- عدد كبير من زعماء المنطقة أخفقوا في بناء مستقبل يمكن للشباب أن يؤمنوا به ويبقوا من أجله ويدافعوا عنه
- التزام الولايات المتحدة بأمن منطقة الخليج ثابت ولا يترنح وخطوة المعارضة اللبنانية تقوض استقلال لبنان
أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ان دول الشرق الأوسط تحتاج لإصلاح المؤسسات الفاسدة وانعاش النظام السياسي الراكد وإلا فإنها معرضة لخطر الهزيمة في مواجهة التشدد الإسلامي.
وقالت كلينتون في كلمة بمنتدى المستقبل بالدوحة في ختام جولة استغرقت خمسة أيام في منطقة الخليج، إن عددا كبيرا من حكومات الشرق الأوسط لا تلحق بركب التغيرات السكانية والسياسية. وقالت كلينتون في كلمة شديدة الصراحة بشكل غير معتاد أمام حضور يشمل ممثلين لدول تعتبر من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة منها السعودية ومصر «كل بلد بالطبع أمامه التحديات الخاصة به وإنجازاته. لكن في أماكن كثيرة للغاية وبطرق كثيرة للغاية تغرق مؤسسات المنطقة في الرمال». واضافت كلينتون أن رحلتها كشفت الكثير من مؤشرات الأمل في وجود شرق أوسط جديد وخلاق مشيرة إلى مشاريع الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة وإشراك الشبان في العملية السياسية باليمن باعتبارها مؤشرات أمل في مستقبل جديد.
لكنها قالت إن التقدم متفرق وليس كافيا لإنقاذ حكومات المنطقة والكثير منها غير ديموقراطي ويواجه خطرا متزايدا من حركات التطرف الإسلامي.
وقالت كلينتون: «من يتمسكون بالوضع الراهن قد يتمكنون من إخفاء الأثر الكامل لمشاكل بلدانهم لفترة قصيرة لكن ليس للأبد».
ومضت تقول «إذا لم يقدم الزعماء رؤية إيجابية ويمنحوا الشبان سبلا ذات معنى للمساهمة فإن آخرين سيملأون هذا الفراغ. عناصر متطرفة.. جماعات إرهابية وغيرها والتي تستغل اليأس والفقر الموجودين بالفعل.. وتتنافس على النفوذ».
وتابعت كلينتون «كلنا نعلم أن هذه المنطقة تواجه تحديات خطيرة تتجاوز حتى الصراعات التي تتصدر العناوين كل يوم.
«وفي حين أن بعض الدول حققت تقدما كبيرا في الحكم فإنه في دول أخرى كثيرة مل الناس من المؤسسات الفاسدة والنظام السياسي الراكد. إنهم يطالبون بإصلاحات لجعل حكوماتهم أكثر فاعلية وأكثر استجابة وأكثر انفتاحا».
وأضافت أن عددا كبيرا من زعماء المنطقة أخفقوا في «بناء مستقبل يمكن للشبان في شعوبكم أن يؤمنوا به وأن يبقوا من أجله ويدافعوا عنه».
وتابعت «الناس الآن على علم بما لم يكونوا يعلمونه قبل 20 أو 30 عاما.. وهو أن الكثير من ثروات الحكومات في يد فئة قليلة لا كثيرة وذلك في عدد كبير جدا من الدول».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بعد اجتماعها مع نظرائها الخليجيين، جددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التزام الولايات المتحدة الأميركية بأمن منطقة الخليج وقالت «انه التزام ثابت ولا يترنح وسنستمر بتأييد ودعم شركائنا وان يواجهوا التحديات ويخلقوا المناخ للسلام والاستقرار والرخاء والتقدم».
وأضافت كلينتون في المؤتمر الصحافي ان الاجتماع ناقش عددا من القضايا المرتبطة بالاستقرار والأمن في الخليج لافتة الى ان المحادثات تناولت ايضا الشأن الإيراني.
وأكدت في هذا السياق ان الولايات المتحدة ستستمر في العمل مع الأسرة الدولية نحو تسوية تحمل ايران مسؤولياتها للتأكد من ان برنامجها سلمي.
وأوضحت أن أعضاء «مجموعة 5+1» سيعقدون اجتماعا في اسطنبول الشهر المقبل مع ايران وسيركزون على الخطوات العملية التي على ايران اتخاذها لاستيفاء ما تطلبه منها الأسرة الدولية وقالت «سنستمر في هذه النقاشات الايجابية».
وبينت ان اجتماعها مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون شكل ايضا فرصة للتطرق الى شتى المجالات ومنها التزام الولايات المتحدة وكل دول الخليج بشكل قوي لتأييد استقرار وسيادة لبنان وقالت «ما من دولة عليها ان تخير ما بين الاستقرار والعدالة لأن الشعب اللبناني يستحق كلا من العدالة والاستقرار، ويسعدني ان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري التقى بالرئيس الأميركي باراك اوباما في واشنطن».
واضافت «لقد سمعنا عن انسحاب 11 عضوا من الحكومة اللبنانية ونحن نتشاور مع الأفرقاء المعنيين والدول حول الطريقة الأفضل لدعم استقرار وسيادة واستقلال لبنان واحتياجات الشعب اللبناني».
ولفتت الى ان اجتماعها مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون ناقش ايضا موضوع السودان وعبرت في هذا الصدد عن تقديرها للعمل الطيب الذي حققته دولة قطر واستضافتها لمحادثات السلام من اجل دارفور.
وقالت ان قطر تلعب دورا مهما في حث الحكومة السودانية ومجموعة الفرقاء في دارفور على التوصل الى التسوية، مؤكدة ان لدى الولايات المتحدة التزاما مشتركا مع الحكومة القطرية من اجل التوصل الى الأهداف المتوخاة.
وفي ردها على سؤال يتعلق بتقييم الولايات المتحدة للدور السوري في لبنانم اشارت وزيرة الخارجية الأميركية الى ان هناك تاريخا طويلا ومعقدا ومتشعبا بين سورية ولبنان، مؤكدة التزام بلادها بالعمل مع كل الفرقاء لتحديد ما هو السبيل السلمي للسير الى الأمام.
وقالت «انه من غير المفيد ان يتم توجيه أصابع الاتهام واللوم بل يجب علينا التعامل مع الواقع كما نراه اليوم».
وشددت كلينتون على ضرورة ان يتم التركيز على مبدأ اساسي وهو ان لبنان دولة مستقلة ذات سيادة ويجب ان يتم تمكين الشعب اللبناني من حل مشاكله دون التدخلات الخارجية ودون تهديدات من الداخل اللبناني، مشيرة الى ان ذلك في مصلحة الجميع سواء كانوا الفرقاء في لبنان او بالنسبة لسورية او اي من الجيران «فالكثيرون منا يهتمون بالشعب اللبناني».
وأوضحت ان دولا مثل الولايات المتحدة وقطر تقف جاهزة للمساعدة وللتسهيل في مثل هذا المسار السلمي وقد حدث هذا في الماضي وتمت الاشارة اليه ولكن من الضروري ان يقوم الجميع بدور مسؤول وايجابي وهذا هو الهدف الذي تتوخاه الولايات المتحدة في الأيام والأسابيع المقبلة.
وردا على سؤال حول مستقبل المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، اكدت وزيرة الخارجية الأميركية دعم الولايات المتحدة الأميركية للمحكمة لافتة الى ان استقالة وزراء المعارضة اللبنانية اليوم محاولة لإسقاط الحكومة وبالتالي اسقاط المحكمة التي تدعمها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
ووصفت خطوة المعارضة اللبنانية بأنها «تطاول» وتهدف الى تقويض استقلال لبنان وتقدمه وتتناقض مع الجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار في هذا البلد مؤكدة استمرار الجهود الأميركية بالتعاون مع قطر من اجل مصلحة لبنان وتحقيق العدالة.
ونفت كلينتون الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة بشأن افشالها المبادرة السعودية ـ السورية لإنهاء الأزمة في لبنان وقالت ان الولايات المتحدة أيدت جهود المملكة العربية السعودية للتوصل الى تفاهمات تقنع سورية للعمل على تعزيز سيادة واستقرار لبنان وتحقيق العدالة.
وأكدت في هذا السياق بقولها «نحن نؤيد الجهود ولكن لم تكن هناك استجابة للجهود السعودية».
وأشارت الى ان كل الفرقاء اللبنانيين ومنهم حزب الله وافقوا في البداية على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
ولفتت الى قرب صدور القرارات الظنية عن المحكمة مؤكدة أن بلادها تدعم عمل المحكمة لإرساء العدالة ليس فقط فيما يتعلق باغتيال الحريري وانما لكل الضحايا اللبنانيين.
وحول دعوة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي جون كيري لنقل مفاوضات السلام الخاصة بدارفور من الدوحة قالت هيلاري كلينتون ان الموقف الأميركي الرسمي يتلخص في دعم الجهود التي تبذلها قطر لجلب الأطراف المتنازعة الى طاولة الحوار مثمنة الجهود القطرية التي قالت انها تستحق التقدير من قبل المجتمع الدولي.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية ان هناك من الاطراف السودانية من تراجع عن المفاوضات والبعض مستمر، وحثت الجميع على المساهمة في حل النزاع المتواصل في الاقليم السوداني المضطرب.
واضافت «نعرف ان الحكومة السودانية قررت نقل بعض المفاوضات الى الخرطوم ولا نعتقد ان اي شخص يمكن ان يعارض ذلك مادام هناك تقدم في سير المفاوضات».
من جانبه قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري ان الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزيرة الخارجية الأميركية تناول العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون والقضايا التي تهم الجانبين في المنطقة.
وأكد ان «دولة قطر تعطي اولوية لاستقرار لبنان لان هذا الاستقرار مهم بالنسبة لنا».
ورأى «ان علينا ان نفكر في وضع استراتيجية لحل المشكلة اللبنانية من خلال حوار مسؤول بين اللبنانيين وعليهم ان يساعدوا انفسهم وان يتوصلوا لحل المشكلة وليس تعقيدها».
وبين الشيخ حمد أنه قام بزيارة خاصة الى لبنان بعد استشعاره وجود توتر هناك مؤكدا دعم دولة قطر للمبادرة السعودية ـ السورية.
واعرب عن ثقته في حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية في التوصل لحل عادل وتجنيب لبنان أي «منزلق».
واستبعد عقد مفاوضات مصالحة بين الفرقاء اللبنانيين في الدوحة وقال «لا نفكر في دوحة 2 ولكن نفكر في تنفيذ اتفاق الطائف واتفاق الدوحة».
واضاف أن رسالة دولة قطر تتلخص في أن يتوصل جميع الفرقاء اللبنانيين الى حل وتغليب المصلحة العامة مؤكدا احترام دولة قطر لجميع الأطراف.