الأدوية الحالية لعلاج البدانة ليست بالكفاءة المطلوبة والبحث جارٍٍ عن أخرى
تغير هرمونات الجهاز الهضمي الناتج من جراحات علاج البدانة سبب مباشر للشفاء من السكر والأيض
جراح برازيلي يجري جراحة مستحدثة لعلاج السكر باستئصال منديل البطن بدهونه غير الكامنة
بخاخ الميلانوكورتين دواء مستقبلي واعد للمحافظة على الوزن النموذجي بعد اتباع الحميات المختلفة
اللياقة البدنية تحافظ على نشاط العضلات وتحول دون أوجـاع الظهـر وتسمــح بتخفيـف الشهية وتساعد على حرق السعرات الحرارية
حنان عبدالمعبود
أكد استشاري الامراض الباطنية والغدد الصماء والسكر والسمنة البروفيسور هشام فؤاد ان العلماء توصلوا الى وجود علاقة بين عدد ساعات النوم والسمنة لدى الفتيات من خلال دراسة تم اجراؤها في السعودية، حيث تم التوصل الى انه كلما قل عدد ساعات النوم زادت السمنة، مبينا ان من تنام اقل من خمس ساعات يزداد لديها معدل السمنة، خاصة في منطقة الارداف، لأنها تتجه الى الاكل خلال ساعات الاستيقاظ، وان من تزيد عدد ساعات نومها عن سبع ساعات، فإنها بذلك تقلل من الحركة وبالتالي من حرق الدهون لديها، فتتركز سمنتها في منطقة البطن، وهو ما يسبب ظهور «الكرش»، مشيرا الى ان ذلك ليس له علاقة بوضعية النوم. كما تناول د.فؤاد مع قراء «الأنباء» الذين تواصلوا معه عبر الهاتف عقاقير التخسيس، وبين انه لابد قبل استخدامها ان يكون مؤشر كتلة الجسم اكثر من 30 أو 27 في حال وجود مضاعفات، مضيفا انه يشترط الالتزام بنظام التغذية الصحي مع الاستعداد لتغيير نمط الحياة، ومبينا ان المريضة لابد ان توافق قبل اخذ هذه الادوية على عدم الانجاب في هذه الفترة وعلى استخدام وسيلة آمنة لمنع الحمل، وألا تكون هناك موانع صحية لاستخدام هذه الادوية، والكثير مما ساقه للقراء، فإلى التفاصيل:
أم محمد: هل من علاج للسمنة غير نظام الحمية الغذائية، حيث اني مارست كثيرا من أنواع الرجيم دون أن أحقق فائدة من ذلك؟
وضع العلماء نظاما في علاج السمنة معتمدا على مؤشر كتلة الجسم، فإذا كان أكثر من 30 في الشخص العادي أو أكثر من 27 مع ارتفاع في ضغط الدم أو مع التدخين، فيكفي تغيير نمط الحياة للعلاج. ويستمر المريض في هذا الأسلوب لمدة 3 ـ 6 أشهر، فإن تم إنقاص 10% من الوزن فهذا مؤشر لنجاح أسلوب التغيير في نمط حياته، ويستمر في هذا النمط من العلاج مع دوام ملاحظة مؤشر كتلة الجسم. أما إذا لم يتم إنقاص الوزن أكثر من 10%، فحينئذ نلجأ إلى العقاقير لإنقاص الوزن مع ملاحظة مؤشر كتلة الجسم بعد مرور 12 أسبوعا على العلاج، فإذا تم إنقاص 5% من الوزن، فهذا دليل على نجاح هذه الأدوية، ونستمر في هذا الأسلوب مع الملاحظة الدائمة لضغط الدم ومراجعة الطبيب المتخصص باستمرار. أما إذا لم يتم إنقاص 5% من الوزن، فهذا يعني فشل هذا الأسلوب من العلاج، فنلجأ حينئذ للعمليات الجراحية.
ساعات النوم والبدانة
آلاء: عمري 35 سنة، وطولي 170سم ووزني 75 كغ، فهل للنشاط البدني والرياضة دور مهم في المحافظة على الوزن ومحاربة السمنة والوقاية منها؟
نعم بكل تأكيد، فاللياقة البدنية تحافظ على نشاط العضلات والقوة ونسبة الاحتمال، وتحول دون أوجاع الظهر، وتسمح الرياضة المعتدلة بتخفيف الشهية، وتساعد على حرق السعرات الحرارية لتخفيف الوزن، وتحسن نشاط القلب، وبجانب ذلك تفيد التمارين الرياضية بشكل خاص المصابين بالسكر، وذلك من حيث تحسين مشكلة مقاومة الأنسولين، وتخفيض نسبة الهيموجلوبين السكري في الدم، كما أنها تخفف من نسبة ارتفاع السكر في الدم خاصة بعد تناول وجبات الطعام.
منى: عمري 18 سنة، وأعاني من السمنة مع العلم بأن نومي غير مستقر، فأحيانا يصيبني الأرق فأنام عدد ساعات قليلة لشهور عدة، وأحيانا أخرى أنام عدد ساعات طويلة ويستمر هذا لشهور أخرى- فهل هناك علاقة بين عدد ساعات النوم وحدوث السمنة؟
توصل العلماء إلى وجود علاقة بين عدد ساعات النوم والسمنة لدى الفتيات، وذلك من خلال دراسة تم إجراؤها في السعودية، حيث تم التوصل إلى أنه كلما قل عدد ساعات النوم زادت السمنة حيث إن من تنام أقل من خمس ساعات يزداد لديها معدل السمنة خاصة في منطقة الأرداف، لأنها تتجه إلى الأكل خلال ساعات الاستيقاظ، وأن من يزيد عدد ساعات نومها على سبع ساعات فإنها بذلك تقلل من الحركة وبالتالي من حرق الدهون لديها، فتتركز سمنتها في منطقة البطن، وهو ما يسبب ظهور «الكرش»، مشيرا إلى أن ذلك ليس له علاقة بوضعية النوم.
كما أن النتائج تضمنت وجود زيادة في الرغبة لأكل الكربوهيدرات عند الطالبات اللواتي يكون نومهن غير متواصل، ووجد أن هرمون الجريلين له علاقة عكسية مع ساعات النوم، وأن هناك علاقة مباشرة ما بين مستوى هرمون اللبتين والريسيستين، اللذين لهما علاقة طردية بمحيط الخصر والوسط، مع عدد ساعات النوم.
يفرز هرمون اللبتين بواسطة خلايا الدهن ثم ينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى مستقبلات خاصة في الدماغ تعمل على تحفيز الإحساس بالشبع وإضعاف الشهية نحو الطعام، كما يعمل على تنظيم مدى حاجة الجسم للدهون وتخزينها، وقد أظهرت الأبحاث أن نسبة هرمون اللبتين في الدم تزداد عند الأشخاص المصابين بالسمنة بالرغم من وظيفته التي تعمل على تقليل شهية الشخص، وقد علل ذلك بأن حساسية المستقبلات في الدماغ للاستجابة لهذا الهرمون تقل لدى المصابين بالسمنة، كما أظهرت الدراسات أن نسبة هذا الهرمون تنخفض بشدة في الدم في حالات الحميات الغذائية القاسية مما يفسر سبب سرعة ارتفاع الوزن بعد توقف الشخص عن الحمية مباشرة. بينما «هرمون الجيريلين» يعمل على تحفيز عملية زيادة القابلية لتناول الطعام وإنتاج الدهون في الجسم ونمو الجسم، مما يؤدي في النهاية إلى الإفراط في تناول الطعام ومن ثم زيادة الوزن.
ومتى يتوجب الامتناع عن ممارسة الرياضة؟
عند تناول بعض الأدوية مثل مدرات البول، ومثبطات الأنجيوتنسين والأدوية الحاصرة لخلايا بيتا، فإنه يجب استشارة الطبيب قبل ممارسة الرياضة، إما إذا كان المريض مصابا بالسكر، فيجب الامتناع عن ممارسة الرياضة إذا لم تكن نسبة السكر في الدم ضمن المستويات المناسبة، وكذلك إذا كان هناك شعور بالتوعك، أو بفقدان الرطوبة، أو إذا كانت هناك مواد كيتون في البول. ويتوجب على مريض السكر قياس نسبة السكر في الدم قبل بدء التمارين وبعدها بساعة إذا كانت تدوم لأكثر من ساعة.
عقاقير التخسيس
نهير: ما الشروط الواجب توافرها عند استخدام الأدوية الطبية للتخسيس؟
لابد قبل استخدام هذه العقاقير أن يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30، أو 27 في حال وجود مضاعفات، ويشترط الالتزام بنظام التغذية الصحي مع الاستعداد لتغيير نمط الحياة، كما يجب أن توافق المريضة قبل أخذ هذه الأدوية على عدم الإنجاب في هذه الفترة وعلى استخدام وسيلة آمنة لمنع الحمل، وألا تكون هناك موانع صحية عند المريض لاستخدام هذه الأدوية.
ما الأدوية الآمنة التي يمكن استخدامها في حالات السمنة؟
في عام 1997 تمت الموافقة من منظمة الصحة العالمية على استخدام عقار السيبيوترامين الذي يعمل مركزيا كمثبط لالتقاط السيروتونين والنورأدرينالين، وفي عام 1998 تمت الموافقة على استخدام عقار الأورليستات من نفس المنظمة، ويصنف على أنه مثبط لليباز المعوية ويمنع امتصاص الدسم من الأمعاء الدقيقة، وهذان العقاران يستخدمان على المدى الطويل في السمنة، وقد أثبتا جدارة في علاج السمنة للذين توافرت فيهم شروط استخدامهما.
إن كلا العقارين خاليان تمامــا من الأعـراض الكبرى التي كانت موجودة في العقاقير الأخـــرى مثل الإدمان، فقدان الفاعلية بعد وقت معين، تلف صمامـــات القلب، وارتفاع الضغط في الشريان الرئــوي وتلــف الجهاز العصبي.
يوجد دواء ثالث، ولكنة غير آمن، مرخص حديثا في بعض البلدان هو ريمونابانت والذي كان يسوق بالاسم التجاري أكومبليا، وقد تم تعليق تسويقه في أوروبا في 23 أكتوبر2008، حيث ان «فوائد الدواء لم تعد تفوق مخاطره»، ولأنة يسبب أعراض جانبية عصبية ونفسية، بما فيها الاكتئاب و«أفكار الانتحار».
كيف يعمل الأورليستات؟
إن الحمية قد تحتوي على 45% من السعرات الحرارية من الدسم وبالتالي فإن إنقاص المتناول من الشحوم بواسطة الحمية يمكن أن يزيد الفائدة وان إضافة الأورليستات يزيد من نقص المتناول من الشحوم وبالتالي إنقاص السعرات الحرارية المتناولة وبالتالي إلى ميزان طاقة سلبي وبالتالي لنقص الوزن. يجب أن ينبه المريض للالتزام بحمية قليلة الدسم قبل بدء العلاج.
ما الآثار الجانبية لها؟
ان تثبيط الامتصاص المعوي يؤدي أحيانا إلى: سلس برازي في 7% مع تبقع زيتي في 15% وغازات وإلحاح برازي. أحيانا يحدث سوء امتصاص لل?يتامينات الذوابة في الدسم وبالرغم من هذه الآثار الجانبية لا تظهر في الممارسات العادية للفترة المحدودة أقل من 12 شهرا. بعض الأطباء يفضل أن يعطي ال?يتامينات للمرضى الذين يأخذون الدواء لمدة أكثر من سنة.
هل هناك موانع للاستخدام؟ أو احتياطات خاصة؟
لا يعطى في مرضى الركودة الصفراوية أو متلازمات سوء الامتصاص ولا يستخدم في المرضى غير القادرين على الالتزام بحمية قليلة الدسم.
أما عن الاحتياطات الخاصة فعند إعطاء الأورليستات ينقص امتصاص ?يتامين «ك» وبالتالي يجب الانتباه في المرضى المميعين والمرضى الموضوعين على الوارفارين الى التحري عن نسبة التمييع دوريا وكذلك قد ينقص امتصاص سيكلوسبورين وبالتالي ينصح بمراقبة مستوياته الدموية.
وهل لعقار الميتفورمين دور في التخسيس؟
عقار الميتفورمين له تأثيرات إيجابية في مرضى السكري الذين يحاولون إنقاص وزنهم، لأنه ينقص من مقاومة الأنسولين ويمكن أن يستخدم في مرضى البدانة بدون وجود مرض السكري للمساعدة في نقص الوزن، وخاصة في السيدات اللواتي لديهن تكيس مبيض مع بدانة ولكنه حتى الآن غير مصرح به للاستخدام بشكل عام في البدانة.
أشجان: أعانى من السمنة من سنين عديدة استخدمت فيها جميع أدوية السمنة المعروفة مع الحمية ولكن دون فائدة - هل هناك حلول أخرى حتى لو كانت مستقبلية؟
أظهرت دراسات حديثة نوعا جديدا من الدهون الموجودة عند المواليد الجدد وهي الدهون البنية التي تعمل على حرق الطاقة لتوليد الحرارة. هذا الاكتشاف ممكن أن يكون أفضل علاج للسمنة. الدهون البنية تحرق الطاقة لتوليد الحرارة، على العكس من الدهون البيضاء التي تخزن فائض الطاقة، وتتواجد عند الأطفال الحديثي الولادة، لمساعدتهم على تنظيم درجة حرارة الجسم ولكنها تتقلص من الجسم مع التقدم في العمر لتصبح قليلة جدا عند البالغين.
كشفت ثلاث دراسات طبية جديدة أن لدى البالغين كميات كبيرة من الدهون النشطة التي تعمل على حرق السعرات الحرارية والتي أعتقد علماء البيولوجي أن هذه الدهون اختفت منذ الطفولة. تقوم الدهون البنية بمحاربة السمنة التي تعتبر وباء حقيقيا ينتشر في العالم بصورة كبيرة، فالأكل بنسبة أقل بالإضافة إلي ممارسة التمارين الرياضية يمكنها تحفيز الجسم على التخلص من الطاقة الزائدة، المخزنة على هيئة دهون عادية، في صورة حرارة. يقول عدد من الباحثين إن هذا الاكتشاف بمثابة اكتشاف عضو جديد بالجسم يعمل بشكل فسيولوجي يمكن استهدافه بالعقاقير الطبية لتحفيزه وجعله أكثر نشاطا.
في الوقت الحالي يعتبر السبيل الوحيد لتحفيز وتنشيط هذه الدهون البنية هو إبقاء درجة حرارة الجسم منخفضة جدا الى درجة تصل إلى الشعور بالرجفة والارتعاش لمدة طويلة.
وتشير الدراسات إلى أن الدهون البنية مرتبطة ببعض الأمراض في الجسم منها مرض السكري الذي قد يزيد عند اختلال نسبة توازن هذه الدهون في الجسم. يمكن ملاحظة نسبة أعلى من الدهون البنية في أجسام الأشخاص الأكثر نحافة من تلك الموجودة في أجسام الأشخاص الأكثر سمنة ووجد أن نسبة إنتاج خلايا الدهون البنية في ذوي الأجسام النحيفة تعادل 4 مرات أكثر من أصحاب الأجسام السمينة، كما أنها موجودة بنسبة أكبر لدى النساء أكثر من الرجال، ووجدت الدراسات أن تحفيز إنتاج هذه الدهون في بعض الفئران ساعدتهم على محاربة بعض الأمراض كما ساعدتهم على مكافحة السمنة.
كما أظهرت الدراسات أن الدهون البنية والبيضاء لها أصول مختلفة تماما وأن الدهون البنية مشتقة من العضلات. وقد يقود هذا البحث إلى سبل أفضل للعلاج من الوزن الزائد وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن بسبب جيناتهم. والهدف النهائي من هذه الدراسات هو تعزيز زيادة نسبة الدهون البنية بطريقة تمكنها من مواجهة البدانة، وهذه العلاجات التي تشجع على إنتاجها ستكون متوافرة قريبا بعد إنهاء الدراسات الأخيرة عليها.
ومن ناحية أخرى يتم حاليا الانتهاء من أبحاث جديدة خاصة بعلاج السمنة باستخدام هرمون الاميلاين amylin، حيث تقوم بدراسة معدل إفراز الهرمون عند الأشخاص البدناء ومقارنته بامتلاء المعدة والزمن المستغرق لمرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء.
تم اكتشاف هرمون الاميلاين عام 1991، وكان الاعتقاد السائد حتى الثمانينيات أن هذا الهرمون هو السبب في حدوث مرض البول السكري إلى أن توصل باحثون من انجلترا الى أن هذا الهرمون الذي يفرز من خلايا في البنكرياس ملاصقة للتي تفرز هرمون الانسولين وله عدة وظائف أخرى. إن نسبة عالية من الاميلاين تتركز في المعدة ويسبب سمنة مفرطة لأنه يقاوم الإحساس بالشبع.
وبالفعل قامت إحدى الشركات بصناعة مادة مشابهة لهرمون الاميلاين وتم اختلاق ثلاثة أحماض أمينيه جعلته أكثر ذوبانا، وتم عمل أبحاث لاستخدامه مع مرضى السكري. منتظر أن يتم استخدام هذا الدواء خلال عامين من الآن وسيتم طرحه في الأسواق تحت الإشراف الطبي.
أدوية قد ترى النور قريبا: باعتبار أن الأدوية الموجودة حاليا ليست بالكفاءة المطلوبة فان البحث عن أدوية أخرى لعلاج البدانة ما يزال مستمرا وهناك تجارب وأبحاث تجرى حاليا على عدة أدوية أخرى واعدة قد ترى النور، وأغلبها أدوية تعمل على مجموعة من الخلايا العصبية الموجودة في النواة المقوسة وتحت المهاد في المخ وتتحكم في الشهية واستهلاك الطاقة. ومن هذه الأدوية: العامل الهدبي المعتدل، معاكسات مستقبلات الميلانوكورتين 4 غريلين، معاكسات النيوروببتيد واي، معاكسات الهرمون المركز للميلانين، والبيبتيد واي واي واكتشاف الدهون البنية.
حمية غذائية
هيفاء: أنا عمري 26 عاما، عملت حمية غذائية عدة مرات وكنت أصبح بعد هذه المحاولات رشيقة، لكني للأسف كنت أستعيد وزني ثانية، رغم استخدامي لأدوية السمنة المعروفة في السوق، فهل هناك أمل في المستقبل لحل هذه المشكلة؟
بعد عمل شاق وطويل توصل العلماء الى أن هرمون الميلانوكورتين يعمل بشكل نموذجي على وقف ظاهرة النكوص التي تلي عادة الحميات (الريچيم) القوية، وتبدأ القصة عندما اكتشف علماء جامعة سينسيناتي بالولايات المتحدة الأميركية أن الهيبوثالاموس، وهو جزء في المخ، يساعد الجسم على تحديد كمية الطاقة التي يستهلكها والتي يخزنها وذلك عن طريق افراز هرمون الميلانوكورتين، ووجدوا انه عند استخدام عقاقير مانعة لمستقبلات هرمون الميلانوكورتين بخلايا الهيبوثالاموس فإنها تحدث زيادة في حرق الكربوهيدرات بالطعام وزيادة تحويلها إلى دهون وتخزينها بالكبد. ويعتقد العلماء أن مستقبلات الميلانوكورتين تتواصل مع الدهون وخلايا الكبد من خلال الجهاز العصبي الودي والذي يتحكم أيضا بضربات القلب والهضم، وهو ما قد يفسر سبب السمنة بالإنسان، حيث أنه غالبا ما يكون هناك عيوب واضطرابات بمستقبلات الميلانوكورتين بالأفراد المصابين بالسمنة. وسبق لعلماء أميركيين أن كشفوا عبر التجارب المختبرية أن الفئران المعدلة وراثيا، التي لا تفرز فيها الهيبوثالاموس مادة الميلانوكورتين، قد أصيبت بسمنة مفرطة. وأفلح ذات الفريق في خطوة لاحقة في معالجة هذه الفئران وإعادة أوزانها الى مستواها الاعتيادي عن طريق حقنها بيبتايد الميلانوكورتين.
ومن ثم استطاع علماء جامعة لوبيك في ألمانيا أن يتوصلوا من خلال الدراسات المختبرية على الفئران والدراسات التجريبية على البشر الى بخاخ يحتوي على عقار يؤثر مباشرة على الدماغ من دون ظهور مضاعفات وأعراض جانبية في أجزاء الجسم الأخرى. أدى هذا الاكتشاف الى نتائج واعدة على صعيد معالجة فرط البدانة ومضاعفاتها، كما انه يؤدي الى كبح جماح الشعور بالجوع. ويرى البروفيسور يان بورن أن نجاح الفريق في تسريب الميلانوكورتين الى الدماغ يبشر بمستقبل واعد في علاج البدانة، حيث انه وجد أن متلقي الميلانوكورتين عن طريق الأنف فقدوا من أوزانهم بشكل نموذجي، حيث تقلصت كتل الشحم في أجسادهم دون أن يؤثر ذلك على العضلات.
لكن المشكلة هي أن مادة الميلانو كورتين كانت فعالة عند الأشخاص ذوي الوزن الاعتيادي وليس عند البدناء. ويعتقد العلماء أن سبب ذلك يكمن في تكوين الجسم مقاومة ضد الميلانوكورتين تشبه مقاومته للانسولين عند مرضى السكر. وفي البحث عن حل لهذه المشكلة توصل بورن وفريقه الى أن خلايا الجسم تفقد مقاومتها للميلانوكورتين تدريجيا بعد مرور فترة من العلاج بالبخاخ. المهم أيضا ـ من وجهة نظر علمية ـ أن العلماء تأكدوا من أن الميلانوكورتين يعمل بشكل نموذجي على وقف ظاهرة النكوص التي تلي عادة الحميات (الريجيم) القوية. وتعمل المادة على تنظيم وزن الانسان وتمنع استعادة الكيلوغرامات (النكوص) التي فقدها الانسان بواسطة الريجيم، فالمشكلة الأكبر في قضية معالجة البدانة ليست تقليص الوزن انما الحفاظ عليه في الحدود المطلوبة.
ويجري البروفيسور بورن حاليا تجاربه في لوبيك على مجموعة من المتطوعين بهدف الكشف عن دور الميلانوكورتين في تنظيم وزن الانسان والحفاظ عليه، اذ سيعمل في البداية على إنقاص وزن البدناء بواسطة الريجيم ثم يحاول الحفاظ على الوزن النموذجي المطلوب باستخدام بخاخ الأنف الحاوي على الميلانوكورتين.
التدخل الجراحي
عبدالعزيز: عمري 39سنة وطولي 170 سم ووزني 120 كلغ، وقد نصحني البعض بإجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن، فهل تنصحني بذلك؟
من الواضح أن لديك سمنة مفرطة، حيث ان مؤشر كتلة الجسم لديك أكثر من 40، إننا نلجأ إلى جراحات السمنة عندما يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 40 مع عدم وجود مضاعفات أو مرض مرتبط بالسمنة، كما أنها تجرى لو كان مؤشر كتلة الجسم أكثر من 35 في حالة وجود مضاعفات أو مرض مرتبط بالسمنة، يؤثر على الصحة أو يعوق نمط الحياة، إضافة إلى أن فشل المريض في إنقاص وزنه بطرق التغذية أو فشل العقاقير الطبية يجعل من عمليات جراحة السمنة حلا مفيدا.
بدأت تلك العمليات في الخمسينيات من القرن العشرين ومرت بمراحل تطور متعددة وضمت تلك العمليات عمليات تدبيس وتحزيم المعدة وتحويل المسار وتصغير المعدة وكانت دائما مصحوبة بنسبة نجاح عالية تتخطى 70% من ناحية إنقاص وزن المريض إلى ما يقرب المعدل الطبيعي وكان هذا مدعاة للمنظمات والهيئات العالمية مثل الهيئة الصحية الدولية الأميركية والمجموعة السويدية لدراسات أمراض السمنة إلى إصدار توصيات صحية خاصة بهذا الموضوع ومجمل هذه التوصيات يفيد بأن جراحات السمنة المفرطة على الجهاز الهضمي للمعدة والأمعاء هي الطريقة العلاجية الوحيدة التي تمكن من علاج هذا المرض لفترات طويلة وبنسب نجاح عالية ومقبولة ولا يمكن مقارنتها بأي علاج تحفظي غير جراحي معتمد على الأدوية والتنظيم الغذائي.
ما مقياس نجاح العمليات الجراحية؟
نحن نعرف نجاح العملية عندما يفقد المريض أكثر من نصف الزيادة على وزنه المثالي، ويحافظ عليه لفترة سنتين وهذا يعتمد كثيرا على إصرار الشخص على تغيير نمط أو أسلوب التغذية والتزامه حرفيا بالإرشادات، وممارسة الرياضة يوميا بشكل منتظم.
مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول من الأمراض المنتشرة في مجتمعنا، وقد أثبت التدخل الجراحي لمعالجة السمنة المفرطة اهميته في الشفاء منها الى حد كبير بإذن الله لدى المصابين، فهل يوجد تفسير علمي لذلك؟
بمتابعة مرضى السمنة المفرطة الذين أجريت لهم تلك العمليات تمكن العلماء والباحثون من تسجيل نتائج تلك العمليات ليس فقط على وزن المريض لكن أيضا على المضاعفات التي دائما ما تصاحب مرض السمنة المفرطة من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين وداء السكري، كما ثبت وجود تحسن كبير يتخطى 90% في معظم الأحيان بالنسبة لتحسن الأمراض الناجمة عن هذه السمنة وتشمل داء السكري ومرض الأيض.
وتوصل العلماء إلى نتائج مبهرة في هذا المضمار ومنها أن مستوى السكر في الدم قد تحسن بل ووصل إلى نسب طبيعية ومرضية في نسبة كبيرة من مرضى السمنة المفرطة والذين يعانون من مرض السكري والذين قد أجريت لهم العمليات الخاصة بالسمنة وأن هذه المجموعة لا تحتاج إلى تناول الدواء للسيطرة على نسبة السكر في الدم وكل ما يحتاجه هؤلاء الأشخاص هو متابعة حياتهم بصورة صحية دائمة عن طريق تناول النظام الغذائي السليم ومزاولة النشاط الرياضي والابتعاد عن العادات السيئة التي أدت بهم إلى هذا الحال في المقام الأول وبهذا يتفادى المريض مخاطر داء السكر وتأثيره على الأجهزة المختلفة بجسمه مثل الكلى والعين وشرايين الساقين والقلب وأعصاب الأطراف.
هل جميع المرضى يتم شفاؤهم من داء السكر بطريقة مرضية ومتساوية؟
ان أكثر المرضى استفادة من هذه العمليات بالنسبة للشفاء من مرض السكر هم المجموعة الأصغر سنا وذلك لان الخلايا في هذه المجموعة تكون أصح من مثيلاتها في المجموعة الأكبر سنا، كما يكون لدى هذه الخلايا قدرة أكبر للاستجابة لهرمون الانسولين عن تلك التي في المجموعة الأكبر سنا. ومن ناحية أخرى فإن الذين لديهم تاريخ زمني قصير بالنسبة للإصابة بمرض السكر يكون لديهم فرصة أكبر للشفاء من غيرهم من ذوى التاريخ المرضي الطويل وذلك لأن خلايا البنكرياس في هذه المجموعة تكون في حالة أفضل ولديها مقدرة أفضل على إفراز الانسولين عن المجموعة ذوي التاريخ المرضي الطويل والذين يعانون من إجهاد في خلايا البنكرياس. أما بالنسبة للمجموعة التي فقدت وزنا أكبر من غيرها فهؤلاء تتحسن نسبة السكر لديهم أكثر بكثير من المجموعة التي لم تفقد القدر نفسه من الوزن.
ما الأسباب العلمية للشفاء من مرض السكر بعد اجراء عمليات السمنة؟
قد كان يعتقد أن النزول في الوزن المصاحب للجراحة هو المسؤول الوحيد عن شفاء مرض السكر، ولكن لوحظ شفاء مرض السكر وذلك في غضون أيام قليلة بعد تحويل المعدة وقبل حدوث النزول في الوزن، والمرجح أن الجراحة تسبب تغييرات في هرمونات الجهاز الهضمي تسبب هذا الشفاء مما أدى إلى الحديث حول استعمال هذه الجراحات للشفاء من مرض السكر في الأوزان العادية وليست المفرطة. هناك مجموعة من هرمونات الجهاز الهضمي تفرز من المعدة والاثنا عشري وكذلك الأجزاء المختلفة من الأمعاء الدقيقة لها علاقة وثيقة بتنظيم مستوى السكر في الدم. هذه الهرمونات يتغير مستواها بعد إجراء عمليات السمنة الجراحية. من هذه المجموعة، هرمون الجرلين الذي يفرز من الجزء العلوي من المعدة وهو المسؤول عن الإحساس بالجوع، وجد أن مستوى هذا الهرمون في الدم ينخفض بطريقة ملحوظة بعد اجراء جراحات السمنة المفرطة حيث ان الطعام بعد هذه الجراحة لا يمر على هذه المنطقة مما يقلل من إفراز هذا الهرمون. وعلى الجانب الآخر، يوجد هرمونان يتم إفرازهما من الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة هما الهرمون الشبيه بالجلوجاكون وهرمون ال بى واى واى. هذان الهرمونان هما المسؤولان عن الإحساس بالشبع كما أنهما يزيدان من حساسية الأنسجة للانسولين. وجد أن هذين الهرمونين ترتفع نسبتهما في الدم بعد أن يتناول المرضى الذين أجريت لهم عملية تحويل المسار كمية بسيطة من الطعام حيث ان الطعام يصل بسرعة إلى هذا الجزء من الأمعاء الدقيقة مما يتسبب في شعور المريض بالشبع بسرعة وبعد كميات بسيطة. وبهذا يتم علاج داء السكر عن طريق تنظيم وجبات المريض إلى كميات صغيرة مشبعة نتيجة قلة الإحساس بالجوع وسرعة الإحساس بالشبع في بداية الوجبات، كما أنه يؤدي إلى نقص الوزن. من جهة أخرى، ان من الأسباب الرئيسية لحدوث داء السكر من النوع 2 هو مقاومة الخلايا لهرمون الانسولين، لذا فانه من خلال تأثير هذه الهرمونات على زيادة حساسية الخلايا للانسولين وكذلك في تحسين أداء البنكرياس لإفراز الانسولين أكبر الأثر في علاج مرض السكر.
علاج جراحي
هل نتوقع من ذلك أن علاج مرض السكر سيصبح جراحيا؟
إن التغير الجوهري في مرضى السكر بعد اجراء عمليات السمنة المفرطة أدى إلى ابتكار عمليات مستحدثة لعلاج داء السكر، والتي بدأت عن طريق جراحة تغيير مسار الطعام من المعدة إلى اللفائفي دون المرور على الاثنا عشري وهذه تعتبر أول جراحة متخصصة لعلاج داء السكر في العالم حيث تم إجراؤها في عام 2004 لمريض مكسيكي الجنسية بواسطة جراح من دولة شيلي ويسمى دكتور روبينو وتم شفاء هذا المريض من داء السكر كما هو مثبت من البحث المنشور في الدورية الطبية الخاصة بأبحاث السكر.
كما تشتمل الأبحاث الخاصة بعمليات داء السكر على جراحة مستحدثة بواسطة أستاذ جراحة برازيلي الجنسية د.سانتورا والذي يقوم باستئصال منديل البطن والذي ثبت أنه يحتوي على كمية كبيرة من الدهون غير الكامنة والتي تفرز مواد تزيد من مقاومة الخلايا للانسولين كمادة الريزستين ومادة البلزمينوجين ووجود هذه المواد في الدم هو أحد مسببات داء السكر وبالتالي عند استئصال منديل البطن تقل نسبة هذه المواد بالدم وتتحسن حساسية الخلايا للانسولين، كما أضاف د.سانتورا في جراحته بجانب استئصال منديل البطن استئصال جزء من الأمعاء الدقيقة لهؤلاء المرضى والعودة بطولها لأقصر حد طبيعي وهو حوالي 3 أمتار و70 سنتيمترا واستئصال الجزء الزائد عن ذلك في أثناء الجراحة.
إن هذه المجموعة من العمليات مازالت تحت طور الدراسة ولابد أن تظل تحت المتابعة الطبية لفترات طويلة ولعدد أكبر من مرضى داء السكر قبل اجازتها كعلاج فعال طويل المدى وهذا يختلف عن جراحات السمنة المفرطة حيث ان هذه الجراحات قد أجريت على أعداد كبيرة من مرضى السمنة المفرطة والذين يعانون من داء السكر وثبت نجاحها في علاج السمنة ومرض السكر.
إن النظرة المستقبلية لهذه الجراحات، كما يتوقع بعض المشتغلين بهذا المجال، سيثبت نجاحها في علاج مرضى السكر ذوي زيادة الوزن أو ذوي السمنة البسيطة كما أثبتت نجاحها في علاج مرضى داء السكر ذوي السمنة المفرطة، ولذلك فان الأبحاث الجارية على العمليات موجهة نحو التوصل إلى العلاج الأمثل جراحيا لداء السكر للمرضى دون أن تؤثر بوضوح على الوزن وبذلك تكون مخصصة لهذا المرض وليس لعلاج السمنة المفرطة ومن ثم يمكن اجراؤها لمن يعانون من داء السكر وأيضا في وجود سمنة بسيطة أو زيادة في الوزن وليس سمنة مفرطة.