-
علاقتنا بالعراق تستند على احترام قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ الالتزامات المتبقية والكويت مستعدة لتقديم الدعم للحكومة العراقيـة في جهودها لفرض الاستقرار
-
نأمل أن تسفر المفاوضات المباشرة عن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وندعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية والسورية المحتلة ووقف انتهاكاتها
-
نتمنى استمرار الاتصالات بين إيران والإمارات لحل النزاع حول الجزر الإماراتية
ألقى ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد كلمة الكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، أكد خلالها سموه أنه «قد حان الوقت لاتخاذ الخطوات المطلوبة لتحسين وتطوير عمل مجلس الأمن وإضفاء مزيد من الشفافية على أعماله وزيادة عدد أعضائه وفق معايير وضوابط تحقق التوازن العادل في التمثيل والفعالية في أدائه لمهامه ومسؤولياته وبما يضمن حق الدول العربية والإسلامية في التمثيل الذي يتناسب مع حجمها ومساهماتها ودورها في الدفاع عن مقاصد ومبادئ الميثاق».
وتطرق سموه إلى الاحتلال الصدامي للكويت قائلا: إنها ذكرى أليمة عزمنا مع أشقائنا في العراق على تجاوزها من خلال إرساء قواعد لعلاقات ثابتة تستند على مبادئ الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال واحترام كافة قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ الالتزامات المتبقية التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ودولة الكويت متفائلة بمستقبل العلاقات بين البلدين وعلى أتم الاستعداد لمواصلة تقديم كافة أشكال الدعم لمساعدة الحكومة العراقية في جهودها لفرض الأمن والاستقرار والمحافظة على سيادة العراق ووحدة أراضيه.
وحول السلام في الشرق الأوسط قال سموه: نأمل أن تسفر المفاوضات المباشرة عن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وندعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية والسورية المحتلة ووقف انتهاكاتها.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
السيد الرئيس.. معالي الأمين العام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب الجلالة والسمو
أصحاب الفخامة
أصحاب المعالي
سعادة المندوبين الدائمين والسفراء
السيدات والسادة
يسعدني في البداية أن أتقدم لكم بالتهنئة الخالصة على انتخابكم رئيسا للدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة وأنتم تمثلون بلدكم الصديق الكونفدرالية السويسرية واسمحوا لي أيها السيد الرئيس أن أخاطبكم باسم شعب الكويت بإحدى لغاتكم الرسمية.
كما لا يسعني الا أن اشيد بالجهود المخلصة لسلفكم الدكتور علي عبدالسلام التريكي وأعبر له عن فائق الشكر والعرفان على ادارته الناجحة والمميزة لأعمال الدورة السابقة.
كما أود أن أعرب عن فائق الاعتزاز بالجهود الواضحة التي يقوم بها معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون لتحقيق المقاصد والأهداف الدولية التي نسعى جميعا من أجلها لترسيخ مفاهيم التعاون الدولي واحترام الشرعية الدولية وتعزيز مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
السيد الرئيس..
نحتفل قريبا بالذكرى الخامسة والستين على انشاء منظمة الأمم المتحدة ويحدونا الأمل بأن تستمر رحلة نجاح الأمم المتحدة لأعوام عديدة قادمة باعتبارها أفضل آلية دولية متعددة الأطراف بل انها الأكثر شرعية وحيادية ومصداقية وأثبتت على مر ستة عقود قدرتها على تجنب حروب دامية وحفظ السلم والأمن الدوليين الا أن التحديات والتهديدات التي تواجه المجتمع الدولي تتزايد بدلا من أن تتناقص وأصبحت أكثر تشابكا وتعقيدا لذلك فإن دور المنظمات بدأ يتشعب ويتعاظم ويزداد أهمية وحيوية لمواجهة الأزمات والمشاكل الاجتماعية كالقضاء على الفقر والجوع وانتشار الأمراض والأوبئة وآفة المخدرات والجريمة المنظمة وانتهاكات حقوق الانسان وأخرى اقتصادية كارتفاع أسعار المواد الغذائية والأزمة المالية والاقتصادية العالمية اضافة الى التحديات الأمنية المتمثلة في الارهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والصراعات المسلحة المستمرة في عدد من مناطق العالم.. هذه التحديات بكافة أنواعها ساهمت في العامين الماضيين في الغاء كثير من المكاسب التي حققتها العديد من الدول النامية للوصول الى الأهداف الانمائية للألفية.
كما كان للكوارث الطبيعية أثر مدمر على اقتصاديات العديد من الدول النامية ونجم عنها خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات وأبرز مثال على ذلك الزلزال الذي ضرب جمهورية هاييتي في شهر يناير الماضي والفيضانات التي تعرضت لها جمهورية باكستان الاسلامية الشهر الماضي.
لا شك أن هناك الكثير من العمل الذي يجب أن نقوم به للحد من مخاطر ظاهرة تغير المناخ وهناك فرصة متاحة أمامنا في المؤتمر الذي سيعقد في مدينة كانكون بالمكسيك في شهر ديسمبر القادم الذي نأمل أن نتوصل فيه الى اتفاق ملزم يحدد الأهداف المطلوب التوصل اليها والاطار الزمني لتحقيقها وتحديد مسؤوليات الدول الأعضاء وآليات العمل المشترك لضمان التزام الدول المتقدمة بالتمويل ونقل التكنولوجيا للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع التغيرات المناخية ومواجهة آثارها.
السيد الرئيس..
لا شك أن التحديات السابق ذكرها تتطلب اصلاحات وتحسينات مستمرة على أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها لمواكبة المتغيرات في العلاقات الدولية والارتقاء بأدائها.
وفي هذا السياق نرحب بقرار الجمعية العامة الذي يحمل عنوان «الاتساق على مستوى المنظومة» والذي تم بموجبه انشاء كيان جديد يختص بتعزيز الجهود الدولية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة واستحداث منصب بدرجة وكيل أمين عام لهذا الغرض.
ومن جانب آخر نرى أنه وبعد مضي أكثر من سبعة عشر عاما على مناقشاتنا لإصلاح مجلس الأمن ان الوقت قد حان لاتخاذ الخطوات المطلوبة لتحسين وتطوير عمل مجلس الأمن واضفاء مزيد من الشفافية على أعماله وزيادة عدد أعضائه وفق معايير وضوابط تحقق التوازن العادل في التمثيل والفعالية في أدائه لمهامه ومسؤولياته وبما يضمن حق الدول العربية والاسلامية في التمثيل الذي يتناسب مع حجمها ومساهماتها ودورها في الدفاع عن مقاصد ومبادئ الميثاق.
السيد الرئيس..
تأكيدا لنهج دولة الكويت الثابت في دعم جهود وأنشطة الأمم المتحدة في مختلف المجالات فقد واصلت تقديم يد العون للمحتاجين في مختلف مناطق العالم وترسيخا لمبادئ سياسة الكويت الخارجية فان الصندوق الكويتي للتنمية وعلى مر خمسة عقود يواصل تقديم مساعدات ومنح استفادت منها حتى الآن أكثر من 100 دولة حول العالم وبقروض ميسرة وصلت الى 14.5 مليار دولار وبما يعادل 1.31% من نسبة الناتج القومي الاجمالي وبمقدار ضعف النسبة المقررة دوليا.
وايمانا من دولة الكويت بالدور الهام والحيوي الذي تقوم به الأمم المتحدة في التخفيف من المعاناة الانسانية التي تنجم عن الكوارث الطبيعية أو الصراعات فقد قررت زيادة مساهماتها الطوعية السنوية لعدد من وكالات وبرامج وصناديق الأمم المتحدة بما يقارب خمسة أضعاف مساهماتها السابقة رغبة من الكويت في دعم هذه الأنشطة الانسانية وتعميق تعاونها المشترك مع المنظمة الدولية.
ان دولة الكويت وهي تحتفل بيوبيلها الذهبي بمناسبة مرور خمسين عاما على استقلالها وتنفيذا للرغبة السامية لسمو أمير الكويت في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري أقرت خطة تنموية للأعوام 2010 - 2014 ورصدت ميزانية لها بحدود 115 مليار دولار لتطوير البنية التحتية وبناء الموانئ وسكك الحديد وانشاء مدن جديدة ومواصلة العمل على تحسين مستوى الخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وفي هذا الشأن تفخر دولة الكويت بتصدرها دائما مراتب متقدمة عربيا وعالميا من حيث جودة التعليم وجودة الحياة والرعاية الصحية والمساواة بين الجنسين والوضع الاقتصادي والحريات السياسية وفقا لتصنيفات نشرتها منظمات ووكالات دولية متخصصة ومنظمات أخرى غير حكومية.
السيد الرئيس..
عشرون عاما مضت على غزو العراق واحتلاله لدولة الكويت وهي ذكرى أليمة عقدنا نحن وأشقاؤنا في العراق العزم على تجاوزها من خلال ارساء قواعد لعلاقات ثابتة تستند على مبادئ الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل كافة الخلافات بالطرق والوسائل السلمية واحترام كافة قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ الالتزامات المتبقية التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ودولة الكويت متفائلة بمستقبل العلاقات بين البلدين وعلى أتم الاستعداد لمواصلة تقديم كافة أشكال الدعم لمساعدة الحكومة العراقية في جهودها لفرض الأمن والاستقرار والمحافظة على سيادة العراق ووحدة أراضيه واعادة بناء مختلف قطاعات الدولة التي عانت من مغامرات النظام السابق وسياساته العدوانية والتوسعية.
وفي هذا الشأن نأمل أن تؤدي المشاورات الجارية حاليا بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية في العراق الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية وتلبية احتياجات وطموحات الشعب العراقي في بناء عراق ديموقراطي حر وموحد يعيش بسلام مع نفسه ومع جيرانه ويساهم في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.
السيد الرئيس..
تأمل دولة الكويت وباعتبارها رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي أن تستمر الاتصالات على مختلف المستويات بين دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة والجمهورية الاسلامية الايرانية الصديقة من أجل العمل على ايجاد حل للنزاع حول الجزر الاماراتية وفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار وبما يتناسب مع ما جاء في القرارات الصادرة عن القمم الخليجية والاجتماعات الوزارية.
واذ تؤكد دولة الكويت على حق الدول في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية فإنها تدعو جميع الدول ذات البرامج المماثلة الى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واتخاذ ما يلزم من تدابير لبناء الثقة لطمأنة المجتمع الدولي حول طبيعة تلك البرامج وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
ونؤكد على ضرورة حل هذه القضايا سلميا ومن خلال الطرق الديبلوماسية عن طريق المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية وبما يمهد للوصول الى اتفاق على انشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط تنفيذا لقرار مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في شهر مايو الماضي.
السيد الرئيس..
ان الصراع العربي ـ الاسرائيلي يعد أخطر تهديد للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط واخفاق الأمم المتحدة خلال الستة عقود الماضية في ايجاد حل لهذه القضية المحورية ساهم في تعقيد القضية الفلسطينية ودفع اسرائيل السلطة المحتلة الى التمادي في عدم احترام الشرعية الدولية فأصرت على سياسة الاستيطان وفرضت الحصار على غزة وطمست معالم القدس من أجل تهويد المدينة وبدلا من استقبال المبادرة العربية للسلام كخيار استراتيجي ونواة لعملية السلام في الشرق الأوسط استمرت في مصادرة الأراضي وفي سياسات التنكيل والاعتقالات ضد الفلسطينيين العزل وتذرعت بالصواريخ التي تطلق ضدها لتشن حروبا قاسية وتمادت في استخدام القوة بالإضافة الى غطرستها بالاعتداء على قافلة الحرية التركية في المياه الدولية، الا أن اسرائيل لثقتها بأنها قادرة على الإفلات من العقاب فهي ترتكب الجرائم بصورة مستمرة ومنظمة ولا يقابل هذه الغطرسة رد مناسب من المجتمع الدولي لذا فإننا نعيد تأكيد مسؤولية المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن حفظ الأمن والسلم والتعامل مع اسرائيل بجدية وحزم واجبارها على الانصياع للإرادة الدولية.
ونأمل أن تسفر المفاوضات المباشرة التي بدأت في مطلع هذا الشهر بين السلطة الفلسطينية واسرائيل عن اعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية.
كما نجدد دعمنا الكامل للجمهورية العربية السورية لاستعادة أراضيها المحتلة في الجولان والعودة الى خط الرابع من يونيو 1967 ونؤكد على ضرورة تطبيق القرار 1701 ووقف الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية والخط الأزرق الفاصل وانسحاب اسرائيل من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة.
السيد الرئيس..
ان العيش في بيئة نظيفة وآمنة ومستقرة هو ما تتمناه شعوب العالم، وطوال العقود الماضية استطعنا تحت مظلة الأمم المتحدة التوصل الى الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية لضمان العيش الكريم لشعوبنا في عالم يسوده العدل والمساواة لذلك علينا تحمل مسؤولياتنا والالتزام بتعهداتنا لتحقيق آمال وتطلعات شعوب الأرض قاطبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته