- الخرافي: القرار يعكس سلامة موقف الوزير ونظافة ثوبه ويده وهذا ثالث بلاغ يقدم ضد الخالد وينتهي بالحفظ وأتمنى أن تتوقف الحملات الشخصية ضده
مؤمن المصري
قررت لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء برئاسة المستشار صالح الحمادي وعضوية المستشارين مشعل الجريوي وعلي بوقماز حفظ البلاغ المقدم من رئيس تحقيق بوزارة الداخلية ضد وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد والذي ينسب إليه تهمة إهدار المال العام، وقد نظرت اللجنة هذا البلاغ المحال إليها من النائب العام واطلعت على الشكوى ومستنداتها، واستمعت إلى دفاع الوزير الخالد وقررت حفظ الشكوى لجلسة أمس للنطق بالحكم. وقد أشاد دفاع الوزير الخالد المحامي لؤي جاسم الخرافي بقرار اللجنة وبالقضاء الكويتي الشامخ معتبرا إياه الحصن الحصين والملاذ الآمن الذي نثق به جميعا، معبرا عن سعادته بحصول موكله على ثقة القضاء الكويتي ولجنة محاكمة الوزراء التي نظرت ثلاثة بلاغات متتالية ضد موكله وزير الداخلية والتي انتهت جميعها بالحفظ. مضيفا أن هذا يعكس سلامة موقف الوزير ونظافة ثوبه ويده وقراراته من أي أخطاء أو تجاوزات سطرتها قرارات اللجنة المشكلة من ثلاثة مستشارين من وكلاء محكمة الاستئناف. ونحمد الله عز وجل على أننا بدولة مؤسسات ودستور وقانون لدرجة أن نرى وزير الداخلية يحاكم مرتين سياسيا ويحوز ثقة البرلمان، ثم يحاكم ثلاث مرات أمام القضاء ويحوز ثقته. وتمنى المحامي الخرافي أن تتوقف الحملات الشخصية ضد موكله وزير الداخلية وأن يطوى هذا الملف وأن تحترم آراء وثقة البرلمان وأحكام القضاء. وفيما يلي حيثيات قرار اللجنة:
بعد الاطلاع على الأوراق وتمام المداولة:
وحيث ان الوقائع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في انه بتاريخ 16/2/2010 احال السيد المستشار النائب العام الى هذه اللجنة البلاغ المقدم اليه من محمد عبدالرحمن خالد المطيري رئيس التحقيق بالادارة العامة للتحقيقات ضد وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح فيما اسند اليه من وقائع أولاها هي انه اصدر قرارا بنقل مكاتب التحقيق التابعة للادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية من المباني المستقلة المخصصة لها الى المخافر كسابق عهدها على الرغم من ان هذا الأمر سبق بحثه ودراسته في عهد وزراء سابقين واستقر الأمر على تخصيص مبان مستقلة للادارة العامة للتحقيقات وتنفيذا لذلك تم استئجار المباني اللازمة وتأهيلها وتأثيثها بمعرفة الوزارة وتكلفت هذه الدراسة وتلك التجهيزات مئات الآلاف من الدنانير الا ان الوزير المبلغ ضده وبشكل فردي دون الرجوع الى ذوي الاختصاص اعاد الأمر الى سابق عهده ما يعد من قبيل اهدار المال العام المترتب على الخطأ الجسيم المؤثم بالمادة 14 من قانون حماية المال العام رقم 1 لسنة 1993 وثانيتها: انه اصدر اوامره الى مدير الادارة العامة للتحقيقات بعدم قيد البلاغات المقدمة من بعض المحققين ضد الفريق احمد الرجيب وكيل وزارة الداخلية لتدخله في شؤون عملهم وهو الأمر المؤثم بالمادة 146 من قانون الجزاء الكويتي، وثالثتها: انه ساء استعمال سلطته الوظيفية واستعمالها لمجرد الاضرار باعضاء الهيئة العامة للتحقيقات وهو الأمر المؤثم بالمادة 120 من قانون الجزاء وذلك بانه قام بتعطيل الحصانة القضائية الممنوحة لاعضاء الادارة المنصوص عليها في المادة من القانون رقم 53 لسنة 2001 بأن اصدر تعليماته بتحصيل غرامات المخالفات المرورية من اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وذلك على خلاف المتبع مع اعضاء النيابة العامة وما كان ساريا عليهم من قبل، كما انه اصدر اوامره بوقف الترقيات المستحقة لاعضاء الادارة السالفة رغم رصد الاعتماداتالمالية والدرجات الوظيفية اللازمة لتلك الترقيات دون باقي موظفي الوزارة ودون إبداء اي اسباب منطقية ومعقولة لذلك، ورابعها: ان الوزير ارتكب جريمة التمييز السلبي والاضطهاد ضد اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وذلك بالمخالفة للمادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والاجتماعية الصادر من الامم المتحدة سنة 1966 والذي انضمت إليه الكويت،، والمادة الخامسة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواطن والصادر سنة 1948 والذي انضمت إليه الكويت وما تم الاتفاق عليه في مؤتمر حماية اجهزة التحقيق القضائي والجنائي في هافانا سنة 1990 من الأمم المتحدة حيث قام بتوجيه اوامره لتعطيل احكام الحصانة القضائية لأعضاء الادارة على نحو ما سلف بيانه واصداره لجملة من قرارات الاحالة الى التقاعد لعدد من اعضاء ادارة التحقيقات بشكل عشوائي وغير مدروس بالمخالفة لأحكام القانون رقم 53 لسنة 2001 بعدم قابلية المحقق للعزل الا وفق اجراءات تأديبية معينة فضلا عن قيامه بوقف الترقيات المستحقة لهم متنكبا كله المصلحة العامة الى غيرها.
وحيث ان وكيل المبلغ ضده المحامي لؤي جاسم الخرافي قدم مذكرة تكميلية طلب في ختامها حفظ البلاغ لعدم جديته على اسباب حاصلها عدم توافر ركني الخطأ والضرر في خصوص نقل مكاتب المحققين من المباني الموحدة الى المخافر، بدلالة عدم تسجيل الجهات الرقابية على المال العام واخصها ديوان المحاسبة الذي تشمل رقابته بوجه خاص ـ حسبما تنص عليه المادة 6/2 من القانون رقم 30 لسنة 1964 بانشاء ديوان المحاسبة ـ حساب الوزارات والمصالح والادارات الحكومية وسائر فروعها وهي رقابة مسبقة ولاحقة وفقا لنص المادة السابعة من ذات القانون، وعليه يكون مسلك الوزير بالاستناد الى عدم تسجيل الديوان لاي مخالفة في هذا الشأن بريئا من ادعاء التسبب بخطئه في اهدار المال العام. ولما كان ذلك وكان الثابت مما تقدم طهارة مسلك الوزير من الخطأ فضلا عن انعدام الضرر فوق كل ذلك وقبله استهدافه الصالح العام غاية ومقصدا، فإنه وبالترتيب على ذلك ينتفي جرم الاضرار غير العمدي بالمال العام المنسوب زعما للوزير المبلغ ضده بتماحي اركانه، وانتفاء الجريمة المؤثمة بالمادة 146 من قانون الجزاء فإن الادارة العامة للتحقيقات جهة لها استقلاليتها فلا تخضع في اداء عملها الفني لوزير الداخلية، ومن المقرر انه ليس على المرؤوس ان يطيع الامر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم ان القانون يعاقب عليه، وانتفاء الجريمة المؤثمة بالمادة 120 من قانون الجزاء والتي تنص على معاقبة الموظف العام اذا استعمل سلطة وظيفته لمجرد الاضرار بأحد الافراد، وفي بيان ذلك فإنه بشأن الزعم بتعطيل الوزير المبلغ ضده الحصانة القضائية للمحققين فإنه طالما امكن قانونا رفع الدعاوى الجزائية ضد اعضاء الادارة العامة للتحقيقات ومثل ذلك مقاضاتهم امام محاكم المرور بالنسبة للمخالفات التي لا تنقضي بالصلح او التي لا يجوز التصالح بشأنها فإنه من باب اولى يجوز مطالبتهم بتسديد غرامات هذه المخالفات باعتباره اقل درجة من رفع الدعوى الجزائية المجردين فيها من الحصانة، وفي خصوص ارجاء ترقيات اعضاء الادارة العامة للتحقيقات مؤخرا انما يرجع لسبب لا دخل للوزير المبلغ ضده فيه وهو بسبب توصية اللجنة المشكلة لفحص وتحديد الخلل في الاداء بالادارة العامة للتحقيقات واما بالنسبة لقرار الاحالة للتقاعد فإن الطعن عليه امام قاضيه الاصيل بعيدا عن نطاق القاضي الجنائي، وبالنسبة لما اثاره المبلغ من مخالفة الوزير المبلغ ضده العهود والمواثيق الدولية فإن ذلك يخرج من دائرة التجريم والعقاب وليس من بين النصوص الجزائية جريمة التمييز السلبي.
لما كان ذلك وكان من المقرر ان تنظيم مرفق الأمن ورسم سياسته والاضطلاع بمهامه ومسؤوليته ووضع ضوابط العمل به للوصول إلى الغاية المنشودة منه هو صلب اختصاص وزير الداخلية باعتباره رأس السلطة في وزارته والمسؤول عنها والمنوط به تسيير شؤونها بما في ذلك تنقلات العاملين فيها وترقياتهم وتحديد مقام عملهم وكان البين من الاوراق ـ على نحو ما سلف بيانه ـ ان الوقائع التي تضمنها البلاغ جميعها ـ وعلى فرض صحتها ـ عدا ما تعلق منها بالاتهام الثاني ـ تتعلق بالنواحي الادارية والتنظيمية البحتة المتعلقة بتسيير مرفق الامن وجميعها من المسائل الادارية المحضة التي تنظم ضوابط وقواعد العمل بهذا المرفق والتي تدخل في نطاق الاختصاص الوظيفي والصلاحيات المنوطة بوزير الداخلية بما في ذلك قواعد نقل العاملين بالوزارة والادارات التابعة لها وتحديد مقار عملهم وضوابط ومواعيد ترقياتهم واحالة من يستحق منهم الى التقاعد وفقا للشروط والضوابط المقررة قانونا في هذا الشأن، كما ان هذه الاعمال والتصرفات والقرارات التي نسبها المبلغ الى الوزير المعني بالبلاغ لا تتوافر بمجردها اركان الجرائم التي وردت بالبلاغ ذلك ان جريمة التسبب خطأ في الحاق ضرر جسيم بأموال او مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف العام المؤثمة بالمادة 14 من القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الاموال العامة تتطلب لقيامها توافر الشرط المفترض وهو صفة الموظف العام ونوع المصالح التي يصيبها الضرر المترتب على الجريمة والركنان المادي والمعنوي ويجب لتوافر هذين الركنين تحقق الخطأ غير العمدي بحصول إهمال في أداء الوظيفة او الاخلال بواجباتها او اساءة استعمال السلطة وان يترتب على ذلك الخطأ غير العمدي ضرر جسيم بأموال او مصالح الجهة التي يعمل بها او يتصل بها بحكم وظيفته او بأموال الغير او مصالحه المعهود بها الى تلك الجهة وهو ما خلت الاوراق من قيام دليل عليه حيث لا يسوغ في صحيح النظر ان يعتبر القرار الاداري الصادر من وزير الداخلية المبلغ ضده بنقل مقار عمل المحققين التابعين اليه اداريا من المبنى الذي كان معدا لهم الى المخافر للاعتبارات السائغة التي ساقها في مذكرتي دفاعه على نحو ما سلف بيانه جريمة الاضرار بالمال العام، ذلك ان المبنى المشار اليه على نحو ما هو ثابت من البلاغ ومذكرتي دفاع الوزير عبارة عن مكان مؤجر ومازال مشغولا ومستغلا من قبل الادارات التابعة للوزارة ومنها الادارة العامة للتحقيقات ذاتها، وكذلك عدم توافر اركان جريمة اساءة استعمال السلطة للاضرار بالغير لمجرد ان وزير الداخلية كلف الجهات المعنية بتحصيل الغرامات المرورية من اعضاء ادارة التحقيقات او تأخر في ترقياتهم او أحال عددا منهم الى التقاعد ذلك ان هذه التصرفات جميعها تدخل في الاختصاص الوظيفي للوزير فضلا عن الحصانة الممنوحة لأعضاء ادارة التحقيقات تقتصر طبقا للمادة 14 من القانون رقم 53 لسنة 2001 على اجراءات التحقيق والقبض وتنحسر عن رفع الدعوى الجزائية بما في ذلك جرائم المرور التي يتضرر منها المبلغ، كما ان المقرر ان الترقيات في الوظائف العامة حتى مع استيفاء شروطها هي من الملاءمات التي تستقل جهة الادارة في وزنها وتترخص في تقريرها وتحديد مواعيدها حسبما تراه متفقا مع الصالح العام ومحققا لما تتغياه من كفالة حسن سير المرفق العام، كما ان قيام الجريمة المشار اليها والمؤثمة بالمادة 120 من قانون الجزاء تتطلب ان يتوافر لها ركن مادي يتمثل في استعمال الموظف العام سلطته الوظيفية للاضرار بأحد الافراد متنكبا المصلحة العامة التي يجب ان يتغياها وركن معنوي يتمثل في قصد خاص مناطه اتجاه ارادة الموظف لإحداث ضرر بمصلحة مادية او اعتبارية لأحد الأشخاص، وهذا القصد الخاص بحسبانه انحرافا من الموظف في استعمال السلطة لا يفترض بل يتعين اقامة الدليل عليه، وهو ما خلت منه الأوراق على نحو ما سلف بيانه ومن ثم تنهار هذه الجريمة برمتها لتداعي أركانها، اما عن الجريمة التي تضمنها البند الثاني من البلاغ وهي حمل موظف ذي اختصاص قضائي على الامتناع في اتخاذ اجراءات يوجبها عليه القانون بزعم ان الوزير المبلغ ضده اصدر تعليماته الى مدير الادارة العامة للتحقيقات بعدم قيد البلاغات التي يقدمها اعضاء هذه الادارة ضد وكيل وزارة الداخلية فإن هذا الاتهام جاء مجرد قول مرسل وقد نفاه الوزير في مذكرتي دفاعه ولم يقل به اي من اعضاء ادارة التحقيقات سوى المبلغ وكان الأولى بالتبليغ عن هذا الأمر لو كان صحيحا مدير عام الادارة الذي زعم المبلغ صدور التكليف من الوزير اليه، اما عن الجريمة الأخيرة التي وردت في البلاغ وهي جريمة التمييز السلبي والاضطهاد ضد اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وذلك بالمخالفة لنصوص المعاهدات الدولية والمواثيق الواردة بالبلاغ فمردود عليها بأن المقرر ان الجريمة الجزائية مصدرها الوحيد هو النص الجزائي فلا يجوز مساءلة شخص عن جريمة ما لم تكن منصوصا عليها في قانون الجزاء او القوانين المكملة له، وذلك اعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات فضلا عن ان المعاهدات الدولية وان كان يتولد عنها التزامات فيما بين الدول الأعضاء فيها الا انها لا تنشئ حقوقا او مراكز قانونية مباشرة للأفراد ومن ثم تضحي الجريمة المشار اليها قائمة على غير أساس.
وحيث ان الوقائع المتقدم سردها لا تنطوي على ثمة جريمة من الجرائم التي تختص بها هذه اللجنة والمنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 88 لسنة 1995 ومن ثم فإن اللجنة تخلص الى عدم جدية البلاغ بما يتعين معه التقرير بحفظه نهائيا.
لذلك
قررت اللجنة:
أولا: حفظ البلاغ نهائيا لعدم جديته.
ثانيا: اخطار المستشار النائب العام بنسخة من هذا القرار وموافاته بصورة من الأوراق.
ثالثا: اخطار ذوي الشأن بهذا القرار.