مع صدور المرسوم الاميري بحل مجلس الامة، نستعرض في هذه الحلقات اجواء حالات حل مجلس الامة، كيف بدأت وتفاقمت الى ان انتهت بمرسوم الحل:
لم يكتب للفصل التشريعي الرابع لمجلس الامة الذي افتتح اعماله في نوفمبر 1975 الاستمرار حتى نهايته المقررة وفقا للدستور، وعقد آخر جلساته في 20 يوليو 1976، حيث قدمت الحكومة استقالتها في 29 اغسطس 1976 وفق كتاب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد ـ طيب الله ثراه ـ «عدم تعاون» نتيجة خلاف نشب بين الحكومة ومجلس الامة تمثل في اتهامات متبادلة بتعطيل مشروعات القوانين، الامر الذي ادى الى فقدان التعاون بين السلطتين، حيث اتهمت الحكومة مجلس الامة بتعطيل مشروعات القوانين التي تراكمت منذ مدة طويلة لدى المجلس والتهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين دون وجه حق وضياع الكثير من جلسات المجلس من دون فائدة، ما ادى الى فقدان التعاون بين السلطتين.
مبررات الحل الأول
وألقى سمو الامير الراحل الشيخ صباح السالم كلمة الى الشعب بمناسبة حل مجلس الامة في 29 اغسطس 1976 وجاء نصها كالتالي:
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا ـ النساء: 58)، صدق الله العظيم.
ابنائي الاعزاء
أتحدث اليكم اليوم والألم يعتصر قلبي والحزن يملأ نفسي مما تردت اليه الأحوال في بلدنا العزيز إلى حد لم يكن يجول بخاطري في لحظة من اللحظات أن نصل اليه، ولكن للأسف الشديد وقع ما لم يكن مقدرا وحدث ويحدث ما لم يكن متوقعا، ونحن جميعا رجالا ونساء شيوخا وشبابا مسؤولين عن ذلك بأيدينا قدنا أنفسنا الى هذا الوضع المؤلم
لقد صبرنا وصبرتم طويلا، وتحملنا وتحملتم كثيرا لعل الأحوال تتبدل ويعلو الحق ويعود الرشد، ولكن الأمور أخذت تزداد سوءا يوما بعد يوم، حتى كدنا أن نصل الى طريق مسدود.
وكان ما وصلنا اليه باسم الدستور الذي صدر للحفاظ على وحدة الوطن واستقراره ولتحقيق الديموقراطية لهذا الشعب الوفي، والديموقراطية السليمة براء مما هو حادث ووحدة الوطن واستقراره تتعرض الى كل ما تتعرض له من هزات.
أبنائي
اننا جميعا لم نقف موقفا صلبا صارما لكل ما هو حادث فان الأمور قد تتطور الى حد لا يعلم الا الله مداه.
و لما كنت على رأس المسؤولية في هذا البلد الطيب الأمين، وقد اقسمت قسما لا أحيد عنه بأن أحميه من كل ما يهدد كيانه ووحدته واستقراره.
و لما كنت أشعر أنني والد لكم جميعا علي رعايتكم وتوفير الأمن والرفاهية لكم، لذلك أجد نفسي مضطرا في هذه الظروف العصيبة الى أن أصدر أمرا بتنقيح الدستور لتجنب ما وصل اليه الحال في ظل دستور 11 من نوفمبر سنة 1962.
ابنائي
اننا جميعا نؤمن ايمانا بالديموقراطية السليمة والحرية لأنها نابعة من نفوسنا، وعليها شبت اجيالنا، وحتى لا نفقد ديموقراطيتنا التي نعتز بها الى الابد، فقد اصدرنا امرنا سالف الذكر حتى تستمر الحرية في بلادنا اكثر ثباتا، واعظم استقرارا، فينعم شعبنا كله بنورها ويطمئن ابناؤنا الى غد مشرق.
ابنائي
ان هذا الوطن امانة في عنقنا جميعا، واني في هذه الظروف الحاسمة من تاريخ شعبنا العريق احملكم امانتكم، وادعوكم الى ان تحافظوا على وطننا الكويت رمز العزة ومصدر الخير من كل مكروه.
أبنائي: حيث ان مسؤوليتنا الجسيمة أمام أبناء هذا الشعب العزيز تلزمنا، وقد أفاء الله علينا بكثير من نعمه ـ ان نحقق له حياة كريمة، وان نوفر له سبيل الإصلاح في كافة المجالات، وتوجب علينا ايضا ان نحافظ على وحدة هذا الوطن واستقراره وتدعونا ان نصد عنه استغلال المستغلين ونمنع عنه عبث العابثين.
لذلك فقد اصدرت أمرا بتنقيح الدستور، وستشكل لجنة من ذوي الخبرة والرأي للقيام بهذه المهمة.
وستعرض بإذن الله على الناخبين مشروع تنقيح الدستور للاستفتاء عليه أو على مجلس الأمة المقبل لإقراره خلال مدة لا تزيد على أربع سنوات من تاريخ إصدار هذا الأمر، والله الموفق.
تنقيح الدستور
وتشكلت لجنة لتنقيح الدستور من 32 عضوا:
وقد استمر عمل لجنة تنقيح الدستور حوالي أربعة أشهر اذ أنهت أعمالها في 22 يونيو من العام نفسه (1976) وقد أقرت اللجنة تعديل المادة الثانية من الدستور ليصبح نصها «دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية، المصدر الرئيسي للتشريع» بدلا من نص ان «دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، كما أقرت اللجنة عدة تعديلات أخرى للدستور، ومن بينها تعديل المادة 71 من الدستور.
وقدم الاقتراح بتنقيح الدستور وقد تم التصويت على مبدأ التنقيح في جلسة الثلاثاء 14 ـ 12 ـ 1982م، حيث وافق 37 عضوا من بينهم 16 وزيرا على مبدأ التنقيح في الوقت الذي كان عدد المعارضين 27 نائبا.
وقد أحيل الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية مشروع تنقيح الدستور بتعديل المواد 50 و65 و66 و69 و71 و73 و80 و83 و87 و91 و93 و95 و100 و101 و104 و105 و112.