- المديونيات والقروض أهم ما يشغل المواطن في هذه الأيام
- محكمــة الجنايــات الدولية للأســف تتدخل فيهـا سياسـات الــدول
- القوانين الوضعية من صنع البشر ولا يوجد قانون كامل
- 80% مـــن قانــون الأحوال الشخصية مصدرها الشريعـــة الإسلاميـــة
محام من العيار الثقيل يعشق القضايا التجارية وهو علم في القضايا الجزائية، يبهرك بمرافعته أمام المحكمة ويأخذك بصوته الجهوري حينما يترافع، المهنة علمته الصبر على الموكل وعلى بطء الإجراءات وعلى التنقل من محكمة إلى أخرى. حديثنا اليوم عن المحامي ذائع الصيت سعود الشحومي الذي ترافع منذ سنوات عن المجني عليهما آمنة وكريمة اللتين تم اختطافهما وقتلهما في 2003، وهو المحامي الذي يعرف كيف يتعامل مع القضايا الصعبة من كل النواحي.
أرجو تعريف القارئ بالمحامي سعود الشحومي؟
سعود خليفة الشحومي، خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 2000، حاصل على الماجستير في القانون التجاري من جامعة «دلمون» بمملكة البحرين عام 2009 وفي سبيل التحضير لرسالة الدكتوراه، عضو جمعية المحامين الكويتية وعضو اتحاد المحامين العرب.
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج حتى الآن؟
أنا مستمتع جدا بهذه المهنة التي أعتبرها بيتي، وعندما أمارس مهنة المحاماة أشعر بمتعة ليس بعدها متعة، أشعر بأن العدالة تحتاج إلى رجال مخلصين في عملهم ويخافون الله عز وجل. وقد بدأت مشواري مع المهنة بمكتب أخي الأكبر أحمد الشحومي وعملت معه لعدة سنوات حتى فتحت مكتبي الخاص عام 2007.
المهنة تعني لي كل شيء
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
مهنة المحاماة تعني لي كل شيء، فهي تعني لي الحياة بكل ما فيها، بجوانبها الجميلة الممتعة أحيانا والقاسية أحيانا أخرى.
كثرة عدد المحامين
حدثنا عن هموم المهنة وأبرز مشكلاتها.
في السابق كان عدد المحامين قليلا جدا، حوالي 450 محاميا فقط، وكان كل محام يعرف المحامين الآخرين ويحترمهم، بينما اليوم فاق عدد المحامين الألف محام ولم نعد نرى مثل هذا النوع من الاحترام المتبادل بين المحامين والذي يسيء للمهنة بشكل واضح.
وهناك مشكلة أخرى تؤرق المحامين وهي أن هناك أناسا من أدعياء المهنة الذين لا يحق لهم أصلا ممارسة مهنة المحاماة لكنهم يمارسونها من وراء الكواليس، فهم يوهمون الموكل أنهم قادرون على كتابة صحف الدعاوى ومذكرات المرافعة ويقومون بالفعل بكتابة هذه الصحف ويقوم الموكل بتقديمها للمحكمة ثم يفاجأ بأنها غير سليمة أو غير مكتملة مما يجعله يبحث عن محام يقوم بالمهمة على الوجه الأكمل.
وقد يكون هذا سببا في تأخر نظر الدعوى أو الحكم فيها قبل توكيل محام حقيقي وهنا يخسر الموكل ماله ووقته فيما لا يفيد، فأنصح كل مواطن ومقيم بألا يلجأ في قضاياه لغير المحامين المسجلين لدى جمعية المحامين الكويتية وألا يميلوا نحو حلو الكلام من أشخاص لا هم لهم سوى جمع المال بغير وجه حق وبطريقة غير قانونية.
وهناك مشكلة أخرى تواجه المحامين وتتلخص في جانبين، أولهما: كيفية التعامل مع الموكلين، فهناك موكلون يقدرون مهنة المحاماة بينما هناك آخرون لا يقدرون متاعب المهنة ولا يعرفون أن المحامي يجتهد ويبذل قصارى جهده في القضايا التي توكل إليه، ويبقى التوفيق في البداية والنهاية من الله عز وجل.
أضف إلى ذلك أن كثيرا من الموكلين، مع الأسف، بعد أن تبذل معهم قصارى جهدك في قضاياهم وتحضر أمام المحكمة وتترافع وتحصل لهم على الأحكام التي طالما تمنوها، ثم تجدهم يتهربون من دفع مؤخر الأتعاب مما يضطر المحامي لرفع دعوى ضد موكله، الذي كان في يوم من الأيام يدافع عنه للمطالبة بدفع الأتعاب.
وهناك كثير من الموكلين الذين يأتون إلى المحامي بدافع العشم والمحبة وصلة القرابة والصداقة وغيرها مما يجعل المحامي عاجزا عن المطالبة بأتعابه في قضاياهم، وإذا تجرأ وطلبها تجد الكثير منهم لا يتفهمون الأمر ويعتبرون هذا المحامي غير ودود تجاههم.
الأمر الثاني أنني أعتب على الإخوان في جمعية المحامين، فقناعتي أن الجمعية منوط بها دور أرقى وأعظم من ذلك الدور الذي تلعبه في الوقت الراهن، فأنا أشعر بأن الجمعية للأسف بدأت منذ عامين أو ثلاثة في فقد روابط الصلة بين المحامين والجمعية.
فأخبار الجمعية لا نسمعها إلا بين الحين والآخر ومن خلال تجمعات المحامين، بينما كان الأمر في السابق مختلفا تماما، فقد كانت الجمعية تقيم الجلسات الودية والتجمعات المستمرة مع المحامين، والتي كانت تجعل المحامين في وضع أخوي وودي مترابط، أما الآن فنحن نفتقد هذا الأمر، وقد يكون هذا الأمر موجودا بالفعل إلا أننا فقدنا التواصل مع الجمعية.
وهناك نقطة في غاية الأهمية، انه على الجمعية أن تلعب دورا مهما في تنظيم مكاتب المحاماة، فأنا أرى أن مكاتب المحاماة تنتشر الآن في جميع المناطق بالكويت بطريقة عشوائية بلا تنظيم أو ترتيب، وأطالب الجمعية بالقيام بدور للحد من هذه العشوائية لمكاتب المحاماة، لأنني مستاء من وجود بعض مكاتب المحامين في أماكن لا تليق بالمهنة ولا بالمحامي ووقاره.
فليس على الجمعية بطبيعة الحال دور إلزامي، ولكن هذا رأيي الخاص ولا ألزم به الجمعية، وإنما أرجو أن يتم تقدير وجهة نظري في هذا الصدد، فمن المناظر التي تدعو للاشمئزاز أن ترى بإحدى البنايات لافتات تحمل أسماء محامين وأخرى على نفس المبنى تحمل أسماء صالونات لتجميل السيدات أو أسماء مطاعم للوجبات الخفيفة، وهذا يسيء للمهنة بشكل كبير.
مشكلات الإعلان
ما أهم مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
تكمن المشكلة الأولى والأكثر أهمية في موضوع «الإعلان»، فمع الأسف نحن نعتبر متخلفين جدا في هذا الموضوع عن الدول المتقدمة، ففي الدول الأخرى نجد أن الإعلان يتم الآن من خلال الحاسب الآلي عن طريق البريد الإلكتروني، ونحن نسمع منذ سنوات عن الحكومة الإلكترونية وللأسف مازلنا نعاني من تطبيق النظم القديمة في أمور غاية في الأهمية بعيدا عن التطور والتقدم في المجال الإلكتروني.
أما مشكلة التنفيذ فحدث ولا حرج، فقد تحصل على حكم محكمة نهائي وعندما تتوجه إلى إدارة التنفيذ تنتظر شهورا أحيانا للحصول على تنفيذ الحكم بسبب البيروقراطية الحكومية.
أما مشكلة ضباط الدعاوى فهي مشكلة أزلية أرجو أن يأتي اليوم الذي نسمع فيه عن إلغاء هذا النظام، فالكثير من ضباط الدعاوى ليسوا قانونيين مما يصيب المتقاضين بالضرر عند نظر الدعوى، ويؤدي إلى تعطيل القضاة عن عملهم بسبب سوء كتابة صحف الدعاوى، وأعتقد أن الكويت هي الدولة الوحيدة التي تعمل بهذا النظام الغريب.
فإما أن يستمر نظام ضباط الدعاوى ويجلس المحامون في بيوتهم، وإما إلغاء هذا النظام ويتولى المحامون القيام بدورهم الصحيح في العمل على تطبيق القانون والسير في الدعاوى كما تعلموا في الجامعات، مع كل احترامنا لكل العاملين بهذه الإدارة.
التجاري والجزائي أفضل
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
نحن في مكتبنا نقبل كل أنواع القضايا، التجارية والمدنية والجزائية والأحوال وغيرها، لكنني أعشق القضايا التجارية والجزائية بشكل خاص. فالقضايا التجارية، خاصة قضايا الشركات، تشعرني بالمتعة وقد يكون السبب في ذلك أن دراساتي العليا في القانون التجاري، كما أنني أشعر بأن القانون التجاري بحر ليس له قرار. أما القضايا الجزائية فهي تشعرني بمتعة الدفاع عن المظلومين والحصول على أحكام بالبراءة لكل مظلوم.
ما أهم قضية مرت عليك خلال عملك بالمحاماة؟
كانت قضية هزت الرأي العام في الكويت في العام 2003 كما هزتني أنا شخصيا، فقد كنت محاميا عن أهل الضحية وهي طفلة باكستانية قام مواطن باختطافها واغتصابها ثم قتلها في منطقة صحراوية. وقد ترافعنا أمام محكمة أول درجة وطالبنا بإعدام المتهم، وبالفعل بتاريخ 29/6/2003 قضت محكمة أول درجة بإعدام المتهم وإحالة أوراق الدعوى إلى محكمة الاستئناف العليا خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم.
وترافعنا من جديد أمام محكمة الاستئناف وطالبنا المحكمة بألا تأخذها رأفة ولا رحمة بالمتهم وأن تؤيد حكم الإعدام الصادر بحقه. وفي 28 مارس 2004 أيدت محكمة الاستئناف حكم أول درجة القاضي بإعدام المتهم. طعن المتهم على الحكم أمام محكمة التمييز، وفي 15 مارس 2005 رفضت المحكمة طعن المتهم وأيدت إعدامه. وقد تم تنفيذ الإعدام بالفعل في المتهم بعد تصديق صاحب السمو الأمير على الحكم.
هل يمكن أن تترافع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب الجريمة؟
أبدا لا يمكن أن أدافع عن متهم اعترف لي بارتكابه الجريمة، فنحن ندافع عن المظلومين وليس عن المجرمين.
جيد لو تم تفعيله
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
أعتقد أنه جيد لو تم تفعيله بالشكل الصحيح،، أي تفعيل الرقابة على تطور أداء المحامين الجدد والحفاظ على قدراتهم القانونية وتطويرها بشكل دائم وذلك من خلال الدورات التدريبية المكثفة ومنع البعض من افتتاح مكاتب محاماة بينما لا يزالون في طور التدريب.
مصدره الشريعة
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
حوالي 80% من قانون الأحوال الشخصية مصدرها الشريعة الإسلامية وبالتالي فهو قانون جيد ليست به شوائب كثيرة.
ما رأيك في قانون المرافعات؟
القوانين الوضعية هي من صنع البشر ولا يوجد قانون كامل من حيث المبدأ، فأي قانون يحتاج إلى نوع من التطوير لكي يتماشى مع التطور الذي يحدث في العالم كل يوم. ولابد من النظر إلى القوانين من وقت لآخر بنظرة متأنية لكي نحدد ما إذا كانت هناك أمور قد استحدثت في أمر ما يتعلق بهذا القانون أم لا، وهنا يتم تطوير مواد القانون بما يتناسب مع التطور الواقع في الحياة العملية.
الملاك يستغلون المستأجرين
ما عيوب قانون الإيجارات؟
بعض ملاك العقارات يستغلون المستأجرين بشكل مثير عندما يريدون طردهم من العين المؤجرة. فتجد المالك يتعذر بحجج واهية ولا يتسلم الأجرة من المستأجر حتى يوم 21 من الشهر ثم تجده يتوجه إلى المحكمة لرفع دعوى طرد ضد المستأجر الذي يجد أنه أمام حكم بالطرد واجب النفاذ ولا يستطيع فعل شيء تجاهه.
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
أرى أن الإبعاد الإداري حق للسلطة القضائية، وأيضا للإدارة لكن بشروط وضوابط، فلابد من اتباع الإجراءات القانونية كما يجب أن يمكن المتهم المبعد إداريا من أخذ حقه في التظلم من قرار الإبعاد الإداري ويكون التظلم أمام المحكمة حتى نضمن ألا يكون هناك نوع من الإجحاف أو سوء استعمال السلطة.
إما الجنسية وإما الرحيل
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وما الحل الأمثل لها؟
قضية البدون قضية إنسانية، وكان يجب على الحكومة أن تتعاطى مع هذه المسألة وهذا الملف بشيء من الوضوح منذ زمن بعيد، فتمنح الجنسية لمن يستحق ويخير الآخرون بين البقاء في الكويت معززين مكرمين وتمنحهم الدولة هويات تمكنهم من مباشرة العمل والزواج والدراسة والسكن والطبابة بشكل طبيعي، لأننا في دولة الخير، وبين الرحيل إلى بلادهم الأصلية، فمن غير المقبول أن نتعامل مع هذا الملف بهذا الشكل غير الإنساني. ولابد أن نفهم أن هذه القضية قضية دولية ومنصوص عليها في القانون الدولي.
ما تعليقك على المحكمة الجنائية الدولية؟
محكمة الجنايات الدولية للأسف تتدخل فيها سياسات الدول مما يفقدها حياديتها فيصبح الكثير من أحكامها تتسم بطابع سياسي غير حيادي وغير قانوني بحت.
هل يجوز للمحامي الكويتي أن يترافع أمام المحاكم الأخرى في الدول العربية؟
يحق له في أغلب الدول ولكن لابد من وجود إذن أو تصريح من الجهات المختصة بتلك الدول.
التحكيم التجاري
ماذا يعني لك التحكيم؟
التحكيم أكثر من جيد في القضاء التجاري، بل هو مطلوب في كثير من الأحيان، لأن التجارة تتطلب سرعة البت في القضايا، بعكس القضايا الأخرى التي لا تملك فيها أي استعجال أو أن عنصر الوقت فيها ليس بهذه الأهمية، ورغم ذلك التحكيم لا يمكن أن يحل محل المحاكم التقليدية في يوم من الأيام.
ما أهم القضايا العامة التي تهم المواطن الكويتي؟
ديون المواطنين أهم ما يشغل الشارع الكويتي والمواطن الكويتي.
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
الصبر. فهذه المهنة تتطلب الصبر على كل المستويات، الصبر على الموكل، والصبر على سير الدعوى، والصبر على بطء الإجراءات في بعض الأحيان، والصبر على التنقل من محكمة إلى أخرى والذي يضيع الكثير من الوقت.
هل هناك ما تود إضافته؟
أشكر جريدة «الأنباء» على هذا اللقاء، فهذه الجريدة تتميز دائما بالمصداقية ودقة الخبر ولا أملك إلا أن أقدم شكري وتقديري لجريدتكم الغراء.