- الإبعـــاد الإداري قـــد يصاب بالانحراف أو التعسـف
- المحكمة الجنائية الدولية خطوة مهمة في التاريخ البشري
- قانــــون المحامــــاة بحاجــة لتعديلات عديـدة منها إنشاء نقابة للمحامين
- قانـــون الجزاء الكويتي يحتــاج لتطويــر المـــواد المتعلقة بالجرائم الإلكترونية
هو محام كبير وخبير دستوري معروف، امتهن المحاماة منذ سبعة عشر عاما بلغ فيها مكانة مرموقة في عالم المحاماة وتبوأ مكانة مرموقة بين أقرانه. ترافع في قضايا كبرى ومهمة وكان له باع طويل في القضايا التجارية المحلية والدولية. إنه المحامي لبيد عبدال الذي علمته المحاماة الصبر واكتسب منها الخبرة الكبيرة في التعامل مع الموكلين والمحاكم بأنواعها. أنشأ شركة محاماة كبرى على نمط الشركات الدولية وبها قسم أجنبي خاص للقضايا التي تنظر في دول أجنبية.
أرجو تعريف القارئ بالمحامي لبيد عبدال.
المحامي لبيد محمد عبدال، خريج كلية الحقوق جامعة الكويت عام 1992، وحاصل على الماجستير في القانون العام سنة 2003 من جامعة الكويت أيضا. وأنا عضو جمعية المحامين الكويتية، وعضو المحكمة الجنائية الدولية، وعضو نقابة محامي المحكمة الجنائية الدولية بهولندا، وعضو معهد المحكمين الدوليين بلندن، وعضو اتحاد مكاتب المحاماة الدولية بواشنطن دي سي، ومحكم دولي في العديد من مراكز التحكيم الخليجية والدولية.
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج حتى الآن؟
المحاماة مهنة تتميز بالحرية وترتبط بالتجارب العملية المتجددة بشكل دائم، وبالتالي لا يكون المشوار المهني رتيبا أو مملا، بل كان المشوار مليئا بتنوع التجارب والتحديات المهنية المحلية والدولية. وعقب تخرجي من كلية الحقوق بدأت التدريب مباشرة في مكتب الوقيان للمحاماة والاستشارات القانونية حيث عملت به لمدة عام تقريبا، ثم فتحنا مكتبنا الخاص للمحاماة، والذي نمارس فيه مهنة المحاماة منذ عام 1993 وحتى الآن.
إحقاق الحق
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
المحاماة تعني إحقاق الحق، وتوصيل صاحب الحق لحقوقه بصورة عادلة وكريمة، وهي فن مهني يمكن من خلاله التخفيف على الناس وتمكينهم من استشعار دفء العدالة، وقوة الإنصاف.
هلا حدثتنا عن هموم المهنة وأبرز مشكلاتها؟
المهنة بحاجة لتطوير دائم، ولعل أبرز مشكلاتها بطء التقاضي، فلابد من توسعة وتطوير المحاكم، وزيادة الكوادر المدربة، كذالك مطلوب التآزر المهني، وتوطيد العلاقة بين القضاء الواقف والقضاء الجالس. مع وضع خطة عمل يتم توخي المستقبل بشأنها والنظر لمصلحة الأجيال الجديدة في هذه المهنة من حيث استمرار خطط التدريب، وزيادة المهارات المهنية، وتعلم اللغات العالمية، والالتحاق بالدورات التنشيطية التي يعقدها معهد الدراسات القضائية، ومد الجسور بين القضاء الجالس والقضاء الواقف، والاتجاه إلى المزيد من التخصص بشأن المحامين وكذلك القضاة.
مبان حديثة للمحاكم
ما أهم مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
أهمها ضرورة وجود كوادر إدارية مدربة مساندة للقضاء، مع القدرة على تيسير عمل القاضي، كتوزيع الجلسات، وتنظيم ومتابعة ملفات الدعاوى حتى صدور الأحكام، بحيث يركز القاضي على الجانب الفني القانوني في التحليل والدراسة وإصدار الأحكام، دون تأثير للتأخير أو التعطيل بسبب نقص الكوادر، أو ضعف إمكانياتها، او ضعف تدريبها على الوسائل الإدارية والتكنولوجية الجديدة.
بالإضافة إلى أهمية وجود المباني الحديثة والذكية المملوكة للسلطة القضائية، والمصممة هندسيا خصيصا لدور المحاكم، من حيث حجم القاعات، وتحديد موقع منصة القاضي، وموقع ممثل النيابة او ممثل الادعاء، وكذالك مكان جلوس المتقاضين والشهود، والتي يجب أن تكون مجهزة بأجهزه متطورة في مجال أجهزة الحاسب الآلي، وأجهزة العرض للصور والڤيديو، والوسائل الصوتية، وأجهزة الربط المتلفز أو عبر الإنترنت، بين القاعات والسجون، وغيرها من الوسائل المتطورة، مما ينعكس حتما على سرعة الفصل في القضايا، وتحاشي منغصات تأخير العدالة لأصحاب المطالبات، وتوفير الضمانات الكافية لأصحاب الحقوق والحريات العامة.
فقد أثبت الواقع عدم جدوى استخدام المباني المستأجرة، والتي لم تكن في الأصل بنيت كمحاكم، مما يتطلب التعديلات الهندسية، لجعلها تناسب حاجات المحاكم، مما يجعلها مباني فاشلة عمليا، ولا تحقق الغرض، لأنها قد صممت للتأجير التجاري البحت، وبأبخس التكاليف، التي لا تتلائم مع طبيعة الهيبة المطلوبة في التصميم الهندسي لمعنى كلمة المحكمة، والتي يلجأ إليها المظلوم لطلب العدل والإنصاف، واسترداد حقوقه المهدرة، وتبقى لا توحي بالوقار الهندسي المطلوب عالميا في هذا الخصوص.
التجاري والمدني
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
نحن نتناول القضايا التجارية والمدنية، والتحكيم الدولي، وكذلك القضايا الجنائية الدولية.
ما أهم القضايا التي ترافعت فيها أو صادفتك؟
قضايا تنظر أمام القضاء الكويتي، وتنظر أمام القضاء الدولي بنفس الوقت، وتتطلب الربط بين التجربة المحلية وأخذ الآثار الإيجابية للقوانين الأجنبية، والتي تشكل تطبيقات مزدوجة من حيث الأصل الجنائي وما يرتبط به من دعاوى مدنية والتي يكون فيها تنازع الاختصاص فيما بين جهات التحقيق وجهات الفصل.
وعلى سبيل المثال شكلت إحدى القضايا التي قمنا بمباشرتها اجتهادات كبيرة وعميقة بشأن مدى اختصاص النيابة العامة بنظر القضية وكذلك لجنة التحقيق الدائمة الخاصة بمحاكمة الوزراء. فقد دفعنا بعدم الاختصاص الولائي بشأن التحقيقات التي أجريت بشأن ما وجه لموكلنا في هذه الدعوى من اتهامات والتي كانت من جهة النيابة العامة، بينما في واقع الأمر وحقيقته كان الاختصاص منعقدا للجنة التحقيق الدائمة الخاصة بمحاكمة الوزراء، حيث كان يتطلب قانون محاكمة الوزراء أن تختص تلك اللجنة بمحاكمة الوزير الذي وجهت له هذه الاتهامات وكذلك بعض المتهمين الذين وجهت لهم وله نفس الاتهامات في نفس الدعوى.
فقد تم تداول هذه القضية أمام القضاء الكويتي، وكان الحوار حول الاختصاص بشأنها جوهريا، وأدى في أجزاء منه إلى الجمع بين المتهمين وفي أجزاء أخرى إلى الفصل بينهم. وقد تم نظر عدد كبير من الدعاوى المدنية المتعلقة بهذه القضية تتراوح قيمتها بين مائة ألف دولار ومائة وعشرين مليون دولار، والتي صدرت بشأنها أحكام مدنية برفض المطالبات المزعومة من الشركة المدعية ضد موكلنا، وأصبحت الأحكام نهائية.
وقد أصبحت هذه الأحكام الآن حجة على الدعاوى الجزائية لأنها حازت حجية الأمر المقضي، والتي تحمل أثرا مباشرا لدحض الدعوى الجزائية وإضعاف كل ما بها من أدلة مزعومة من الشركة المدعية.
هل يمكن أن تقبل الدفاع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب الجريمة؟
هذا الأمر يتطلب دائما قراءة ملف الدعوى، لمعرفة الحقيقة، وبالتالي تقرير الوقوف من أجل الحق والعدل، وليس ما سوى ذلك.
فملف الدعوى هو السبيل لكشف واقع الدعوى، وعلى هذا الأمر يثور مسألة تدقيق الدليل، ومنع الحكم على القضية من خلال وسائل الإعلام.
نقابة المحامين ضرورة
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
هو بحاجة لتعديلات عديدة، منها إنشاء نقابة للمحامين، وإيجاد حصانة لمكاتبهم، والتشديد على محاربة أدعياء المهنة، وإيجاد نظام التأمين ضد المسؤولية المهنية، وعمل صندوق ضمان اجتماعي للمحامين لتغطية حالات العجز والمرض والوفاة، ومطلوب تكثيف الجهود في هذا الاتجاه من خلال الجمعية الحالية، حيث ان تعديل القانون يتطلب التواصل مع أعضاء مجلس الأمة، لعمل التعديلات اللازمة، لتحقيق إضافات فعلية ونافعة لجموع المحامين.
قانون ضد الرجل
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
لابد من تحقيق التطور في شأن نطاق تطبيقات الطوائف والملل والديانات الأخرى، وكذلك التوازن مع حقوق الرجل، كأب لأبناء، وكذلك كزوج، فلابد من عدم تجاهل تلك الحقوق المرتبطة بدوره. كما أنه من الواجب إعادة التوازن وحماية حقوق الرجل في هذا القانون. إذ انه يميل بشكل كبير إلى حماية حقوق الزوجة دون إعطاء العناية الكافية لحقوق الرجل، خاصة أن الرجل في العلاقة الزوجية هو الأب الذي له حقوق في الاطمئنان على أمانة الزوجة لحضانة الأطفال وله حقوق في رؤيتهم رؤية كافية لإشباع فطرته كأب للأطفال، وكذلك الالتزام بما يحمل به من نفقات قد تفوق الحقوق المعتادة. فكثيرا ما تأتي تطبيقات هذا القانون مجحفة بحق الأب والزوج وتشكل آلاما نفسية ومعاناة أمام الإخفاق والتجاهل لحقوقه.
ماذا ترى في قانون المرافعات؟
هو بحاجة للتعديل بشأن العديد من المسائل، كاعتماد تبادل الاطلاع بين مكاتب المحاماة، لمنع الإطالة في التأجيل أمام المحاكم، وإعلان الأوراق القضائية خارج البلاد بواسطة شركات البريد السريع حول العالم.
الجرائم الإلكترونية
ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟
هو أيضا بحاجة للتطوير بشأن الجرائم الإلكترونية، والتي بحاجة لمواءمة تطورات العصر، سواء في مجال السرقات، أو النصب، أو التدليس، أو الاعتداء على الاعتبار، وكذلك قضايا الإرهاب والتي تقع جميعها على الإنترنت.
تمييز أحكام الإيجارات ضرورية
هل هناك مثالب أو عيوب في قانون الإيجارات؟
لابد من إعادة النظر بشأن التقاضي على ثلاث درجات، والتيسير في شأن الطعن بالاستئناف، فالقانون الحالي يقيد حق المستأجر في هذا الجانب دون مبرر منطقي. إذ انه كثيرا ما تكون هناك أخطاء قانونية في الحكم الصادر من دائرة الإيجارات بمحكمة الاستئناف مما يتطلب الطعن عليه أمام محكمة التمييز لوجود خلل كبير في هذا الحكم.
وهذا بالطبع يشكل إخفاقا شديدا بشأن حماية الحقوق القانونية للمستأجر، بل إنه يخالف الدستور الذي كفل حق التقاضي لجميع المواطنين والمقيمين في المساكن بالكويت. والكياسة التشريعية تستوجب تعديل هذا القانون وإعادة الأمر إلى حالته الطبيعية والتي تقوم على التقاضي على ثلاث درجات لحماية حقوق جميع الأطراف.
جمعية المحامين هي الممثل الشرعي
إلام يهدف بعض المحامين من السعي لإشهار اتحاد مكاتب المحامين؟
لا نجد هنالك سندا صحيحا في هذا الجانب، إذ يوجد ممثل شرعي للمحامين، وهو جمعية المحامين الكويتية، وياحبذا لو تندمج الجهود من أجل عمل نقابة لجميع المحامين، بدلا من الانقسام غير المحمود وغير العملي، فالاتحاد المزعوم كائن هجين، ولا يحقق نفعا، وضرره أكثر من فائدته، خاصة فيما يسببه من الازدواجية والشتات.
هل لهذا تأثير سلبي على جمعية المحامين الكويتية؟
كما أوضحنا، لا يؤثر هذا الأمر على الجمعية الحالية، فهي الممثل الشرعي الوحيد للمحامين، وذلك حسب قانون تنظيم مهنة المحاماة، والأثر السلبي يتضح في عدم دمج الجهد لتطوير القانون الحالي، وعمل النقابة للدفاع أكثر عن مصالح المهنة وجموع المحامين والمحاميات.
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
الإبعاد الإداري مسألة ترجع لوزارة الداخلية في بعض الحالات، ويفضل عدم التوسع بشأنها، مع إعطاء القضاء حق المراجعة بشأنها، خاصة أننا في الواقع أمام قرار إداري، قد يصاب بالانحراف، أو التعسف في بعض الأحيان.
منح الجنسية لمن يستحقها
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وكيف ترى الحل الأمثل لها؟
قضية البدون، مسألة بحاجة لفرز الحالات، ومنح الجنسية لمن يستحقها، أما من يثبت أنه لا دولة ينتمي لها، فلا مانع من وضع نظام إداري يسمح بمنح الإقامة لتسهيل الحاجات الضرورية لهم، كالصحة والتعليم والزواج وغيرها من الحاجات الإنسانية.
حدثنا عن المحكمة الجنائية الدولية.
المحكمة الجنائية الدولية، خطوة إنسانية هامة في التاريخ البشري، على اعتبار أنها الخطوة الحديثة لمساءلة بعض قادة الدول والقيادات جنائيا، وبالتالي عدم إفلاتهم من المساءلة الدولية عما يرتكبونه من جرائم، كجرائم الحرب، والجرائم ضد السلم.
هل يحق لمحام كويتي أن يترافع أمام المحاكم الأخرى في دول مجلس التعاون أو غيرها من الدول العربية والأجنبية؟
هذا الأمر يتعلق بالمعاملة بالمثل بين الدول، وغالبا ما يتطلب موافقة النقابات الدولية والمحاكم المحلية للدولة الأخرى، على اعتبار أن ساحة المحكمة تعتبر جزءا من سيادة الدولة.
التحكيم وسيلة لاختصار الوقت
ماذا ترى في التحكيم؟
التحكيم يعتبر من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، ويعد أسلوبا قائما على الاتفاق المقدم، بحيث يتفق على اللجوء للتحكيم في حال نشوء أي نزاع، ويتفق مسبقا على القانون الذي سيطبق، وعدد المحكمين الذين سيتولون النظر في الخلاف. ويعد التحكيم وسيلة جيدة لاختصار الوقت والتكاليف، والمرونة بين الأطراف للوصول لتسوية النزاع.
هل يمكن أن يحل التحكيم في يوم ما محل المحاكم التقليدية؟
لا يمكن أن يحل التحكيم محل القضاء، إنما يعد التحكيم وسيلة بديلة، حيث يتفق الأطراف على عدم اللجوء للقضاء، وإنما اللجوء للتحكيم أمام محكم فرد، أو أمام تحكيم مؤسسي، كاللجوء لمراكز التحكيم الخليجية، أو الدولية.
ما أهم القضايا التي تهم الشارع الكويتي؟
تهم الشارع الكويتي غالبا، القضايا المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، كحرية الصحافة، حرية التعبير، حرية الأديان، حرية التجمعات، وكيفية تناول الأمر أمام القضاء.
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
أهم دروس المحاماة هي أن المهنة تعلم الصبر، وأهمية وضع خطة قانونية للعمل القانوني، وكذلك أهمية الاستعداد في المحاكم، وفي الحياة بشكل عام.
هل لديك ما تريد إضافته أو ترى أننا نسينا شيئا لم نسألك عنه؟
لابد من التطوير الدائم للخدمات في مجال العدالة، لأنه سيرتبط عمليا مع أي خطط للدولة لعمل مرفق العدل، وخطط التنمية المحلية عامة، وكذلك يدعم اتجاه الدولة للتحول لمركز مالي، فلن يكون هذا ممكنا دون وجود جهاز قضائي حديث متدرب متخصص قادر على ضمان التطبيقات الحديثة للقوانين الاقتصادية والاسثتمارية العالمية الجديدة بصورة عادلة وفعالة وشفافة وسريعة وقادرة على تحقيق أعلى المراتب في التصنيفات العالمية في مجال الإصلاحات والتطوير القضائي في المجال التجاري، والمدني، وكذلك مجال التطبيقات الجنائية.