- الحصانة مطلقة ضد المسؤولية الجنائية والمدنية والسياسية كما أنها مستمدة وممتدة إلى ما بعد انقضاء العضوية أو انتهائها لأي سبب من الأسباب
- لايجوز مساءلة النائب جنائياً أو مدنياً جراء قيامه بممارسة عمله البرلماني
أصدر د.بدر بجاد المطيري استاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت ود.فواز الجدعي استاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق دراسة قانونية تتعلق بالحكم الصادر على النائب د.فيصل المسلم في القضية رقم 963/2009 جنح المباحث 26/2010. وجاء في الدراسة ما يلي:
تكمن أهمية هذه الدراسة في ان الحكم محل البحث هو الحكم الصادر ضد النائب فيصل المسلم بصفته متهما ثانيا في الدعوى المرفوعة عبارة عن تفسير جديد للحصانة الموضوعية ولكن ليس تفسيرا موسعا لهذا الحق الدستوري إنما هو عبارة عن تفريغ الحصانة الموضوعية من محتواها ويكون من أهم نتائج هذا الحكم ان النائب بات مؤاخذا على آرائه وأفكاره داخل قبة عبدالله السالم بالمخالفة للدستور الكويتي والأحكام المستقرة والأعراف البرلمانية والاتفاقيات الدولية والاهم مخالفة الإرادة التي توجهت إليها الأمة عند صياغة الدستور من كفالة حق النائب بالتعبير عن آرائه وأفكاره وان تضمن استدلالا.
الحماية الدستورية
إن نصوص مواد الدستور خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة بين السلطات هي نصوص ملزمة لكل السلطات بما فيها السلطة القضائية كمشرفة على صحة تطبيق النصوص الدستوية وضامنة كواجب دستوري بأن تلحق التطبيق بالنص وان تضمهما ضما كاشفا لما قررته نصوص الدستور وليس منشأ لحق جديد لم يعرفه المشرع الدستوري ولم تتجه إليها إرادة الأمة.
وسنفصل الحماية الدستورية بالنسبة للواقعة وفق الآتي:
الحصانة الموضوعية: فعندما ذهبت إرادة الأمة إلى إعطاء عضو البرلمان حق الحرية في إبداء الآراء والأفكار في مجلس الأمة او لجانه وفق نص المادة 110 «عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس او لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال» فتم إعطاء المشرع هذه الحصانة ولو نتج عن ذلك ان قام النائب وارتكب مخالفة لأحد نصوص التشريعات الكويتية ولكن باعتبار هذا الحال استثناء دستوريا ملزما قامت أسبابه بقيام الرغبة في إعطاء المشرع كامل الحرية بمناسبة رقابته لأعمال السلطة التنفيذية، فهذا النص هو رسالة وإلزام واضح للسلطة القضائية على وجه الخصوص لان في دولة القانون لا تكون المؤاخذة إلا بالاحكام القضائية وما يسبقها من إجراءات جزائية، فحرص المشرع الدستوري على إلزام جميع السلطات بما فيها القضائية على عدم المساس بهذا الحق الدستوري الأصيل المستمد من الدستور للنائب بصفته ممثلا عن الأمة مصدر السلطات وفق نص المادة 6 من الدستور الكويتي.
والحصانة الموضوعية خلاف ما جاء به قضاء المحكمة في حكم إدانة النائب فيصل المسلم يشمل الأقوال والأفكار ويشمل أيضا الاستدلال واثبات الوقائع بالأدلة إذا ما كانت هذه الآراء والأفكار عبارة عن اتهام موجه الى احد أعضاء السلطة التنفيذية وفق الأدلة الآتية:
أولا: إذا كانت الحصانة الموضوعية تنصب على الأقوال التي يبديها العضو داخل قبة البرلمان فإن ذلك كان بمقتضى جعلها الوسيلة الممكنة للعضو لمراقبة أعمال السلطة التنفيذية ومحاسبتها إعمالا لمبدأ المراقبة والمحاسبة، فالأقوال التي يبديها عضو المجلس قد تثير مسؤولية الوزير أو رئيس مجلس الوزراء متى ما تضمنت إثارة قضايا تدين أحدهما أو تجعله محل اتهام من قبل مجلس الأمة ومن ثم تستوجب محاسبته بتفعيل أداة الاستجواب تمهيدا لطرح الثقة بالوزير أو عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء حال ثبوت التهمة السياسية في أحدهما.
ثانيا: المبدأ القانوني المستقر عليه أنه حال وجود غموض أو لبس في نص من النصوص الدستورية أو حالة انقسام في الرأي حول مفهوم نص دستوري فإنه يتم الرجوع للأعراف الدستورية المفسرة وهي التي تنشأ إلى جواز النص الدستوري الذي يكتنفه بعض الغموض أو الإبهام فيزيل ذلك الشك حول مضمونه، وبالنظر لمرحلة تكوين العرف الدستوري فإنه يجب توافر الركن المادي المتمثل في تكرار الواقعة من قبل احد أعضاء السلطات العامة والركن المعنوي والمتمثل في الاعتقاد بإلزامية الواقعة، واكتفى الفقه بعنصر الإلزامية حال عدم معارضة السلطات العامة لتلك الواقعة الدستورية ولو بحثنا في مدى تواجد عرف مفسر للمادة 110 فسنجد توافر ذلك العرف الدستوري المفسر لتواجد ركنيه المادي والمعنوي، فجلسات مجلس الأمة مليئة بالوقائع التي تثبت قيام بعض النواب في المجلس بتقديم مستندات يتم الحصول على بعضها بغير الطرق القانونية ودون ان تثار مساءلتهم قانونيا أو منعهم من الإفصاح عنها.
ثالثا: يمارس رئيس مجلس الأمة ونواب المجلس رقابة سياسية مقتضاها احترام نصوص الدستور ومنع أي نائب يخرج عن النصوص الدستورية في المجلس احتراما للدستور، وهذه الرقابة السياسية مستقر العمل بها في الكويت وفي الأنظمة الدستورية، ولو كان إظهار الشيك من قبل النائب المسلم لتدعيم قوله بصحة وجود شيكات صادرة من رئيس مجلس الوزراء لنواب في المجلس يعد مخالفا للنصوص القانونية وخروجا عن الحصانة الموضوعية للنائب لاستخدم رئيس المجلس صلاحياته اللائحية بلفت نظر العضو ومنعه من تقديم الشيك، فإن كان العضو حرا فيما يبديه من الآراء والأفكار إلا انها ليست من دون ضابط، فلو خرج النائب عن حدود المألوف في الجلسة فللبرلمان ان يطبق عليه النصوص الوارد في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في المواد 86، 87، 88، 89، من: 1- إنذار، 2- توجيه اللوم، 3- منع العضو من الكلام بقية الجلسة، 4- الإخراج من قاعة الاجتماع، 5- الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس ولجانه مدة لا تزيد عن أسبوعين.
فلو كان هناك شعور بأن ما قام به النائب أمر مستهجن ويخرج عن قواعد المساءلة السياسية أثناء مناقشة الاستجواب لقام رئيس المجلس بتطبيق النصوص اللائحية السابقة على النائب المسلم وهو الأمر الذي لم يقع بل أتيحت له فرصة عرض الشيك ولم تطبق عليه أي عقوبة لائحية وهو ما يجعل إظهار وعرض الشيك في المجلس من صلاحيات النائب بمناسبة ممارسته اختصاصاته الدستورية في مراقبة الجهاز التنفيذي.
رابعا: نستخلص من عدة أحكام قضائية ومن أقوال المختصين في القانون الدستوري اتجاها موسعا في مفهوم الحصانة الموضوعية وجعلها مطلقة لدرجة أنها أدخلت ألفاظ السب والقذف والتي لو صدرت من الإنسان العادي لتمت محاسبته جنائيا بخلاف الحكم القضائي السابق والذي جعلها مقيدة ودون أن يورد التسبيب القانوني المناسب لهذا التقييد، وسنذكر الشواهد الدالة على ذلك:
الأحكام القضائية
مثال في الدعوى المرفوعة أمام محكمة الاستئناف برقم 1278/2010 مدني 3 قررت المحكمة انه:
«وحيث إنه عن الموضوع وكان من المقرر وفقا لنص المادة 110 من الدستور الكويتي أن عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال، وكان من المستقر عليه أن قاعدة عدم المسؤولية عن الأعمال البرلمانية من القواعد التي استقرت عليها التقاليد البرلمانية فبدونها يستحيل على النائب أن يشعر بالحرية والطمأنينة وهو يؤدي عمله وتعني هذه القاعدة أن ممثل الأمة لا يمكن مساءلته جنائيا أو مدنيا عن أفكاره وآرائه وأقواله التي يبديها داخل مجلس الأمة أو لجانه وتكون لازمة لأداء وظيفته النيابية وإن تضمنت سبا أو قذفا في حق الغير فلا النيابة العامة تستطيع أن تحرك الدعوى العمومية ولا المضرور يستطيع أن يطالب بتعويض عما أصابه من سب وقذف ولكن المجلس يستطيع مؤاخذة النائب في الحدود التي تقررها اللائحة الداخلية إذا وجد أنه قد تعدى الحدود المشروعة، فأيا كان وجه الرأي في تلك العبارات لا يسأل المستأنف ضده جنائيا ولا مدنيا عنها طالما أنه أبداها داخل المجلس وبمناسبة وظيفته النيابية مما تكون الدعوى أقيمت على غير سند من أحكام الدستور خليقة بالرفض».
فوفق هذا الحكم لا يجوز ان يؤاخذ العضو عن أعماله البرلمانية بأي حال من الأحوال فلا يسأل النائب جنائيا ولا مدنيا من قبل اي شخص قد تضرر من جراء قيام النائب بممارسة عمله البرلماني، فلا النيابة العامة ولا المضرور يملك تحريك هذا النوع من الدعاوى بأي حال من الأحوال، ولا رادع كما جاء في الحكم في هذه الحالة إلا بمعاقبة النائب وفق الجزاءات اللائحية كما أسلفنا.
آراء الفقه
لقد استند الفقه تأصيلا على نصوص الدستور وتطبيقات القضاء على تحديد معنى الحصانة الموضوعية تحديدا واضحا لا لبس فيه.
فذهب د.عثمان عبدالملك إلى القول بأنه: «هذه الحصانة مطلقة، ضد المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية والسياسية، كما انها مستمرة أو دائمة او ممتدة بمعنى انها تستمر وتمتد إلى ما بعد انقضاء العضوية او انتهائها لأي سبب من الأسباب» (د.عثمان عبدالملك، النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت، مؤسسة دار الكتب، الطبعة الثانية 2003 ص 576).
وقال ايضا: «وله في حدود ذلك ان يبدي ما يشاء من الأقوال والآراء والأفكار مهما حملت في ذاتها من جرائم معاقب عليها لو انها صدرت من فرد عادي، فله ان يتهم موظفا او وزيرا او زميلا له بالتزوير او الرشوة او استغلال النفوذ او بالخيانة او ما الى ذلك دون ان تثار مسؤوليته الجنائية او المدنية، لأن الدستور يحصنه من هذه المسؤولية» (عثمان عبدالملك، مرجع سابق ص 575).
وذهب فقهاء آخرون الى القول: «فالحماية مقررة للأمة ممثلة بممثليها في البرلمان فلو ارتكب عضو جريمة سب او قذف داخل البرلمان او احد لجانه فإن هذا الفعل يخرج لاعتبارات الصالح العام استثناءا من دائرة عدم المشروعية الى دائرة الفعل المباح بل واللازم في بعض الأحيان ان كان من مقتضيات المراقبة والحساب المقررة دستوريا، فهي ليست امتيازا أيضا لشخص عضو البرلمان انما هي مقررة كدعامة أساسية للوظيفة النيابية لصالح المجتمع ككل». (د.رمضان بطيخ، الحصانة البرلمانية وتطبيقاتها في مصر، دار النهضة العربية، 1994 ص 12) أيضا (محمود أبو السعود حبيب، ضمانات أعضاء البرلمان في الدستور المصري، دار النهضة العربية، 2000 ص 57).
«فالمشرع قد وازن بين مصلحتين، مصلحة العمل النيابي وتمثيل الأمة تمثيلا صادقا مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة ان تقف السلطة التشريعية موقف الند او الشريك القوي مع بقية السلطات الأخرى لإدارة دفة الحكم، ومصلحة من أضير من جراء ما صدر عن عضو البرلمان من قول او فكر، ثم رجح وهذا أمر طبيعي المصلحة الأولى على الثانية باعتبار انها أكثر أهمية» (رمضان بطيخ، مرجع سابق ص 45).
بل انه استقر الفقه والقضاء على ان العضو لا يسأل عما بدر منه من أقوال وأفكار حتى بعد انتهاء عضويته لأي سبب كان.
«فإن الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية تغطي ليس فقط جميع أعضاء البرلمان الحاليين سواء أكانوا منتخبين أم معينين، وإنما تغطي كل ما صدر من قول او رأي عن عضو البرلمان الذي انتهت مدة عضويته في المجلس أو مدة نيابته للأمة» (رمضان بطيخ، مرجع سابق ص 52).
فالحصانة الموضوعية هي مقررة لممثل الأمة عما يبديه من رأي او قول بمناسبة ممارسته العمل البرلماني وان كان هذا القول او الرأي يشكل جريمة طالما انه مارسها في البرلمان او احد لجانه.
«ففي هذا النطاق يتمتع عضو البرلمان إذن بحرية واسعة، اذ له ان يقول ما يشاء مهما تضمنت من سب أو قذف او دعوة لارتكاب جريمة او تحبيذ لمثل هذه الأعمال او حتى دعوة الى الإضراب او الثورة» (رمضان بطيخ، مرجع سابق ص 56).
بناء عليه ذهب الفقه وهو ما يوافق صريح الدستور وأحكام القضاء الى انه لا يملك ذوو الشأن ولا النيابة العامة تحريك أي دعوى بحق النائب مدنية كانت أو جنائية:
«فان ما هو ممنوع على القضاء في مثل هذه الحالة هو استدعاء عضو البرلمان لسماع شهادته أو لمناقشته فيما أبداه من قول أو رأي في البرلمان بمناسبة مباشرته للعمل النيابي، فلو ان هناك نائبا عمد إلى التشهير بخصم له وإغراقه بسيل من السب والقذف ظلما وعدوانا، فإن المجني عليه لا يستطيع اللجوء الى القضاء لمخاصمة هذا العضو عما أبداه من قول او رأي في حقه، كما ان النيابة العامة او القضاء لا يستطيع ان يستدعيه لسؤاله عن هذا السب والقذف احتراما لحصانته النيابية» (رمضان بطيخ، مرجع سابق ص 60)، وفي هذا المعنى أيضا (حكم محكمة الاستئناف الكويتية رقم 1278/2010 مدني 3) انظر أيضا (محمود أبوالسعود، مرجع سابق ص 67).
خامسا: مما يدلل على أن المشرع الدستوري أراد للحصانة الموضوعية أن تكون واسعة للحد الذي يكفل الحرية الكاملة للعضو بمراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها ودون أن يخشى أية محاسبة قضائية أن لجنة النظر في تنقيح الدستور في عام 1980 قد رفضت مطلب الحكومة في تعديل المادة 110 إلى النص الآتي:
«عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس او لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال، ولا يسري ذلك في حالة القذف والسب او التحريض على ارتكاب الجرائم او تحبيذها».
وبما ان الدستور لم ينقح، فيكون بمفهوم المخالفة ان للعضو ان يتهم أي وزير او نائب بالرشوة او التزوير وله على سبيل الاستدلال ان يعرض ما لديه من الأدلة سواء في جلسة البرلمان او خارجه طالما كان في معرض المراقبة مما يستنهض معه غلبة الصالح العام وليس مجرد المساس غير المبرر بالأشخاص.
الفصل بين السلطات
المادة 50 من الدستور قررت انه «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصاتها المنصوص عليه في هذا الدستور».
يلاحظ ان الحكم قد عمد الى توجيه النائب فيصل المسلم توجيها مباشرا عندما نص في صفحته الـ 15 الى القول: «وكان الأجدى والأولى به (المتهم الثاني) ان يخفي المعلومات الثابتة بصورة الشيك والتي تمس الحياة الخاصة لساحبه»، وهذا الأمر يتعارض مع نص المادة 50 من الدستور المقررة لمبدأ الفصل بين السلطات فلا يحق لسلطة ان تتدخل بأعمال سلطة أخرى وان توجه لها طريقة القيام بأعمالها توجيها ينفي معه حقيقة الفصل بين السلطات لأن موضوع الدعوى ليس متعلق بشخص النائب فيصل المسلم ولكن متعلقا بصفته كعضو في البرلمان وبمناسبة ممارسته لعمله داخل المجلس فيعد هذا التوجيه تدخلا من قبل السلطة القضائية في صميم أعمال السلطة التشريعية من مراقبة ومحاسبة.
سرية المعاملات المصرفية مقابل الحق الدستوري في الرقابة
لقد اسند قضاء المحكمة للنائب المسلم تهمة الاشتراك بإفشاء أسرار مصرفية ثم استندت للتدليل على ان حق النائب في المراقبة مقيد بناء على قرار المحكمة الدستورية في الرد على طلب التفسير المقدم من الحكومة برقم 3/1982 المتعلق بسرية أسماء المرضى ولا شك في ان إنزال هذا الحكم للوصول إلى هذا الاستدلال قد شابه بعض القصور كون ان مناسبة السؤال هو «حق النائب في السؤال وفي إلزام الوزير المختص بتقديم أسماء بعض المرضى وحالاتهم المرضية» ذلك ان قيام العضو بالطلب من الوزير ان يقدم له أسماء المرضى هو أمر يختلف كليا عن قيام العضو بعرض بعض أسماء المرضى للاستدلال على أمر معين ذلك ان كان للوزير ان يمتنع عن تقديم أسماء المرضى بحجة السرية، ولكن يقابل هذا الأمر ان النائب لا يمكن ان يسأل بأي حال من الأحوال ان قام ابتداء بعرض بعض الأسماء تطبيقا لنص المادة 110.
وكان الأولى بالمحكمة ان تشير إلى طلب التفسير المقدم من الحكومة برقم 1/1986 المتعلق بحق لجنة التحقيق بإلزام وزير المالية بالكشف عن صور محاضر اجتماعات البنك المركزي بما فيه بعض أسماء المستفيدين من بعض القرارات إلا ان الوزارة تحججت «بسرية المعاملات المصرفية ومخالفة المادة 28 من قانون البنك المركزي والحق في الخصوصية وفق المادة 30 من الدستور الكويتي» وهي نفس الأسباب التي قام قضاء هذه المحكمة في سبيل وصولها الى إدانة النائب المسلم، إلا ان المحكمة الدستورية قررت ـ في هذه القضية أثناء تفسيرها لحق النائب في الرقابة أمام الالتزام بالسرية المصرفية ـ مجموعة من القواعد الدستورية المهمة وهي كالآتي:
«حيث انه عما تثيره الحكومة عن كون الحق الرقابي لمجلس الأمة مقيدا بألا يتعرض لما فيه مساس بالأمور المالية لعملاء البنوك او انتهاك الأسرار المالية لأشخاص القانون الخاص او العام استنادا الى المادة 28 من قانون البنك المركزي وكذلك احترام الحق في الخصوصية طبقا للمادة 30 من الدستور، فيرد عليه بأن الأمر لا يجوز ان يؤخذ على إطلاقه إزاء الحق الدستوري المقرر لمجلس الأمة في المادة 114 من الدستور «ذلك ان المادة 28 من قانون البنك المركزي وان كانت تحظر على أي موظف في البنك المركزي ان يفشي أي معلومات تتعلق بشؤون البنك او عملائه او شؤون البنوك الأخرى الخاضعة لرقابته حماية للأسرار البنكية إلا ان هذه الحماية مفروضة بنص قانوني لا يمكن التحدي بها في هذا الخصوص، اذ انه اعمالا لمبدأ تدرج القواعد القانونية فإنه ينبغي عدم الاحتجاج بقاعدة قانونية أدنى في مواجهة قاعدة أعلى مقررة بنص الدستور وهو اسمى وأقوى من النص القانوني العادي مما يضحى معه النص الدستوري الأولى بالرعاية والاعمال»، يتبع الحكم، وكذلك الأمر بالنسبة للالتزام المتعلق بسر المهنة المصرفية فهو الآخر ليس التزاما مطلقا بل هناك حالات تبرر الخروج عليه لاعتبارات تفوق أهميتها مصلحة صاحب الأسرار وذلك حينما يتطلب الأمر تغليب المصلحة العامة وهي الأولى بالرعاية من حفظ السر». فقررت المحكمة الدستورية عدة قواعد دستورية يجب ان تحترم وهي بمجملها:
قاعدة تدرج القوانين بمعنى ان حق النائب في المراقبة هو حق دستوري أصيل يستمده من الدستور مباشرة ممثلا عن الأمة، بناءً عليه لا يجوز تقيد او تضييق مفهوم هذا الحق بنص تشريعي عادي كما قررت المحكمة الدستورية بعذر من السرية.
ان الالتزام بالسرية المصرفية ليس التزاما مطلقا فهناك مبررات قد تقتضي الخروج عليه ومنها تغليب المصلحة العامة ولا شك ان مراقبة النائب المذكور لرئيس الجهاز التنفيذي في الدولة والتصرف في أمواله لمصلحة شخص آخر هو بحكم القانون شخصية عامة باعتباره ممثلا عن الأمة ماهو إلا تطبيقا لمقتضيات هذه المصلحة العامة التي نصت عليها المحكمة الدستورية في حكمها خصوصا ان هذه المراقبة هي التزام على المتهم الثاني (المسلم) وفق ما قرره الدستور الكويتي بنصوصه وقرره القسم الدستوري بمنطوقه.
كذلك لكون جميع الشخصيات المتعلقة بالواقعة هي من الشخصيات العامة، فالمستفيد من الشيك هو عضو في البرلمان الكويتي ومصدر الشيك هو رئيس مجلس الوزراء وكاشف هذه المعاملة هو نائب في البرلمان وتم كشفه للواقعة أثناء تأديته دوره النيابي داخل البرلمان فيكون ما قام به هو تطبيق لما تقرره مقتضيات المصلحة العامة بالإضافة لكونها مشمولة بالحصانة الموضوعية المقررة دستوريا، وقد قررت المحاكم الكويتية تطبيق نظرية الشخصية العامة في العديد من أحكامها مما يقوم معه سبب من أسباب الإباحة لمقتضيات المصلحة العامة وهو ما قررته دائرة الجنايات في القضية رقم 27/ 2009:
الشخصيات العامة
«وإذا كان الشاكي يعد من الشخصيات العامة بصفته وزيرا للمالية وفي مقام مباشرته لاختصاصه كموظف عام قد أطلق تصريحات تتعلق بالحالة الاقتصادية، وهو ما يقابله بطبيعة الحال حق النقد والتقييم، وإذا كان الناقد وهو المتهم الأول نائبا في البرلمان الكويتي فهو بهذه الصفة يعد من أول المعنيين بالشأن العام ومنوطا به المراقبة والنقد والمحاسبة لأعضاء الحكومة بشكل خاص ذودا عن المصلحة العامة «وان جاء نقده في قناة فضائية فذلك مما لا يسلبه واجبه الدستوري»، وهو مما يرجح لدى المتهم الأول غلبة قصد الحرص على مصلحة المجتمع وإطلاع الرأي العام بما يدور عن قصد الإساءة، بما ينهض معه سبب الإباحة التي رخصها المشرع في المادتين 213/ اولا، 214/اولا من قانون الجزاء».
ففي هذه القضية قررت المحكمة وبحق انه حتى ولو كان النقد خارج جلسة البرلمان فانه يشمل بأسباب الإباحة ومقتضيات الصالح العام بخلاف ما قررته المحكمة في قضية النائب المسلم التي لم تمنحه حتى حق إبداء الآراء والأفكار داخل جلسات المجلس.
فقررت المحاكم الكويتية وبحق تطبيق نظرية الشخصية العامة المطبقة في اغلب الدول التي تقوم على احترام حرية التعبير والتي تقوم على احترام وتفعيل الأدوات الرقابية للبرلمان بدلا من خلق برلمان ضعيف لا يملك من وسائل الرقابة إلا الرقابة الصورية بتفريغ نصوص الدستور من محتواها حتى ما قرره الدستور الكويتي خاصة المادة 110 بأسلوب جامع مانع محكم.
المادة 114
أيضا قررت المحكمة الدستورية في معرض تفسيرها للطلب رقم 2/1986 المقدم من الحكومة بتفسير المادة 114 بشأن سلطة لجان التحقيق البرلمانية بالاطلاع على نشاط مؤسسة تسوية المعاملات والمتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالأجل وأسماء المستفيدين من قرض بين مؤسسة تسوية معاملات الأسهم بالأجل وبين احد البنوك فقررت المحكمة: «وبناء على ما تقدم فإن موضوع القرض لا يكون بمنأى عن مهمة لجنة التحقيق البرلمانية الرقابية في كل إجراءاته وما يرتبط به من بيانات بغير قيد ولا ينال من ذلك ما أورده عقد القرض ضمن مندرجاته بالتقييد بالسرية إذ ان العقد المذكور ملزم لطرفيه إلا انه «لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يقيم جدارا من السرية في مواجهة الحق الدستوري في الرقابة الدستورية»، فلهذه الأسباب قررت المحكمة ان حق مجلس الأمة في إجراء تحقيق نيابي على مقتضى المادة 114 من الدستور يشمل كل موضوع يدخل ضمن اختصاصه التشريعي أو الرقابي ومنه نشاط مؤسسة تسوية المعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالأجل ويكون للجنة التحقيق اعمال اختصاصاتها الرقابية على عقد القرض الذي أبرمته المؤسسة المذكورة في إجراءاته وما يرتبط به من بيانات بما فيها أسماء المستفيدين من القرض». انتهى الحكم.
ولا خلاف ان عقد القرض أولى بالحماية من الشيكات لان الشيك يحمل ويفيد خاصية التداول بعكس القرض الذي يكون اقرب التصاقا بالذمة المالية للشخص، وان أشخاص القانون الخاص أولى بالحماية من الوزراء والنواب مع هذا لم تعف المحكمة الدستورية عقد القرض ولا أشخاص موقعي عقود القرض من الخضوع لرقابة السلطة التشريعية من إفشاء أسمائهم وطبيعة معاملاتهم بالرغم من انهم لم يكونوا من الشخصيات العامة كما هو الأمر في الواقعة محل البحث.
الحماية التشريعية
تم إدانة النائب كما هو مقرر بالديباجة بتهمة الاشتراك السابق بمخالفة أحكام نص المادة 85 مكرر من القانون 28/2004 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهن المصرفية التي تقرر «على أي عضو مجلس إدارة في بنك، أو أي مدير أو موظف أو مستخدم في البنك، الا يفشي أي معلومات أثناء عمله او بعد تركه للعمل تتعلق بشؤون البنك او بشؤون البنوك الأخرى، تكون قد وصلت اليه بسبب اعمال وظيفته، وذلك فيما عدا الأحوال التي يصرح فيها القانون بذلك».
الالتزام المهني: يلاحظ ان نص المادة قد خصص المعنيين بنصوصها بحكم وظائفهم وهم أعضاء مجالس الإدارات، والمديرون، والموظفون، وأخيرا المستخدمون بمعنى العمال في البنك، وهذا الالتزام بعدم كشف السرية هو التزام مهني ينحصر في أشخاص من امتهنوا هذه المهنة على وجه الخصوص وهو التزام مشابه لالتزام المحامي بعدم كشف أسرار موكليه والتزام الطبيب بعدم كشف أسرار المرضى ولا يجوز بأي حال من الأحوال ان يؤاخذ الشخص العادي الذي يعتبر من الغير بالنسبة للمهنة بنصوص تنظم هذه المهنة، فالمهن عبارة عن مجموعة حقوق وواجبات فهناك اشتراطات معينة ليكون بمقدور الشخص حمل صفة هذه المهنة فإن استوفاها كان مستحقا لحقوقها ومتحملا لالتزاماتها على وجه الخصوص، وبما ان المتهم الثاني وهو نائب لم يسبق له ان عمل كموظف بنكي في البنك الشاكي فإنه ليس مخاطبا بأحكام هذه النصوص المهنية فليس عليه التزام قانوني بعدم الكشف عن الأسرار المصرفية خصوصا لو تحصل عليها في بريده الخاص بالمجلس باعتباره نائبا عن الأمة.
مهنة المحاماة
على سبيل المثال نص قانون تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم رقم 42 لسنة 1964 المعدل بالقانون 62 لسنة 1996 في المادة 11 على أن المحامي يخضع للقسم للحفاظ على سرية المهنة وشرفها، بالإضافة الى أن المادة 35 قد نصت على انه يعتبر من قبيل الإخلال بأصول المهنة إفشاء أسرار الموكل، والأمر نفسه يسري على واجب محافظة الأطباء لأسرار المرضى فقد قرر المرسوم بقانون بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان رقم 25 لسنة 1981 فقد قررت المادة 6 أن الطبيب يجب عليه ألا يفشي سرا خاصا وصل إلى علمه عن طريق مهنته.
بناء عليه لا يسأل عن إفشاء الأسرار في الجرائم والالتزامات المهنية إلا من يحمل صفة هذه المهنة من حمل شروطها والتمتع بمميزاتها وتحمل أعبائها، بناء عليه لا يسأل النائب فيصل المسلم عن الالتزامات المهنية المتعلقة بموظفي البنوك والمحاسبين إلا ان كان يعمل في وظيفة بنكية وهو ما لم يتحقق في حق النائب المتهم الثاني.
الاشتراك السابق: لقد تم اتهام النائب المسلم بتهمة الاشتراك السابق وكان الأولى ان يتهم «وان كان ليس له محل» بالاشتراك اللاحق ولكن نتيجة إبطال المحكمة الدستورية لتجريم الاشتراك اللاحق (المادة 49: أولا) لم يكن أمام الشاكي إلا بالتوجه نحو محاسبة النائب بالاشتراك السابق الذي يفترض علم النائب بالشيك قبل وصول الشيك لحرز الفاعل الأصلي وهو ما لم يتم إثباته من وقائع الدعوى ولا أقوال الشهود، بالعكس فإن المحكمة أخذت بإقرار النائب بأنه تحصل على صورة الشيك في بريده الخاص في البرلمان بمعنى ان جميع العناصر المكونة لجريمة الإفشاء قد قامت واكتملت قبل ان يعلم بها النائب وذلك بإرسال المتهم الأول للصورة الضوئية للشيك.
وقد قررت أحكام محكمة التمييز هذه القواعد ففي الطعن 76 لسنة 1990 «ان خلوص الحكم إلى ثبوت الاشتراك في إصدار شيك من دون رصيد مما لا يسوغ في جملته الاعتقاد بأن إصداره كان ثمرة اتفاق سابق بين الساحب والشريك يعتبر قصورا وفسادا في الاستدلال يستوجب التمييز».
كما قررت في الطعن رقم 183 لسنة 2004 ان «الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه».
وقررت ايضا في نفس الطعن ان الاشتراك بالمساعدة يتحقق «بتدخل إرادة الشريك في الفاعل تدخلا مقصودا يتحقق به معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله المشرع مناطا لعقوبة الشريك».
ويتضح ان القضية تخلو من أي دليل بأن المتهم الثاني النائب فيصل المسلم قد تدخلت إرادته او نيته لارتكاب الفعل قبيل وصول الشيك إلى حرز الفاعل الأصلي، بل بالعكس فإن القاضي استدل واعتمد إقرار النائب المتهم الثاني من انه تسلم صورة الشيك عبر بريده الشخصي في البرلمان وذلك في الصفحة 15 من الحكم.
بناء عليه قد قامت جميع أركان الجريمة وهي الإفشاء بإرسال صورة الشيك عبر البريد فلا وجه للاشتراك السابق في الدعوى المنظورة بحق النائب وذلك لاكتمال الجريمة «ان صحت في حق المتهم الأول» قبل تسلم النائب للبريد.
اتفاقية مكافحة الفساد
هي اتفاقية من اتفاقيات الأمم المتحدة وقّعت عليها الكويت في عام 2003 وصادق عليها المجلس في عام 2006، وقد نصت المادة 70 «يبرم الأمير المعاهدات بمرسوم ويبلغها مجلس الأمة فورا مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية».
فقد نصت المادة 15 من الاتفاقية المبوبة بالعنوان «رشوة الموظفين العموميين الوطنيين» على عدم جواز عرض الرشوة او استخدامها في الوظائف العامة وفق النص الآتي:
»تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية: 1- وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية، 2- التماس موظف عمومي أو قبوله بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية».
ووفق قاعدة ان النص اللاحق يلغي السابق لا يجوز الاحتجاج بالسرية المصرفية لرئيس مجلس الوزراء طالما كانت الاتفاقية لاحقة على قانون البنك المركزي وأصبحت جزءا من القانون الداخلي الكويتي.
كما تنص المادة 19 من الاتفاقية المبوبة بـ «إساءة استغلال الوظائف» على: »تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرم تعمد موظف عمومي إساءة استغلال وظائفه أو موقعه أي قيامه أو عدم قيامه بفعل ما لدى الاضطلاع بوظائفه بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو أو لصالح شخص أو كيان آخر مما يشكل انتهاكا للقوانين».
كما تنص المادة 24 على عدم جواز إخفاء الأشياء المتحصلة من الجرائم التي تضمها الاتفاقية من بينها جرائم الرشوة وذلك بالنص الآتي: «دون مساس بأحكام المادة 23 من هذه الاتفاقية تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم أخرى لتجريم القيام عمدا عقب ارتكاب أي من الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية دون المشاركة في تلك الجرائم بإخفاء ممتلكات او مواصلة الاحتفاظ بها عندما يكون الشخص المعني على علم بأن تلك الممتلكات متأتية من اي من الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية».
كما تلزم الاتفاقية الدول الأطراف بحماية المبلغين عن الجرائم المنظمة وفق نصوص الاتفاقية بالمادة 33: تنظر كل دولة طرف في ان تدخل في صلب نظامها القانوني الداخلي تدابير مناسبة لتوفير الحماية من اي معاملة لا مسوغ لها لأي شخص يقوم بحسن نية ولأسباب وجيهة بإبلاغ السلطات المختصة بأي وقائع تتعلق بأفعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية»، وبناء عليه يجب على الدولة ملزمة ان تحمي من بلغ على وجود شبهة جريمة الرشوة لا ان يحاكم وفق ما يخالف أحكام الاتفاقية وأحكام الدستور الكويتي.
ونصت المادة 40 على خلق أنظمة بخلق نظام شفاف لا يجوز الاحتجاج بالسرية المصرفية أمامها بالنص الآتي: «تكفل كل دولة طرف في حال القيام بتحقيقات جنائية داخلية في أفعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية وجود آليات مناسبة في نظامها القانوني الداخلي لتذليل العقبات التي قد تنشأ عن تطبيق قوانين السرية المصرفية».
فيكون ما قام به النائب فيصل المسلم محميا وفق قواعد اتفاقية مكافحة الفساد التي أصبحت جزءا من القانون الداخلي بمصادقة البرلمان عليها في عام 2006 ولا تجوز مساءلته بناء عليها.
ملاحظة: وسوف تتجاوز الدراسة عن الولوج في بعض الشبهات التي اعترت إجراءات المحاكمة من أسباب البطلان من حيث صحة مباشرة إجراء تحريك الدعوى العمومية في الدعوى محل البحث وأيضا من حيث وجود جهة الادعاء المختصة أثناء نظر الدعوى ونشير الى أحكام دائرة تمييز الجنح في المحكمة الكلية في هذه المسألة.
الخاتمة
يعتبر هذا الحكم تعديلا لنص المادة 110 من الدستور دون اتباع الإجراءات المقررة في المادة 174 من الدستور الكويتي التي قررت إجراءات تعديل النصوص الدستورية، فعضو البرلمان يملك ان يبدي ما يشاء من الآراء والأفكار وان يستشهد بذلك بتقديم الأدلة بل قد يعاب على اي نائب استخدام القول المرسل دون تقديم الدليل ان كان موضوع الآراء هو اتهام لأي شخص، فضلا عن كون شخص المتهم هو من يترأس الجهاز التنفيذي في الدولة باعتباره رئيسا لمجلس الوزراء فمثل هذا الاتهام الخطير لابد ان يدعم بإثباتات وبراهين تقتضيها واجبات الرقابة البرلمانية من قبل النائب فيصل المسلم ولا تجوز مؤاخذته في هذه الحالة بل انه من أولويات العمل البرلماني والمساءلة السياسية ان توجه الأنظار الى شخص المتهم كون ان الواقعة تنطوي على شبهة جريمة رشوة مما يستوجب معها اما تشكيل لجنة تحقيق في المسألة او إحالة المسألة برمتها الى محكمة الوزراء لاستجلاء الغموض الواقع في هذا الشأن.