لوّحت إيران بغصن الزيتون لدول الخليج التي تشارك الغرب مخاوفه بشأن طموحات طهران النووية، قبل مفاوضاتها مع الدول الكبرى امس وأمس الأول.
لكن اللفتة لم تحقق نجاحا يذكر فقد اتسم رد فعل جيران ايران ـ موردي الطاقة العالميين الذين ستتعطل شحناتهم في حالة نشوب أي صراع ـ بمزيج من التشكك وعدم الاكتراث.
ولم تتوصل بعد دول الخليج لاستراتيجية محكمة لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط مما يدفعها للاعتماد على حليفتها الولايات المتحدة التي تقول انها لا تتفهم مخاوفها بشكل كامل. إنها معضلة بذلت إيران قصارى جهدها لتسليط الضوء عليها خلال منتدى أمني عقد بالبحرين مطلع هذا الأسبوع.
وقال وزير الخارجية الإيراني منوچهر متكي لمسؤولين خليجيين «عصر القنبلة الذرية انتهى، ما جدوى القنبلة الذرية سوى الإبادة».
معتبرا أن واشنطن تزكي المخاوف بأن طهران تغذي سباقا للتسلح بالمنطقة، مضيفا أن على دول الخليج جميعا التعاون للتحكم في أمنها.
وأكد ان بلاده لا تشكل تهديدا لجيرانها.
وأظهرت مجريات الأمور أن آمال إيران في أن تحسن لفتة متكي العلاقات مع دول الخليج ليست في محلها.
فقد قال الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق للمخابرات السعودية إن إيران يجب أن تتخذ الخطوة الأولى لتبديد الخوف منها.
ووصف أكاديمي خليجي طلب عدم نشر اسمه تصريحات متكي بأنها كلمات للاستهلاك الخارجي وحسب وقال إنها تتناقض مع المشاعر السائدة بين المتشددين في طهران الذين يعتبرون حكام دول الخليج أدوات في أيدي أميركا.
من جهته، قال الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبدالله المتخصص في العلوم السياسية إن دول الخليج تميل الى أن ترى ايران باعتبارها «العملاق الجبار» بالمنطقة ولا يعجبها ما تعتبره محاولات من جانبها لفرض نفسها كشرطي المنطقة.
وبعدم ارتياح تابعت دول الخليج صعود نفوذ إيران الشيعية بسبب الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق عام 2003.
بدوره قال الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية الأميركية في مؤتمر حوار المنامة الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو مؤسسة بحثية مقرها بريطانيا: إن الخليجيين العرب مباشرون بشأن مخاوفهم.
وأضاف «في الاجتماعات الخاصة وفي الخطاب العام تم إبلاغي بمخاوف زعماء مسؤولين هنا في المنطقة بصراحة شديدة».
وقال أعضاء وفود خليجية إن الغرب ينصت عن كثب الى آراء دولهم بشأن الأهداف النووية الإيرانية.
لكن دعم دول الخليج للسياسة الغربية بشأن إيران لا يأتي بلا تحفظات فهي تقول إنه لا يمكن تحقيق سلام حقيقي في الشرق الأوسط الى أن تتخلى اسرائيل عن أسلحتها النووية وهي وجهة نظر تشاركها فيها دول عربية أخرى الى جانب ايران نفسها.
ويقول مسؤولون عرب إن من شأن هذه الخطوة تبديد الاتهام بأن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين والذي يرون أن إيران تروجه لزيادة الدعم لسياستها النووية بين ابناء شعبها.
بدورها تقول إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية بالشرق الأوسط انها لن توافق على اقتراح بشرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل الا اذا كان هناك اتفاق سلام شامل.
ولم تؤكد إسرائيل أو تنف قط امتلاك قنابل نووية في إطار سياسة الغموض التي تنتهجها لردع خصومها من الدول العربية والإسلامية.
وتشعر دول الخليج بالقلق ايضا من أن القاعدة وغيرها من التنظيمات المتشددة تستغل الغضب العربي إزاء الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني وهي رسالة سلط عليها الملك عبدالله عاهل الأردن الضوء بقوة في كلمة ألقاها خلال مؤتمر البحرين.