بيان عاكوم
دائما ما تعقد القمم العربية في ظل ظروف استنثائية يمر بها الوطن العربي، ولعل قدرنا ان نعيش في ظل هذه الظروف الاستثنائية بشكل مستمر!
تأتي القمة الاستثنائية في سرت والمقرر عقدها في التاسع من اكتوبر الجاري في ظل استحقاقات كثيرة وظروف معقدة يعيشها الوطن العربي ان على صعيد المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية مرورا بتعقيدات الوضع المتأزم في لبنان.
ولعل تطورات الاحداث في هذه الدول ستفرض نفسها على القمة وان هناك بندين رئيسيين يحتلان جدول اعمال هذه القمة هما مشروع الهيكلة الجديدة للجامعة العربية الذي تقدمت به اللجنة الخماسية الرئاسية الى جانب دراسة مذكرة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حول انشاء رابطة للجوار العربي.
ومن المتوقع ان يثير هذان الموضعان جدلا كبيرا خصوصا فيما يتعلق بانشاء رابطة للجوار العربي والتي اقترحها موسى في قمة سرت الدورية والتي يدعو فيها العرب لاقامة حوار مع ايران الى جانب تركيا وبعض الدول الافريقية. ومن المتوقع ان تلقى هذه الدعوة معارضة من فريق الدول التي تسمى بالاعتدال والتي تشترط لاقامة مثل هذه الرابطة والبدء بحوار مع ايران ان تقدم هذه الاخيرة حسن نيتها تجاه الدول العربية كما ذكر في تصريح سابق وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الذي طالب ايران بعدم زرع اوراق لها في المنطقة.
كما ينتظر من هذه القمة ما ستؤول اليه النقاشات بخصوص بلورة سبل اصلاح الجامعة العربية في ضوء ما نتج عن القمة العربية الخماسية التي عقدت بطرابلس في يونيو الماضي وشارك فيها قادة الدول الخمس قطر ومصر وليبيا والعراق واليمن الى جانب الجامعة العربية، وينص هذا التحرك على تطوير الجامعة وأجهزتها وعقد قمم عربية مرتين في السنة عادية وتشاورية الى جانب قمم نوعية تكرس لبحث مجالات اقتصادية واجتماعية وتنموية، بالاضافة الى انشاء رئاسة للمفوضية العربية وتعيين مندوبين دائمين للدول متفرغين لدى الجامعة، فهذه الإصلاحات وغيرها ينتظرها المواطن العربي بعدما فقد ثقته بالجامعة معلنا وفاتها ولعل الأمل في ان تتخذ هذه القمة مواقف نهائية حيالها والا تبقى مبادرات على ورق كالعادة.
ومن المتوقع ان يحتل ملف المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية حيزا مهما من النقاش خصوصا ان لجنة مبادرة السلام العربية ستجتمع في سرت حيث سيكرس الاجتماع للاستماع الى شرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن آخر التطورات بالنسبة لجهود الادارة الاميركية لإنقاذ عملية المفاوضات وكذلك الخيارات الفلسطينية في حال استمراره، وقد لوح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في وقت سابق عن خيارات لدى العرب في حال لم توقف اسرائيل الاستيطان الا انه لم يعلن الا عن واحد منها وهو اللجوء الى مجلس الأمن لطرح اقامة الدولة الفلسطينية، واذا نظرنا لما يتم تداوله اليوم من ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو سيوافق على وقف الاستيطان لمدة شهرين شرط ان تتعهد ادارة أوباما بالامتناع عن مطالبته بتمديد جديد لتجميد الاستيطان على ان يستمر العمل في المشاريع التي بوشر بها الأيام الأخيرة مع تعهد أميركي باستخدام حق الفيتو في بحث أي قرار في مجلس الأمن بإقامة دولة فلسطينية، فإذا ما وافق الأميركيون على هذه الشروط خصوصا ان نتنياهو لا يمكنه تجميد الاستيطان الا بإقناع اعضاء حكومته بالحصول على مكاسب كبيرة في المقابل، فإن السؤال المطروح هو: هل مهلة شهرين كافية لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي؟
ولكن على ما يبدو ان السلطة الفلسطينية تعول على ضغوط اميركية اكبر على اسرائيل مع اقتناعها بأن الفرصة قد تكون سانحة مع ادارة أوباما التي تؤمن بأن أمن أميركا مرتبط اليوم بحل الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
أما بخصوص المسألة العراقية فمن المؤكد انها ستلحظ اهتماما خصوصا مع تأخير تشكيل الحكومة وخلاف عربي حيال الوضع في العراق.
كما اننا لا يمكن ان نغفل الحضور لهذه القمة، حيث ان الحضور العراقي يثير تساؤلات مع الجدل الدائر بين العراق وليبيا حول مكان انعقاد القمة الدورية المقبلة، حيث يصر العراق على انعقادها في بغداد في حين تصر ليبيا على انعقادها في القاهرة.
وكذلك لم يتبين ما اذا كان لبنان سيحضر القمة أم سيمثل بمندوب عنه كما في القمة السابقة. هذا الى جانب ان الوضع في لبنان سيكون محط اهتمام نظرا لتطورات الاحداث الجارية.
وكذلك مسألة تدوير منصب الامين العام لجامعة الدول العربية والتي عادت لتطفو على السطح مجددا بعد اعلان موسى عدم نيته التجديد لولاية اخرى، حيث تنتهي ولايته في مايو 2011. ومن المتوقع اذا ما طرحت هذه المسألة ان تثير جدلا واسعا بين مصر التي تشدد على ضرورة الاحتفاظ بمنصب الامين العام، أي أن يكون مصريا وبعض الدول الاخرى التي تنادي بضرورة تدوير المنصب على الدول العربية كافة، خصوصا الجزائر وما يجري الحديث عنه اليوم انها تسعى لإقناع بعض الدول كقطر مثلا للتسويق لوزير الخارجية الجزائري السابق ووزير الدولة الحالي عبدالعزيز بلخادم وترشيحه خلفا للامين العام.
اذن قضايا ساخنة تفرض نفسها على القمة الاستثنائية وعلى ما يبدو ان المواطن العربي على موعد مع جولة جديدة من الانقسامات.