على ضوء مقالاتنا السابقة ذات العلاقة بالتركيبة السكانية وقوة العمل وقطاع العمل والتي اوضحت اعداد الكويتيين وغير الكويتيين العاملين في القطاعين العام والخاص وكذلك اعداد الجريمة ومعدلاتها،تأتي هذه المقالة استكمالا لتلك المقالات والتي ستركز على العلاقة بين قوة العمل وابواب المهنة وارتباطها بخطة التنمية، لا شك ان نجاح اي خطة تنموية اجتماعية واقتصادية تستلزم توافر العنصر البشري لتنفيذها الامر الذي يتطلب تناغم برامج التنمية مع التنمية البشرية.
ولا يخفى ان الخطط التنموية تحمل برامج طموحة في شتى المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها تتطلب عمالة مهنية مدربة سواء كانت وطنية أو وافدة، من هنا تأتي الأهمية بضرورة تكامل الأدوار بين الجهات الرسمية لإنجاح الخطة وبتنسيق تام وخاصة المؤسسات التعليمية التي تضطلع بالمسؤولية الكبرى في توفير احتياجات الخطة من العمالة الوطنية وتدريبيها وتنميتها لكي تؤدي دورها في برامج التنمية حيث لا يمكن ان تركز الخطة على النهضة العمرانية بإقامة المنشآت كالمدارس والمستشفيات ولا يمكن تشغيلها بمساهمة فعالة من العمالة الوطنية وتوجيه مخرجات التعليم الثانوي للتخصصات المهنية الفنية التي تشهد نقصا شديدا من العمالة الكويتية خاصة في المهن الطبية المساعدة.. عندما نشير الى خطة التنمية فإن اهم ما يجب ان يكون عليه هو الاهتمام بالتنمية البشرية واعداد الطاقات الوطنية وربطها باحتياجات التنمية الفعلية.
وبتحليل البيانات المتوافرة من الهيئة العامة للمعلومات المدنية لعام 2010 وفقا لأبواب المهنة في القطاع الحكومي في المجال الصحي نجد ان مهن الطب المساعد كفئة فنيي العلاج الطبيعي والاشعة والصيادلة والممرضات تشهد نقصا شديدا من العمالة الوطنية وفجوة تخصصية كبيرة بين الكويتيين الذكور والاناث في تلك التخصصات الطبية المساندة.
وبناء على ما سبق فإن معالجة ذلك الاختلال لن يتم بين ليلة وضحاها بل يتطلب سياسة تعليمية واضحة المعالم يتبناها المجلس الأعلى للتخطيط مع الجهات التعليمية ممثلة في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي ووزارة التعليم العالي لوضع استراتيجية تقوم على الأسس التالية:
ـ ربط مخرجات التعليم باحتيـــــاجات الخطط التنموية.
ـ العمل على زيادة الطاقة الاستيعابية في المعاهد وكليات الطب المساعد بتخفيض نسبة القبول فيها مقابل رفع نسبة القبول في التخصصات النظرية بحيث نستطيع ان نوجه مخرجات التعليم الثانوي الى ما يحتاج إليه المجتمع من تخصصات وتحقيق معادلة ربط مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.
ـ رفع مكافأة التخصص النادر للمهن الطبية المساعدة بدلا مما هو معمول به في الوقت الحاضر تشجيعا للطلبة والطالبات الدارسين فيها.
ـ تخصيص الجزء الأكبر من بعثات وزارة التعليم العالي الداخلية والخارجية لتخصصات الطب المساعد ومراجعة سياسة الابتعاث وفق احتياجات المجتمع من التخصصات من وقت لآخر الأمر الذي يتطلب قراءة وتحليل البيانات وربطها بخطة الابتعاث العلمي الداخلي والخارجي والنظر بعين الاعتبار للتخصصات التي تحتاجها قطاعات الدولة لبعض المهن التي تشهد نقصا من العمالة الوطنية.
ـ قيام اللجان المختلفة للمجلس الأعلى للتخطيط بتحديد الاحتياجات المطلوبة وفقا لبرامج الخطة.
ان تصحيح ذلك الخلل الوظيفي يكمن في تشجيع الشباب الكويتي على الالتحاق بتلك المجالات بتقديم الحوافز والبدلات التشجيعية اثناء الدراسة ورواتب مغرية بعد التخرج في اطار تصحيح هذه المعادلة الخاطئة نتيجة عدم ربط مخرجات التعليم باحتياجات المجتمع وسوق العمل ولكن للأسف ان ما يقدم لهذه الفئات لا يقارن بما يتم تقديمه من كوادر وبدلات وزيادات مالية كبيرة لمهن ووظائف تشهد اقبالا كبيرا من المواطنين مثل المهندسين والعسكريين والقانونيين، ولما كانت الجهات المعنية في الدولة بصدد تنفيذ العديد من المشاريع التنموية الكبرى خاصة في المجال الصحي المتمثلة في إنشاء العديد من المستشفيات وما يشهده القطاع الصحي من تطوير البنية الأساسية للمرافق الصحية القائمة بزيادة طاقاتها الاستيعابية فلنا الحق ان نتساءل ألا يتطلب ذلك الامر توفير العنصر البشري المؤهل لتشغيل تلك المرافق الصحية المستقبلية.