- قاسم: كتّاب قصص الخيال العلمي يرون المستقبل قبل الجميع
- حنا: الحكايات تنقلنا من قصة العالم إلى حياة الأشياء
آلاء خليفة
واصل ملتقى «الحكايا والحكائين» الذي تنظمه مكتبة تكوين وتستضيف فعالياته الجامعة الأمريكية في الكويت جلساته لليوم الثاني على التوالي حيث جاءت حكاياه التي سمعناها واستمتعنا بمحتواها مزيجا رائعا ما بين العلم والادب والطب والهندسة. فحكى المشاركون في الجلسة الثانية مساء امس الاول كل في مجاله يسرد حكايته.
بدوره، قال استشاري جراحة الكبد والبنكرياس والسمنة وزراعة الاعضاء والاستاذ المساعد بكلية الطب بجامعة الكويت د.محمد جمال إن الاساطير اقرب الى قلوب البشر من الحقائق العلمية الثابتة.
وأضاف جمال في محاضرة بعنوان «العلم والادب: عداوة ام التقاء؟» أن القصة في الطب هي كل شيء وما يحدث في العيادات يوميا ليس طبا بل حكاية واول ما يتعلمه طالب الطب هو كيفية استخراج القصة والحكاية من فم المريض الذي يحكي واقع ما حدث معه.
وأشار الى ان في المقابلة الطبية يشرح المريض الشكوى الحالية والتاريخ المرضي السابق والتاريخ العائلي والتاريخ الاجتماعي حتى يصل الى التشخيص موضحا ان 75% من المعلومات اللازمة للتشخيص يتم استخراجها من القصة و15% من الفحص السريري و5% من الاشعة والفحوصات.
وتابع قائلا: وتبقى ارقام الفحوصات المعقدة واسهمها الصاعدة والنازلة واشعاتها التي تبدو كزوبعة فنجان قهوة فجت فلم يبق منها سوى السواد والبياض تبقى كل هذه العلوم المعقدة لا شيء امام القصة والطبيب لافتا الى ان افضل دواء لا يمكنه علاج قصة سيئة.
أما الاستاذ المساعد بكلية الدراسات التكنولوجية د.محمد قاسم فقال في محاضرة بعنوان «كتّاب الخيال العلمي رسل المستقبل» ان كتاب قصص الخيال العلمي رأوا المستقبل قبل ان نراه، وعلموه قبل ان نعلمه، والهموه قبل ان نعيش واقعه، هم رسل المستقبل، احاطوا لب قصصهم الفلسفية المعرفية الفكرية بعلوم تكنولوجيا زخرفية متطورة، اخفى في طيات زخرفها عوالم يوتيوبية تبشيرية، واخرى دستوبية تحذيرية.
وحث قاسم الحضور على قراءة قصة the foundation novels التي تضم تنبؤات بالمستقبل بعض منها يحدث حاليا في عالمنا المعاصر.
وكشف قاسم ان الذكاء الاصطناعي اكتشف 6000 فوهة على سطح القمر موضحا ان التعلم العميق يتنبأ باسعار الاسهم وذوق الانسان في اختيار الاشياء والمرض قبل حدوثه بالاضافة الى تدوير الموظفين وانفجار اطارات الشاحنات واسعار العقار والازدحام والمرور ونتائج مباريات كرة القدم واستراتيجيات الانسان وكذلك سلوك المستهلك.
وتحدث قاسم عن الخيال العلمي والمستقبل موضحا ان الخيال العلمي احيانا يتنبأ في المستقبل عن طريق الاستكمال او الاستقراء الخارجي مشيرا الى ان الخيال العلمي يقدم احتمالات مختلفة للمستقبل مع القليل من الموضوعية.
طبقات هويات
الكاتب المغربي والمترجم والمهتم بالفلسفة والادب والجماليات محمد حنا تحدث في محاضرة بعنوان «الحكايا طبقات هويات» موضحا ان الكاتب بوسعه ان يمنح الاشياء حياة خاصة والمؤلف عندما يكتب يسعى لأن يكتب كل الاشياء فالكاتب يمكن ان يجرب انماط الحيوانات كتابات كتبت بلسان حيوان او نبات او جماد مشيرا الى ان الكاتب يسعى الى مرحلة انتفاء الوجود.
وذكر حنا ان الحكايات هي طبقات من الهوية تنقلنا من قصة العالم الى حياة الاشياء.
وأضاف: كان هنود أميركا يصفون من عمّر طويلا بأنه يفيض بالحكايا وكأنما اعمارنا ليست الا ما نراكمه من حكايا، اننا محض حكايا، ذاكرة تتحرك صانعة قصة فريدة، هي هويتنا في نهاية المطاف، سواء كانت تلك الذاكرة الذاكرة الجماعية التي هي حكايتنا المشتركة او ذاكرتنا الفردية التي هي حكايتنا الشخصية التي نضيف اليها كل يوم سطرا.
إرث قديم
اما الكاتب المصري ابراهيم عبدالمجيد فقدم محاضرة بعنوان لماذا تنتصر الحكاية؟ موضحا ان الحكاية ارث قديم للبشر، فهذا العالم القاتل لابد من البعد عنه الى عالم اجمل، هكذا احس الانسان القديم فوجد نفسه يحكي ما لا يعرفه الاخرون ثم صار ما يحكيه هو مرهون باستمتاع الاخرين، فأخذ يحكي ما لم يره ايضا، موضحا ان الخيال اجمل من الحقيقة لأنه لا تراه، لكن الحكاية تجعلك تراه وتمسكه، رحلة العقل هي للسيطرة على الكون ورحلة الروح دائما تبحث عن كون افضل.
وقال عبدالمجيد ان الانسان يصنع من الحكايا عالما موازيا اجمل من العالم الذي يعيشه، لافتا الى ان الحكايات كتبت على الآثار شعرا قبل ان تكتب نثرا والشعر كان سباقا عن النثر في الحكي في هذا الجانب الاسطوري.
وأضاف: ان في الصحراء كان العرب اهل الحكايا، موضحا ان الفرق بين الحكايات والروايات ان الحكاية كانت شفهية يتلوها الحاكي ولكن عندما تنتقل الى الرواية فنتحدث عن البناء الفني للرواية وهو يختلف عن الحكاية.
الحكاية البديلة
وتحدث الكاتب والروائي الفلسطيني ربعي المدهون في محاضرته التي حملت عنوان «نحن.. الحكاية البديلة»: على العكس من رغبة الجدات اللواتي ولدن فينا حب الحكاية، لا تدربنا رواياتنا على الدخول الى النوم عبر فضاءات متخيلة ترسم لنا احلامنا بألوان الطفولة، بل توقظنا في عالم قلق، متوتر، متداخل، يبحث عن عالمه الذي يشتهي ان يكونه لأننا لم نكن يوما الا الحكاية التي رسمها لنا الآخرون. كما تحدث المدهون عن حكايته طيلة حياته وما واجهه كفلسطيني عانى من الاحتلال الصهيوني.