- إذا كان الخلل قد شاب عملا تنفيذياً من أعمال وزارة معينة فإن المسؤولية عنه تكون مسؤولية فردية للوزير المختص وحده دون غيره
أحالت الحكومة الى مجلس الامة نسخة من طلب التفسير الذي احالته الى المحكمة الدستورية لطلب تفسير بعض المواد.
وتسلم رئيس المجلس جاسم الخرافي الطلب الحكومي الذي جاء ممهورا بتوقيع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء علي الراشد حيث جاء نص الكتاب الذي احاله الرئيس الخرافي للجنة التشريعية كالتالي:
نود الاحاطة بأنه حدد لنظر طلب التفسير المقيد برقم 10/2011 بشأن تفسير المواد (100) و (123) و(127) من الدستور، والمقدم من مجلس الوزراء جلسة الاثنين الموافق 30 مايو سنة 2011، وذلك في تمام الساعة العاشرة صباحا بمقر المحكمة الدستورية بقصر العدل، وجاء نص طلب التفسير كما يلي:
الاستاذ المستشار رئيس المحكمة الدستورية: الموضوع: طلب تفسير المواد ارقام (100 و123 و127) من الدستور في ضوء المواد المرتبطة بها من الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الامة.
يتقدم مجلس الوزراء بهذا الطلب عملا بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بانشاء المحكمة الدستورية والمادتين (1 و2) من مرسوم اصدار لائحة المحكمة الدستورية بطلب التفسير الآتي.
الفقرة الاولى
تفسير المواد ارقام (100 و123 و127) والمواد المرتبطة بها من الدستور التي جرت نصوصها على النحو التالي:
اولا: نصوص مواد الدستور محل طلب التفسير والنصوص المرتبطة بها:
1- نص المادة 100 من الدستور:
«لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصهم».
ولا تجرى المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام من يوم تقديمه على الأقل، وذلك في غير حالة الاستعمال وموافقة الوزير.
وبمراعاة حكم المادتين 101 و102 من الدستور، يجوز أن يؤدي الاستجواب الى طرح موضوع الثقة على المجلس.
2 - نص المادة 123 من الدستور:
«يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل بالإدارات الحكومية».
3 - نص المادة 127 من الدستور:
«يتولى رئيس مجلس الوزراء رياسة جلسات المجلس والإشراف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة».
4 - نص المادة 130 من الدستور:
«يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته، ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها».
الفقرة الثانية
مبررات طلب التفسير
بتاريخ 10/5/2011 تقدم كل من السادة نواب مجلس الأمة احمد عبدالعزيز السعدون وعبدالرحمن فهد العنجري باستجواب ضد سمو رئيس مجلس الوزراء يتكون من أربعة محاور هي:
1- الادعاء بالفشل في تأسيس الشركات المساهمة العامة التي تضمنتها الخطة الانمائية للسنوات 2010/2011 ـ 2013/2014 لتنفيذ المشروعات التنموية الاستراتيجية والقائدة للخطة.
2 - الادعاء بالتفريط في أملاك الدولة العقارية والتنازل عنها وتمليكها بشروط وإجراءات لا تتفق وأحكام الدستور والقوانين المعمول بها وعدم اتخاذ الاجراءات الكفيلة باسترداد حقوق الدولة.
3 - الادعاء بتهاون الحكومة في القيام بمسؤوليتها بحماية مصالح الدولة وتفريطها في المال العام في شركة (زين) باعتبار الدولة المساهم الأكبر بنسبة بلغت 27.618%.
4 - الادعاء بفشل الحكومة في الالتزام باشتراطات التصرف بالتعويضات عن خسائر العدوان العراقي بشأن إعادة تأهيل البيئة علاوة على فشلها باتخاذ الاجراءات اللازمة للتصدي للعديد من قضايا التلوث البيئي.
ونظرا لأنه بدراسة الاستجواب المشار إليه يبين أنه يخالف أحكام الدستور وذلك لتضمنه موضوعات تخرج عن الاختصاص الدستوري لسمو رئيس مجلس الوزراء فضلا عن أن موضوعات الاستجواب جميعها سابقة على تشكيل الحكومة الحالية والتي صدر بتشكيلها المرسوم رقم 143 لسنة 2011 بتاريخ 8/5/2011 وقدم الاستجواب بتاريخ 10/5/2011 وقبل أن يباشر سمو رئيس مجلس الوزراء اختصاصاته.
وحرصا من مجلس الوزراء على ايجاد تفسير واضح لاحكام الدستور يزيل الخلاف حول تفسير مواد الدستور المشار اليها فيما بعد والعمل على تطبيقها تطبيقا سليما، وان تكون ممارسات الاستجواب منضبطة بأحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة، فقد أصدر المجلس قراره رقم 600 التالي:
تكليف إدارة الفتوى والتشريع بإعداد طلب إلى المحكمة الدستورية لتفسير المواد (100، 123، 127) من الدستور والمواد المرتبطة بها.
أسانيد مجلس الوزراء
٭ أولاً: وجود قيد الاختصاص والالتزام بنطاقه
أـ صراحة نصوص الدستور:
فالثابت ان المادة 100/1 من الدستور قد قصرت حق عضو مجلس الأمة في توجيه الاستجواب صراحة على الامور الداخلة في اختصاصات كل من رئيس مجلس الوزراء والوزراء.
كما ان المادة 1/101 من الدستور قد نصت بدورها صراحة على ان مسؤولية الوزير امام مجلس الأمة تكون من أعمال وزارته، اي تلك التي نص المشرع على اعتبارها داخلة في اختصاصات الوزارة التي يحمل الوزير المستجوب حقيبتها.
فضلا عن ان المادة 130 من الدستور قد نصت صراحة هي الأخرى على ان إشراف الوزير وتنفيذه لسياسة الحكومة، ورسم الاتجاهات فيها إنما يكون قاصرا على الوزارة التي يحمل حقيبتها.
ب ـ إجماع الفقه الدستوري على مبدأ التلازم بين الاختصاص والمسؤولية
1 - يقول د.رمزي طه الشاعر: «تعد المسؤولية الوزارية حجر الزاوية في النظام البرلماني، ويقصد بها ذلك الحق الذي يخول البرلمان سحب الثقة من أحد الوزراء او من هيئة الوزارة كلها، متى كان التصرف الصادر من الوزير او من الحكومة مستوجبا للمساءلة...
وقد تكون هذه المسؤولية تضامنية، وذلك في حالة ما اذا كان التصرف الموجب للمسؤولية خاصا بالسياسة العامة للوزارة، كما قد تكون مسؤولية فردية لا تمس إلا وزيرا معينا، وذلك في حالة ما يكون التصرف الموجب للمسؤولية خاصا بأمر يتعلق بوزارة معينة او بمصلحة من مصالحها».
2 - ويقول د.سعد عصفور: «فمن المسلم ان التلازم بين السلطة والمسؤولية يمثل ضمانة جدية لممارسة السلطة في إطار ديموقراطي. فالسلطة بلا مسؤولية تشكل استبدادا محققا، والمسؤولية بلا سلطة تشكل ظلما محققا أيضا».
3 - ويقول د.محمد باهي أبويونس: «مادام لا يوجد اختصاص ولا سلطة فلا تكون ثمة مسؤولية، ومادامت المسؤولية منتفية فلا يكون هناك محل لإثارة الاستجواب».
4 - ويقود د.جابر جاد نصار: «فالاستجواب مساءلة واتهام بسوء التصرف او مخالفة الدستور والقانون، ومن ثم يبقى من المنطقي حتى يقبل هذا الاستجواب ان يقع في دائرة اختصاص الحكومة زمانيا ومكانيا. فمناط مساءلة الحكومة جميعها او أحد أفرادها عن عمل معين هو اختصاصها بهذا العمل».
ج ـ السوابق البرلمانية المؤكدة لوجود قيد الاختصاص:
فقد سبق لأحد أعضاء مجلس الأمة في الكويت ان قدم استجوابا لوزير العدل عن أمور تدخل في اختصاص النيابة العامة وتخرج بالتالي عن اختصاص الوزير المذكور.
فتمسكت الحكومة بعدم دستورية الاستجواب لمساسه باستقلال القضاء ولخروجه عن نطاق اختصاص وزير العدل، وأيد مجلس الأمة وجهة نظر الحكومة السابقة، وقرر استبعاد الاستجواب على أساس ان المسؤولية مناطها السلطة (الاختصاص).
وفي مصر: قدم أحد أعضاء مجلس الشعب استجوابا للحكومة حول ما أحاط انتخابات مجلس الشعب من سلبيات وضغوط بقصد التأثير على نتيجة الانتخابات، وما أسفرت عنه من حصول الحزب الوطني على أغلبية 82% من مقاعد مجلس الشعب، وأشار في استجوابه الى ان الحكومة قد تمكنت من بلوغ تلك النتيجة عن طريق استصدار القانون رقم 114 لسنة 1983 وضعت فيه ضوابط تحقق أغلبية صورية لا تمثل حقيقة الواقع، وقد وافق مجلس الشعب على استبعاد الاستجواب لأسباب من ضمنها مخالفته لأحكام المادة 125 من الدستور والمادة 159 من اللائحة الداخلية للمجلس، باعتبار ان صدور قانون من مجلس الشعب يخرج عن نطاق اختصاص الحكومة وبالتالي لا تسأل عنه أمام المجلس.
د ـ اعتناق القضاء الدستوري للمبدأ
قضت المحكمة الدستورية بأنه:
وطبقا للنظم الدستورية فإن السلطة توجب المسؤولية وتنتجها لزوما فهي كالظل الظليل لا تبعد عنها ولا تفارقها، فالذي يباشر السلطة يجب ان يكون مسؤولا عن مباشرتها، والذي يسأل يجب ان يكون صاحب سلطة واختصاص بما يخوله قانونا القدرة على القيام بإجراء او اتخاذ تصرف معين، وعلى خلاف ذلك فإن عدم الاختصاص يؤدي الى انعدام القدرة قانونا على الاتيان بهذا الإجراء أو التصرف، وبالتالي فلا مسؤولية بلا سلطة او اختصاص، والاختصاصات في المجال الدستوري وان كانت تفترق عن الاختصاصات في المجال الإداري بالنظر الى ان مصدر الأولى هو الدستور، بينما يتردد مصدر الأخيرة بين القانون واللوائح، إلا انه يجمعهما انهما ينتسبان معا الى مبادئ القانون العام الذي شرع الاختصاص لوضع قواعد آمرة ملزمة للإدارة تحقيقا للمصلحة العامة.
راجع قرارها في الطلب رقم 8 لسنة 2004 تفسير ودستوري بجلسة 9/10/2006.
ومن كل ما سبق يتضح ان وجود قيد الاختصاص ثابت من صراحة نصوص الدستور وإجماع الفقه الدستوري والسوابق البرلمانية وقضاء المحكمة الدستورية.
٭ ثانيا: المذكرة التفسيرية للدستور حصرت اختصاصات رئيس مجلس الوزراء بقولها:
وفي مقابل الضمانات المقررة لرئيس مجلس الوزراء على النحو السابق وجب النص على ألا يتولى مع الرئاسة اي وزارة، وهو أمر له أهميته من ناحية سير العمل الحكومي، وبمراعاة ضخامة أعباء رياسة الوزارة في التوجيه العام للحكم، والتنسيق بين الوزارات واتجاهاتها وتحقيق رقابة ذاتية يمارسها رئيس مجلس الوزراء على الوزارات المختلفة، مما يضاعف أسباب الحرص على الصالح العام والتزام هذه الوزارات للحدود الدستورية والقانونية المقررة.
٭ ثالثا: ركز المشرع الدستوري وعوّل على المسؤولية الفردية للوزراء دون المسؤولية التضامنية للوزارة حتى يتفادى المناورات الحزبية للوصول الى الحكم، فقد ورد على لسان الخبير الدستوري د.عثمان خليل عثمان، في محضر جلسة 20/62 يوم الثلاثاء 18 ربيع الثاني سنة 1382 هـ الموافق 18 سبتمبر سنة 1962 ميلادية للمجلس التأسيسي ما يلي:
رأت اللجنة ان الكويت يجب ان تجمع في نظامها بين النظامين الرئاسي والبرلماني.
وفعلا الدول الاخرى التي سبقت الكويت في هذا الشأن نظرت لتجارب العالم لتختار كل ما يناسبها قدر المستطاع، ووجدت اللجنة ان تأخذ بنظام وسط يأخذ من البرلمانية مزاياها وأفضل ما فيها ويأخذ من النظام الرئاسي أفضل ما فيه، وافضل ما في النظام البرلماني هو الشعبية التي تظهر فيما يسمونه بالمسؤولية الوزارية امام البرلمان ومقابل هذا يكون رئيس الدولة رمزا للاحترام والتقدير ويرتفع عن المسؤولية، ولذلك نصت المادة 54 على ان الأمير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس، ونصت المادة 55 على ان يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه.. وكذلك أخذنا بالقاعدة البرلمانية التي تقول ان رئيس الدولة فوق المسؤوليات ومن ثم نسبت المسؤولية الى الوزارة تسأل عنها أمام رئيس الدولة وأمام مجلس الأمة، مع مظاهر الرقابة البرلمانية المتعددة في حق أعضاء المجلس النيابي في توجيه الأسئلة والاستجوابات الى الوزراء ورئيس مجلس الوزراء، وحق المناقشة وغيره من مظاهر الشعبية البرلمانية، ولكن رغبة في تفادي عيوب الإسراف في استعمال هذه الحقوق البرلمانية، ورغبة كذلك في تحقيق قدر من الاستقرار الذي يمتاز به النظام الرئاسي والمحافظة على وحدة الامة وهي مقدمة على اول تجربة دستورية، لذلك كله رأت اللجنة ان تضع بعض القيود على هذه الاسس او الاصول البرلمانية فوضعت بعض البنود على المسؤولية الوزارية من حيث الاغلبية اللازمة والاجراءات الخاصة باسقاط الوزير او عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، كما فضلت الالتقاء بمسؤولية الوزراء الفردية دون مسؤولية الوزارة التضامنية التي يتولد عنها التكتل للحزب للوصول الى الحكم، كما جعل الوزراء المعينين من خارج المجلس اعضاء فيه، وفي هذه القيود وامثالها ما سترونه حضراتكم في المواد المتفرقة من الدستور ارادت بها اللجنة المحافظة على وحدة الامة والاستقرار الوزاري وكفالة التعاون بين الحكومة ومجلس الامة، وهذا مزيج بنيت حكمته الدستورية من حيث تجارب الدول الاخرى الدستورية ومن حيث تخير افضل صور الحكم في جملتها للكويت.
٭ رابعا: قضاء المحكمة الدستورية بقصر تحريك الاستجواب ضد رئيس مجلس الوزراء عن السياسة العامة للحكومة، وتحريك المسؤولية الفردية للوزراء كل عن اعمال وزارته وان المسؤولية السياسية تقع بصفة اساسية على الوزراء فرادى حيث قررت بالآتي:
الاستجواب يتضمن تحريك المسؤولية الوزارية بشأن السياسة العامة للحكومة او سياسة الوزير الخاصة بوزارته، واساس هذه المسؤولية تلك السلطات الواسعة والاختصاصات الكبيرة التي تجد اصلها في الدستور فيما يخوله للوزير لمباشرة اعمال وزارته وتصريف شؤونها، فقد نصت المادة (55) من الدستور على ان : (يتولى الامير سلطاته بواسطة وزرائه) والقاعدة الواردة بهذا النص مستمدة من مبادئ النظام البرلماني ومؤداها ان السلطات التي ترد في الدستور والمقررة لرئيس الدولة انما تمارس بواسطة الحكومة نظرا لعدم مسؤولية رئيس الدولة سياسيا عن اعماله، مما اصبح لزاما معه ان تلقى تبعة هذه الاعمال على الوزراء فيسألون سياسا عنها، ولما كان اختصاص رئيس مجلس الوزراء يقتصر نطاقه على رئاسة جلسات مجلس الوزراء والاشراف على تنسيق الاعمال بين الوزارات المختلفة دون ان يتولى اي وزارة، كما لا يطرح في مجلس الامة موضوع الثقة به وفقا لما نصت عليه الفقرة الاولى من المادة (102) من الدستور، فإن المسؤولية السياسية انما تقع بصفة اساسية على عاتق الوزراء فرادى.
واعمالا لاحكام المسؤولية السياسية الفردية للوزاء فإنه يحق لعضو مجلس الامة توجيه الاستجواب الى الوزير عن الامور الداخلة في اختصاصاته، واعمال وزارته، وتنفيذه للسياسة العامة فيها واتجاهات الوزارة والاشراف على تنفيذها حسبما دل على ذلك صريح عبارة الفقرة الاولى لكل من المادتين (100 و101) من الدستور بالترابط مع ما تقرره المادة (130) من الدستور التي تقضي بأن يتولى كل وزير الاشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة فيها، وهذه الاحكام انما تتسق في المقام الاول مع مبادئ النظام الديموقراطي الذي تبناه الدستور، نظاما وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف اكبر نحو اولهما حسبما هو مستفاد من نص المادة (6) من الدستور، وما جاء بمذكرته التفسيرية، وسلطة الوزير ذات طبيعة مزدوجة فهي سلطة حكم لكون الوزراء جميعا اعضاء في مجلس الوزراء الذي يهيمن على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية طبقا لما تنص عليه المادة (123) من الدستور فهم مشاركون في مسؤولية الحكم، كما انها سلطة ادارة لان الوزير يعتبر
هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته، وبهذه الصفة يتمتع بجميع مظاهر السلطة الرئاسية عليها وما يتبعها من موظفين وإدارات واجهزة ومرافق، ومن ثم فمن الطبيعي ان يتحمل تبعة الأخطاء الناشئة عن ادارته، وعن اعماله وتصرفاته المتعلقة بشؤون وزارته الداخلة في اختصاصاته، فيسأل سياسيا أمام المجلس النيابي عن جميع الاعمال والتصرفات المخالفة للدستور أو القانون، الإيجابية منها والسلبية، العمدية وغير العمدية، بوسائل الرقابة البرلمانية المقررة للسلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية بموجب أحكام الدستور وعمادها الاستجواب.
الوزير لا يستمد سلطته القانونية، ولا يشغل مركزه إلا بناء على المرسوم الصادر بتعيينه، كما انه يستمد اختصاصاته الوزارية في الأصل من المرسوم المتعلق بتنظيم وزارته...إلخ.
٭ خامسا: تحديد المقصود بالسياسة العامة للحكومة:
«من المستقر عليه لدى كل من الفقه والقضاء الدستوريين أن رئيس الوزراء لا يسأل أمام المجلس النيابي إلا عن السياسة العامة للحكومة المشار إليها في المادتين 127 و130 من الدستور».
ومن ثم يتعين تحديد هذا الاصطلاح حتى يمكن تحديد الاختصاصات التي يسأل عنها رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الأمة.
وقد أورد المشرع الدستوري عبارات متقاربة مع المصطلح السابق في المادة 58 من الدستور حين نص على أن: «رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن امام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته»، بما قد يثير اللبس مع مصطلح السياسة العامة للحكومة الوارد في المادتين (127 و130) من الدستور المشار إليهما، والاتجاهات العامة للوزارة المنصوص عليها في المادة (130) من الدستور.
أما السياسة العامة للدولة: فهي تلك البرامج والخطط والاتجاهات والأهداف والغايات التي ينبغي على جميع سلطات الدولة العمل على تحقيقها والتي يتضمنها ويكشف عنها ويضعها الخطاب الأميري لصاحب السمو الأمير في خطابه الأميري المشار إليه في المادة (104) من الدستور والذي يكشف فيه سموه للشعب وجميع سلطات الدولة أحوال البلاد وأهم الشؤون العامة التي جرت خلال العام المنقضي، وما تعتزم الحكومة إجراءه من مشروعات وإصلاحات خلال العام الجديد، أما مشروع الجواب على الخطاب الأميري، فهو يتضمن تطلعات مجلس الامة وأمانيه التي يرغب في رفعها لصاحب السمو الأمير لأخذها في الاعتبار ـ طبقا للسلطة التقديرية لسمو الأمير عند إعداد السياسة العامة الجديدة للدولة. ويعتبر الخطاب الأميري وجواب الرد من مجلس الأمة بمثابة عمل متكامل يعبر بصدق عن تلاحم الحاكم متجسدا في سمو الأمير والمحكوم الذي يمثله مجلس الأمة في التعبير عن السياسة العامة للدولة والتي تشكل تطلعات الأمة ورأيها في جميع القضايا الداخلية والخارجية والذي تلتزم به جميع سلطات الدولة وتعمل على تنفيذها.
أما السياسة العامة للحكومة فهي في حقيقة الواقع تمثل الأهداف والقواعد العامة التي وضعها مجلس الوزراء ويسير على هديها الوزراء كل في مجال اختصاصه الدستوري والقانوني.
وترتيبا على ما تقدم فإنه إذا كان الخلل قد شاب عملا تنفيذيا من أعمال وزارة معينة فإن المسؤولية عنه تكون مسؤولية فردية للوزير المختص وحده دون غيره.
أما إذا كان العوار يتمثل في المبادئ والأهداف أو القواعد التي وضعها مجلس الوزراء لكل الوزارات، ففي هذه الحالة تقع المسؤولية على رئيس مجلس الوزراء والوزراء لأنهم جميعا قد شاركوا في صنعها أو الموافقة عليها.
لذلك كله:
كان تقديم مجلس الوزراء لطلب التفسير الماثل الى المحكمة الموقرة لإزالة هذا الخلاف والتباين في الآراء حول تفسير المواد (100، 123، 127) من الدستور وما يرتبط بها من نصوص دستورية أخرى وبقانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لتصدر قرارها الفاصل فيها حتى تلتزم به جميع السلطات العامة في الدولة، ضمانا لوحدة التطبيق واستقراره، سواء داخل كل سلطة فيها أو فيما بينها، وحتى تكون حقوق وواجبات كل من اعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية محددة وواضحة، مما يجعل التعاون بينهما قائما على أساس متين من الشرعية الدستورية.