مؤمن المصري ـ فرج ناصر
اعترف المتهمون الثلاثة المقبوض عليهم من قوة المباحث مساء أول من امس أمام النيابة العامة بأنهم قاموا بضرب المجني عليه محمد غزاي المطيري وقاموا بتعذيبه داخل جاخور كبد يعود لأحد أقارب ضابط في الداخلية، كما أقروا بأنهم قاموا بعمل «شواية» و«فلقة» للمجني عليه في الجاخور. وعلمت «الأنباء» من مصادر قريبة من التحقيقات ان المتهمين قرروا ان الراحل المطيري لم يقاومهم بسكين أو عجرة كما ادعوا في بداية التحقيقات وانما السكين والعجرة المحرزة بالنيابة العامة قاموا هم بأخذهما من شقة المجني عليه عند اقتحامهم لها، مؤكدين ان مقاومة المجني عليه كانت باليد فقط وأكدت المصادر ان المتهمين أقروا ايضا بأن الرواية التي أدلوا بها في المباحث الجنائية في بداية ضبطهم جاءت باتفاق بينهم وبين طاقم مخفر الأحمدي، وبسؤال النيابة عن سبب هذا الاتفاق خشوا من الإفصاح عنه ولم يجيبوا.
أوامر بالضرب
من ناحية اخرى، أنكر المتهمون انهم قاموا بتعذيب المجني عليه داخل مخفر الأحمدي، وقالوا انهم لم يثبتوا أي شيء عن الواقعة بدفتر أحوال المخفر. وبسؤال أحد الضباط المتهمين عن سبب قيامه بما قام به من تعذيب للمجني عليه، قرر انه كان يتلقى أوامره من المتهم الرابع ملازم أول، وبسؤال النيابة كيف كان يتلقى أوامره من ضابط في نفس رتبته أجاب: لقد أخطأت.
وبسؤال النيابة العامة له عن تجاوز مدة حجز المرحوم المطيري للمدة القانونية (4 أيام) أجاب بأنه لا يعرف الحساب الدقيق لمدة الحجز القانونية، بالإضافة الى انه لم يكن هناك اي تسجيل بدفتر الأحوال الذي يتم غلقه مساء، وقرر انه أخطأ في ذلك. وأنهى اعترافاته بقوله: أنا أخطأت وأرجو أن تسامحوني.
أما المتهمان الثاني والثالث فقد قررا أنهما كانا يتلقيان الأوامر بتعذيب المجني عليه من جهات لم يفصحا عنها، وقررا ان العجرة المحرزة لدى النيابة العامة قاما بأخذها من أسفل سرير المجني عليه عندما قاما بالقبض عليه.
القضية للجنايات
الى ذلك، علمت «الأنباء» من مصادرها ان النيابة العامة ستحيل ملف القضية الى محكمة الجنايات في أقرب فرصة عقب الانتهاء من التحقيقات، كما علمت ان أهل المجني عليه محمد غزاي المطيري سيطالبون بتعويض مدني ضخم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء فقد ولدهم.
على صعيد آخر، أفادت مصادر مقربة من أهل القتيل بأنه تم القبض على أحد الضباط خلال ذهابه إلى الجاخور الذي ضبط فيه القتيل وزملاؤه لإخفاء معالم وآثار التعذيب، لكن تم ضبطه من قبل رجال المباحث المكلفين بمراقبة هذا الجاخور، خاصة ان ذلك الجاخور تم تعذيب المجني عليه فيه بعض الوقت.
وأضافت المصادر انه تم ايضا ضبط ضابط آخر متهم في القضية كان متواريا عن الأنظار منذ وفاة القتيل وبروز القضية إعلاميا وذلك من خلال أحد أقاربه الذي تحايل عليه من أجل تسليمه لرجال الأمن والذي سهل عملية الضبط.
دليل تورط
وعن انسحاب دفاع المتهمين بعد ان أدلوا باعترافاتهم أمام النيابة قال ابن عم القتيل فيصل الطويح ان اعترافات المتهمين دليل قاطع على تورطهم في هذه القضية ويعد اعترافهم بعدم تعرضهم للمقاومة من قبل القتيل وزملائه، وهذا يؤكد تضارب تقارير وزارة الداخلية ويؤكد عدم صحة التقرير الطبي لمستشفى «الصحة» ويظهر ادعاءهم بالكذب والتزوير وتضليل العدالة.
وقال ان مدير مباحث الأحمدي هو الآخر كان لديه علم بالتعذيب الذي تعرض له القتيل منذ يوم ضبطه وعليه فإن الحادثة ستُعرض آخرين للمساءلة في القضية.
انسحاب دفاع المتهمين بعد الاعترافات الحاسمة
في سياق ذي صلة وعقب اعترافات المتهمين أمام النيابة قرر فريق الدفاع عنهم المكون من المحاميين زيد الخباز وبشار النصار الانسحاب من الدفاع عنهم بعد أن تبين لهما أن المتهمين ارتكبوا بالفعل الاتهامات الموجهة إليهم. وأرسل المحامي الخباز بيانا صحافيا جاء فيه:
بيان انسحاب من هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية تعذيب محمد المطيري
(وإنه لقسم لو تعلمونه عظيم)
بصفتنا محامين للدفاع عن عناصر المباحث المتهمين في قضية تعذيب المواطن محمد غزاي المطيري وحرصا منا على مبادئ دستورية وقانونية، وبعد سماع الأقوال الأولية عن أن الظلم كان واقعا على رجال المباحث فإن نصرة المظلوم واجب على كل إنسان حتى لو كنا في عكس التيار.
فقد قررنا، بعد الاعتراف بواقعة مغايرة أمام جهات التحقيق وتأكيد أن الرواية الأولية كانت بالاتفاق وبأنها مغايرة للحقيقة وأن هناك متورطين من بعض القيادات وأن الضرب والظلم قد وقعا فعلا على المجني عليه قررنا الانسحاب من القضية.
النيابة وافقت على لقاء لجنة التحقيق بالمتهمين في وفاة المطيري
من جهة أخرى أكد رئيس لجنة التحقيق في قضية مقتل المواطن محمد المطيري ان اللجنة قطعت شوطا كبيرا في التحقيق، مبينا ان عمل اللجنة سيكون مميزا، وانه سيدلي بتصريح كامل بعد الانتهاء من التحقيق.
بدوره اوضح مقرر اللجنة النائب مرزوق الغانم ان الاجتماعات ستتواصل خلال الأيام المقبلة من أجل متابعة التحقيق في هذه القضية، معربا عن تفاؤله بإنجاز التقرير النهائي قبل انتهاء المهلة المحددة للتكليف.
من جانبه، قال عضو اللجنة النائب صالح الملا ان وزارة الداخلية كانت متعاونة وواضحة في تعاملها جدا، مشيرا الى ان اللجنة التقت امس بعدد كبير من قيادات الداخلية.
وردا على سؤال بشأن موعد التقاء اللجنة بالمتهمين في هذه القضية، كشف الملا عن موافقة النيابة العامة على الطلب الذي تقدمت به اللجنة للقاء المتهمين في هذه القضية، رافضا الاعلان عن الموعد.
وحول رفض مجلس الوزراء استقالة وزير الداخلية وامتناع الوزير عن التصريح للصحافيين امس عقب حضوره اجتماع لجنة التحقيق البرلمانية عن استمرار استقالته من عدمه قال النائب مسلم البراك ان محاولة الوزير التمسك بهذا المنصب، ومحاولة رئيس الوزراء عدم قبول استقالة وزير الداخلية لاستخدامه كمصد لحماية رئيس الحكومة وهذا لا ينفع البلد ولا ينفع التنمية ولا ينفع البناء.
واضاف البراك قائلا ان ما يحدث الآن يؤكد ان استقالة وزير الداخلية ما هي الا استقالة مسرحية لا اكثر ولا اقل، ورئيس الوزراء برفضه قبول هذه الاستقالة سيؤدي الى انعكاسات غير جيدة على البلاد.
واشار البراك الى ان استجوابهم الذي اعلن عنه قبل استقالة وزير الداخلية لازال قائما بعد رفض مجلس الوزراء قبول الاستقالة، لافتا الى انه سيتم الاعلان عن الاستجواب قريبا في الوقت المناسب.
وذكر البراك ان وزير الداخلية جاء أمام كاميرات التلفزيون وقال انني لا يشرفني ان اكون على رأس وزارة تقوم بتعذيب المواطنين، وثبت ان هذا المواطن ومواطنين آخرين مثل صياح الرشيدي تم تعذيبهم.
وتابع البراك مخاطبا وزير الداخلية قائلا: وين كلامك يا وزير الداخلية ام انه مجرد كلام للاستهلاك؟ مضيفا ان هذا يؤكد انه مهما حدث فإن الشيخ جابر الخالد رجل متمسك بالمنصب، بدليل انه قال لا يشرفني ان اكون وزيرا لوزارة تعذب المواطنين وقد ثبت انها ارتكبت هذه الجريمة ولم يقم بترك الوزارة.وعن محاور استجوابهم لوزير الداخلية قال البراك سيكون من محور واحد وبه عدة محاور وهي ممارسة وزارة الداخلية للتعذيب وهو ما ادى الى موت احد المواطنين، وكل الوقائع والمستندات والتقارير اثبتت بما لا يدع مجالا للشك هذه الجريمة النكراء والبشعة التي ارتكبها رجال المباحث ضد المواطنين ما ادى الى مقتل المرحوم محمد غزاي.
وحول ما يثار حاليا حول احتمال تولي د.علي الطراح منصب مدير جامعة الكويت قال البراك ان منصب مدير الجامعة هو منصب خطير جدا وحساس ويجب ان يكون بعيدا كل البعد عن التجاذبات السياسية وبعيدا عن التحالفات التي تعقد هنا او هناك.
وأضاف البراك: على وزيرة التربية ان تعلم عندما تتخذ اي قرار يدخل في هذا الاطار سيعرضها للمساءلة السياسية ولن ينفعها رئيس الوزراء، ونصحها بألا تندفع الى تحقيق مصلحة معينة يريدها رئيس الوزراء وبعد ذلك سيتركها وحيدة.
من جانبه أكد اللواء عبدالحميد العوضي عقب حضوره اجتماع اللجنة المكلفة بالتحقيق في قضية المواطن محمد المطيري أمس، ان ازهاق روح مواطن أمر لا يقبل به لا وزير ولا أكبر مسؤول.
وقال العوضي في تصريح للصحافيين ان «الداخلية» دائما تبحث عن الحق، لافتا الى ان كل مسؤول له علاقة بهذه القضية سيتم التحقيق معه، وستزود اللجنة بجميع المعلومات التي تطلبها وانه لن يتم اخفاء أي شيء يتعلق بهذه القضية، مؤكدا استعداد وزارة الداخلية لاحضار الأشخاص الذين تطلب التحقيق معهم الى اللجنة.
«الداخلية»: إضافة ضابطين وضابط صف إلى قائمة المتهمين بتعذيب المطيري
أعلنت وزارة الداخلية ان التحقيقات التي اجرتها مؤخرا كشفت عن تورط ضابطين وضابط صف في قضية مقتل المواطن محمد المطيري وهم بخلاف المحالين الى النيابة واعترفوا بضرب المواطن، وقالت وزارة الداخلية في بيان: تأكيدا لمبدأ الشفافية وترسيخا لنهج وزارة الداخلية في الالتزام بالمكاشفة والمصارحة وتوضيح الحقائق للرأي العام كالعهد بها دائما، من هذا المنطلق، تعلن وزارة الداخلية أن لجنة التحقيق التي شكلتها في قضية وفاة المواطن محمد غزاي هليل الميموني رحمه الله، بعد استماعها إلى أقوال المتهمين وبمواجهتهم بأقوال الشهود وبعد جمع الاستدلالات اللازمة، تبين لها أن هناك ادعاءات كاذبة في التحقيق الأولي من جانب من قاموا بضبط المتوفى، كما أتضح أن هناك أطرافا أخرى لها صلة بالقضية.
وقد قامت اللجنة بالتحقيق مع كل من له دور في هذا الشأن وبناء عليه تمت إحالة ثلاثة آخرين من رجال الأمن إلى النيابة العامة إلى جانب الثلاثة الذين سبقت إحالتهم.. ومن بينهم ضابطان، وضابط صف ليلقى كل من أخطأ أو تجاوز أو تستر عقابه الرادع وفقا للقوانين المعمول بها في هذا الشأن.
ولاتزال اللجنة مستمرة في أعمالها للكشف عن أية تجاوزات أو أوجه قصور في هذا الصدد ولتعزيز الرقابة الإدارية واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص للحيلولة دون تكرار ذلك مستقبلا.
وتؤكد الوزارة على ضرورة أن يلقى كل من يتجاوز أو يخالف الأحكام والإجراءات القانونية المقررة الجزاء العادل.. ردعا لكل من تسول له نفسه العبث بكرامة الآخرين.
وستظل المؤسسة الأمنية ملتزمة بسيادة القانون ومحافظة على حقوق المواطنين والمقيمين ودرعا واقية وعينا ساهرة على هذه الأرض الطيبة.