تلت الحكومة خلال جلسة أمس بيانا جاء فيه: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وأسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا، وأن يثبت أقدامنا ويطمئن نفوسنا، وأصلي وأسلم على خير البشر النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
يطيب لي في البداية ان أسجل للمجلس الموقر بكل التقدير الدعوة لعقد جلسة خاصة لمناقشة تداعيات جريمة الاعتداء الاسرائيلي الآثم على سفن قافلة الحرية وركابها المتطوعين العزل في مهمتهم الانسانية لنقل مواد الاغاثة والمعونات الانسانية لأهالي غزة المحاصرة، ولا شك ان هذه الدعوة تعكس اهتمام المجلس وقلقه ازاء هذا التطور الخطير بما يمثله من انتهاك صارخ لجميع القوانين والمواثيق الدولية والقيم الانسانية والاخلاقية، والذي ينطلق من ايمان راسخ لدى جميع الكويتيين قيادة وشعبا ومجلسا وحكومة بالثوابت المبدئية التي يدين بها مجتمعنا الكويتي والتي يحضنا على التمسك بها اسلامنا الحنيف وشريعته السمحاء، وما جبل عليه هذا المجتمع من قيم ومبادئ لا يحيد عنها.
وهو ما ترجمته مشاعر الشعب الكويتي الأبي وتفاعله التلقائي في نصرة أشقائه ضد الظلم والاستبداد الاسرائيلي وجرائمه الوحشية المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق والتي تمثل الجريمة الماثلة آخر حلقاتها وليس نهايتها.
الأخ رئيس مجلس الامة الموقر
الاخوة الاعضاء المحترمون
لقد تابعنا جميعا ببالغ المرارة والألم ما قامت به القوات الاسرائيلية يوم امس من اعمال القرصنة في المياه الدولية والتي استهدفت سفن المساعدات الانسانية والمتطوعين الابرياء العزل من عدد من دول العالم الذين تعاطفوا مع المعاناة والوضع المأساوي الأليم الذي يتعرض له اخواننا في غزة بعد ان انقطعت بهم السبل جراء الحصار الجائر عليها، وقد راح ضحية هذا العدوان الهمجي المتهور العشرات من الشهداء والضحايا والجرحى، بالاضافة الى احتجاز العديد من الابرياء العزل.
وقد عبرت الكويت عن ادانتها لهذه الجريمة الوحشية التي تتحمل اسرائيل وحدها المسؤولية المباشرة عن تداعياتها الخطيرة، مؤكدة انها تمثل عدوانا على دول وشعوب العالم أجمع وليس على رعايا دول المتطوعين في هذه الحملة فقط.
وازاء ذلك فقد بادرت الحكومة الى عقد اجتماع طارئ للوقوف على تفاصيل هذا العدوان ونتائجه وتطوراته، وقد كان مجلس الوزراء في حالة انعقاد دائم لمتابعة آخر التطورات والمستجدات أولا بأول واتخاذ كل ما يلزم من خطوات واجراءات في هذا الشأن، كما بادر مجلس الوزراء باتخاذ العديد من الاجراءات يمكن ايجازها فيما يلي:
أولا: قام وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الخارجية بالنيابة باستدعاء رؤساء البعثات الديبلوماسية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الاميركية ـ جمهورية روسيا الاتحادية ـ جمهورية الصين الشعبية ـ المملكة المتحدة ـ جمهورية فرنسا)، حيث قام بدعوتهم للقيام بمسؤولياتهم لمواجهة العربدة الاسرائيلية واتخاذ اجراءات وتدابير رادعة وعاجلة ازاءها والحفاظ على سلامة المدنيين العزل وانهاء الحصار الظالم على قطاع غزة والتحرك بشكل جاد وفاعل لإحلال السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة بأسرها.
ثانيا: قامت وزارة الخارجية وبشكل عاجل بتكليف مندوبها الدائم لدى الامم المتحدة في نيويورك بالتحرك نحو أعضاء مجلس الأمن ومطالبتهم بالضغط على اسرائيل وتأمين سلامة القائمين على قافلة الاغاثة.
ثالثا: تم تكليف مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف بإجراء الاتصالات العاجلة مع جميع المنظمات الدولية الانسانية المتواجدة في جنيف لحثها على اتخاذ الاجراءات المناسبة لإجبار اسرائيل على احترام المواثيق والاعراف وتحميلها مسؤولية سلامة القائمين على ايصال تلك المساعدات الانسانية.
رابعا: تم إجراء الاتصالات اللازمة مع الأشقاء في دول مجلس التعاون والدول العربية والدول الإسلامية والدول الصديقة والأمانة العامة للجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لتنسيق الجهود حيال هذه الأوضاع الخطيرة.
خامسا: أصدر وزراء خارجية دول مجلس التعاون برئاسة دولة الكويت على هامش اجتماعات دول المجلس مع رابطة دول الآسيان التي تعقد حاليا في جمهورية سنغافورة بيانا أدانوا فيه العدوان الإسرائيلي السافر ضد الأبرياء العزّل في قافلة الحرية وطالبوا المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم وجاد لوضع حد للممارسات الإجرامية الإسرائيلية، كما ستطالب دول المجلس رابطة دول الآسيان في اجتماعها المقرر اليوم الثلاثاء (أمس) بإدانة الغطرسة والعنف الإسرائيليين واتخاذ موقف جاد لحمل إسرائيل على وقف جرائمها بحق العزّل من الأبرياء.
سادسا: كلف مجلس الوزراء فريقا برئاسة وزير الخارجية بالنيابة وممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة الإعلام لترجمة توجيهات صاحب السمو الأمير، باتخاذ كل الخطوات اللازمة لضمان سلامة أبنائه المواطنين الكويتيين المتطوعين في حملة قافلة الحرية وإعادتهم للوطن سالمين، والفريق على اتصال دائم بجميع الأطراف من أجل الاطمئنان على سلامة هؤلاء المواطنين وتأمين عودتهم للبلاد، وقد أمر صاحب السمو الأمير بتجهيز طائرة خاصة لعودتهم بأسرع وقت ممكن.
سابعا: قامت وسائل الإعلام الرسمية بالتفرغ لنقل تطورات هذا العمل الإجرامي وتحليله ومتابعة كل المستجدات الدولية بشأنه تقديرا لأهمية هذا الحدث وخطورة نتائجه وتداعياته، ويجدر التنويه في هذا الصدد بوسائل الإعلام غير الرسمية بأدواتها المختلفة وبدورها الإيجابي وجهودها الطيبة في تغطية تفاصيل هذه الجريمة وردود الفعل المحلية والعربية والدولية إزاءها.
الإخوة رئيس وأعضاء مجلس الأمة المحترمين
إن جهود الحكومة متواصلة على جميع الأصعدة والمستويات في تفاعلها مع تداعيات الجريمة الإسرائيلية النكراء والتي تمثل إحدى حلقات سلسلة الجرائم والأعمال الوحشية وتجسد الطبيعة العدوانية والعقلية العنجهية التي تدين بها إسرائيل مؤكدة من جديد استخفافها بجميع القرارات والقوانين الدولية والقيم والمبادئ الإنسانية وإصرارها على ممارسة إرهاب الدولة المنظم والقرصنة وإشاعة أجواء التوتر وتقويض فرص السلام في المنطقة.
وستعمل الحكومة بالتعاون والتنسيق مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والدول الإسلامية والدول الصديقة والمنظمات الدولية ذات الصلة من أجل إجراء تحقيق فوري شامل في شأن هذه الجريمة الإنسانية بجميع أبعادها وجوانبها الإنسانية والقانونية لتتحمل إسرائيل مسؤولية نتائج هذا العمل الإرهابي المشين، والعمل لوضع حد للمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق، وإذ يجدد مجلس الوزراء شجبه وإدانته الشديدة للجريمة الإسرائيلية الشنعاء، ويتقدم بخالص العزاء والمواساة لأسر ودول الشهداء والضحايا الذين راحوا ضحيتها، ليدعو المجتمع الدولي بجميع دوله ومؤسساته وعلى الأخص مجلس الأمن لإدراك النتائج والآثار الخطيرة المترتبة على السماح لإسرائيل بممارسة غطرستها وتماديها في تجاهل القوانين والمواثيق الدولية والمبادئ والقيم الإنسانية وتكرار ممارساتها وأعمالها الإجرامية الظالمة، بما يشيع مشاعر الإحباط واليأس التي من شأنها تغذية وتعزيز أسباب التطرف والإرهاب التي يدفع الجميع ثمنا باهظا لها، وأن يتولى المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية والتحرك بجدية لفرض السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة لتنعم جميع شعوبها بالأمن والسلام والاستقرار.