- جراحة المناظير أحدثت نقلة تاريخية كبرى في علوم الجراحة ونجح الأطباء في تصغير الثقب إلى 2 ملم
حنان عبدالمعبود
أكد استشاري جراحة السمنة د. محمد الجارالله انتشار السمنة في جميع دول العالم حتى أصبحت تشكل وباء للعقود القادمة كما ذكرت منظمة الصحة العالمية، والتي حذرت من أن قائمة انتظار عمليات السمنة في الولايات المتحدة وحدها تصل إلى أكثر من 15 مليون شخص، أما في الكويت فتعتبر في مصاف الدول الأكثر انتشارا للسمنة في مجتمعها وفي مختلف الأعمار، كما أن عملية الاستئصال الطولي تعتبر الكويت الأولى عالميا وتليها تشيلي.
وبيّن الجار الله خلال مؤتمر صحافي عقد بمركز الجار الله الألماني التخصصي أمس الأول أن طرح مشكلة السمنة يتم بشكل جزئي، أو فردي، في معظم وسائل الاعلام من فضائيات وصحافة وندوات وغيرها مما لا يعكس حقيقة المشكلة كاملة بل تعكس حالة من الضبابية أو انعدام الرؤية والتشويش على المريض وأسرته، كما يؤدي الى انتشار المفاهيم الخاطئة عن وسائل علاج السمنة، ما بين المديح المسرف، والانتقاد غير العلمي، كما نشهد انتشار ذلك في المدونات واتخاذ الحالات الفردية سواء الناجحة أو الفاشلة كأمثلة تؤدي الى القناعة من خلالها، مما يمثل أسوأ الأثر في تضليل من هم في أمس الحاجة لعلاج السمنة.
وأوضح أن خطورة السمنة على الحياة تتمثل في كونها تؤدي الى الموت البطيء وقال: على الجميع أن يدرك مخاطر السمنة والتي حددتها جميع الدول ومنظمة الصحة العالمية، مثل أمراض القلب والجلطات الدماغية والقلبية وارتفاع معدلاتها، وكذلك السكر والضغط وهبوط التنفس وتوقفه المفاجئ أضف إلى ذلك أمراض الكلى والجهاز الهضمي وخشونة المفاصل من ركبة وفقرات وانتفاخ الساقين والتهاب الجلد واضطراب الدورة الشهرية لدى النساء والذي يؤدي إلى العقم، وارتفاع الدهون والكولستيرول في الدم.
واشار الى ازدياد احتمالات الإصابة بسرطان الثدي والرحم والمبايض وعنق الرحم والبروستاتا والقولون، وكذلك الاكتئاب واضطراب الحالة النفسية والعاطفية والاجتماعية، وعدم الشعور بالاستمتاع بالحياة والشعور بعدم الرضا، بدءا من المشاكل اليومية كالبحث عن ملابس ملائمة أو عدم الراحة في استخدام دورة المياه أو إيجاد مقعد في الطائرة واعاقة الحركة، والوفاة في سن مبكرة.
ويجدر الاشارة الى أن معدل الأعمار في أميركا 80 سنة تقريبا للأشخاص العاديين، أما في المصابين بالسمنة المفرطة فمعدل أعمارهم 60 سنة، كما أن معدل زيارتهم للأطباء خلال الشهر يشكل عبئا كبيرا على أسرهم، خاصة مع المحاولات المتكررة لإنقاص الوزن بالرجيم، والتي لا تولد فقط شعورا بالفشل وإنما تولد أيضا إحساسا هائلا بالإحباط وانطباعا سلبيا عن الذات.
المعرفة بدلاً من الخوف
وأضاف «أظهرت دراسات طبية دقيقة أجريت في أوربا على أكثر من 2200 ألف مريض ان العلاج الجراحي الأكثر فاعلية بعشرين ضعف في خفض أمراض السمنة ومضاعفتها من الريجيم من خلال تحسن أو شفاء أمراض السكر والضغط والقلب والمفاصل والتهاب الجلد والجهاز الهضمي وزيادة الخصوبة لدى النساء للحمل والتحسن الكبير في التنفس وانخفاض في الكولستيرول ومعدلات الإصابة بالسرطان والتحسن الملحوظ في نوعية الحياء وان مخاطر عمليات السمنة مماثلة لأكثر عمليات جراحة المنظار شيوعا مثل المرارة وأثبتت هذه الدراسات وغيرها الكثير أن الجراحة تؤدي إلى انخفاض معدل الوفيات بنسبة 89%.
وأشار الى أن هناك قواعد عامة يجب أن تنطبق على المريض الذي تجرى له جراحة معالجة السمنة، مبينا أن أهمها أن يكون مؤشر كتلة الجسم 35 فما أكثر مع وجود مرض مصاحب للسمنة كالضغط أو السكر والديسك. وهناك دراسات عديدة في أميركا وغيرها الآن تشير إلى إمكانية إجراء عملية التخطي لمن هم ذوو أوزان اقل من ذلك مثل من يعانى من السكر وليس لديه سمنة مفرطة (أي لديه سمنة اقل من 35 مؤشر كتلة) وأثبتت هذه الدراسات شفاء هؤلاء من السكر بدرجة كبيرة، وهناك دراسة في السويد خلصت إلى نفس النتائج من إمكانية عمل التكميم لأوزان اقل مع تحسن كبير في السكر ونوعية الحياة. أما بالنسبة لحلقة المعدة، فقد بدأت مراكز كثيرة في عملها لأوزان اقل من 35 (مؤشر كتلة) السن: عادة بين 18 ـ 60 سنة ولكن هناك استثناءات مثلا أن تكون السمنة المفرطة شديدة وفي ازدياد مضطرد يؤثر على صحة الطفل أو المراهق فبالإمكان إجراؤها بعد التشاور مع أخصائي الأطفال والهرمونات والوالدين إلى عشر سنوات.وقال «يمكن للتكميم (التصغير الطولي) أن تعمل لمن لديه سمنة وأمراض مثل من لديه لين عظام أو نقص بالكاسيوم ـ فقر الدم ـ التهاب الأمعاء المزمن وجود التصاقات شديدة بالبطن بعد عمليات أخرى ـ لمن لا يفضل وجود جسم غريب كالحلقة ـ لمن يريد تجنب مضاعفات التخطي وان كانت قليلة ـ لمن يحتاج لتناول أدوية بصفة مستمرة مثل أدوية المناعة أو مضادات الالتهاب.
مؤكدا أن هناك عوامل عدة يجب أن تؤخذ في الحسبان ويسأل عنها الجراح مثل: حجم كمية الأكل للمريض ـ وجود تكيسات المبايض ـ وجود صعوبة في نزول الوزن أثناء الريجيمات السابقة ـ سن المريض ـ أكل الحلويات ـ وجود ارتجاع المريء والحموضة، كل هذه قد تدعو إلى عمل تخطى المعدة أولى من السليف والتكميم .
وعن نسب العمليات الأكثر انتشارا في العالم بين أن هناك دراسات تشير الى أن عدد العمليات التي تجرى بالولايات المتحدة وكندا وأكثر من 36 دولة أوروبية وغيرها (ما يقارب من 344221 عملية سمنة).
وهنا نفس زيادة عمليات الحلقة في أميركا لدخولها متأخرة عن أوروبا ولتشجيع الشركات عليها، ولكن من المتوقع أن يبدأ انخفاضها كما يحدث في أوروبا نتيجة لقلة نتائجها على المدى البعيد وزيادة مضاعفتها، ولكن قد تنجح إذا تعامل المريض الأميركي معها بحكمة حسب الأصول، ففي فرنسا تزال أكثر من خمسة آلاف حلقة سنويا، أما في الكويت فقد كانت حلقة المعدة الأكثر شيوعا لعدم وجود غيرها ثم عند دخول تخطي المعدة عام 2003 بدأت تقل الحلقة ويزداد تخطي المعدة ولكن في السنتين الماضيتين ازدادت نسبة إجراء عملية الاستئصال الطولي لعدة مزايا فيها: وعدد الجار الله مزايا الاستئصال الطولي (التكميم)، مبينا أن أهمها سهولة الإجراء والتعليم للجراحين المبتدئين، قصر الوقت لاجرائها، المحافظة على بوابة المعدة السفلى المنظمة لخروج الطعام من المعدة، تأثر امتصاص الطعام بشكل بسيط جدا، الشعور بالشبع، يتحملها المريض بسهولة، حدوث نقص التغذية اقل، نزول الوزن بشكل مقبول ومرض، نتائج جيدة في تحسين السكر، سهلة الإجراء في وجود عمليات سابقة بالبطن، امكانية أن تكون مرحلة أولى حالات السمنة الهائلة، وسهولة تحويلها إلى عملية أخرى عند الحاجة (مثل زيادة الوزن).
وأشار الى أن أهم سبب لانتشارها بالكويت سهولة إجرائها من الجميع، وهذا بالطبع لا يعني أنها العملية الأفضل دائما، فالمطلع على الإحصائيات العالمية يلاحظ أن عملية التخطي أو تحويل المسار هي الأكثر انتشارا في العالم بلا منازع ولكن صعوبتها على الجراح جعلت الكثيرين لا يجيدونها كاختيار اول، وهنا يجب ضرورة عقد المقارنة لدى الجراح بين التخطي والتكميم، كما نلاحظ أن حلقة المعدة لها نصيب كبير في أوروبا وأميركا وذلك لتجاوب المرضى هناك أكثر مع تعليمات الطبيب.
وتناول الجار الله عملية التكميم وقال «ان حجم المعدة المتبقية عادة ما تكون ثابتة وهي ما بين 70 و120 مل أما حجم المعدة المستأصل فيختلف من شخص لآخر حسب حجم المعدة الرئيسي وعادة ما تكون المعدة المستأصلة من 80 الى 90% من حجم المعدة الأصلي، وهذا يعتمد على عدة عوامل أولها قطر الأنبوبة التي تمرر داخل المعدة كقياس من 32 إلى 40 فرنشا ثم المسافة للبدء في التدبيس بأن تبعد عن البوابة السفلية للمعدة من 4 الى 6 سم ثم المسافة بين الدباسة والمريء، وكل ذلك يعتمد على خبرة الجراح، ذلك أن النتائج للنزول في الأشهر الأولى متقاربة حتى لو كانت المعدة كبيرة ولكن الفارق يظهر بعد سنة أو سنتين.
طبقة لاصقة
أما عن نوعية التدبيس فأوضح انها تتم باستعمال طبقة لاصقة، وهناك استعمال مادة سائلة لاصقة وهناك خياطة خط الدباسة كله أو أجزاء منه كما يمكن استعمال الكلبسات اللاصقة وكل هذه الطرق لها مؤيدون ومعارضون وان كان هناك فروق ضئيلة في النتائج من حيث التسريب أو النزيف، ولكن من الثابت والمجمع عليه أن خبرة الجراح وتحريه الدقة والإتقان هما حجر الزاوية في تلاقي هذه المضاعفات وهناك عملية التكميم بالخياطة والتي اقر الإجماع بأنها في طور التجريب والأبحاث. وأشار الى أن جراحة المناظير (أو الثقوب) أحدثت نقلة تاريخية كبرى في علوم الجراحة فقد تمت الاستعاضة عن الجروح الكبيرة بفتحات المنظار أو الملاقط فأصبحت العمليات اقل ألما وأفضل من الناحية الجمالية وأقل حدوثا لفتاق الجروح أو التهاب الجرح إضافة إلى سرعة الشفاء والعودة للنشاط الطبيعي حيث اعتمد الجراحون تصغير الثقب من 5 ملم إلى 3 ملم إلى 2 ملم، ومع زيادة الخبرة أصبح بالامكان اجراء الجراحة عبر ثقب واحد في السر أو ثقبين بما يسمى جراحة تقليل الثقوب وكلها ذات مميزات جمالية خاصة للنساء.
وقال: بدأت بعملها قبل اقل من سنتين وهي مناسبة لعملية الاستئصال الطولي والمرارة وحلقة المعدة والزائدة الدودية. وأنصح كل فتاة مقبلة على الزواج أو حديثة عهد بالزواج أو أي امرأة مهتمة بالناحية الجمالية بعد العملية أن تجري العملية من خلال ثقب واحد أو جراحة الثقوب المختزلة لفرقها الكبير من الناحية الجمالية.
وعن المضاعفات أوضح أنها قد تحدث لأي عملية مثل الالتهاب الرئوي، هبوط التنفس، هبوط القلب، هبوط الكلى والكبد، جلطة بالساق أو بالرئة، وهذه بالمجمل قليلة جدا ولكن القيء والغثيان قد يحدث أول الأيام. وهناك مضاعفات مزمنة قد تحدث لعدد قليل من المرضى بعد العملية مثل التسريب من خط التدبيس والذي لا يتجاوز 2% وهو الأهم حيث ضرورة تشخيص بسرعة لعلاجه الذي يعتبر متوافرا ومأمونا وان كان مزعجا للمريض أحيانا.
وعن انجازات الجار الله في جراحات السمنة قال «أفخر بأني صممت طريقة جديدة لأول مرة في العالم لعمل حلقة المعدة وقدمتها في عدة مؤتمرات دولية عام 1999 في ايطاليا واسبانيا ومعظم دول الشرق الأوسط وغيرها. كما أدخلتها وأجريتها في دول عديدة مثل إيران والبحرين وسورية ولبنان ومصر، كما أدخلت عملية تخطي المعدة (أو تحويل المسار) التي تعتبر من العمليات الدقيقة وكانت أول عملية أجريتها يوليو 2003 وقدر الله أن يستدعيني مكتب سمو الشيخ صباح خلالها كفترة للوزارة الثانية لذلك لا أنسى تاريخها، كما قمت بإجراء أول عملية تكميم (تصغير طولي) بالفتحة الواحدة ابريل 2009 وأول عملية تكميم بالفتحة الواحدة في صمام اكس كون المعدني على مستوى العالم». وأضاف: «ولي طريقة مطورة الآن تسمى التكميم باختزال الفتحات حيث قمت بتطويرها ولدي أعلى سجل في العالم في هذه العملية أجريها بشكل روتيني في مستشفى السلام والهادي وأنصح جميع الجراحين المهتمين بتعلمها والتدريب عليها نتيجة لصعوبة بعض خطواتها كما أنصح كل فتاة مقبلة على الزواج أو حديثة العهد بالزواج أو أي امرأة ترغب في نتائج أفضل من الناحية الجمالية أن تصر على إجرائها لأنها حقا تستحق أن تجرى، ان الفتاة ستبهر بعد شهرين إذا ما قارنت بينها وبين أي صديقة لها أجرتها بالطريقة التقليدية للثقوب أما نتائجها من حيث نزول الوزن فمطابقة للطريقة التقليدية وقد تكون أفضل إذا ما اقترنت بخبرة الجراح وتوفر كلفة صمام الفتحة الواحدة وسأقوم بإجراء ورشة قريبا لتدريب الجراحين عليها في الكويت والخليج العربي ان شاء الله.