- وضع اسم «الخليج الفارسي» في بعض المطبوعات الحكومية الرسمية بدلاً من اسم الخليج العربي
- طباعة العلم الإيراني في مطبوعات وزارة النفط
- رفع العلم الإيراني وشعارات ولافتات تعبر عن النظام الإيراني وحلفائه في عدد من المرافق الحكومية
- محاولة التعتيم الإعلامي على الشبكة التجسسية والنفي الرسمي لعلاقة إيران بالشبكة خلال فترة التحقيقات وقبل اكتمالها
- الإخلال بالتزامات الكويت تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً خلال الفتنة في البحرين
- تمادي الحكومة بإعطاء تسهيلات للعمالة الإيرانية بكثافة ولوظائف هامشية
قدم النواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف ومبارك الوعلان استجوابا لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وجاء نص الاستجواب كالتالي:
الأحد: 19 جمادي الآخرة 1432 هـ
الموافق : 22 مايو 2011 م
السيد/ رئيس مجلس الأمة المحترم،،
تحيه طيبه... وبعد،
تنص المادة (100) من الدستور الكويتي على الآتي «لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلية في اختصاصاتهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير، وبمراعاة أحكام المادتين 101 و102 من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة على المجلس» وبما نصت عليه المادة (100) من الدستور نوجه نحن الموقعين أدناه الاستجواب المرفق إلى السيد/ رئيس مجلس الوزراء بصفته بشأن:
الإضرار بالأمن الوطني الكويتي وبعلاقات الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال انحياز السياسة الخارجية لحكومته نحو النظام الإيراني.
برجاء اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه وفقا للدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
مع خالص التحية.
مقدمو الاستجواب
د. وليد مساعد الطبطبائي
محمد هايف المطيري
مبارك محمد الوعلان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب (25) واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون (26) يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (27) واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم) سورة الأنفال.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم
تابع الشعب الكويتي بكثير من السخط والامتعاض والاستغراب استقبال حكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح لوزير خارجية النظام الإيراني علي أكبر صالحي في زيارة رسمية لدولة الكويت في يوم الأربعاء الموافق 18 مايو 2011، وهي الزيارة التي رتبت على رغم ومن دون إعطاء أي اعتبار للظروف الاستثنائية والسيئة التي تمر بها علاقات طهران بمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي ومنها دولة الكويت، وذلك بعد المواقف والتصرفات والتصريحات الاستفزازية من قبل ذلك النظام ضد أمن وسيادة دول الخليج، في ظل استمرار العدوانية الشديدة التي تبديها وسائل إعلام النظام الإيراني والجهات التابعة له.
وجاءت الزيارة ولم تجف بعد البيانات الرسمية لمجلس التعاون الخليجي في إدانة ورفض الاستفزازات والتعديات من قبل إيران ضد دوله، ففي الثامن عشر من أبريل 2011 أصدر المجلس الوزاري الخليجي بعد اجتماعه في الرياض بيانا طالب فيه المجتمع الدولي ومجلس الأمن «باتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف التدخلات والاستفزازات الإيرانية السافرة والتي تسعى لإشعال الفتن والتخريب بداخل مجلس التعاون». وأكد المجلس أن دوله «ترفض رفضا قاطعا أي تدخل خارجي في شؤونها.. وتدعو النظام الإيراني للكف عن أسلوب التحريض والاستفزاز». كذلك ندد المجلس بالاعتداءات على العاملين في البعثة الديبلوماسية السعودية في طهران.
وفي 3 مايو 2011 أصدر وزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم الدوري بيانا دانوا فيه وبشدة «التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين ما يمثل انتهاكا للمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار فيما أكد الوزراء مشروعية تواجد قوات درع الجزيرة في مملكة البحرين بناء على طلبها».
واستنكر الوزراء «تصريحات أدلى بها رئيس أركان الجيش الإيراني حول هوية الخليج العربي باعتبارها تصريحات استفزازية وغير مسؤولة وتتعارض مع مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومبادئ منظمة المؤتمر الإسلامي وميثاق الأمم المتحدة وأكدوا أن الخليج عربي وسيظل كذلك»، وثمن الوزراء «التلاحم القوي القائم بين شعوب دول المجلس وقياداتها الرشيدة في مواجهة الدعوات المغرضة والتدخلات الخارجية التي تستهدف وحدة وأمن دول المجلس».
وتأتي زيارة صالحي والتي جاءت بناء على موافقة حكومته بقدومه بعد التصريحات المشينة لرئيس الأركان الإيراني الجنرال فيروز ابادي في 1 مايو 2011 والتي هاجم فيها ما أسماها «جبهة الديكتاتوريات العربية» في الخليج المعادية لإيران، زاعما أن هذه المنطقة «كانت دائما ملك إيران».
وقال فيروز ابادي في بيان نقلته معظم وكالات الأنباء والصحف الإيرانية ما نصه إن «الأنظمة العربية الديكتاتورية في الخليج الفارسي غير قادرة على منع» ما أسماها «الانتفاضات الشعبية». وزعم أنه «بدلا من فتح جبهة لا يمكن الدفاع عنها مع إيران، على هذه الديكتاتوريات أن تتخلى عن الحكم ووضع حد لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية» كما يزعم، كما دان ما قال إنها «مؤامرة» الدول الخليجية «لتشكيل هوية لها على حساب الهوية الإيرانية». وشدد فيروز ابادي في بيانه أن «الخليج الفارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائما لإيران»، حسب زعمه.
وتعكس هذه التصريحات المناخ الداخلي للسلطة الإيرانية والتصور المريض في أذهان بعض قادتها لعلاقتهم مع دول الجوار العربية، خصوصا وأن فيروز ابادي عضو في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهي الهيئة المسؤولة عن صوغ السياسات الإستراتيجية للنظام.
وقد جاءت زيارة صالحي إلى البلاد بعد أن دان القضاء الكويتي حكم أول درجة خمسة أشخاص غالبيتهم إيرانيين بالتورط في أعمال تجسس والتخطيط لأعمال تخريب ضد دولة الكويت وأصدر أحكاما رادعة في حقهم، وهي القضية التي أثبتت التحقيقات تورط ديبلوماسيين يعملون في البعثة الديبلوماسية الإيرانية في أعمال مخلة بالأمن الكويتي، واتخذت وزارة الخارجية الكويتية بناء إلى موقف حكومي قرارا مسؤولا بإنهاء عملهم في البلاد ورد النظام الإيراني بطرد ديبلوماسيين كويتيين بدلا من الاعتذار لدولة الكويت.
وقد أكدت الكويت على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح في الأول من ابريل 2011 بأن حكم المحكمة بشأن شبكة التجسس الإيرانية كشف عن «مؤامرة على أمن الكويت السياسي والاقتصادي والعسكري»، وأن وزارة الخارجية استدعت القائم بالأعمال الإيراني لدى البلاد، وأبلغته استياء الكويت الشديد من هذا العمل التجسسي». وصرح وزير الخارجية بأن «هذه المؤامرة حيكت للأسف من جهات لم يصدر من الكويت تجاهها إلا كل خير ومودة، وقد صعقنا بأن تكون هذه الشبكة التآمرية مرتبطة بعناصر رسمية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك شكلنا خلية أزمة في وزارة الخارجية، واستدعينا السفير الكويتي في طهران وكذلك القائم بالأعمال الإيراني الذي تم تسليمه مذكرة احتجاج».
فما الذي تغير في نهج إيران تجاهنا أو تجاه دول الخليج الشقيقة حتى يتغير موقفنا بعد اقل من خمسين يوما من صدور أحكام القضاء الكويتي العادل بإدانة التورط الإيراني حتى نبادر إلى استقبال وزير خارجية النظام المتجسس؟ وهل تلاشت المؤامرة الإيرانية خلال هذه المدة؟
ويأتي استقبال الحكومة الكويتية لصالحي وصحف النظام الإيراني تتوعد الكويت بالاعتداء العسكري المباشر إذا هي لم تمتثل لنزوات وضغوط حكام طهران، فقد نشرت صحيفة «جمهوري إسلامي» الطهرانية اللصيقة بالنظام مقالا افتتاحيا في 13 ابريل 2011 يتوعد الكويت بضربها بالصواريخ وجاء في نص المقال ««لقد ذاقت الكويت سابقا طعم صواريخ «دودة القز» الإيرانية كما أنها خبرت ضرباتنا الماحقة في أوج الحرب المفروضة علينا (الحرب العراقية - الإيرانية 1980- 1988) واليوم بالإمكان تكرار تلك التجارب، لكننا نوصيها (الكويت) بعدم اختبار غضبنا لأنها لن تكون بمأمن من عواقبه السيئة مما يعد تهديدا مباشرا رسمي لدولة الكويت.
ويأتي استقبال حكومة الرئيس الشيخ ناصر المحمد لوزير الخارجية الإيراني في وقت رفضت فيه المملكة العربية السعودية الشقيقة استقبال ذات الوزير إثر التطاول الإيراني المستمر على قيادة وشعب المملكة في وسائل الإعلام والتهديدات لأمن المملكة على لسان بعض مسؤولي النظام، وأعمال تخريب واعتداء على مقر البعثة الديبلوماسية السعودية في كل من طهران ومشهد، بل تردد أن المملكة رفضت حتى مرور وهبوط طائرة وزير الخارجية الإيراني في المملكة للتزود بالوقود.
وأيضا جاءت زيارة صالحي للكويت في الوقت الذي تستمر فيه التصرفات الاستفزازية الإيرانية على أمن واستقرار وسيادة مملكة البحرين الشقيقة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تحريك سفينة محملة بعناصر الحرس الثوري الإيراني لإرسالها إلى سواحل البحرين بزعم إيصال مساعدات للشعب البحريني، وهي السفينة التي رفضت البحرين استقبالها معتبرة إياها جزءا من سلسلة المحاولات الإيرانية لزعزعة أمنها واستقرارها، وصرح الشيخ فواز بن محمد آل خليفة رئيس هيئة شؤون الإعلام في البحرين في 14 مايو الماضي بان المنامة لم تطلب من إيران إرسال سفينة مساعدات إلى البحرين، وإاها تعتبر الخطوة الإيرانية «تدخلا في شؤون البلاد»، وتعد تلك التصرفات الإيرانية الاستفزازية مساسا بأمن وسيادة دول مجلس التعاون الخليجي.
تبادل السفراء
ولم تكتف حكومة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد باستقبال الوزير صالحي بل فوجئ الشعب الكويتي بالوزير الإيراني يتولى وهو على أرض الكويت بالإعلان عن عودة سفيري الكويت وإيران إلى مقري عملهما قريبا وإلى معاودة اللجنة العليا المشتركة بين البلدين إلى نشاطها وعملها وذلك من دون أن يسمع شعبنا أي تفسير أو تبرير لهذه الخطوة على رغم استمرار نظام طهران في نهجه ومواقفه.
وزيادة على ذلك لم يتردد الوزير الإيراني في الطعن ضمنا في أحكام القضاء الكويتي عندما صرح نافيا «جملة وتفصيلا» أي علاقة لنظامه بالشبكة على رغم الإدانة الواضحة لتورط الأجهزة والديبلوماسيين المستندة على الأدلة والقرائن، وزاد أنه «يتمنى أن تتمخض نتائج التقاضي على نتائج إيجابية» وهو ضغط غير مباشر على القضاء الكويتي ليتخذ مسارا معينا في استئناف النظر في هذه القضية، كذلك لم يتردد صالحي في أن يعلن وهو في الكويت رفض حكومته لما وصفه بـ «التدخل الأجنبي العسكري في البحرين» ويعني بذلك مشاركة قوة درع الجزيرة لدول مجلس التعاون الخليجي لطلب حكومة مملكة البحرين مساعدتها على حفظ الأمن في ربوع المملكة الشقيقة.
والغريب أن تصريحاته هذه أوردتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية على علاتها دون أن يصحبها أو يتبعها أي رد من قبل مسؤول في الحكومة الكويتية، مما يعد قبولا رسميا لها من قبل حكومة الشيخ ناصر، أو على الأقل عدم الاعتراض.
إن استقبال حكومة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لوزير خارجية النظام الإيراني على كل العلل والمثالب السياسية والأمنية التي بيناها هو ليس بحادثة منعزلة أو تصرفا شاذا عن باقي سياسات هذه الحكومة، بل هو نمط مستديم ونهج مستمر بدأ مع تولي الشيخ ناصر موقع رئاسة السلطة التنفيذية الكويتية في فبراير من عام 2006 واستمر عبر سبع حكومات متواصلة آخرها الحكومة الحالية والتي افتتح أعمالها بهذه الخطوة الماسة بكرامة وأمن الشعب الكويتي والمخالفة لمبادئ الإخوة والتعاون مع أشقائنا الخليجيين، هذه المبادئ التي هي راسخة في تاريخ علاقة الكويت بشقيقاتها وهي المبادئ التي بني عليها مجلس التعاون الخليجي عام 1981.
إن روابط الكويت بالشقيقات الخليجيات ليست بديلا سياسيا بين بدائل حتى يؤخذ أو يترك، وليست حالة مؤقتة خاضعة لرؤية مصلحية معينة، إنها حقيقة ضاربة في عمق التاريخ وبين الشعب الخليجي الواحد قبل أن تكون بين الحكومات، وهذه الروابط ليست اجتهادا من حكومة كويتية سابقة حتى تتراجع عنها حكومة تأتي بعدها.
لقد أثبتت هذه الروابط أنها حقيقة مصيرية في أحلك ساعات هذا الوطن العزيز عندما جثم العدوان البعثي العراقي الآثم بكلكله الرهيب فوق ربوع بلادنا، وإن مواقف شعوب وحكومات الأقطار الخليجية من هذه المحنة وما بذل في سبيل تخفيف معاناة الشعب الكويتي والعمل على نصرته وتحرير أرضه من الاحتلال الغاشم لتاريخ مجيد يكتب بماء الذهب، ومن لا يؤدي شكرها للأشقاء إلا رب العزة والجلال الذي له المنة جميعا.
ولقد عاود الأشقاء فزعتهم الأخوية المباركة مع الكويت في أكتوبر من عام 1994 عندما عاد طاغية العراق الآثم إلى نشر قواته على حدود الكويت وإطلاق التهديدات فأرسلت كل دول الخليج وحدات قتالية لترابط على أرض الكويت الطاهرة، ومرة ثالثة عندما احتشدت القوات الدولية في حرب الإطاحة بالطاغية عام 2003 أرسلت كل الدول الشقيقة قوات للدفاع عن ارض الكويت لم تتخلف منها دولة شقيقة واحدة.
لذا يبدو مفزعا وغير مقبول من قبل أي كويتي أن تتخذ الحكومة الكويتية تجاه شقيقاتها الخليجيات درجة من الالتزام والتضامن أقل مما أبدته هذه الشقيقات معنا على مدى التاريخ الماضي.
مصالح سياسية شخصية وليست وطنية
ولكن للأسف فإن الحكومة الكويتية تحت رئاسة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فعلت ذلك، وأثبتت من خلال مواقف كثيرة جدا أنها تقدم اعتبارات سياسية خاصة بشخص رئيس الوزراء ومصالحه السياسية وقراءته لمستقبله القيادي على مبدأ التضامن الكامل مع الشقيقات الخليجيات وهو التضامن الذي فيه بعد حفظ الله أفضل الضمانات للأمن الكويتي نفسه.
اننا نقدم هذا الاستجواب للشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء، لاننا نعتقد أنه من خلال تغليبه قراءته السياسية الشخصية الخاصة على المصالح الوطنية الكويتية والمصالح الاقليمية الخليجية، قد عرض أمننا الكويتي والخليجي لأضرار كبيرة، وهناك عشرات من الادلة والشواهد والامثلة على ذلك مما سنبسط شرحه في هذا الاستجواب مطالبين السيد رئيس الوزراء بأن يوضح للشعب الكويتي قبل مجلس الامة تبريره لهذا النهج وتفسيره لكثير من التصرفات والمواقف والقرارات والتي تابعها المواطن الكويتي بكثير من الصدمة والقلق والاستياء كونه يدرك أنها لا تصب في الصالح العام الكويتي بل كانت في كثير من الاحيان ماسة بالكرامة الوطنية.
اننا نعتقد أن سياسات الشيخ ناصر كرئيس للحكومة الكويتية مالت نحو المجاملة الكبيرة للنظام الايراني والجهات التابعة له، وتضمنت القبول بدور للنفوذ الايراني في الساحة السياسية المحلية بل ودخولها طرفا في المعادلة السياسية المحلية، أملا في الاستقواء بها دعما لطموحات الشيخ ناصر السياسية وتعزيز موقعه على رأس السلطة التنفيذية في الكويت وفي مواجهة صور الرقابة الشعبية ولاسيما مجلس الامة.
هذا التوجه أدى الى ثلاثة انحرافات في النهج الحكومي ماسة بالامن الكويتي والخليجي هي موضوع هذا الاستجواب.
الانحراف الاول: الاهمال الجسيم في المحافظة على الامن الوطني أمام التغلغل الايراني.
منذ عقود والكويت تتعرض لمحاولات جهات خارجية للتغلغل الامني فيها، ومن أهم وأخطر هذه الجهات خصوصا منذ سقوط النظام العراقي البائد عام 2003 هي النظام الايراني، وتاريخنا القريب خصوصا بعد عام 1979 حافل بأمثلة لا تعد ولا تحصى على ذلك، ولقد اتبعت الحكومات الكويتية خلال ذلك سياسة مرنة اعتمدت على عدم استفزاز مصدر التهديد مع عدم القبول بمحاولات التغلغل أو الاستسلام لها والعمل على مكافحتها وحث الاجهزة الامنية المختصة على ذلك، ولم يكن الاداء الامني لتلك الحكومات مثاليا لكن الخطأ فيه كان في حدود الاجتهاد.
غير أنه منذ تولي رئيس الوزراء الحالي والى ساعة تقديم هذا الاستجواب قيادة السلطة التنفيذية لاحظنا ولاحظ كل الكويتيين شواهد وأمثلة كثيرة على تراخي الحكومة في التصرف الحازم أمام محاولات التغلغل لايران ومن يتبعها من جهات ومنظمات، وان تفسيرنا ـ وكثير من الكويتيين ـ لذلك أن السيد رئيس الوزراء يتخذ من المجاملة السياسية الزائدة لادوات التغلغل للنفوذ الايراني مطية سياسية تساعد على تدعيم وإدامة وجوده على رأس موقعه الحالي، ونستطيع أن نعدد أمثلة كثيرة على ذلك:
1 - تغاضي الحكومة عن مظاهر الاستفزاز وفرض البصمة من قبل محسوبين على النظام الايراني وعدم اتخاذ اجراءات قانونية جادة وصارمة تجاهها، ومن الحوادث الدالة على ذلك:
٭ رفع العلم الايراني وشعارات ولافتات تعبر عن النظام الايراني وحلفائه في عدد من المرافق الحكومية بينها معسكرات للقوات المسلحة الكويتية ومدارس وزارة التربية وملاعب رياضية رسمية.
٭ عزف نشيد وهتافات أحزاب تابعة للنظام الايراني في احدى المدارس.
٭ طباعة العلم الايراني في مطبوعات وزارة النفط.
٭ الاستجابة لتدخل السفارة الايرانية في شؤون محلية كويتية مثل الغاء بث مسلسل تلفزيوني محلي.
٭ وضع اسم «الخليج الفارسي» في بعض المطبوعات الحكومية الرسمية بدلا من اسم الخليج العربي.
٭ السماح بالتغلغل الثقافي الايراني للكويت وتسويقه بأنه تراث كويتي «الغناء الايراني في مدارس كويتية».
٭ ضبط ملابس خاصة بالقوات المسلحة الكويتية مهربة الى ايران.
٭ كتابة عبارات تهدد أمن البلد واستقراره.
ان هذه الممارسات تمثل تجاوزا عما نصت عليه المادة (1) من الدستور والتي تنص على: «الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها وشعب الكويت جزء من الامة العربية»، وتجاوزا على عروبة الكويت على اعتبار أن الكويت جزء من الامة العربية وبلا شك دول الخليج العربي.
2 - سعي حكومة الشيخ ناصر المحمد الى تخفيف أثر اكتشاف شبكة «وربما شبكات» التجسس الايرانية على علاقات حكومته بطهران وذلك على حساب التأثير الخطير لهذه الشبكات على أمننا الوطني وهذا اخلال بما نصت عليه المادة (47) من الدستور «الدفاع عن الوطن واجب مقدس وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون»، وتجلى ذلك في:
٭ محاولة التعتيم الاعلامي على الشبكة التجسسية والنفي الرسمي لعلاقة ايران بالشبكة خلال فترة التحقيقات وقبل اكتمالها.
٭ الاعتذار للسفارة الايرانية لورود ذكر ايران في تحقيقات الامن الكويتي، وقد جاءت الاشارة الى ذلك في مداولات القضية في محكمة الجنايات.
٭ ترافع مكتب المحاماة الذي يتولى قضايا رئيس مجلس الوزراء عن متهمين في الشبكة التجسسية الايرانية، في حين لم يحرك رئيس الوزراء ساكنا بعد نشر وسائل الاعلام أخبار الشبكة الايرانية ولم يلغ التوكيلات الصادرة منه للمكتب المذكور في شبهة تعارض مصالح واضحة وتصرف يعد انحيازا للجانب المتورط في التجسس ضد أمن الوطن.
3 - تمادي الحكومة باعطاء تسهيلات للعمالة الايرانية بكثافة ولوظائف هامشية وان ذلك يأتي في ظل تهديدات ايرانية للامن الكويتي والخليجي.
4 - التغاضي عن تحرشات واختراقات القوات الايرانية للأمن الكويتي وانتهاك قوارب الحرس الثوري الايراني للمياه الاقليمية الكويتية ودخوله حقل الدرة.
5 - مجاملة النظام الايراني على حساب سلامة وكرامة العاملين الكويتيين في البعثة الكويتية في ايران وخصوصا ضرب ديبلوماسي كويتي في طهران وعدم صدور رد فعل مناسب من الحكومة يتناسب مع التجاوز الايراني المسيء لكرامتنا الوطنية أيضا.
الانحراف الثاني: الاضرار بالعلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة:
ان من أسس الاخوة الخليجية أن تكون الدول الشقيقة محل النفس في الاعتبار حكومات وشعوبا، فما يمس أي من شقيقاتنا الخليجيات ماديا أو معنويا هو مساس بنا، لذا فان من واجبات الحكومة في الكويت عدم السماح بأن تكون الكويت منطلقا لاساءات للدول الشقيقة أو لهدم استقرارها وأمنها.
الا أننا وجدنا أن رئيس مجلس الوزراء وهو في سبيله لمجاملة بعض الاطراف المحلية والخارجية يغض الطرف عن اساءات كثيرة نالت من قادة وحكومات وشعوب دول الخليج ولاسيما المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ولا أدل من ذلك من أن وزير الخارجية علي أكبر صالحي لم يتردد وهو ينزل ضيفا عند الحكومة السابعة للشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح أن يدلي بتصريحات استفزازية تمس سيادة مملكة البحرين الشقيقة وحقها في الاستعانة بقوات درع الجزيرة في سبيل مواجهة خطط الفتنة وزعزعة الامن التي نفذتها طهران بشهادة حكومة جلالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، ولم يراع الوزير صالحي في تصريحاته تلك الروابط الاخوية الوثيقة بين دولة الكويت ومملكة البحرين، كما لم يصدر عن حكومة الشيخ ناصر محمد الاحمد رد أو تنديد بتلك التصريحات مما يوحي اما بالقبول أو التغاضي أو الضعف.
ومن الدلائل والشواهد التي تسببت حكومة الشيخ ناصر في الاضرار بعلاقتنا بدول مجلس التعاون الخليجي:
1 - تغاضي رئيس الوزراء عن تورط وسائل اعلام كويتية في اثارة الفتنة في البحرين والتحريض عليها، وفي أعمال مخلة للامن في المملكة العربية السعودية.
2 - تغاضي رئيس الوزراء عن اتخاذ اجراءات قانونية رادعة تجاه اساءات أفراد الى قادة دول مجلس التعاون الخليجي ولاسيما خادم الحرمين الشريفين، ولم يبادر لمحاسبة بعض العناصر الكويتية عن مشاركتها في نشاط سياسي عراقي تضمن اساءة وتحريضا على مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية.
3 - أظهر الشيخ ناصر اختلالا كبيرا في التوازن في علاقته بدول مجلس التعاون الخليجي وبين ايران، فلقد مال وبشدة الى تعزيز وتكثيف التواصل مع ايران وتبادل الزيارات معها على مستويات عدة ومنها زيارات للرئيس نفسه الى ايران واطلاق تصريحات من هناك بأن ايران هي الصديق والشقيق، وأنه سيتم استقدام الخبراء والمختصين من ايران للكويت لاجل الاستفادة منهم وأيضا استقبال مسؤولين ايرانيين في وقت يتزامن مع استفزازات ايرانية سواء للامن الكويتي (الشبكة التجسسية) أو للامن الخليجي (حرب الحوثيين ضد السعودية) أو (ارسال زوارق ايرانية للبحرين) وغيرها، وكان هذا الاختلال في التوازن واضحا في صورة رئيسية في صلات رئيس الوزراء خصوصا مع المملكة العربية السعودية من جهة وصلاته بايران بالمقابل، اذ زار ايران زيارات رسمية لست مرات منذ 2006 ولم يقم بأي زيارات رسمية للمملكة ما عدا زيارتين ذات طبيعة اجتماعية.
4 - سكوت رئيس الوزراء عن الحملات المغرضة الموجهة للبحرين والمملكة العربية السعودية والتعدي السافر على رموزها السياسية من قبل بعض الابواق المحلية المتعاونة مع ايران والتي تشن هجوما على تلك الدول من الكويت ليل نهار، ولم يتخذ الرئيس سوى اجراءات محدودة ومتأخرة ضد بعض وسائل الاعلام هذه وفي ظل الضغوط البرلمانية والشعبية، ومن ذلك الاساءة من قبل أشخاص يحملون الجنسية الكويتية لمشايخ وعلماء المملكة العربية السعودية في أحد وسائل الاعلام المحلية وعدم اتخاذ اجراءات تتناسب مع حجم التجاوز والاساءة. بينما نجد أن الرئيس مضى الى أبعد طريق في ملاحقة ومقاضاة وسجن ومعاقبة من وجه له انتقادات ولسياساته من الناشطين الكويتيين ورفع عشرات القضايا ضدهم.
وبلا شك أن هذه الممارسات السابق ذكرها من شأنها أن تهدد سلامة دول الخليج العربي والتي هي جزء من سلامة الكويت واخلالا بما نصت عليه المادة (157) من الدستور «السلام هدف الدولة وسلامة الوطن أمانة في عنق كل مواطن، وهي جزء من سلامة الوطن العربي الكبير».
الانحراف الثالث: الاخلال بالتزامات الكويت تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا خلال الفتنة في البحرين:
ان تاريخنا القريب يحفظ لشقيقات الكويت الخليجيات أنصع صور التضامن والفزعة مع الكويت في كل محنة أو ظرف مررنا به، وعلى رأسها مملكة البحرين الشقيقة التي أثبتت مرارا وتكرارا، حكومة وشعبا محبة وودا غير منقطعين تجاه الكويت وسرعة الى التضامن معها والوقوف بجانبها من دون حساب، فهم كما قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
ولقد كانت الكويت بالمقابل على قدم المساواة بل والسبق في التضامن مع الشقيقات الخليجيات في كل مناسبة، ولكن مع وصول الشيخ ناصر المحمد الى رئاسة الحكومة تغير هذا المسار، وغدت الكويت أكثر تلكؤا في الوقوف مع شقيقاتها لاسيما اذا كان الامر يتعارض مع ما يوده ويهواه الشيخ ناصر من علاقات غريبة وغير مفهومة مع النظام الايراني.
٭ فلقد تراجعت الكويت عن المشاركة في مناورات عسكرية مع دول شقيقة وصديقة مجاملة لايران عام 2006 بعدما زعمت ايران أن المناورات استفزازا لها، ونالت حكومة الشيخ ناصر ثناء القادة الايرانيين على قرارها الامتناع عن المشاركة.
٭ ثم تراخت الحكومة في ارسال قوات برية من الكويت الى أراضي مملكة البحرين أسوة بما فعلت الدول الخليجية الاخرى استجابة لنداءات الاشقاء في البحرين واعلان أكثر من مسؤول فيها أنها تتعرض لتدخلات من قبل ايران وعملائها، مما يعد اخلالا بالمادتين الثانية ما نصه: «تعتبر الدول الاعضاء أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها وأي خطر يتهدد احداها انما يتهددها جميعا» والثالثة ما نصه: تلتزم الدول الاعضاء بالمبادرة فورا الى مساعدة الدولة أو الدول المعتدى عليها ضمن دول مجلس التعاون باتخاذ أي اجراء ضروري بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لرد الاعتداء واعادة الشرعية والامن والسلام الى نصابها «في اتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي».
٭ وجاء التراخي عن المشاركة استجابة رئيس الوزراء لضغوط البعض من نواب وسياسيين وبعض الصحف والقنوات المحسوبة على فكر النظام الايراني على الرئيس بعدم ارسال قوات للبحرين.
٭ ومن ذلك ملابسات مشاركة وفد طبي كويتي رسمي الى البحرين مما أدى الى خروق للامن البحريني وتورط مشاركين في الوفد في الاتصال بعناصر الفتنة في البحرين وغلبة تيار فكري محدد على الافراد المشاركين في الوفد، وهو التيار المعادي للشرعية السياسية في البحرين والداعم للفتنة فيها.
لقد حرص الدستور الكويتي وأكد على ضرورة الالتزام وتطبيق الاتفاقيات التي وقعت عليها دولة الكويت وأكدت أن أي ممارسات دستورية أو قانونية أو تصرفات حكومية يجب ألا تخل بتلك الاتفاقيات وهذا ما أكدته المادة (157) من الدستور «السلام هدف الدولة وسلامة الوطن أمانة في عنق كل مواطن وهي جزء من سلامة الوطن العربي الكبير».
ووفقا لاحكام المادة 127 من الدستور فان رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتولى رئاسة جلسات المجلس ويشرف على تنسيق الاعمال بين الوزارات المختلفة، أما مجلس الوزراء فانه وفق المادة 123 هو الذي يهيمن على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية، ولا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي حقيبة وزارية، وفقا لحكم المادة 102 من الدستور، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية للدستور أهمية ذلك بأنه يستهدف: «مراعاة ضخامة أعباء رئاسة الوزارة في التوجيه العام للحكم، والتنسيق بين الوزارات واتجاهاتها، وتحقيق رقابة ذاتية يمارسها رئيس مجلس الوزراء على الوزارات المختلفة، مما يضاعف أسباب الحرص على الصالح العام والتزام هذه الوزارات للحدود الدستورية والقانونية المقررة».
وازاء هذه الاحكام الدستورية الصريحة، والتزاما بالقسم الدستوري، الذي بدأنا به مسؤولياتنا الدستورية في الفصل التشريعي الثالث عشر، فاننا نتقدم باستجوابنا الى رئيس مجلس الوزراء بصفته، وانطلاقا مما سبق نتوجه بهذا الاستجواب الى رئيس مجلس الوزراء بصفته.
الخرافي: توقيت الاستجواب غير موفق وأدرج على جدول جلسة 31 الجاري
أبلغ رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بالاستجواب المقدم الى سموه اليوم (امس) من النواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف ومبارك الوعلان، موضحا انه أدرج الاستجواب على جدول أعمال جلسة 31 الجاري، معربا عن أمله في الوصول الى النتيجة المرجوة من خلال الاستجوابين المدرجين على الجلسة ذاتها.
ووصف الرئيس الخرافي في تصريح الى الصحافيين توقيت هذا الاستجواب بغير الموفق، خصوصا ان مقدمي الاستجواب الثلاثة مدعوون الى مأدبة الغداء التي يقيمها صاحب السمو الأمير، مؤكدا انه كان بإمكان الإخوة الثلاثة تأجيل تقديم هذا الاستجواب بعض الوقت.
وقال: عندما نستمع الى صاحب السمو الأمير فإننا دائما نخرج بنتائج طيبة وإيجابية.