-
كان لوالدتي رحمها الله الفضل العظيم عليّ بعد الله سبحانه وتعالى فيما وصلت إليه
-
قانون الأحوال الشخصية أنصف الرجل تماماً كما أنصف المرأة
-
الإبعاد الإداري في كثير من الأحيان يكون بسبب بلاغات كيدية
-
أحــرص علـى تضميـن شرط التحكيم في عقـــود الشركات التي أقـوم بإعدادها لأنه السبيل الأنسـب لمثل هـذه الأنشطة
محامية كويتية دخلت المهنة بعد أن قضت جل عمرها في التعامل مع القانون ولكنها لم تبتعد عنه. عملت في البداية بوزارة التربية ثم انتقلت لوزارة العدل وتدرجت في الوظائف حتى وصلت إلى رئيس تنفيذ أحكام ثم مراقب المؤسسات الإصلاحية والعفو الأميري.
علمتها الحياة أن تتقي شر من أحسنــت إليه، بعد أن تبين لها أن الكثير من الناس عانوا الأمرين أمام المحاكم من أناس طالما أحبوهم ووثقوا بهم.
إنها المحامية سلوى الطراروة التي أثرت العمل القانوني بوزارة العدل قبل أن تقدم استقالتها وتتفرغ للمحاماة فبدأت بالمهنة من حيث انتهى الآخرون حيث سجلت محامية بالتمييز والدستوريــة العليا، «الأنباء» التقت الطراروة وفيما يلي التفاصيل:
تعريف بالمحامي: الاسم، الكلية، الجامعة، سنة التخرج، الدراسات العليا (إن وجدت).
سلوى عبدالله عيسى الطراروة خريجة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 1993 وأنا عضو جمعية المحامين الكويتية بدرجة قيد تمييز ودستورية عليا وفي طريقي للحصول على عضوية اتحاد المحامين العرب، وحصلت على دورات في التحكيم التجاري بإجمالي 46 ساعة.
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج وحتى الآن؟
قبل أن أتحدث عن مشواري مع المحاماة أحب أن أتوجه بالدعاء والشكر الجزيل إلى صاحبة الفضل العظيم علي وهي والدتي رحمها الله فهى السبب بعد الله سبحانه وتعالى في وصولي إلى ما وصلت اليه، فكل نجاح في مسيرتي أهديه لها سائلة المولى أن يرحمها وينير قبرها.
أما عن مشواري فبعد تخرجي عملت بوظيفة باحث قانوني بوزارة التربية ولم أبدأ مشواري بالعمل بالمحاماة بسبب زواجي مبكرا فأعطيت الأولوية لبيتي رغم أني أعشق هذه المهنة. لكن لحاجتها لقضاء وقت طويل خارج المنزل لم ابدأ حياتي العملية بها.
وفي عام 1994 التحقت بوزارة العدل للعمل بإدارة التنفيذ الجنائي والاتصالات الخارجية. وحيث تتنوع القضايا الجنائية والإنتربول الدولي والمرور وجدت نفسي في ذلك العمل لحبي لمجال القانون الجزائي. وفي عام 1995 شغلت منصب رئيس تنفيذ أحكام المرور. وفي عام 2004 شغلت منصب رئيس تنفيذ أحكام الجنح وبعدها ترقيت لمنصب مراقب المؤسسات الإصلاحية والعفو الأميري.
وقد أفادتني تلك الخبرات كثيرا في عملي بالمحاماة حيث سجلت بجمعية المحامين الكويتية لأواصل مسيرة العمل القانوني محققة ما كنت أصبو إليه. والفضل في ذلك لله أولا وثانيا لزوجي وتشجيعه لي لأخوض المجال بكل قوة في المهنة التي أحبها.
نصرة المظلوم
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
مهنة المحاماة هي منتهى العدالة وهي المساواة ونصرة المظلوم وإعلاء كلمة الحق والجرأة والقوة والشجاعة والقيم النبيلة.
حدثينا عن هموم المحاماة وأبرز مشكلات المهنة.
للأسف المحامي، رغم أنه هو الذي ينشد العدالة ويحارب الظلم، فهو أكثر إنسان مظلوم إذ انه ينسب إليه التقصير رغم أن سببه يعود للروتين وإطالة الاجراءات رغم أنه لا يد له في ذلك ولا أخفيك سرا أن المحامي يلاقي الأمرين لدى تحصيل أتعابه.
ما أهم مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
بطء التقاضي هو أهم المشكلات، والسبب الرئيسي في ذلك مشكلات الإعلان التي تؤدي إلى تأجيل الجلسات كثيرا وكذلك مشكلات التنفيذ بما يؤدي إلى تأخير الفصل في القضايا وحصول المتقاضين على حقوقهم.
ما نوع القضايا التي تحبين أن توكل إليك؟
حبي الأول دائما للقضايا الجزائية لأنها هي التي تبرز مهارات المحامي، ويقف فيها المحامي أمام القضاء مترافعا متحاورا مع مواد القانون متفننا في إقناع القاضي ببراءة موكله بالحجة والبرهان ومطالبا بإظهار الحق ودرء الظلم، مما يبعث في نفس المحامي الجرأة والثقة بالنفس. أما القضايا الأخرى فلا يستطيع المحامي الترافع فيها مثل الجزائي لأن القاضي يكتفي بالمرافعة المكتوبة في الغالب.
ما أهم قضية ترافعت فيها أو صادفتك؟
في مجال القضاء الجزائي أهم قضية ترافعت فيها كانت قضية اشتراك في جريمة قتل والتستر على مجرم هارب وقد كان المتهم الذي ترافعت عنه بريئا وكنت واثقة من ذلك حيث تم القبض عليه وحبسه ظلما. فقد تم اتهامه بأنه تستر على مجرم هارب في مزرعة بعيدة عن بيته وعن أعين رجال المباحث. إلا أنني قمت بجمع الأدلة على براءة هذا المتهم الذي لم يكن يعلم بجريمة القتل التي قام بها المتهم الآخر ولم يقم بالتستر عليه. ولله الحمد فقد قضت المحكمة ببراءة موكلي مما نسب إليه.
وفي مجال قضاء الأحوال الشخصية أهم قضية ترافعت فيها هي دعوى طلاق للضرر أقامها زوج بطلب القضاء بتطليق زوجته للضرر. وكانت أهمية تلك الدعوى أن المتعارف عليه دائما أن الزوجة هي التي تطلب الطلاق للضرر، لكن في دعوانا تلك كان الزوج هو صاحب هذا الطلب لأن زوجته كانت هي من أساءت إليه بهجرها له وذهابها لبيت أهلها دون رضاه.
وقد طالبت كذلك برد المهر وتعويض الزوج عما أصابه من أضرار من تجهيز العرس ومصروفات الزواج الباهظة وتجهيز بيت الزوجية. وقد قضت المحكمة بطلباتي كاملة بتطليق الزوجة للضرر مع استعادة المهر وتعويض الزوج عما أصابه من ضرر.
أما في مجال القضاء الإداري فأهم قضية ترافعت فيها هي قضية «غير محددي الجنسية» حيث تم حرمان طفلة من غير محددي الجنسية من أم كويتية من التعليم المجاني في مدارس وزارة التربية. وقد قضت المحكمة بإلزام وزارة التربية بتعليم هذه الطفلة تعليما مجانيا كونها من أم كويتية.
هل يمكن أن تقبلي الدفاع عن متهم وأنت تعلمين أنه مرتكب الجريمة؟
عندما تعرض القضية أمامي للوهلة الأولى أنظر إلى تطبيق القانون وصحة الإجراءات المتبعة في القبض على المتهم وأدلة إدانته، ذلك أن مراعاة الحريات والحقوق التي كفلها الدستور يجب أن تكون لها الأولوية. وبعد هذا إذا اعترف المتهم لي بارتكابه الجريمة فلا أتردد في قبول القضية اذا ما التمست له وجه عذر في الدعوى أو الظروف والملابسات التي أحاطت بارتكابه الجريمة، ذلك أنه ليس كل إنسان مجرما بطبعه. وهناك من الناس ما توقعه الظروف فجأة في هوة ارتكاب الجريمة مثل القتل في حالة الدفاع الشرعي مثلا، ويكون دور المحامي أيضا مطلوبا حتى لو أنه علم بعدم براءة المتهم، إذ أن دورنا الاساسي هو التماس العدالة المتناهية بالتطبيق السليم لنصوص القانون، وهو نفس الهدف الذي يجعل القضاء يفصل في الدعوى بالطريقة الذي يتم بها الفصل فيها، فتتم محاكمة المتهم رغم اعترافه أمام النيابة العامة وسماع أوجه دفاعه، حتى تتحقق المحاكمة العادلة. وهنا يبرز دور المحامي كأحد ركيزتين لإظهار وجه العدالة في النظام القضائي. فنحن كمحامين لا ندافع عن الجريمة وإنما ندافع عن تطبيق قواعد العدالة المطلقة والمحاكمة العادلة.
وذلك هو ذات الاتجاه الذي طبقه المشرع الجزائي الذي قرر حالات معينة يمتنع القاضي فيها عن النطق بالعقاب رغم ثبوت ارتكاب المتهم للجريمة، فيكون للقاضي إذا ما توافرت شروط معينة أن يمتنع عن النطق بالعقاب. فالمحامي هنا، وهو القضاء الواقف، يعاون القضاء الجالس في الكشف عن ظروف وملابسات الجريمة وبيان وجه الحق والعدالة فيها، علما بأن المتهم الذي تتوافر له ظروف معينة تجعل القاضي يمتنع عن النطق بعقابه أو يلتمس له ظرفا مخففا، ونبعده عن غياهب السجون لربما يعود هذا الشخص للمجتمع إنسانا صالحا ولا يعود للجريمة مرة أخرى.
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
قانون المحاماة الحالي يحتاج إلى تعديلات فيه أوجزها فيما يلي:
أولا: إضافة نص يعطي الحق للمحامي الذي يعمل في الشركات أو المؤسسات أن يترافع عن أقاربه حتى الدرجة الثالثة على الأقل وهذا النص موجود في العديد من التشريعات العربية، وهو نص وجوده منطقي في قانون المحاماة الكويتي بالنظر لطبيعة المجتمع الكويتي.
ثانيا: أن يتاح للمحامي الطعن على قرار المجلس التأديبي أمام محكمة التمييز إذ ان القانون قد قصر الطعن على درجة واحدة بالاستئناف فقط رغم خطورة بعض القرارات التي يتخذها المجلس. لذا يجب عدم حرمان المحامي من الطعن أمام محكمة التمييز.
كيان الأسرة
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
نعم أرجو أن يتواكب قانون الأحوال الشخصية مع متطلبات العصر بحيث يكون مرنا. فنحن لا نختلف على الأحكام العامة التي تضمنها القانون ومطابقة للشريعة الإسلامية لأن ديننا الإسلامي ولله الحمد لم يغفل عن أي جزئية تصون كيان الأسرة والمجتمع، فأعطى المرأة حقوقها وأعطى الرجل كذلك، لكن للأسف يفهم البعض أن قانون الأحوال الشخصية الكويتي دائما مع المرأة ويظلم الرجل وهذا الكلام غير صحيح بدليل أنه حتى في الخلع الذي قرره المشرع لتتمكن من إنهاء رابطة زوجية غير سليمة تعاني الأمرين منها لا تنتهي هذه الرابطة بالخلع بمجرد توجه الزوجة إلى المحكمة كما يفهم البعض ويردد أن المرأة تطلق زوجها وأن القانون معها ضده في حين أن الزوج في حالة الخلع يجب أن يرتضي المخالعة. إذن كيف يمكن القول بأن القانون أنصف المرأة على حساب الرجل؟
ماذا ترين في قانون المرافعات؟
قانون المرافعات الكويتي من التشريعات الشاملة الموضوعة بعناية وحرفية ولا تحفظ عليه البتة.
ما رأيك في اتحاد مكاتب المحامين؟ وهل لهذا تأثير سلبي على جمعية المحامين؟
اتحاد مكاتب المحامين لا أدري سبب تواجده على الساحة رغم وجود جمعية المحامين والدور الذي تقوم به، ودائما أتساءل: ما المبرر وراء إنشاء هذا الاتحاد خاصة في مجتمع صغير كمجتمعنا الذي لا يحتمل التشتت وراء أكثر من جهة تتولى تنظيم المهنة.
ماذا ترين في الإبعاد الإداري؟
إن الدستور قد كفل حقوق الناس وحرياتهم، ومن يخالف القانون يحاكم ثم يعاقب في حالة إدانته بالسجن أو أي عقوبة أخرى، ومن ضمنها عقوبة الإبعاد القضائي عن البلاد والتي يقضى بها بعد منح المتهم فرصة الدفاع كاملة، على خلاف الإبعاد الإداري حيث يبعد الشخص دون أن يعطى الفرصة للدفاع عن نفسه، وفي أحيان كثيرة يكون الإبعاد الإداري بسبب بلاغات كيدية فهذه العقوبة غير دستورية بكل المقاييس وأرجح أن تلغى.
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وكيف ترين الحل الأمثل لها؟
قضية البدون قضية شائكة ولا حل لها إلا بتدخل المشرع ووضع شروط معينة للحصول على الجنسية الكويتية تحفظ قيم المواطنة والانتماء وفي ذات الوقت تراعي ظروف هذه الفئة، كأن يشترط المشرع أن يكون محل ميلاد الشخص الكويت وأن تكون له فيها إقامة طويلة مستمرة ويثبت حسن سيره وسلوكه، على ألا تكون له جنسية أخرى معروفة وأن يقر بذلك ويخضع الشخص للتحري لإثبات صدق هذا، وأن يكون له أقارب من الكويتيين، وما إلى ذلك من الشروط، ومن لا تنطبق عليه الشروط التي يراها المشرع يجبر على مغادرة البلاد مع استثناء أزواج الكويتيات ومن لهم أقارب كويتيون.
المحكمة الدولية
ما رأيك في محكمة الجنايات الدولية؟
محكمة الجنايات الدولية قد أنشئت بهدف تعقب مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والواقع يقول إنها تكيل بمكيالين، حيث تم محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في الكونغو مثلا، بينما المسؤولون عن جرائم الحرب في إسرائيل مازالوا أحرارا، علما بأن السبب ليس عدم توقيع إسرائيل على المعاهدة إذ ان السودان أيضا لم يصدق عليها ومع ذلك تم إصدار أمر اعتقال بحق الرئيس السوداني بناء على طلب من مجلس الأمن فأين مجلس الأمن من جرائم الحرب في فلسطين؟!
هل يحق لمحام كويتي أن يترافع أمام المحاكم الأخرى في دول مجلس التعاون؟
نعم بشرط وجود إذن من وزير العدل بالدولة التي يريد أن يترافع فيها.
ماذا ترين في التحكيم؟ وهل يمكن أن يحل التحكيم في يوم ما محل المحاكم التقليدية؟
التحكيم هو وسيلة سريعة لفض المنازعات، وهو يساهم في رفع العبء عن كاهل القضاء، وهو أكثر طرق فض المنازعات تناسبا مع المنازعات الاقتصادية ومنازعات الشركات التي أتمنى ألا يتم الزج بها أمام ساحات المحاكم إلا في الضرورة القصوى، وأنا شخصيا أحرص دائما على تضمين شرط التحكيم في عقود الشركات التي أقوم بإعدادها لأنه السبيل الأنسب لمثل هذه الأنشطة. ورغم مميزات التحكيم إلا أنني أرى أنه في مجال عقود الدولة والعقود الإدارية يجب التروي والتفكير مليا قبل الاتفاق على التحكيم.
ما أهم القضايا العامة التي تهم الشارع الكويتي في الوقت الراهن؟
من أهم القضايا التي تهم الشارع الكويتي خاصة النساء الكويتيات قضية إسكان المرأة المطلقة، حيث ان أحكام القانون تقضي بأن حضانة المطلقة تنتهي عند بلوغ ابنها وزواج ابنتها. ولدى تحقق ذلك يسقط حق المرأة في سكن الحضانة التي كانت هي السبب أصلا في الحصول عليه. ويمنح السكن الحكومي للزوج الذي في أحيان ليست بالقليلة يتزوج من امرأة أخرى تضمها جدران المنزل بينما مطلقته التي تحملت وصبرت في تربية أولاده تجد نفسها في الشارع، فلا تجد مسكنا ملائما لتسكنه وهو من حقها كمواطنة كويتية، ولماذا لا تحصل على مسكن حكومي مناسب أو لماذا لا يجبر الزوج على إسكان مطلقته عنده بعد انتهاء حضانتها أو يمنحها بدل سكن مقابل انفراده ببيت زوجيتها بحسب الأصل؟
كذلك قضايا الخدم، إذ الوضع الحاصل أن الخادمة التي تهرب من بيت مخدومها يجبر هو على تحمل نفقات إعادتها إلى بلادها بعد أن يكون قد أنفق على استقدامها ومع تعنت غير قليل من الخادمات في استعمال هذا الحق يتسبب ذلك في الإضرار بالأسرة الكويتية.
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
تعلمت التأكيد على عبارة «اتق شر من أحسنت إليه» فكثير من الناس عانوا كثيرا في ساحات القضاء من أناس كانوا يحبونهم وأصحاب فضل عليهم، لكنهم قابلوا الإحسان بالإساءة. وهذا للأسف منتشر في كثير من المجتمعات وليس المجتمع الكويتي فقط، كما تعلمت أنه «ما ضاع حق وراءه مطالب». وتعلمت قيم المثابرة والتحلي بالصبر والهدوء والسكينة.
هل لديك ما تريدين إضافته أو ترين أننا نسينا شيئا لم نسألك عنه؟
أود توجيه الشكر الجزيل لإدارة جريدة «الأنباء» وأسرة التحرير ولكم شخصيا على تخصيص هذه المساحة لإلقاء الضوء على القضاء الواقف والتي دائما ننتظرها بشغف، وتنفرد جريدة الأنباء بهذا الأمر وذلك ليس غريبا على الأنباء صاحبة التميز والانفرادات في بلاط صاحبة الجلالة.