هاني الظفيري ـ محمد الدشيش محمد الجلاهمة ـ محمد الخالدي
جاء تحذير نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود الذي أطلقه أمس الأول من ان التعامل مع اي تظاهرات لأبناء فئة البدون سيكون مختلفا هذه المرة متسقا مع تعامل افراد رجال الامن مع تظاهرات البدون التي انطلقت في تيماء والصليبية والاحمدي أمس، اذ لم يسمح رجال الامن للمتظاهرين بالبقاء اكثر من نصف ساعة، وهو الوقت الذي منحه قادة الامن للمتظاهرين في كل من تيماء والصليبية وما ان انقضت المهلة الممنوحة لهم حتى تدخلت فرق القوات الخاصة وقامت بفض التظاهرات باستخدام المياه والقنابل المسيلة للدموع، فيما انفضت تظاهرة الاحمدي بشكل سلمي بعد ان استمرت نحو ساعة.
مظاهرة تيماء
وكان نحو 300 شخص من ابناء فئة البدون قد انطلقوا بعد صلاة الجمعة امس الى الساحة الترابية الفاصلة بين قطعتي 2 و3 بمنطقة تيماء، وبدأوا يرددون الشعارات المطالبة بحقوق التجنيس، وقام رجال امن الجهراء بقيادة العميد محمد طنا بإغلاق الطرق المؤدية الى الشارع الفاصل بين القطعتين. وتحدث العميد طنا للمتظاهرين مطالبا اياهم بالانسحاب وفض التجمهر، موضحا لهم ان اصواتهم وصلت وان عليهم الانسحاب، وابلغهم ان الوقت الممنوح لهم هذه المرة لن يتجاوز نصف الساعة، وبعد نصف ساعة من محاولات العميد طنا لفض التجمهر سلميا وازاء رفض المتجمهرين الانسحاب تدخلت فرقتان من القوات الخاصة واطلقت القنابل المسيلة للدموع، ما ادى الى انسحاب جميع المتظاهرين من الساحة الترابية، ليتم بعدها تطويقها بالكامل من قبل رجال الامن ورجال القوات الخاصة كاجراء احترازي خشية عودة المتظاهرين للتجمع. واشرف على العملية الوكيل المساعد لشؤون العمليات د.مصطفى الزعابي الذي اشرف على سير العملية الامنية لحين انتهائها.
تظاهرة امام المخفر
في التوقيت ذاته، انطلقت امس تظاهرة اخرى في الساحة الترابية لقطعة 8 بمنطقة الصليبية، ووصل المتظاهرون حتى الساحة المقابلة لمخفر الصليبية، وحضر الى الموقع كل من الوكيل المساعد لشؤون المرور اللواء محمود الدوسري ومساعد مدير امن الجهراء العميد محمد الديين اللذين دخلا مع المتظاهرين في مفاوضات من اجل فضل التظاهرة سلميا، غير ان المتظاهرين رفضوا المغادرة واصروا على اكمال مسيرتهم حتى وصلت الى مخفر المنطقة، وعندها تدخل رجال القوات الخاصة الذين استخدموا القنابل المسيلة للدموع والمياه لتفريق المتظاهرين، واستمرت العملية لنحو نصف ساعة حتى انسحب جميع المتظاهرين وتمكن رجال الامن والمباحث من القبض على عدد من المشاركين وتمت احالتهم الى جهات الاختصاص.
80 متظاهرا في الأحمدي
أما مظاهرة البدون في الأحمدي فانتهت سلمية، اذ استمرت نحو الساعة بعدها انسحب المتظاهرون الذين قدر عددهم بنحو 80 شخص استجابة لطلب رجال الأمن دون ان يضطر رجال القوات الخاصة للتدخل، وكان المتظاهرون قد بدأوا تجمعهم في الساحة الترابية الملاصقة لمسجد الأحمدي ومعظمهم من العاملين القدامى في شركة نفط الكويت، الذين بدأوا ترديد النشيد الوطني وحملوا أعلام الكويت ولافتات تندد بالإساءة الى أبناء فئة البدون، وبعد ساعة من تجمهرهم قام رجال القوات الخاصة بمخاطبتهم عبر الميكروفونات وتدخل بعدها مدير أمن الأحمدي اللواء عبدالفتاح العلي الذي تفاوض مع المتظاهرين واستطاع اقناعهم بالانسحاب بعد أقل من ساعة على انطلاق تظاهرتهم لتنفض بشكل سلمي.
هذا وكشف مصدر أمني
لـ «الأنباء» ان رجال الأمن ألقوا القبض على عدد من المشاركين في تظاهرات تيماء والصليبية، فيما لم يتم القبض على أي شخص في تظاهرة الأحمدي، وقال المصدر ان الاعتقالات شملت عددا ممن قاوموا محاولات رجال القوات الخاصة لفض التظاهرات وبعضهم استخدم الحجارة لرشق آليات القوات
الخاصة، موضحا انهم سيحالون لجهات الاختصاص.
فيما كشف مصدر أمني آخر ان وزارة الداخلية ومنذ انطلاق الدعوة الى تظاهرات أبناء فئة البدون كانت قد شكلت غرفة عمليات خاصة تشترك فيها جميع القطاعات الأمنية وذلك للتنسيق من أجل الحفاظ على الأمن في المناطق التي دعي للتظاهر فيها.
وذكر مصدر أمني ان من بين الاجراءات التي ستتخذ بحق المعتقلين ان من لا يثبت عليه اي شيء سيتم اطلاق سراحه فورا، بينما سيواجه كل من شارك في رشق رجال الأمن او الاخلال بالأمن تهما سيتم اعلانها لاحقا.
ردود فعل نيابية
في سياق متصل، تباينت آراء النواب حول المظاهرة التي نظمها البدون ظهر امس في مناطق متفرقة من البلاد شملت الجهراء والصليبية والاحمدي، وان كان اغلب الآراء النيابية اتجهت نحو تحميل الحكومة مسؤولية تفاقم الاوضاع من خلال تراجعها عن حسم حل القضية وعدم الوفاء بوعودها غير مستثنين مجلس الامة من تهمة التقصير والتراخي في حسم هذا الملف الذي طال امده.
في هذا الاطار، قال النائب خالد الطاحوس في تصريح صحافي: نحن ندعم حرية الرأي والتعبير ومنح الحقوق المدنية للبدون، لكن المواجهات مرفوضة وأمن الكويت خط احمر.
وقالت النائبة د.رولا دشتي ان حرية التعبير والتجمعات السلمية حق للجميع في ممارستها لكن من غير المقبول التعدي على هيبة الدولة ورجال الامن.
وأضافت: على «الداخلية» والمتظاهرين الالتزام بالقانون والنظام العام، ونطالب الحكومة بتنفيذ القرارات المتعلقة بالحقوق الانسانية للبدون من دون تأخير وسنتصدى لجميع الضغوط حول اعادة الفوضى والعبث في ملف التجنيس، فأمن واستقرار الكويت خط احمر.
من جانبه، قال النائب علي الدقباسي ان استخدام العنف مع البدون لن يجدي وانصاف المستحقين منهم حق والحكومة تماطل فيما وعدت به في اجتماع لجنة البدون وحقوقهم الانسانية ستقر بتشريع تجنبا لمثل هذه الاضطرابات التي تشوه صورة الكويت.
من جانبه، قال النائب عدنان المطوع ان خروج المتظاهرين البدون هو نتيجة طبيعية لشعورهم بالخذلان من قبل السلطتين خصوصا في جلسة 8 الجاري. الى ذلك، قالت النائبة د.اسيل العوضي ان اقرار حقوق البدون الانسانية الاسبوع الماضي خطوة في طريق حل المشكلة ومن الافضل اعطاء فرصة لتنفيذها والتظاهر السلمي حق انساني لا يجب قمعه، وعلى «الداخلية» التعامل مع المتظاهرين بحكمة ووفق القانون ومن دون عنف.
وقال النائب د.يوسف الزلزلة: قلناها اكثر من مرة ان تعاطي الحكومة مع قضية البدون يدل على عدم جديتها في حل هذه القضية، والوعود التي اطلقتها امام اللجنة من ان جميع قراراتها سيتم البدء بها قبل جلسة 8 مارس ذهبت ادراج الرياح، لذلك اصبح من الضروري اقرار الحقوق المدنية للبدون بقانون ولا يليق ان يتحول اعتصام البدون للمطالبة بحقوقهم الانسانية الى صدامات من قبل رجال الامن. وقالت النائبة د.سلوى الجسار ان ما يقوم به المتظاهرون من المقيمين بصورة غير قانونية امر مرفوض ويؤزم حل اوضاعهم رغم تأييدنا لنيل حقوقهم المدنية، وعلى «الداخلية» العمل على حفظ امن البلاد.
وقال النائب عدنان عبدالصمد ان التجاهل الحكومي للحقوق الانسانية للبدون زاد المشكلة تعقيدا. اما النائب مبارك الوعلان فقال متسائلا: الى اين يريد المعارضون لإعطاء البدون حقوقهم الوصول بالكويت؟!
من جانبه، قال النائب مسلم البراك انه امر مرفوض ان يتحول اعتصام البدون للمطالبة بحقوقهم الى صدامات من قبل رجال الامن.
ليتش: الأداء الحكومي بطيء في التعامل مع مشكلة البدون
قالت مديرة البحث في منظمة اللاجئين الدولية د.مورين ليتش التي حرصت على التواجد في تيماء بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث انطلقت تظاهرة لبعض ابناء فئة البدون إن لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه ومن غير المعقول قمع المتظاهرين ومنعهم من اسماع صوتهم للعالم، وانتقدت الأداء الحكومي في تعامله مع قضية البدون قائلة ان الاجراءات الحكومية بطيئة ولا تلبي الطموح ولا تحل المشكلة، ووجهت رسالة الى الحكومة قائلة اتمنى ان يتم حل مشكلة البدون بإعطائهم حق المواطنة ومنحهم الجنسية فكل إنسان
من حقه ان يكون له جنسية ووطن وحقوق إنسانية.
لقطات من قلب الحدث
* كانت أعداد المتظاهرين في منطقة تيماء أقل بكثير من الأعداد التي شاركت في التظاهرات التي شهدتها ذات المنطقة قبل أسبوعين.
* رفع المتظاهرون في تيماء والصليبية أعلام البلاد وصور صاحب السمو الأمير، ولافتات أخرى تندد ببعض الشخصيات النيابية.
* كشف مصدر أمني عن وجود تنسيق مشترك بين قادة المظاهرات في كل من تيماء والصليبية، في حين قال ان مظاهرة الأحمدي التي انتهت سلمية كانت بعيدة عن التنسيق.
* تعامل رجال مباحث الصليبية بعنف مع بعض الزملاء المصورين وقاموا باحتجازهم رغم إبراز الزملاء لهويات عملهم، وقاموا باقتيادهم الى مخفر الصليبية قبل أن يتدخل مدير العلاقات العامة العقيد عادل الحشاش ليطلق سراحهم.