اصدرت الحركة السلفية بيانا على لسان امينها العام بدر الشبيب جاء فيه: الحمد لله القائل في محكم التنزيل (وامرت لأعدل بينكم) والناهي عن الفساد في قوله (ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها) وقاهر الظلم سبحانه وتعالى في قوله (وكذلك اخذ ربك إذ اخذ القرى وهي ظالمة، ان اخذه اليم شديد).
والصلاة والسلام على النبي النذير والهادي البشير، وبعد.
انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم «ما من عبد استرعاه الله رعيته، فلم يحطها بنصحه، الا لم يجد رائحة الجنة»، رواه البخاري، وعند مسلم «إلا حرم الله عليه الجنة».
وقوله صلى الله عليه وسلم «من اعان ظالما ليدحض بباطله حقا، فقد برأت منه ذمة الله، وذمة رسوله»، واستجابة لتغيير مفهوم الدين وتطويعه بجعله الحصن الحصين للطغاة الطالمين بدوام ظلمهم لامتهم واستبدادا لحكمهم واضفاء الشرعية عليه نبين ان الخطر الداهم للحكام في ظل سياسة التغيير للعالم العربي والساعي للمحاسبة الشعوبية واختيار مصيرها ان تقول كلمتها فيهم جعلهم يحركون الوازع الديني لدى الشعوب الاسلامية بدفع سياسة رياح التغيير بالعباءة الدينية لضمان ديمومة حكمهم.
ومنها نقول ان من حق المسلمين ـ كغيرهم من سائر البشر ـ ان يسيروا المسيرات وينشئوا المظاهرات تعبيرا عن مطالبهم المشروعة وتبليغا بحاجاتهم الى الحكام وصناع القرار بصوت مسموع لا يمكن تجاهله، فإن صوت الفرد قد لا يسمع، لكن صوت المجموع اقوى من ان يتجاهل، وكلما تكاثر المتظاهرون كان صوتهم اكثر اسماعا واشد تأثيرا، لأن ارادة الجماعة اقوى من ارادة الفرد، والمرء ضعيف بمفرده قوي بجماعته، لهذا قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»، وشبك بين أصابعه، ودليل مشروعيتها انها من امور العادات وشؤون الحياة المدنية، والاصل في هذه الامور هو الاباحة وهذا ما قررته الادلة الشرعية في الاسلام ان الاصل في الاشياء الاباحة وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره جمهور الفقهاء والاصوليين فلا حرام الا ما جاء بنص صحيح الثبوت، صريح الدلالة على التحريم، اما ما كان ضعيفا في مسنده او كان صحيح الثبوت لكن ليس صريح الدلالة على التحريم، فيبقى على اصل الاباحة، حتى لا يتم ما نحرم ما احل الله.
وكذلك اقامة الدولة العادلة من اهم مقاصد الشريعة الاسلامية، ومقومات وجود الامة بقيام نظام الحكم الذي يحقق العدل، ويحارب الجور، ويحفظ مصالح الناس، ويدرأ المفاسد عنهم، وهو من اعظم الفروض على هذه الامة العظيمة ومن الخطأ الشائع الظن ان فساد السلطة نتيجة لفساد الرعية، والعكس اولى بالصواب، غير ان الرعية تعاقب على سكوتها عن ظلم السلطان، ورضاها به، باستدامة ذلك الظلم عليهم جزاء، ولا يظلم ربك احدا.
والقول ان هذه المسيرات بدعة لم تحدث في عهد رسول الله ولا اصحابه، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، قول مرفوض، لأن هذا انما يتحقق في امر العبادة وفي الشأن الديني الخالص، فالاصل في امور الدين «الاتباع» وفي امور الدنيا «الابتداع».
لذا ان اخطر ما تواجهه الامة الاسلامية تضليلها عن احكامها الشرعية فإن حكم المسيرات والمظاهرات مباح لأن الاصل في الاشياء الاباحة وانطلاقها من قاعدة المصلحة المرسلة لأن هذه الممارسات لم ترد في العهد النبوي او الراشدي ولعدم ورود من الشرع دليل باعتبارها ولا بالغائها والقاعدة الاخرى انها من الوسائل التي لها حكم المقاصد ان الشعوب الاسلامية لها من الخصوصية الدينية والفقهية والعقدية التي يحرك مشاعرها وينير دروبها بجعل الوازع الديني هو صمام امانها فليتق الله كل عالم او داعية بأقواله رأفة بهذه الشعوب المغلوبة على امرها، ان المنطقة اليوم اشد ما تكون بحاجة الى الارشاد والتلاحم بين الشعوب لتحقيق المصلحة العامة بالتغيير لتطبيق المشروع الاسلامي المأمول الذي امرنا بتطبيقه والتحاكم اليه.
والله من وراء القصد، ونسأله سبحانه وحده حفظ الشعوب وتأليف القلوب.