بقلم: أطياب الشطي
لا يقف القضاة في عملهم عن البحث في النواقص التشريعية التي يواجهها المتقاضون، وهم بذلك يسعون في بحثهم لإضافة خبراتهم الخاصة ورؤيتهم حول هذه النواقص والحلول التي يرون أنها نافعة لسد الثغرات، ويبدو ذلك جليا عند قراءة حيثيات الأحكام التي يسعى بها القضاة لتوضيح ظروف وملابسات القضية وكيف ارتأوا أن يكيفوا احكامهم استنادا لها.
القاضي بانغماسه الدائم في بحث القضايا والاستيثاق من حقيقة الامور والتعامل مباشرة مع المتقاضين تمكن من أن يلتمس حقيقة الخلل في القانون ومعرفة المواضع التي يكون بها التشريع قاصرا عن تحقيق العدالة، والمواضع التي يضعف بها التشريع ويبعد عن هدفه ومسعاه، والمواضع الأخرى الذي يكون التشريع محكما ومحققا لغايته، فهو بحكم وظيفته صار يتعامل مع المتقاضين بشكل يومي، يرى معاناتهم ويعرف مطالبهم، ويستطيع التفرقة بين الحقوق المفتأة عليها والتي سلبها الناس، والحقوق الاخرى التي سلبها ضعف التشريع وغيابه عن مطابقة الواقع.
ففي حالات استغلال احد اطراف التقاضي الثغرات التشريعية بالقانون لقلب الطاولة ضد المتقاضي الآخر، بلا شك سيشهد القضاة على هذه المظلمة، اما بالنسبة للمشرع الغائب عن أرض تطبيق القانون فهو على غير علم بما يحدث، بعيدا عن التجربة الميدانية، ومتابعة مستجدات الامور، لذا نجد أن مخرجات المجلس التشريعي تعاني خللا او عوارا تشريعيا.
ان الاستعانة بالخبرات القضائية عبر مذكرات شارحة او مشاريع مكتوبة أصبحت حاجة ملحة للمشرع، خصوصا أن القاضي يعايش تطبيق القانون بشكل يومي ومباشر مع المتقاضين وهو الادرى بحقيقة الامور وخللها.
ولا يضير ذلك مبدأ فصل السلطات، إذ إن الاستعانة بالخبرات على شكل مذكرات مكتوبة لا تعتبر مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات، بل على العكس من ذلك، تظل أداة التشريع بيد المشرع، وتظل تلك المقترحات والملاحظات مواد داعمة معاونة تعمل جنبا الى جنب مع المشرع لتحقيق العدالة.