المحاماة علمتني الصبر والسعي وراء إظهار الحق وإعادته لأصحابه
أؤيد فكرة تحويل جمعية المحامين إلى نقابة لحفظ حقوق المحامين ومساعدتهم على أداء عملهم بالشكل الأفضــل
قانون المحاماة الحالي جيد لكننا نطمح إلى الأفضل دائماً
قانـــون الأحــــوال الشخصيـــة الحالي منحاز إلـى المـرأة وعيوب تعتري قانون الإيجارات واؤيد عـرض قرارات الإبعاد علـى القضـاء
محام شاب، تخرج منذ حوالي ست سنوات، ومنذ تخرجه آل على نفسه أن يبدأ كبيرا، فقرر الالتحاق بالعمل بمكتب المحامي أحمد الشحومي الذي أعطاه الجزء الأوفر من خلاصة خبرته وعلمه، فصعد درجات سلم المحاماة بخطى واثقة حتى وصل إلى درجة عالية في سنوات قليلة. إنه المحامي أحمد حبيب الكندري الذي يرى أن المحاماة تعاني من كثير من المشكلات ويرى أن أفضل الحلول لهذه المهنة هو أن ينضم اتحاد مكاتب المحامين إلى جمعية المحامين ويتحولان إلى نقابة لها قدرة على استيعاب مشاكل المحاماة وحلها. وفيما يلي تفاصيل اللقاء مع المحامي احمد الكندري:
أرجو تعريف القارئ بالمحامي أحمد الكندري.
أحمد حبيب الكندري. خريج كلية الحقوق جامعة الكويت سنة 2004. عضو جمعية المحامين الكويتية وفي طريقي للحصول على عضوية اتحاد المحامين العرب.
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج حتى الآن؟
منذ التحاقي بكلية الحقوق وأنا أضع نصب عيني على مهنة المحاماة لما تحمله هذه المهنة من مبادئ سامية وأخلاقيات راقية ومعان عظيمة. وبالفعل عقب تخرجي في سنة 2004 التحقت بالعمل في مكتب الأستاذ أحمد الشحومي المحامي والذي لم يبخل علي بأي معلومة سواء كانت فنية أو إدارية حتى تعلمت منه أساسيات ومبادئ المهنة بالشكل السليم.
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
مهنة المحاماة تعد من أبرز المهن الإنسانية، فتجد فيها أن الحق يعلو ولا يعلى عليه وفيها أيضا نصرة المظلوم على الظالم فما أجمل أن تسعى وراء هذه المبادئ ومن أجل تطبيقها وإعادة الحق لأصحابه.
هموم لا يمكن حصرها
حدثنا عن هموم المحاماة وأبرز مشكلات المهنة.
هموم المهنة كثيرة ولا يمكن حصرها. والذي يمارس هذه المهنة يعي تماما مشاكلها، فعلى سبيل المثال الوقت جزء مهم في مهنة المحاماة، حيث ان الوقت ليس ملك المحامي وإنما ملك موكلي المحامي من حيث دراسة القضية بشكل جيد وحضور جلسات المحكمة والحصول على الحكم وأخيرا تنفيذه إذا كان لصالح الموكل.
ولا يخفى على أحد الجهد الكبير الذي يبذله المحامي عندما يباشر أي قضية، لأن المحامي في هذه الحالة يضع نفسه في مكان صاحب القضية ويعتبر المشكلة في المقام الأول مشكلة شخصية له حتى يستطيع إيجاد الحل وإعادة الحق المسلوب لموكله، ناهيك عن ممارسة المحامي أكثر من قضية وتعرضه لأكثر من مشكلة وإيجاد الحل الأنسب لكل منها.
مشكلات الإعلان
ما أبرز مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
مشكلات كثيرة، لكني أذكر البعض منها على سبيل المثال: فبالنسبة للتقاضي أرى أن هناك بطئا كبيرا في إتمام الإجراءات من حيث التأخير في إعلان الصحف المرفوعة ومن حيث أنك ربما تكون على عجلة في رفع الدعوى وتحضر أمام المحكمة في أول جلسة ولا يكون بعض الخصوم قد تم إعلانهم فتضطر بعد ذلك لأخذ أجل آخر من المحكمة لكي تعلن الخصوم مما يؤدي إلى تأخر أجل الفصل في الدعوى في هذه الحالة.
أضف إلى ذلك مشكلة التنفيذ فعندما تحصل على حكم وتريد تنفيذه لا تستطيع تنفيذه بسرعة، حيث ان هناك نقصا في عدد الموظفين في إدارة التنفيذ وضغطا كبيرا عليهم في إنهاء المعاملات حيث يكون هناك أكثر من محام يريد تنفيذ أكبر عدد من أحكامه في يوم واحد ولا يستطيع موظفو التنفيذ إنهاء كامل هذه الإجراءات، لكن ليس الكل وإنما البعض منهم على كفاءة تامة ويبذلون أقصى مجهود ويستحقون منا الشكر والتقدير.
أما بالنسبة للمتقاضين فلا توجد إلا مشكلة واحدة وهي جهلهم بالقانون فربما يكون الشخص منهم لديه قضية وتكون لصالحه ولا يستطيع توكيل محام بها لظروفه المادية مثلا، فيقوم باستشارة أناس لا يفهمون القانون إنما يدعون أنهم قانونيون ويكتبون له المذكرات والصحف غير القانونية، وبالتالي الخاسر في المقام الأول هو صاحب القضية الذي لم يلجأ إلى الطريق الصحيح وإنما لجأ إلى مدعي المهنة الذين هدفهم الوحيد محاربة المهنة والربح المادي السريع من دون جهد ومن دون حضور جلسات المحكمة لأنهم لا يحق لهم الحضور.
شتى أفرع القانون
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
المحامي الناجح يمارس القانون في شتى فروعه لكي يستطيع الرد على أي استفسار يوجه إليه. لكن لا يمنع أن يتخصص في أحد أفرع القانون التي ربما تكون وفقا لدراساته العليا مثلا، أما بالنسبة لي فإني أحب أن أمارس جميع أفرع القانون حتى أصبح قانونيا ومحاميا متمكنا وناضجا في القانون.
ما أهم القضايا التي ترافعت فيها أو صادفتك؟
جميع القضايا التي أوكل بها مهمة بالنسبة لي فلا فرق لدي بينها، إلا أن هناك قضية وكلني فيها أحد المواطنين وهي قضية أحوال شخصية مضمونها أن طليقته كانت قد رفعت دعوى ضده تطالب فيها بتسلم أغراضها منه بعد تطليقها وهي في مجملها تساوي خمسة آلاف دينار (من ذهب وملابس وغيرها).
وعندما نظرت الدعوى أمام المحكمة أظهر موكلي مستندا عرفيا لم يكن قد أظهره لي من قبل وهو عبارة عن ورقة بها اعتراف من الزوجة أنها قد حصلت على جميع مستحقاتها منه بعد تطليقها.
ورغم أن هذا المستند كان في حوزة الموكل قبل رفع الدعوى إلا أنه لم يكن يعلم قيمته إذا ظهر أمام المحكمة، حتى أنه لم يظهره لي كمحاميه. وقد تمكنا بفضل الله وبهذا المستند من كسب الدعوى حيث قضت المحكمة الكلية برفض الدعوى وأيدتها محكمة الاستئناف في ذلك.
وقد استغربت من موكلي عندما جاءني قبل جلسة النطق بالحكم في القضية ببعض الأوراق وقال لي: هل يمكن أن أستفيد من هذه الأوراق؟ وعندما رأيت هذا المستند تعجبت كثيرا وقمت على الفور بتقديمه للمحكمة قبل أن تصدر المحكمة قرارها بحجز الدعوى للحكم، مما كان له أكبر الأثر في تغيير مسار الدعوى.
هل يمكن أن تقبل الدفاع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب الجريمة؟
الأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أما الاستثناء فقانون الجزاء شرع في نصوصه على بعض المواد التي تنص على أسباب الإباحة التي لا يعد بها الشخص مجرما كما في حالة الدفاع الشرعي عن النفس أو المال، لذلك عندما يأتي لي شخص في اتهام معين، ربما يكون مظلوما أو ربما تنطبق عليه أسباب الإباحة حتى ارتكب هذا الفعل فلا ضير من الدفاع عنه في هذه الحالة، أما أن يأتي تاجر مخدرات مثلا وعليه أحكام ولديه سوابق ويقول لي: دافع عني في هذه القضية فلا أقبل، لما فيه من تشجيع على بث السموم في المجتمع الكويتي المحافظ.
نطمح للأفضل
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
قانون المحاماة الحالي يعتبر جيدا نوعا ما، لكننا كمحامين نطمح للأفضل دائما، فأنا أؤيد فكرة تحويل جمعية المحامين الكويتية إلى نقابة لما فيها من أمور تساعد المحامي على أداء عمله بأكمل وجه ولحفظ حقوقه وتفوقه في أداء واجباته.
أضف إلى ذلك أنه لو كانت هناك حصانة للمحامي أسوة بباقي الدول حتى يأخذ وضعه الاجتماعي بين الناس وحتى يتم حفظ حقوقه المادية والمعنوية وتتم السيطرة على مشكلة «مهنة من لا مهنة له» كما يطلقون عليها في الوقت الحالي.
منحاز للمرأة
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
نعم هناك بعض التحفظات لأن قانون الأحوال الشخصية شأنه شأن كل القوانين الوضعية هو قانون من وضع البشر فلابد أن يعتريه بعض القصور في مواده. فمثلا لو أن هناك شخصا حصل على حكم رؤية لأولاده وكانت الرؤية في منزل الأم وقدرتها المحكمة بساعتين خلال يومين في الأسبوع فلو ذهب هذا الشخص لكي يرى أولاده ومنعته الأم من رؤيتهم فليس لديه الحل في هذه الحالة إلا الذهاب إلى مخفر المنطقة حتى ينفذ حكمه، فكل هذه الأمور تحتاج إلى وقت معين فربما ينتهي وقت الرؤية ولا يستطيع الشخص رؤية أولاده ويرجع خالي الوفاض إلى بيته.
أضف إلى ذلك موضوع الطلاق للضرر، فهو حق لكلا الطرفين وليس مقتصرا على الزوجة فقط، فمن حق الرجل أن يطلب من المحكمة تطليقه للضرر من زوجته لما أصابه من أضرار منها، فكثير من الناس يجهل هذا الموضوع ويلجأ إلى دعوى الطاعة حتى يستطيع من خلالها إثبات نشوز الزوجة.
بالإضافة إلى ذلك تجد أن قانون الأحوال الشخصية الحالي قد يكون منحازا نوعا ما إلى المرأة أكثر من الرجل، فعندما يطلق الرجل زوجته تجد في بعض القضايا أن المحكمة تحكم لها بنفقات ربما تكون أكثر مما كانت تحصل عليه قبل طلاقها من زوجها فلا يستطيع هذا الرجل الزواج مرة أخرى أو تكوين أسرة جديدة لأن كاهله مثقل بالديون والنفقات.
ماذا ترى في قانون المرافعات؟
قانون المرافعات يعتبر عصب القوانين، وبدونه يعتبر القانون غير مكتمل من الناحية الشكلية، فهو الذي ينظم إجراءات سير الدعوى ودرجات التقاضي وإبداء الدفوع والطلبات أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
لا توجد ملاحظات
ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟
لا توجد أي ملاحظات على قانون الجزاء بقسميه الخاص والعام، فهو يعتبر منظما إلى حد كبير، فهو يقسم الجرائم بأنواعها ويقسم أركانها المادية والمعنوية ومدى توافر القصد الجنائي بها ولكن يوجد شق الإجراءات الجزائية والذي يبين كيف تسير فيها الجريمة الجنائية وتوجد به سلطة تقديرية للقاضي الذي يحكم بالقضية.
عيوب قانون الإيجارات
هل هناك مثالب أو عيوب في قانون الإيجارات؟
قانون الإيجارات عدل منذ وقت قريب لكن توجد به بعض العيوب أذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، فعندما تكون مستأجرا لشقة مثلا في إحدى العمارات السكنية ويرفض المؤجر تسلم الأجرة في الوقت المحدد كثير من الناس يقع في مشكلة وهي أنه يستمر في عدم دفع الأجرة كون المؤجر رافضا لتسلمها بحجة انه لا توجد إيصالات مثلا، فيقع المستأجر بذلك تحت مظلة الإخلاء من المحكمة ودفع الأجرة كاملة ولكن القانون وجد الحل الأمثل لهذه المشكلة بأن جعل من حق المستأجر عمل إنذار بعرض الأجرة عن طريق المحكمة ومن ثم إيداعها في خزينة المحكمة حتى يمنع تلاعب المؤجر في هذا الموضوع.
أضف إلى ذلك أن مواعيد استئناف أحكام الإيجارات تقدر بـ 15 يوما فقط من تاريخ صدور الحكم فإن زادت المدة وأصبح 30 يوما أسوة بباقي الأحكام حتى يستطيع أي من الخصوم الاستئناف دون قيد المدة فكثير منهم يعتقد أن مواعيد الاستئناف 30 يوما وليس 15 يوما مما يفوت عليه ميعاد استئناف الحكم.
ماذا ترى في اتحاد مكاتب المحامين؟ وهل له انعكاسات على جمعية المحامين؟
طبعا له تأثير سلبي على جمعية المحامين، فربما يكون تنظيم الجهتين مختلفا من حيث الإجراءات والمساعي ولا نعلم من نتبع في هذه الحالة، الجمعية أم الاتحاد، لكني أتمنى التوفيق للاثنين لأن الأمر في النهاية يصب في صالح المحامين بشكل عام.
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
الإبعاد الإداري هو حق سيادي خالص للدولة، فبموجبه تستطيع الدولـــة الحفاظ على أمنها واستقرارها بين الدول لكني أرى أنه لا يوجد مانع من أن يعرض الأمر على القضاء الكويتي النزيه لسماع أقوال المبعـــد قبل إبعاده وحتى يتم التأكد من توافر مبررات الإبعاد الإداري في الشخص المبعد.
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وكيف ترى الحل الأمثل لها؟
قضية البدون قضية إنسانية بحتة في المقام الأول، فهذه الفئة لديها معاناتها ومشاكلها التي لابد من الإسراع في حلها. وأرى أن حل هذه المشكلة يقـــع على عاتق أعضاء مجلس الأمة فهم السلطة التشريعية في البلد ولابد من إقرار قانون ينظم هذه الفئة المظلومة ويوجد حل جذري لها.
ما رأيك في محكمة الجنايات الدولية؟
محكمة الجنايات الدولية تختص بالجرائم التي ترتكب في حق الدول والإنسانية، ويقدم كل شخص مرتكب لهذه الجرائم أمامها كجرائم الحـــرب والعدوان والإرهاب والإبادة الجماعية وغيرها. ولكنى أرى أن كثيرا من الأشخاص قد ارتكبوا جرائم في حق شعوب ودول وقتل أبرياء ولم يقدموا للمحاكمة أمامها. فلا أعرف السبب في هذا الأمر، هل وجـــدت من أجل أشخاص معينين؟
ماذا ترى في التحكيم؟ وهل تعتقد أن التحكيم سيحل يوما محل المحاكم التقليدية؟
التحكيــم أمر اختياري وليس إجباريـــا على أطـــراف الـــنزاع، فلابد أن يتفقوا عليه منذ البداية حتى يتم اللجوء لحل النزاع القائم، فمن وجهة نظــري أرى أنه حــــل ربما يعتبر جيدا في ظل بعض النزاعـــات وليس الكل لكني لا أعتقد أنه يمكن أن يحل محــل المحاكم التقليديـة، حيـــث ان القضـــاء هو الأفضـــل في جميع الأحوال كون أن المحكم لابد أن يكــــون جميع الأطراف متفقين عليه ولكن أمام القضـــاء هم مجبرون علــى تقبـــل أحكامـــه بلا شروط، أضـــف إلى ذلك أن هناك الكثيـــر من القضايا لايدخل التحكـيم فيها بل لابد من نظرها أمـــام القضاء الكويتي النزيه.
ما أهم القضايا التي تهم الشارع الكويتي؟
قضايا كثيرة منها قضايا القروض وما يصاحبها من فوائد تعسفية تقع على عاتق المقترض فهـــي تعد من قضايا العصر، فلا توجد أسرة كويتية بها شخـــص غير مقترض والعكس صحيح توجـــد بعض الحالات القليلـــة والنادرة ليس لها أي قروض أو ديون تقع على كاهلها.
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
الصبــر والسعي وراء إظهــار الحق وإعادته لأصحابه، لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح.