آلاء خليفة
أكد أستاذ الحقوق بقسم القانون الدستوري في جامعة الكويت د.محمد الفيلي ان الفساد ظاهرة إنسانية، ولا يمكن إلغاؤها ولكن نسعى للتغلب عليها بوضع قوانين لمكافحتها، وأوضح خلال ندوة عن «تفعيل الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد» مساء اول من امس ان الفكرة في تلك الاتفاقية هي التعامل مع الفساد كظاهرة والتقليل منها على مستوى كل الدوائر الحكومية والقطاع الخاص لأن ذلك يؤدي الى استشراء الفساد في المجتمع.
ومن جانبه، قال الأستاذ في الحقوق د.فيصل الفهد ان اتفاقية مكافحة الفساد ترسم الخطوط العريضة التي يجب على المشرع ان يلتفت اليها والسلطة التنفيذية والباحثون في كل مجالات القانون لأن هذا الموضوع متشعب يشمل جميع تخصصات القانون في جميع فروعه. وأوضح الفهد ان الاتفاقية تم تبنيها في 31 أكتوبر 2003 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم التوقيع عليها من 140 دولة، ومن بينهم الكويت وتم التصديق عليها في عام 2006.
وكشف الفهد ان هناك دولا عربية غير موقعة على الاتفاقية حتى الآن وهي: عمان، الصومال وفلسطين، لكن فلسطين لظروفها لا تستطيع التوقيع ولكن أرسلت للأمم المتحدة تعلن فيها انضمامها للاتفاقية، والدول العربية التي وقعت على الاتفاقية ولم تصدق عليها حتى الآن هي: السعودية، السودان وجزر القمر.
وبيّن الفهد ان هناك مشكلة أساسية في الاتفاقية هي تعريف الفساد، لذا جاءت هذه الاتفاقية خالية من تعريف الفساد بسبب اختلاف الأفكار والدول واختلاف المعتقدات، ولذلك أصبح تعريف الفساد قضية مطروحة للنقاش والتباحث بالنسبة للمشرعين الذين وقعوا على الاتفاقية، موضحا ان تركهم الاتفاقية من غير تعريف الفساد أمر غريب.
وأشار الفهد الى ان تركهم لتعريف الفساد وتحديد أطره ونطاقه ربما متروك للدول، ولكن هناك تعريف نضعه للفساد هو «إساءة استخدام السلطة لمصالح خاصة»، وهو التعريف المطروح على بساط الباحثين والمتخصصين في مكافحة الفساد، لافتا الى اي إساءة لاستخدام السلطة من اجل تحقيق مصالح خاصة يدخل في نطاق الفساد.
وأوضح الفهد ان ميزة هذه الاتفاقية انها وضعت خطوطا عريضة واستراتيجيات واضحة وكأنها رسمت خارطة طريق تستطيع من خلالها الدول مكافحة الفساد في حالة رغبتها في مكافحة الفساد او التقليل من آثاره التي تضر بالمجتمع، فمن خلال تطبيق هذه الاتفاقية تستطيعون الحد منه، لأن هذه الاتفاقية وضعت الآلية والوسيلة التي تحد او تقضي عليه.
وأشار الى ان هذه الاتفاقية جاءت عامة وشاملة وتناولت الكثير من الجوانب في محاربة ومكافحة ظاهرة الفساد، مشيرا الى ان هذه الاتفاقية لا تستطيع القضاء على الفساد نهائيا بل تحد منه.
وقال الفهد الاتفاقية وضعت أطرا عامة فجاءت مقسمة الى 4 فصول أساسية، الفصل الأول يتناول «التدابير الوقائية» والفصل الثاني «التجريم» والفصل الثالث «التعاون الدولي» والفصل الرابع «عن استرداد الموجودات».
ولفت الفهد الى ان اهم فصل في الاتفاقية «التدابير الوقائية» لأنها الأساس العام لأن منع الفساد أهم من معالجة ما يترتب على الفساد، جاءت الاتفاقية لتحس الدول على وضع سياسات واضحة ومحددة وفاعلة في مكافحة الفساد، مشيرا الى ان الكويت تفتقر الى مثل تلك السياسات لأنه لا توجد سياسات واضحة لمكافحة الفساد، فيجب علينا ان نلتزم بالاتفاقية ونضع هذه السياسات الواضحة من اجل مكافحة الفساد. موضحا ان الاتفاقية تنص على وجود هيئات او هيئة لمكافحة الفساد ـ وهذا يتطلب حالة من النقاش بين القانونيين والمتخصصين حول وجود هيئة واحدة أو هيئات متعددة، مضيفا ان لدينا في الكويت هيئات مثل ديوان المحاسبة، والنيابة العامة، لجنة مكافحة غسيل الأموال فكل هذه الهيئات تتعاون فيما بينها، ولكن قد يكون هناك خلل في التعاون، ما يؤدي لظاهرة الفساد.
وطالب الفهد بضرورة إنشاء هيئة خاصة لمكافحة الفساد في الكويت، وضرورة ان يراعي المشرع استقلالها المالي والإداري، وتبعيتها هل لمجلس الوزراء ام الى مجلس الأمة؟ ومسألة من يترأس هذه الهيئة وكيفية اختياره، لأن كثيرا من الدول النامية بها هيئات صورية لا تقوم بالدور المنوط بها، وأصبحت هذه الهيئات هيئات للفساد وليس لمكافحة الفساد.