اصدر قطاع المعلومات ـ ادارة الدراسات والبحوث ـ بالامانة العامة لمجلس الامة دراسة حول الجريمة في الكويت من حيث المعدلات والاسباب والآثار والحلول.
تهدف الدراسة التي اعدتها الباحثة الاجتماعية فاطمة الرامزي واشرف عليها المستشار د.رمزي سلامة الى عرض مشكلة الجريمة في المجتمع الكويتي خلال الفترة من 2005 الى 2009 ومدى تطورها والتعرف على اسبابها وامتداد آثارها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية على افراد المجتمع وذلك من خلال الاحصاءات المتاحة في هذا المجال.
الأسباب
وتقول الدراسة ان الجريمة ظاهرة أبدية، باقية ما بقيت المجتمعات البشرية، وتعرف الجريمة بأنها: «سلوك إنساني منحرف يمثل اعتداء على حق أو مصلحة من الحقوق أو المصالح التي يحميها الشرع أو القانون»، هنا يتضح أن الجريمة هي كل سلوك إنساني غير مشروع سواء كان عمدا أو من غير عمد يرتب عليه القانون جزاء جنائيا.
وبينما يجتهد علماء الاجتماع والقانون في تفسير الجريمة، نجد أن كل الآراء التي تسعى إلى تفسير الجريمة وإرجاعها إلى سبب واحد مثل الجهل أو الفقر أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية.. الخ، جميعها قد باءت بالفشل. والاعتقاد العام بين الباحثين الآن هو: أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في بيئة معينة وظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي، أي ان الجريمة بالنهاية ـ وغالبا ـ هي محصلة لمجموعة أسباب وليست وحيدة السبب.
لقد انتشرت الجريمة انتشارا ذريعا في العصر الحديث في جميع أنحاء العالم وتلونت ملامحها أكثر من أي وقت مضى وتضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا يزيدون على عدد ضحايا أي وباء، وهو ما يعرض أي مجتمع للخطر ويصيب أفراده بالقلق والشعور بعدم الأمان.
هدف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى عرض مشكلة الجريمة في المجتمع الكويتي خلال الفترة من 2005 الى 2009 ومدى تطورها والتعرف على أسبابها وامتداد آثارها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية على أفراد المجتمع وذلك من خلال الإحصاءات المتاحة في هذا المجال، وسنحاول أن نقترح بعض الحلول التي قد تسهم في علاج هذه المشكلة والحد منها.
المبحث الأول: تطور عدد القضايا خلال الفترة من 2005 الى 2009
الكويت من الدول التي تستقطب الكثير من الايدي العاملة الوافدة، والجدول التالي يبين انه مع زيادة اعداد السكان من عام 2005 الى 2009 صاحب ذلك تغير في اعداد القضايا الواردة الى النيابة العامة.
ووفق الجدول المرفق يتضح أنه انخفض معدل القضايا من عام 2005/2006 بمقدار 8 قضايا لكل 100 ألف نسمة من السكان، واستمر المعدل بالانخفاض من عام 2006 إلى 2007 بمقدار 44 قضية لكل 100 ألف نسمة من السكان على الرغم من الزيادة السكانية خلال تلك الفترة، ولكن نلاحظ زيادة كبيرة من عام 2007 إلى 2008 بمقدار 31 قضية لكل 100 ألف نسمة، واستمر الارتفاع من عام 2008 إلى 2009 بمعدل 6 قضايا لكل 100 ألف نسمة.
ـ ولكن بنظرة إلى معدلات القضايا خلال الفترة (2005 ـ 2009) ومدى تطورها، نلاحظ أنه على الرغم من الارتفاع الملحوظ خلال السنتين الأخيرتين في معدل القضايا إلا أنه لم يتجاوز معدل القضايا للعام 2005. وهذا دليل على أن معدل القضايا لم يرتفع خلال الفترة (2005 ـ 2009) عما كان عليه في بدايتها.
ـ لكن وبعد عرض النتائج السابقة، هذا لا يعني قلة عدد الجرائم في المجتمع الكويتي أو محدوديتها، وفي محاولة للفهم عن قرب، نود أن نستعرض ما هي أكثر القضايا الواردة إلى النيابة العامة خلال الفترة (2005 ـ 2009).
وتضيف الدراسة:
1 ـ ان الجنايات تشكل نحو نصف (50.7%) عدد القضايا الواردة خلال هذه الفترة (2005 ـ 2009) مثل جرائم القتل والاعتداء على المال والعرض والسمعة وجرائم المخدرات والخمور، بالتفصيل الذي سنتعرف عليه لاحقا.
2 ـ أن ثلث عدد القضايا خلال تلك السنوات الخمس هي «جنح تجارة، وجنح شيكات» بنسبة (20.7%) و(10.4%) على التوالي، يلي ذلك قضايا جنح الأحداث بنسبة (13.2%) وهي نسبة غير قليلة لأفراد غير راشدين لا تتجاوز أعمارهم الـ 18 عاما.
3 ـ أن حوالي نصف عدد الجنايات تتمثل في الاعتداء على مال الغير حيث تمثل (46.5%) من مجموع الجنايات، وتتركز جرائم الاعتداء على المال في النصب والسرقة والاختلاس وخيانة الأمانة والاعتداء على الملكيات العامة. ان هذه الجرائم ترجع إلى أسباب اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية يعاني منها الجاني وسيتم توضيحها في الفصل المقبل.
4 ـ أن ثلث الجنايات خلال السنوات الخمس هي «جرائم المخدرات والخمور، وجرائم القتل والاعتداء على النفس» حيث تمثل (14.3%) و(12.1%) على التوالي، يلي ذلك جرائم الاعتداء على العرض والسمعة بنسبة (6.6%).
5 ـ تمثل جرائم البنوك وجرائم الخطف والقبض والحجز النسبة الأقل بين الجنايات بنسبة (5.1%) و(4.9%) على التوالي.
وبعد التعرف على أنواع الجنايات في الكويت خلال الفترة (2005 ـ 2009)، هنا يتوجب علينا الإجابة عن التساؤل التالي، من هو المسؤول عن كثرة قضايا الجنايات في الكويت؟ هل هم الوافدون أم المواطنون أنفسهم؟ إن إحصائيات وزارة العدل ستجيبنا عن هذه التساؤلات وعلى الوجه التالي.
المبحث الثاني:
أولا: يشكل الوافدون (70.2%) من مرتكبي قضايا الجنايات في مقابل (29.8%) لقضايا المواطنين. والغريب ان الوافد عندما يتغرب إلى بلد آخر غير بلده تكون غايته الأولى هي العمل وتحسين ظروف العيش لديه وليس غايته الأساسية ارتكاب الجرائم، ولكن ما الدوافع التي أدت إلى ارتكاب بعض الوافدين لهذه الجرائم.
ثانيا: ان أكثر قضايا المواطنين خلال الفترة (2005 ـ 2009) هي قضايا المخدرات والخمور حيث تمثل (25.5%) من مجموع قضايا المواطنين، تلي ذلك القضايا الواقعة على النفس بنسبة (18.6%)، ثم القضايا الواقعة على المال كالنصب والسرقة والاختلاس والاعتداء على الممتلكات العامة بنسبة (18%) من مجموع قضايا المواطنين.
ثالثا: أما بالنسبة للجنايات الخاصة بالوافدين فكانت أعلى نسبة للقضايا الواقعة على المال حيث شكلت (50.4%) من مجموع قضايا الوافدين خلال الفترة 2005 ـ 2009، تلي ذلك القضايا الواقعة على النفس بنسبة (13.5%)، ثم تأتي قضايا المخدرات بنسبة (9.7%).
المبحث الثالث: قضايا الشؤون التجارية
بعد العلم في المبحث الأول بأن ثلث القضايا الواردة إلى النيابة العامة هي قضايا «جنح تجارة وجنح شيكات» بنسبة(31.1%) من إجمالي القضايا، يجدر بنا الوقوف والتعرف بشكل أكبر على أهم قضايا الشؤون التجارية في الكويت ومن المسؤول الأول عن ارتفاع معدلاتها هل هم المواطنون أم الوافدون؟
وتوضح الدراسة ان الوافدين يشكلون (89.7%) من مرتكبي قضايا الشؤون التجارية في مقابل (10.3%) مواطنون. وقد ترجع أسباب ارتفاع نسبة الوافدين في قضايا الشؤون التجارية إلى كثرة الوافدين في الكويت وقلة رواتبهم في المؤسسات الحكومية في مقابل غلاء المعيشة مما يدفعهم إلى استخدام الحيل غير القانونية في الكسب وزيادة الدخل.
9 توصيات لمكافحة الجريمة
خرجت الدراسة بتسع توصيات لمكافحة الجريمة والعمل على تقليل معدلاتها للحد الأدنى مقارنة بالشعوب الاخرى الاكثر امانا في العالم وهي: ضرورة انشاء مركز علمي امني متخصص يضم مجموعة من الخبراء والمتخصصين بمشاركة المؤسسات ذات العلاقة في المجال الامني تكون من مهامه: القيام بالدراسات والأبحاث العلمية في مجال الجريمة والانحراف، وتوفير بيانات احصائية كافية وشاملة من خلال تشكيل قاعدة للبيانات والمعلومات في مجال الامن تتعلق في الجريمة والانحراف، ويشترط في هذه البيانات الدقة والموضوعية والشمول والتفصيل. وضع خطط وبرامج توعوية وإرشادية للمجتمع وأفراده كجانب وقائي للجريمة والانحراف، ووضع خطط استراتيجية في مقاومة الجريمة والانحراف وتحقيق الأمن المجتمعي سواء كانت خططا طويلة أو متوسطة أو قصيرة المدى وإقناع أصحاب القرار بتبني مثل هذه الخطط. القيام بدراسات لقياس معدلات الجريمة والانحراف في المجتمع لتحديد أنماطها وأنواعها وربطها بالمتغيرات المجتمعية وصولا إلى التشخيص الجيد للمشكلة. تطبيق القانون ونزاهة الجهاز القضائي والأمني، والشروع في وضع قوانين جديدة في مجال مواجهة الجريمة والانحراف لتعطي نتائج أفضل بالإضافة إلى سن قوانين جديدة فيما يخص الجرائم المستحدثة. أما فيما يخص المؤسسات العقابية فإنه يجب توفير الرقابة على الشباب وعلى من يرتكبون جرائم لأول مرة، لأن هناك كثيرا ممن يرتكبون الجرائم هم مجرمون بالصدفة، فاختلاطهم مع المجرمين ذوي السوابق خطر عليهم. أهمية التركيز على الأسرة في عملية التنشئة وتوعية الأسرة بأهمية التنشئة السليمة لأفرادها وتحقيق الأمن والاستقرار لدى الأبناء. التركيز على دور المدرسة في عملية التربية السليمة، وعدم اقتصارها على الجوانب التعليمية، وتزويد المدارس بالمتخصصين والمرشدين ومراقبي السلوك وتعزيز العلاقة بين المدرسة والأسرة. كما تشير نتائج الدراسات العالمية الى أن معظم مرتكبي الجرائم والانحرافات هم من فئة الشباب، وهذا يتطلب وضع برامج لمعالجة مشاكل الشباب وخصوصا: معالجة قضية البطالة معالجة فعالة، والتوعية السلوكية من خلال برامج هادفة، وفتح مراكز وأندية شبابية رياضية وترفيهية موجهة لإبراز المواهب والقدرات. اتخاذ بعض الضوابط والقوانين التي تحد من تدفق العمالة الوافدة إلى البلاد، والتقليل من استخدام العمالة غير المؤهلة مهنيا وسلوكيا وأخلاقيا. الحد من ظاهرة الجرائم الالكترونية.