أصدر مركز اتجاهات تقريره حول تولي الشيخ أحمد الحمود منصب وزير الداخلية، وجاء كالتالي: وسط طريق وعر مزدوج بين إعادة ثقة المواطنين في وزارة الداخلية وإعادة الهيبة إلى رجل الأمن يقف وزير الداخلية المخضرم الشيخ أحمد الحمود في مواجهة مهمة دقيقة وخطيرة، ومن هنا تبدو المهمة الرئيسية للحمود في توحيد هذا الطريق متجاوزا قائمة طويلة من المطبات والعراقيل ومن ثم فتح ملفات ساخنة قد تقلب مزاج بعض النواب الذين استقبلوا تعيينه بترحيب وثقة لكن مع اشتراطات بغربلة الجهاز الأمني.
الحمود العائد إلى حقيبة الداخلية بعد 17 سنة ورث تركة ثقيلة من سلفه الشيخ جابر الخالد، غير أن التفاؤل العريض بقوة وحزم الرجل والثقة الكبيرة في مسطرة الحمود القانونية الواحدة حتى لا يقع في دائرة التجاذبات السياسية التي انجرف إليها الخالد، كل ذلك يجعل مهمة الحمود دقيقة وثقيلة، لأنها تأتي في مرحلة صعبة وتطورات إقليمية وعربية هائلة تحتاج حكمة وحزما وشدة ولينا وقوة وثقة.
وفي هذا السياق أعد مركز اتجاهات للدراسات والبحوث الذي يرأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة تقريرا يسبر أغوار الملفات الساخنة في الوزارة والتحديات التي تواجه الوزير الجديد.
مهنية فائقة
لاشك ان اختيار الشيخ احمد الحمود وزيرا للداخلية أعطى انطباعا إيجابيا ومطمئنا لما عرف عنه من مهنية فائقة وحيوية في إدارة دفة الأمن في البلاد وتطبيق القانون دون تعسف، خصوصا أنه قاد وزارة الداخلية في مرحلة حساسة أعقبت تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم ونجح في فرض الأمن وإعادة بناء قطاعات الداخلية.
31 نائباً
جاء رد الفعل النيابي على تعيين الحمود إيجابيا من كل الكتل والتيارات، وقد لوحظ أن 31 نائبا صرحوا مشيدين بهذا الاختيار، وكشفت تصريحاتهم عن أن هناك توافقا على خبرة الرجل ونظافة يده وسمعته وقدرته على معالجة الخلل في الوزارة في ضوء رصيده الضخم من حمل هذه الحقيبة في مرحلة إعادة التعمير عقب التحرير فضلا عن رصيد سابق من خلال تدرجه في سلم العمل داخل الوزارة ما يمكنه من التعامل ليس مع الملفات والعناوين الكبيرة فحسب، وإنما مع التفاصيل الصغيرة في كل قطاع وهي أس الداء داخل الوزارة.
اتفقت جميع تصريحات النواب والقوى المجتمعية على حاجة وزارة الداخلية لإصلاح كامل وحددوا أهم الملفات التي تحتاج لمعالجة وهي:
ـ غربلة أجهزة الأمن وإبعاد بعض «القيادات».
ـ مواجهة التجاوزات وحالات الفساد.
ـ إعادة ثقة الشعب إلى وزارة الداخلية.
ـ تطبيق توصيات تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في قضية وفاة محمد الميموني.
ـ إجراء إصلاحات في إدارة الإبعاد.
ـ مراجعة ما تردد عن ترقية بعض القيادات تسديدا لفواتير استجوابات سابقة.
ـ ضخ دماء شابة في المناصب القيادية.
ـ توزيع الصلاحيات الضخمة المنوطة بوكيل الوزارة على القيادات من وكلاء مساعدين ومديرين.
ـ تطبيق القانون والابتعاد كليا عن الواسطة.
ملف الإصلاح هو الملف الأهم الذي يواجه الحمود لإعادة ثقة المجتمع في وزارة الداخلية، وهذا يتطلب جهدا على أكثر من محور:
محاور الإصلاح
(1) تطبيق توصيات تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، لاسيما فيما يخص إصلاح قطاع المباحث الجنائية سواء على صعيد نهج العمل المتمثل في احترام القوانين وحقوق المتهمين وغربلة القيادات في القطاع سواء بالتجميد أو التدوير أو إبعاد العناصر غير الصالحة وترقية الكفاءات.
(2) فتح المخافر والسجون للجنة حقوق الإنسان البرلمانية وجمعية حقوق الإنسان لتكون عيونا تراقب أوضاع وأحوال السجناء والمحتجزين بما يعطي الثقة في صحة الإجراءات المتخذة ويعزز المصداقية في أجهزة المواطن، كما أنه يشكل رادعا لرجل الأمن ويحد من لجوئه لأساليب خارج القانون.
(3) نقل تبعية إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة وإدارة الطب الشرعي إلى وزارة العدل، وسيكون ذلك أول مواجهة بين الوزير الجديد ونواب الأمة لأنه وفق قرار المجلس في جلسة 26 يناير الماضي سيناقش المجلس تقرير لجنة الداخلية والدفاع حول الاقتراحات النيابية المتعلقة بهذا الموضوع، وهناك أغلبية نيابية تؤيد هذا النقل الذي يشكل ضمانة كبيرة لحقوق المتهمين وفي الوقت نفسه لدى وزارة الداخلية تحفظات كبيرة ولا ترغب في سلبها هذا الاختصاص الذي يمنحها قوة في كشف الجرائم، ومن هنا ستكون الإشكالية بين مدي استجابة الوزير لمطالب النواب الذي يعتبرونه مفتاح إصلاح «الداخلية» وبين رؤيته كرجل أمن.
(4) إجراء إصلاح فوري لملف «الإبعاد» وهو الملف وثيق الصلة بحقوق الإنسان، لاسيما أن هناك انتقادات نيابية هائلة لسياسة الإبعاد التي لها امتدادات خارجية تؤثر على سمعة الكويت.
(5) ملف ملاحقات المدونين على الانترنت من قبل الداخلية بالترغيب أو الترهيب وفق ما أثاره عدد من نواب مجلس الأمة أخيرا، حيث هدد النائب أحمد السعدون بشكل مباشر بتقديم استجواب إلى وزير الداخلية احمد الحمود أو رئيس الوزراء ما لم يتم التصدي لهذا العبث، خصوصا ان بعض هؤلاء النواب حددوا في تصريحاتهم جهة بعينها في وزارة الداخلية دون سواها أنها وراء هذه الملاحقات.
ترتيب بيت الوزارة
الملف الثاني الأكثر أهمية يتعلق بترتيب بيت الوزارة، بمعنى أن تكون هناك سلسلة إجراءات تختص بوضعية قيادات الوزارة سواء إبعاد غير القادرين أو تدوير القيادات أو تصعيد الكفاءات أو ضخ دماء جديدة، خصوصا أن الوزارة أصبحت تغص بعدد كبير من كبار الضباط خصوصا رتبتي لواء وعميد وتغيير نهج العمل ليصبح قائما على ركيزة العمل الجماعي، وهو ما حرص الوزير على تأكيده في أول لقاء جمعه مع قيادات الوزارة، لكن التحدي الأكبر للوزير أن قراراته المتعلقة بالتعيينات والترقيات والتجميد لقيادات وحركة التنقلات قد تصطدم برغبات بعض النواب، ومن ثم فهناك تربص نيابي بما سيتم في المرحلة المقبلة فهناك من سيواصل اشادته بالوزير وآخرون سوف ينتقدونه بشدة.
التجاوزات
والملف الثالث يتعلق بتصفية ومراجعة القضايا التي أدخلت الوزارة في دائرة الشبهات ومتعلقة بصفقات ومناقصات ومشاريع مثل صفقة الإعلانات الانتخابية.
قائمة أولويات
الملف الرابع يعنى بقائمة أولويات تتعلق بصلاحيات الوزارة مثل مشكلة الازدحام المروري وتزايد الحوادث المرورية، التجنيس، وازدواج الجنسية والقيود الأمنية وآلية التعامل مع ملف الحريات العامة وإقامة الندوات، والمساس بالوحدة الوطنية، كلها تمثل قضايا رئيسية تحتاج إلى نهج جديد في التعامل يبتعد عن الشكل الاستفزازي ويلتزم بتطبيق روح القانون بعيدا عن الإثارة الإعلامية، أضف إلى ذلك ملفين رئيسيين هما ازدياد عمليات التسلل إلى البلاد وانتشار المخدرات وتعاطيها بين الشباب.
مشاريع الوزارة في «التنمية»
وبموازاة مهام الحمود الأمنية فهناك مهام أخرى للوزارة في قلب خطة التنمية الجارية حاليا، حيث حددت 17 مشروعا للوزارة فضلا عن 74 مشروعا نمطيا، وتعنى المشروعات بمجالات متعددة منها ما يتعلق بحل مشاكل العمال والخدم وخصخصة عداد السيارات والفيزا وتطبيقات البصمة.
ومنها ما يتعلق بمهمة الوزارة الدقيقة في تأمين حدود الدولة من خلال وضع آليات للحد من ظاهرة تسلل العمالة الوافدة إلى البلاد من خلال مشاريع تعزز جهود تأمين الحدود بتكلفة إجمالية بلغت 171 مليون و230 ألف دينار، كما هناك مشروعا لتنفيذ وتطبيق مشروع الأرشيف الإلكتروني. وتأسيس شركة مساهمة عامة لاستقدام وتشغيل العمالة المنزلية بمشاركة 7 جهات حكومية، بالإضافة إلى أصحاب مكاتب العمالة المنزلية، وتجنب استقدام عمالة غير صالحة للتعايش مع عادات المجتمع الكويتي وضمان تمتعهم بحسن السير والسلوك واللياقة الطبية والبدنية والنفسية.