- مصدر أمني يدعو لإنشاء جهاز متخصص في مراقبة ورصد العصابات المنظمة
هاني الظفيري ـ عبدالله قنيص
مخطئ من يظن أن العصابات المنظمة لم تنشأ بين بعض أبناء الجاليات الآسيوية وخاصة في الجليب وتحديدا بين أبناء الجالية البنغالية، ورغم إنكار عدد من المصادر الأمنية الذين تحدثنا معهم عبر هذا التحقيق وجود هذا النوع من العصابات إلا أن مصادر أخرى أكدت وجودها ومن وقائع محاضر لقضايا سجلت خلال العامين الماضيين في الفروانية وخيطان والجليب والعاصمة وبعض مناطق محافظة حولي، كما التقت الأنباء مع عدد من أبناء الجالية البنغالية والهندية الذين أكدوا وجود هذا النوع من العصابات ونشاطاتهم في فرض الاتاوات على بائعي البقالات والباعة المتجولين في الأسواق العشوائية التي تنتشر في مناطق الجليب والحساوي وخيطان والعاصمة وتحديدا المرقاب.
قضايا اتاوات
وعدد مصدر أمني عددا من القضايا التي تثبت وجود هذا النوع من العصابات قائلا: «لا يمكن إنكار وجود مثل هذه العصابات خاصة مع تسجيل قضايا اعتداء بالضرب كان ضحاياها آسيويين أبلغوا رجال الأمن خلال التحقيق معهم بأنهم تعرضوا للضرب على أيدي مجموعات منظمة من بنغاليين يطالبونهم بدفع مبلغ مالي معين نظير حمايتهم»، ويوضح المصدر وبشكل أكثر دقة: «في شهر أغسطس الماضي تقدم مواطن إلى رجال أمن الجليب ببلاغ يفيد فيه بتعرض بائع البقالة التي يملكها للضرب على أيدي مجموعة من البنغاليين، وبالتحقيق مع الضحية البنغالي أفاد بأن مجموعة مشكلة من 5 بنغاليين طالبوه بدفع مبلغ 20 دينارا أسبوعيا نظير حمايته، ولرفضه دفع المبلغ قاموا باقتحام بقالته وإغلاق الباب عليه والتعدي عليه بالضرب المبرح، كما كشف البنغالي أن أفراد العصابة الخمسة أنفسهم قاموا بتهديد مجموعة من الباعة البنغاليين في المنطقة بذات الطريقة وأن البنغاليين يقومون بالدفع لهم ولا يستطيعون الشكوى خاصة أن معظمهم مخالف لقانون الإقامة وهو ما يستغله أفراد العصابة حيث يهددونهم بالضرب أو إلحاق الأذى البالغ أو حتى القتل».
وأشار المصدر الى أن مثل تلك القضايا تصنف دائما كقضايا تعد بالضرب وإلحاق أذى بالغ خاصة أن معظم الضحايا لا يقدمون لرجال الأمن كامل تفاصيل ما يتعرضون له من تهديد في مثل تلك القضايا ويكتفون بتقديم إدعاء بتعرضهم للضرب، ولفت المصدر إلى أن بعض أفراد تلك العصابات البنغالية لا يكتفون بالتهديد بإلحاق الأذى بالضحية بل يقومون أيضا بتهديده بإلحاق الأذى بأفراد عائلته في بنغلاديش حيث يوضحون للضحية أنهم قادرون على الوصول إلى أفراد عائلته في موطنه.
وكشف المصدر أن عدد القضايا المسجلة من هذا النوع وإن كانت لا تستحق أن تحمل مسمى ظاهرة خطيرة إلا أنها ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتمعن فيها خشية استفحالها.
بيوت مشبوهة تحت الحماية
كما كشف مصدر أمني آخر للأنباء أن بعض البيوت المشبوهة في الجليب والتي تستغل كبيوت للدعارة أو لتصنيع الخمور تخضع أيضا لرقابة وإشراف تلك العصابات حيث بينت التحريات والتحقيقات اللاحقة التي أجراها رجال الأمن والمباحث بعد مداهمة تلك البيوت المشبوهة أنها إما خاضعة لحماية أفراد عصابات بنغالية منظمة أو مملوكة بالكامل لبعض تلك العصابات وهو ما كشفه عدد من تلك القضايا، فمثلا في العام 2007 عندما تمت مداهمة عدد من الشقق المشبوهة في الحساوي تبين أن أغلبها مملوك لشخص واحد تم القبض عليه لاحقا وهو من يقوم بتأجير الشقق وخطف الآسيويات عن طريق أفراد عصابته ليعملن في تلك الشقق كفتيات ليل، وتبين أيضا من خلال التحقيقات بعد القبض عليه أنه تم ترحيله من البلاد أكثر من مرة ولكنه كان يعود إليها في كل مرة بجواز سفر مزور وباسم مختلف.فيما ينفي مصدر أمني ثالث تحدث إلى «الأنباء» حول ذات القضية وجود نشاط إجرامي منظم بالطريقة التي يصورها البعض إلا أنه لم ينف تماما إمكانية نشوئها مستقبلا بشكل أكثر تنظيما، موضحا «نعم هناك نشاط إجرامي محدود وتقوده جماعات إجرامية ولكنه لم يصل بعد إلى مستوى الجريمة المنظمة كما تذكرون أو كما قد تصوره تقارير أمنية ولكن هذا لا يعني أن الوضع طبيعي، ويجب أن يتم الوقوف عنده وإنشاء جهاز أمني متخصص في متابعة النشاطات الإجرامية المنظمة وملاحقتها كإجراء استباقي واحترازي أيضا لكون الأرضية الآن وخاصة في المناطق المضطربة كالجليب والحساوي مهيئة لنشوء مثل تلك العصابات المنظمة مستقبلا، أما الآن فالنشاطات محدودة ولكنها مرصودة من قبل رجال الأمن ولاتزال تحت السيطرة خاصة مع الحملات الأمنية المستمرة التي يقوم بها رجال الأمن على المنازل المشبوهة والشقق».
وحدد المصدر النشاطات التي تمارسها تلك المجاميع الإجرامية بالدعارة والخمور والمتاجرة بالخادمات الآسيويات وبيعهن كفتيات ليل لتجار الرقيق من ملاك الشقق المشبوهة.
ويعترف المصدر بوجود سوق قائمة للرقيق في البلاد يقودها بعض الأشخاص الذين لا يصل مستوى تعاملهم إلى المستوى الإجرامي المنظم قائلا: «نعم قمنا بإلقاء القبض على سائقي تاكسيات جوالة تورطوا في اختطاف خادمات آسيويات واعترفوا ببيعهن إلى تجار رقيق بمقابل مالي، وسبق للصحف أن نشرت مثل تلك القضايا ولكنها حالات إجرامية فردية وليست منظمة ولم تصل بعد إلى التنظيم المخيف».
خادمات للبيع
وحول أسعار الخادمات قال المصدر: «لا أذكر بالضبط فالقضايا المسجلة من هذا النوع لا تتجاوز العشر قضايا في العام ولا يمكن أن تزيد على 12 قضية في أسوأ الأحوال وأنا أتكلم عن منطقة واحدة هنا وأعني الفروانية ويتراوح السعر بحسب ما أذكر بين 200 إلى 400 دينار والضحايا عادة ما يكن فلبينيات وإندونيسيات وبعضهن يتم اختطافهن من أمام منزل كفلائهن ومن مختلف مناطق البلاد، وقمنا في كثير من تلك القضايا بالقبض على الخاطفين وقدموا للعدالة ووجدنا أن تصرفهم الإجرامي فردي ومن خلال تحريات المباحث وجدنا أن الخاطف لا يتبع أحدا وهذه هي الحقيقة، وأعيد وأكرر ان الأمر لم يصل بعد إلى مستوى الظاهرة المخيفة ولكن مستقبلا قد تنشأ عصابات إجرامية منظمة لنقل وبيع الرقيق داخل البلاد وهو كما قلت يستوجب إنشاء جهاز مخصص لمتابعة هذا النوع من القضايا».
سكان الجليب يتحدثون
وجالت «الأنباء» في عدد من مناطق الحساوي لاستطلاع آراء سكانها من الآسيويين والذين أجمعوا على حقيقة وجود عصابات فرض الاتاوات على البائعين وحتى على الوافدين من سكان البنايات ويروي محمد مياه (26 عاما) ويعمل بائع بقالة تقع على طريق الدائري السادس أنه سبق أن تعرض شخصيا لمضايقات من قبل بعض أفراد تلك العصابات غير أنه ذكر أنهم لم يعودوا لمضايقته بعد أن أبلغ رجال الأمن.
وأما حسين مهدي (هندي الجنسية) ويعمل حارس بناية في ذات المنطقة فقال: «البناية مملوكة بالكامل لمواطن كويتي وسبق أن حاول بعض البنغاليين فرض إتاوات على السكان وحمايتهم وأبلغوني أن بعضهم هددهم بتحطيم سياراتهم حيث ان بعض سكان البناية يملكون سيارات ولكنني أبلغت مالك البناية والذي أبلغ بدوره رجال الأمن وحضورا وسجلوا إثبات حالة وتوقف البنغاليون المشاغبون عن الحضور ومضايقة سكان البناية».
العصابات وبنايات العزاب
أما المصري سعيد محمد (46 عاما) ويعمل حارسا لثلاث بنايات في المنطقة فأفاد بأن البنغاليين المشاغبين أو من يحاولون فرض اتاوات لا يحضرون للبنايات المخصصة لسكن العائلات ولا يقتربون منها بل يستهدفون البنايات التي يسكنها العزاب والتي عادة ما يكون معظم سكانها من المخالفين لقانون الإقامة، وكشف سعيد جانبا آخر غير فرض الاتاوات أو تهديد السكان قائلا: «هؤلاء البنغاليون عندما يستهدفون بنايات العزاب في المنطقة يقومون بالتنسيق عادة مع حارس البناية والذي عادة ما يكون من أبناء جلدتهم وليس بالضرورة أن يقوموا بالتهديد بل يقومون بتوزيع وبيع الخمور المحلية على بعض السكان أو عرض خدمات الاتصال الدولي عن طريق سرقة الاتصالات الدولية وإعادة بيعها لسكان البنايات تلك.