- المرض النفسي مثل باقي الأمراض يجب رصد أعراضه للوقوف على احتياج الشخص للعلاج
- نحـن مطالبـون بالتوعيـة وأغلب الأطباء الشباب الكويتيين يقدمون لقاءات إعلامية مفتوحة لتحسين ثقافة الناس
- كل العقاقير لها أعراض جانبية.. ومن يظن أن الأعشاب أكثر أماناً فهو واهم فمشكلتها أخطر لأن جرعتها غير محسوبة
حنان عبدالمعبود
أكد رئيس القسم بمستشفى الطب النفسي، وعضو هيئة التدريس بكلية الطب جامعة الكويت د.عادل الزايد، أن الأمراض النفسية لا تقل خطورة في مضاعفاتها عن الأمراض الأخرى، مشيرا الى أن مرضا خطيرا مثل الاكتئاب يعد من أكثر الأمراض النفسية انتشارا بالعالم، حيث يتعرض 25% من المصابين به للمعاناة من نزعات وميول انتحارية قد ينجح البعض فيها. وأشار الى ان هناك بعض الأمور الحياتية المتداولة بين بعض الناس بشكل عادي إلا أنها تعد مؤشرات لأمور خطرة على الصحة العامة والنفسية للفرد، منها استعمال المنبهات.
وبين الزايد ان هناك زيادة في أعداد المراجعين بمستشفى الطب النفسي، نافيا في الوقت نفسه أن يكون سببها الظروف والاجتماعية أو السياسية، والتي قد تؤدي إلى زيادة الأمراض النفسية في المجتمع، كما يعتقد البعض، مشيرا الى أنها قد تؤدي إلى زيادة نوع معين من الأمراض النفسية وليس كلها، وأوضح أن الزيادة تعود الى ارتفاع مستوى الوعي بين الناس عن الأمراض النفسية. وأشار الزايد في حواره الذي اختص به «الأنباء» الى أن عدد المراجعين بمستشفى الطب النفسي الرئيسي بعيدا عن مرضى الإدمان يتراوح بين 1500 و1700 مريض سنويا، مبينا أن هذه الأعداد هي زيادة سنوية في أعداد المراجعين العاديين للمستشفى.
وأكد على اهتمام وزارة الصحة بالجانب التوعوي للأمراض النفسية، وقال: «اهتمت الوزارة بتشكيل لجنة لتعزيز الصحة النفسية والتي يرأسها الوكيل المساعد للخدمات الطبية المساندة د.قيس الدويري، وهذه اللجنة من شأنها الاهتمام بالتوعية والتثقيف والتوجيه حول كل ما يخص الطب النفسي»، مبينا ان تحقيق هذا الدور كما ينبغي يخلق كما كبيرا من المعلومات التي تجعل الناس تقف على أعراض الأمراض المختلفة وبالتالي تستطيع تحديد اتجاهاتها العلاجية، والكثير حول الأمراض النفسية ساقه لنا في هذا اللقاء فإلى التفاصيل:
كيف يتقبل الناس المرض النفسي؟ وكيف يدركون أنهم مرضى نفسيون ويحتاجون إلى مساعدة طبية؟ وماذا عن التوعية في هذا الجانب؟
خلال السنوات الـ 5 الأخيرة أصبح هناك تغير تجاه تقبل الناس للمرض النفسي، ونرى ذلك جليا في ازدياد عدد المراجعين للمستشفى، وأنا ضد أن نرجع الأمر إلى الظروف الاجتماعية والسياسية، وأنها تؤدي إلى زيادة الأمراض النفسية في المجتمع، فهذا غير صحيح فقد تؤدي إلى زيادة نوع معين من الأمراض النفسية وليس كلها، لكن الزيادة التي نشهدها حاليا ليست في عدد الأمراض النفسية الموجودة في المجتمع، بقدر ما هي زيادة في عدد المترددين على المستشفى لزيادة الوعي عند الناس بالأمراض النفسية.
والمرض النفسي مثل أي مرض آخر إذا ما كان الشخص يجهل أعراضه ولا يعلم أنه في حاجة إلى علاج، وهذا مثل مريض السكر الذي يجهل أن عطشه الزائد وتكرار حاجته لزيارة دورة المياه من أعراض السكر، وبالتالي لا يذهب للطبيب، وقد لا يكتشف إصابته إلا بعد تعرضه لغيبوبة سكر، أو الإصابة بالتهابات، فيكتشف أنه مصاب بالسكر. ولكن مع التوعية بأعراض المرض، يمكن التعرف أنها تنذر بمرض ما مثلما هو الحال مع ?يروس انفلونزا الخنازير حينما بدأت الإصابات بها وقمنا بحملات توعية لتعريف الناس به والفرق بينه وبين غيره من ال?يروسات الأخرى أصبح الناس يتفهمون ويتلاشى الخوف من المرض ويتجهون للأطباء وقت الشعور بأن الأعراض تستدعي ذلك، وهذا أيضا ينطبق على الأمراض النفسية، فنحن مطالبون بتوعية الناس بالأعراض التي يحتاجون معها لمراجعة الطبيب النفسي، ولله الحمد أغلب الأطباء العاملين بمستشفى الطب النفسي وخاصة الشباب الكويتيين الذين انضموا إلينا بالمستشفى حديثا لديهم الإحساس القوي بأهمية الدور التوعوي، ولذلك بدأوا يكون لهم لقاءات مفتوحة مع الإعلام بجميع وجوهه المرئية والمسموعة والمقروءة، فبدأ الطبيب النفسي يدرك أن هذا دور هام عليه القيام به، إضافة إلى البرامج الفضائية المهتمة في هذا التخصص مما أدى إلى تحسين ثقافة الناس عن الطب النفسي.
ومازلنا مقصرين لا نختلف في هذا، ولكن هناك دور وهو من أهم الأدوار التي بدأت الوزارة في التعاطي معها من خلال لجان تعزيز الصحة التي تعد عملا رائدا، حيث اهتمت بعمل لجنة تعزيز الصحة النفسية والتي يرأسها الوكيل المساعد للخدمات الطبية المساندة د. قيس الدويري، وهذه اللجنة مناط بها هذه الأدوار من توعية وتوجيه للناس والتثقيف حول الطب النفسي، وفي اعتقادي متى ما حققنا هذا الدور، فسوف نحل مسألة كيفية معرفة الناس وتوعيتهم بالمرض النفسي.
زيادة أعداد المراجعين
ذكرت أن هناك زيادة في أعداد المراجعين نتيجة ازدياد الوعي. فما أعداد المراجعين لمستشفى الطب النفسي، يوميا؟
يوميا، لا يمكنني تحديد رقم بعينه لأنه ليس لدى إحصائية يومية، وإنما نستطيع أن نقول أن عدد المراجعين سنويا مابين 1500 و1700 حالة جديدة سنويا، هذا غير الحالات المترددة، ولنا أن نذكر أن مستشفى الطب النفسي ينقسم إلى شقين، أحدهما الرئيسي، والآخر خاص بالإدمان، وما ذكرناه من أعداد خاصة بالطب النفسي الرئيسي ولا يشمل الإدمان، وهذا يعني أكثر من 100 حالة جديدة شهريا تأتي للمستشفى.
الاكتئاب ومضاعفاته الخطرة
ما أغلب الحالات التي تراجع المستشفى؟
الاكتئاب هو أكثر أمراض الطب النفسي انتشارا بالعالم كله، وليس الكويت فقط، وهو أكثر مرض نرصده.
هل هناك حالات نستطيع أن نقول عنها أنها جادة، أو في مراحل حرجة، ومن الممكن أن تؤدي لمحاولات الانتحار؟
نعم، وهذا السبب الذي يجعلنا ملزمين بتوعية الناس بمخاطر هذا المرض وأعراضه، حتى لا نصل إلى درجات خطرة، لأن الإحصائيات تذكر أن 25% من المصابين بالاكتئاب من الممكن أن يقدموا على الانتحار، وهذا يعني أن هناك أعدادا أكثر من ذلك تراودهم أفكار انتحارية.
ومع هذا ليس هناك شك أن مجتمعاتنا الإسلامية ووجود عقيدة تحرم الانتحار يخفف من المعدلات، ولكن ما يجب أن ننتبه له كثيرا أن من يصل إلى الاكتئاب الشديد، ليس هناك شيء يقف أمامه لأن الاستبصار سوف يغيب عنه، وبالتالي لا يستطيع تقييم الأمور كما يقيمها الشخص الطبيعي، وهنا نرى أن الاكتئاب ليس له علاقة بالدين، مما يعني أن هذا المرض لا يصيب قليل الدين، وأن قوي الإيمان في منأى عن الإصابة، فالاكتئاب مرض عضوي يصيب كل الناس بنفس النسب، سواء متدين أو غير ذلك أو قوي أو ضعيف الشخصية فكل هذه الأمور ليس لها علاقة بالإصابة، والمصاب بالمرض معرض لخطورة بنسبة أكثر من 25% أن يبدأ في أن تنتابه الأفكار الانتحارية، ونسبة 25% في الإقدام على الانتحار، وفي عالمنا العربي الإسلامي من أجل تخطي الحاجز والوصول إلى عملية الانتحار لابد وأن يصل المريض إلى مقدار أكبر من الاكتئاب، ولكن الانتحار لدينا نراه بين جميع الفئات الفكرية والثقافية والدينية، ونحن نحاول منعه، حينما يكون المرضى متابعين معنا، وهناك بعض الحالات التي أقدمت على الانتحار، ونسأل الله أن نستطيع القيام بأدوارنا على أكمل وجه لمنع هذه المخاطر من الحدوث.
عقاقير التخسيس والمنبهات
هناك بعض العقاقير التي يتم تداولها بشكل عادي بين فئات غير مريضة، مثلما هو الحال مع من يعاني من زيادة في الوزن ويتناول أدوية معينة فيكون الأرق وأعراض أخرى أهم الأعراض الجانبية له، فما مخاطر إدمان هذه الأنواع من الأدوية، والتي يجد البعض صعوبة في الإقلاع عنها؟
لابد وأن نتعاطى مع هذا الأمر بصراحة، وأن نكون على يقين أنه ليس هناك عقار ليس له أي عوارض جانبية، حتى وان كانت تحضيرات عشبية، فالكثير من الناس يذهب للحواج، آملا أن تكون خلطاته الطبيعية أخف وطأة وكما يقول الكثيرون «اذا ما نفعت، ما تضر»، ولكن العشبة مادامت تم استخدامها لغرض طبي، فهي تحتوي على مواد كيميائية، ومشكلتها أن خطرها أكبر من العقاقير العادية لأن جرعتها غير محسوبة القيمة، وكذلك فان العقار الذي يتم تناوله في أي صورة تركيبية يجب أن يكون تحت إشراف طبي، خاصة في جانب أدوية الرجيم التي ذكرتها، والتي تحتوي على الكافيين، أو الأن?يتامين أو غيرهما من المواد المنبهة التي يكون الهدف منها زيادة نسبة الأيض، والتي حينما يتم زيادتها عبر المنبهات فانه يتسبب في الإصابة بأمراض القلق، بل ان الأن?يتامين يمكن أن يؤدي إلى أعراض مشابهة للفصام، وقد رصدنا بالفعل حالات مثل هذا ومنهم حالة منذ عام تم تشخيصها بالفصام، وبعد العلاج تحسن الوضع وبسرعة ومن ثم اختفى المرض، مما أدهشنا لأن الفصام لا يمكن أن يتلاشى بهذه السرعة، وحين سألنا المريضة، أفادت بأنها كانت تتناول أدوية خاصة بخفض الوزن تحتوي على الأن?يتامين، بالإضافة إلى ذلك فان هذه المواد يمكن ادمانها، ولهذا لابد وأن نكون حريصين في هذا الجانب، وحساسين، ولا نسمح بتناول أدوية بدون إرشاد الطبيب. بعض الأدوية يقوم الأطباء بوصفها، وعدم المتابعة، ولكن إذا كان الطبيب يقوم بواجبه في المتابعة فليس هناك مشكلة.
محاولات التنبه للامتحانات
كذلك هناك أمر هام يجب الانتباه له، وهو أننا مقبلون على فترة امتحانات للطلبة، فإنني أحذر الكثير من الطلبة الذين يتناولون العقاقير الخاصة بزيادة نسبة التنبيه من أجل الدراسة، ففي الغالب هذه الأدوية تؤثر كثيرا وخاصة على صغار السن، وقد فحصنا حالات حضروا في حالة مزرية من القلق والاضطراب، نتيجة تناولهم الأدوية المنبهة التي تشكل خطرا كبيرا على الصحة، ولابد من الحرص في هذا الجانب.
د.الزايد في سطور
- د.عادل أحمد الزايد رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى الطب النفسي وعضو هيئة التدريس بكلية الطب جامعة الكويت، خريج كلية الطب في الكويت.
- أكمل دراسته العليا في الطب النفسي في بريطانيا في اسكوتلندا، وحصل على زمالة الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسانيين من بريطانيا.
- اهتمامه البحثي يتمحور حاليا في مجال علاقة الطب النفسي بالأمراض المزمنة مثل السكر والضغط وأمراض القلب وهو ما يدور حوله العديد من الأبحاث عالميا الآن.