مع أطروحات الشيخ علي عبدالرازق كرائد للعلمانية السياسية من خلال فصل الدين عن الدولة مستخدما القرآن، السنة، الإجماع والقياس في تقديم أطروحته ان الإسلام دين وليس دولة، رسالة وليس حكومة، موضحا ان فكرة الخلافة أتت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حين كان الخلفاء الراشدون قدوة، كانت الخلافات الأموية، العباسية، والعثمانية خروجا صارخا على التعاليم الموجودة في القرآن الكريم، مشددة على ان الدراسات عن العلاقة بين الدين والدولة، قبل وبعد كتاب «الإسلام وأصول الحكم» لعلي عبدالرازق، صارت أكثر أهمية بعد ظهور «الأصولية» وزادت هذه الأهمية بسبب النقاش الحالي بين «مؤيدي العلمانية ومؤيدي حكم الإسلام».
وعرضت الكاتبة لأهم فصول كتابها بحيادية تامة من خلال توضيح آراء مؤيدي الشيخ علي عبدالرازق ومعارضيه وتلامذته الذين انقلبوا عليه من أمثال محمد رشيد رضا، لافتة الى ان العلمانيين يتعرضون لاتهامات بأنهم «مروجون للأفكار الغربية» لأنهم يدعون لفصل الدين عن الدولة، وان هذه الاتهامات تمنع وجود نقاش صحي ومحايد، وتخلق مواجهة بين «المستغربين» و«الأصوليين»، تحول دون فهم الجانبين لبعضهما البعض. وتعتقد مؤلفة الكتاب ان علي عبدالرازق تحدى بكتابه في تلك الفترة المبكرة الإسلاميين، الذين يريدون دولة إسلامية. وقد أثبتت التجارب اللاحقة ان هذه الدولة قد فشلت كما في السودان وفي أفغانستان، فقد دعا حسن الترابي في السودان الى تأسيس مثل هذه الدولة «لأن الدولة الإسلامية تريد تحقيق الديموقراطية بالإيمان بالله، بينما تريد الدول الغربية ذلك بالإيمان بحكومات بشرية».