- عدم دستورية مساءلة الوزير عن حقيبتين وزاريتين في استجواب واحد
- لا نص دستورياً يجيز المساءلة عن اختصاص نائب رئيس مجلس الوزراء مقارنة مع مصر
- المسؤولية لا تفترض فيمن توكل إليه اختصاصات المتابعة
قراءة: عبداللطيف راضي
إن صحيفة الاستجواب المقدمة لنائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الإسكان ووزير التنمية الشيخ احمد الفهد جاءت مشوبة بعيب مخالفة الدستور لعدة أسباب يمكن إيجازها فيما يلي لاستعراض أوجه العوار الدستوري.
٭ أولا: عدم وجود نص دستوري ينظم مساءلة نواب رئيس مجلس الوزراء، كما هو الحال في الدساتير المعروفة ومنها الدستور المصري. حيث ينص الدستور المصري في المادة 124 من الدستور المصري (لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء او احد نوابه او أحد الوزراء او نوابهم أسئلة في اي موضوع يدخل في اختصاصاتهم، وعلى رئيس مجلس الوزراء او نوابه او الوزراء او من ينيبونه الإجابة عن أسئلة الأعضاء. ويجوز للعضو سحب السؤال في اي وقت ولا يجوز تحويله في نفس الجلسة الى استجواب).
كما تنص المادة 125 من الدستور المصري على (لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب حق توجيه استجوابات الى رئيس مجلس الوزراء أو نوابه او الوزراء او نوابهم لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم....).
٭ ثانيا: عدم وجود نص دستوري ينظم اختصاصات وفقا للدستور لنائب رئيس مجلس الوزراء، حيث ان المسؤولية ترتبط بالسلطة الفعلية المقررة دستوريا ولا تكون المسؤولية مفترضة، اذ ان المستقر في القانون الدستوري والإداري انه لا حلول في مزاولة الاختصاص إلا اذا نظمه المشرع، فإذا غفل المشرع عن تنظيمه أصبح الحلول مستحيلا قانونا. لا يتخلى عن المسؤولية وبالتالي فإنه لا تفويض في المسؤولية.
٭ ثالثا: عدم وجود أثر للقرار الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بالنيابة رقم 773 لسنة 2009 في شأن متابعة تنفيذ برنامج عمل الحكومة والصادر في 28 ديسمبر 2009 في تحمل المسؤولية إذ ان التكليف في بحث بعض المواضيع ومتابعتها لا تلقي على من عهد إليه الأمر المسؤولية، كما جاء القرار في مباشرة دور المتابعة دون سلطة حقيقية، حيث أرجع القرار اتخاذ الإجراءات اللازمة الى مجلس الوزراء وفق التقارير التي ترفع إليه.
٭ رابعا: توجيه الاستجواب عن محور المجلس الأولمبي الآسيوي الى نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الإسكان ووزير التنمية عن دوره واختصاصه وسلطته في تولي رئاسة المجلس الأولمبي التي اكتسبها من قبل توليه الحقيبة الوزارية ولا يجوز بالتالي مساءلته عن سلطته المكتسبة من موقعه في تمثيل المنظمة الدولية اذ انه في هذه الحالة لا يمثل الدولة وإنما إرادة الجمعية العمومية في المجلس الأولمبي وهي شخصية اعتبارية تخضع للقانون الدولي ولم يكتسبها بحكم موقعه الوزاري وبالتالي ليس له صفة في الإجابة عن هذا المحور وإلا كان إخضاعا للمنظمة الدولية لرقابة السلطة التشريعية في الكويت وهو ما قد يؤدي الى اعتبار الأمر من قبل الاتحاد العام للمنظمة الدولية تدخلا في شؤون منظماته. كما انه ليس للشيخ احمد الفهد اختصاص أو حق في الإجابة فيما تتوافر لديه من بيانات عن مشروع المجلس الأولمبي التي قد تكون متوافرة لديه بحكم منصبه في المنظمة الدولية التي انتخبته.
٭ خامسا: جاء الاستجواب فيما يخص محور المجلس الأولمبي مخالفا للدستور وممارسة للأداة الرقابية تجاه وزير غير مختص إذ ان التعاقد الذي يمثل الحكومة والذي تتوافر فيه مقومات الاستجواب يكون من خلال وزير المالية الذي يمثل الطرف الحكومي في الوقائع المدعى وجود مخالفات فيها. كما جاء الاستجواب مخالفا للدستور في توجيهه لنائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة للإسكان ووزير التنمية في المحور الخاص بتعطيل النشاط الرياضي باعتبار ان مقومات تقديم الاستجوابات تكون للوزير المختص المتمثل في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.
إذ تنص المادة 58 من الدستور الكويتي «رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته».
وتنص المادة 100 من الدستور الكويتي على ان لكل عضو من اعضاء مجلس الامة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة في اختصاصاتهم.
وتنص المادة 101 من الدستور الكويتي على ان «كل وزير مسؤول لدى مجلس الامة عن اعمال وزارته».
وجاء في حكم المحكمة الدستورية في القرار رقم 8 لسنة 2004 تفسير دستوري، وطبقا للنظم الدستورية فإن السلطة توجب المسؤولية وتنتجها لزوما فهي كالظل الظليل لا تبعد عنها ولا تفارقها، فالذي يباشر السلطة يجب ان يكون مسؤولا عن مباشرتها، والذي يساءل يجب ان يكون صاحب سلطة واختصاص بما يخوله قانونا القدرة على القيام بإجراء او اتخاذ تصرف معين، وعلى خلاف ذلك فإن عدم الاختصاص يؤدي الى انعدام القدرة قانونا على الاتيان بهذا الاجراء او التصرف، وبالتالي فلا مسؤولية بلا سلطة او اختصاص.
٭ سادسا: تنفيذ الخطة الانمائية والتنموية وبرنامج عمل الحكومة عمل مشترك يقوم فيه كل وزير بالاختصاص المنوط به وبالتالي فإن المسؤولية عامة مشتركة بين كافة اعضاء مجلس الوزراء ولا يؤدي القرار بخصوص اجراءات المتابعة من قبل نائب رئيس الوزراء المستجوب باعتباره قد خلا من سلطة فعلية منفردة له في ذلك وفق ما سلف بيانه.
وقد بينت المحكمة الدستورية في تعليقها على مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة بالقول: مشروع القانون المقدم من الحكومة هو نتاج عمل جماعي، تولت اعداده وصياغته اجهزة فنية متخصصة يشارك فيه الموقعون عليه، الامير ورئيس مجلس الوزراء، والوزير المختص ـ بصفتهم هذه وليس بصفتهم الشخصية ـ بما يتمتعون به من سلطة عامة لها طابع الدوام والاستمرار. «طلب التفسير رقم 1 لسنة 1985 في الفقرة الاولى من المادة 65 بشأن استمرارية المشاريع الحكومية الصادر في حكم 29/6/1985».
٭ سابعا: الوقائع الواردة في صحيفة الاستجواب عن المحاور المخالفة للدستور جاءت عن فترات زمنية لم يكن في بعضها نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاسكان ووزير التنمية في موقع سلطة فعلية له فيها، وجاءت: كما لا يجوز وبفرض وجوده في سلطة فعلية ان يوجه له الاستجواب بعدما انقطعت صلته بصدور التشكيل الوزاري الاخير وبالتالي تكون المسؤولية الوزارية مختصا فيها الوزير المعني المسؤول اداريا عن الوزارة ذات العلاقة في المخالفات المدعى بها في صحيفة الاستجواب.
وجاء في حكم الدستورية في طلب تفسير مواد الاستجواب رقم 8 لسنة 2004: الوزير لا يستمد سلطته القانونية ولا يشغل مركزه الا بناء على المرسوم الصادر بتعيينه، كما انه يستمد اختصاصاته الوزارية في الاصل من المرسوم المتعلق بتنظيم وزارته، وتحديد اختصاصاتها، بالاضافة الى ما يرد بالقوانين واللوائح من اختصاصات اخرى، واذ كان من المقرر بالنسبة الى المسؤولية الفردية للوزير عن الاعمال المتعلقة بالمؤسسات العامة والهيئات العامة وجهات الادارة المستقلة التابعة له او الملحقة به او بوزارته، انه اذا اسند المشرع الى الوزير ممارسة سلطة معينة لم تكن داخلة اصلا في الاعمال الاساسية لوزارته للاضطلاع بها، فإن السلطة تتبع المسؤولية، فمن ثم يتحمل الوزير المسؤولية عن مباشرته لهذه السلطة وذلك في حدود صلاحياته واختصاصاته التي منحها له المشرع في نطاق الدستور اي ان المسؤولية تتحدد في اطار الدائرة التي يستعمل فيها سلطته.
واضاف الحكم: «يتعين ان يكون الوزير مختصا بأعمال الوزارة المراد استجوابه عنها وان تتوافر في اختصاصه تلك العناصر مجتمعة حتى يستقيم الاستجواب صحيحا وفقا لاحكام الدستور، وهي تتمثل في (العنصر الشخصي) ولازمه ان يكون الوزير المستجوب قد اكتسب الصفة الوزارية بتعيينه وزيرا لوزارته بموجب مرسوم اميري طبقا للمادة (56) من الدستور، و(العنصر الموضوعي) ومؤداه ان تكون الاعمال والتصرفات محل الاستجواب داخلة في الحدود التي قررها المشرع وفي النطاق الذي اتاح للوزير ممارستها فيه، و(العنصر الزمني) مقتضاه ان تكون الاعمال والتصرفات المراد استجواب الوزير عنها قد صدرت منه او من احد الاشخاص التابعين له بصفته هذه خلال فترة ولايته للوزارة التي يحمل حقيبتها والتي تبدأ منذ تعيينه وزيرا لها وتستمر حتى تنتهي بانتهاء عمله بها لاي سبب كان يفضي الى زوال صفته الوزارية، و(العنصر المكاني) وقوامه ان الوزير باعتباره سلطة مركزية في وزارته فإنه يبسط سلطته هذه ليمارس سائر اعماله الوزارية ـ بالمعنى الواسع ـ المخولة له ليس في عاصمة البلاد فحسب بل تمتد الى سائر انحائها ويمارس هذه الاعمال عن طريق التابعين له ولوزارته والملحقين بها من موظفين وادارات واجهزة ومرافق».
كما ورد في حكم المحكمة الدستورية القول: من صور الاعمال التي لا يجوز من الناحية الدستورية استجواب الوزير عنها لتخلف مسألة الاختصاص بشأنها تلك الاعمال السابقة التي صدرت منه قبل توليه الوزارة التي يحمل حقيبتها ايا كانت صفته وقت صدورها.
٭ ثامنا: شبهة عدم الدستورية في اشتمال محاور الاستجواب على مواضيع تتعلق بجميع الحقائب الوزارية التي يتولاها الوزير اذ ان المستقر دستوريا عدم جواز المساءلة للوزير عن الوزارتين اللتين يتولى حقيبتيهما أو اكثر من ذلك اذ لابد ان يكون الاستجواب محصور في مواضيع حقيبة وزارية واحدة وهذا ما استقرت عليه آراء الخبراء الدستوريين خلال تقديم استجواب د.عادل الصبيح عام 2000.