مريم بندق ـ مؤمن المصري ـ فرج ناصر - سلطان العبدان ـ بدر السهيل
الجدل القانوني المتكرر حول شروط الترشح للانتخابات أوجد إشكالا دائما في الأوساط السياسية، خصوصا مع كثرة «الاستشكالات» الحكومية الرامية الى إيقاف أحكام أحقية الترشح الصادرة لبعض المرشحين.
وأمس، سارعت الحكومة الى تقديم استشكال في جواز ترشح النائب السابق د.عبدالحميد دشتي بناء على توكيل لنجله، وذلك بهدف وقف تنفيذ الحكم لحين البت في الاستئناف المقدم من الحكومة، فيما قالت مصادر قانونية ان المحكمة ستحدد جلسة لنظر الاستشكال اليوم.
وكانت الدائرة الادارية السادسة بالمحكمة الكلية قضت امس بقبول الدعوى المستعجلة المرفوعة من دشتي والتي يطالب فيها بإلغاء قرار الامتناع عن قبول أوراق ترشحه لانتخابات 2016، وقضت بإلغاء القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام جهة الادارة بالمصروفات وبمبلغ 200 دينار مقابل اتعاب المحاماة الفعلية، وأمرت المحكمة بشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وتنفيذه بمسودته الاصلية من دون اعلان.
وتأكيدا لما نشرته «الأنباء» الأحد 23 الجاري تحت عنوان: «المحكوم بأكثر من 3 سنوات بما فيها الأحكام الغيابية يحرم من الترشح حتى لو حضر شخصيا ومن حكم عليه بالسجن أقل من هذه المدة يحق له الترشح بتوكيل»، قالت مصادر خاصة في تصريحات لـ «الأنباء» إن الاستشكال الذي قدمته الحكومة امس هو إجراء لوقف نفاذ الحكم «مؤقتا» لسبب جوهري، وهو وجود حكم بالسجن أكثر من 3 سنوات، ويبت فيه القضاء على وجه السرعة.
وأضافت المصادر: ان اللجنة المختصة بإدارة الانتخابات استبعدت المرشح بسبب عدم حضوره لإثبات قدرته على القراءة والكتابة، ولكن الإجراء القانوني السليم، والأحوط هو أن يشطب المرشح من كشوف الناخبين بسبب الحكم عليه بالسجن لمدة أكثر من ثلاث سنوات وبالتالي يتم حرمانه تلقائيا من الترشح.
وعودة إلى حكم المحكمة الكلية فقد قالت المحكمة في حيثيات حكمها: لما كان ذلك واعمالا له، وكان الثابت للمحكمة ان المدعي لم يتمكن من تقديم اوراق ترشحه بنفسه لوجود قوة قاهرة تحول بينه وبين حضوره الى ادارة شؤون الانتخابات باعتبار انه متواجد خارج البلاد لتلقي العلاج ولا يستطيع العودة اليها في الوقت الحالي بناء على تعليمات الاطباء المشرفين، وانه عضو سابق في مجلس الامة ويحمل مؤهل الدكتوراه مما يعني ـ بالضرورة وبحكم اللزوم ـ اجادته قراءة اللغة العربية وكتابتها، الامر الذي يكون معه الامتناع عن قبول اوراق ترشحه من خلال وكيله القانوني لانتخابات مجلس الامة عن العام 2016 والمزمع اجراؤها بتاريخ 26/11/2016 ليس له ما يبرره في الواقع والقانون وينطوي على تعسف غير جائز ويشكل قرارا اداريا سلبيا تقضي المحكمة بالغائه على النحو الذي سيرد في المنطوق.
وحيث ان من يخسر الدعوى يتحمل مصروفاتها، فإن المحكمة تقضي بالزام جهة الادارة بها عملا بالمادة 119/1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. لذا، حكمت المحكمة قبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بالغاء القرار الاداري السلبي بالامتناع عن قبول اوراق ترشح المدعي من خلال وكيله القانوني لانتخابات مجلس الامة عن العام 2016 والمزمع اجراؤها بتاريخ 26/11/2016 مع ما يترتب على ذلك من آثار وبالزام جهة الادارة المصروفات ومبلغ 200 دينار مقابل اتعاب المحاماة الفعلية.
وامرت المحكمة بشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وتنفيذه بمسودته الاصلية من دون اعلان.
تباين قانوني حول جواز ممارسة حق الترشيح عن طريق الغير
- الفيلي: الحكم عنوان الحقيقة.. والقضاء وسيلة حسم النزاع
- الصالح: مرحلة الترشح لا تتطلب حضور المرشح شخصياً
- العياش: ممارسة الحقوق الانتخابية عن طريق الشخص نفسه
- الراجحي: يجوز التسجيل عن طريق أحد الأشخاص
- العنزي: الأغلب أن «الإدارية» ستقبل اشكال الحكومة
- العجمي: يجوز تسجيل المرشحين بالوكالة الخاصة
- الوطري: القاعدة العامة للانتخاب هي أن يمارس المرشح إجراءات الترشيح بنفسه
آلاء خليفة - سعد الرشيدي
في ردود فعل دستورية حول حكم المحكمة الإدارية بشأن ترشح النائب السابق د.عبدالحميد دشتي عن طريق توكيل للترشيح أثناء تواجده خارج البلاد، قال الخبير الدستوري د.محمد الفيلي في تصريح خاص لـ «الأنباء»: ان الحكم عنوان الحقيقة من الممكن التعليق عليه بانتقاده ولكن يجب احترامه لأن القضاء هو وسيلة حسم النزاع.
وأردف الفيلي قائلا: إذا أصدر القاضي حكما في هذا الموضوع وان كنت من الناحية الفقهية لا أميل الى هذا التوجه ولكن القضاء عنوان الحقيقة الرسمية.
ومن ناحيته، قال الخبير الدستوري د.هشام الصالح: يجب التفريق بين المراحل المختلفة من العملية الانتخابية فمرحلة الترشح لا تتطلب حضور المرشح شخصيا وانه لا يمكن تطلب ذلك خاصة في ظل غياب الحظر، وعليه فإن الوكالة يجوز معها الترشح أما في التصويت فيختلف الأمر باعتبار انه حق شخصي يجب ان يباشره الشخص بنفسه واحتراما لسرية الانتخاب فلا تجوز الوكالة.
وتابع الصالح قائلا: لقد ذهب القضاء الإداري الى جواز الترشح بموجب الوكالة وعلى ذلك أصبح بإمكان عبدالحميد دشتي الترشح، أما عن الحصانة فيتمتع بها النائب أثناء دور الانعقاد وليس بمجرد إعلان النتائج، حيث ان النص يتكلم عن حصانة وبربطها باشتراط كونها أثناء دور الانعقاد، وعليه فبمجرد انعقاد المجلس في أول جلسة وحتى دون أداء القسم فإنه من شأنه تمتع النائب بالحصانة الإجرائية ونعني بها عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق والمحاكمة إلا بعد موافقة المجلس ولا تمتد إلى تنفيذ الأحكام النهائية.
وتابع الصالح قائلا: صحيح من شأن الاستشكال وقف تنفيذ الحكم الى حين الفصل فيه.
من جانبه، اكد أستاذ القانون الدستوري د.غازي العياش في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان نصوص قانون الانتخاب تتكلم صراحة عن أن ممارسة الحقوق الانتخابية تكون عن طريق الشخص نفسه، كما أن النص الدستوري يتطلب أن يجيد المترشح القراءة والكتابة وهذا لا يكون إلا عندما يقوم الشخص بنفسه بتعبئة استمارة طلب الترشح أمام موظف إدارة الانتخابات.
وما ينطبق على الناخب يسري على المرشح كما تعلم، لذلك لا يجوز التوكيل في الترشح.
كما أن قانون الانتخاب من القوانين الأساسية والتي لها طبيعة خاصة في نطاق تطبيق نصوصه تأخذ بشكل متكامل بغض النظر على ما تقرره القوانين الأخرى بشأن مفهوم الوكالة.
وتابع العياش قائلا: أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال..فلا يحرم الشخص المقيد من الحرية من ممارسة حق الانتخاب إلا في حالة ما إذا كانت هذه العقوبة مخلة بالشرف والأمانة أو عقوبة جناية أي أكثر من 3 سنوات.
وإذا ما مكن من تقديم طلب الترشح بأي صورة كانت وتوافرت فيه الشروط القانونية فإن ترشحه يكون صحيحا، وإلا اعتبر ذلك عقوبة تبعية غير مشروعة، فالحظر الذي يمنع من الترشح كما ذكرنا أن يكون الشخص محكوما عليه بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة.. ووفق قانون السجون فالمسجون يمارس جميع حقوقه عن طريق مأمور السجن كالطعن.. وغيره م 10 و7.. وعليه لا يوجد مانع قانوني للشخص من ترشيح نفسه بشرط أن يتقدم بذلك بنفسه.. مثل أن تنتقل الإدارة إليه ولا تملك إدارة السجن منعه من ذلك إلا في حالة عدم توافر شروط الانتخاب به.
من جهته، قال أستاذ القانون بجامعة الكويت د.بدر الراجحي بضرورة التفريق بين صفة الناخب وصفة المرشح على حد سواء فالقانون أتى في المادة 20 من قانون الانتخابات على ان يقوم المرشح بتقديم طلب الترشيح كتابيا لدى الجهة المخولة بالتسلم وعليه لم يذكر القانون بتاتا ضرورة حضور الشخص بنفسه، فهنا نرى انه يجوز أن يتقدم المرشح بطلب تسجيله عن طريق احد الأشخاص، بينما نرى في المادة 32 ضرورة حضور الناخب للجنة لإبداء رأيه، أي إن حضوره واجب بعد التحقق من شخصيته فلا يجوز أن نحمل المشرع نصا قانونيا لم يتطرق اليه أبدا.
واضاف المحامي عبدالرحمن الوطري القاعدة العامة للانتخاب هي أن يمارس المرشح إجراءات الترشيح بنفسه وأن يمارس حقوقه بنفسه لأنه ممثل الامة تحت قبة البرلمان، وقد اعطى الدستور حق الانتخاب والترشح الصدارة لتعلقها بالارادة الشعبية المعبرة عن سيادة الامة وبشأن جواز المرشح تقديم استمارة التسجيل بنفسه او لا؟ نرى انها ليس لها اساس قانوني فالمشرع لم يذكر ذلك بصريح العبارة، بينما الناخب نجد هناك نصا في المادة 4 من قانون الانتخاب على كل ناخب ان يتولى حقوقه الانتخابية بنفسه في الدائرة الانتخابية التي بها موطنه.
وبين أستاذ المرافعات د.مساعد العنزي الدائرة الادارية نظرت الشق المستعجل فقط ولم تبحث بالموضوع بشأن تسجيل المرشح عبدالحميد دشتي والشق المستعجل رأت المحكمة به أن شرطي الحماية متوافران وهما الخشية من فوات الوقت ودفع ضرر محدق لا يمكنه دفعه بعد ذلك، والمحكمة قضت بهذا الشيء لان مسألة تسجيل القيد الانتخابي لها وقت محدد وينتهي، وبالتالي رأت المحكمة انه يجب تطبيق القانون ووفرت حماية وقتية لهذا الحكم المستعجل الذي كان امام المحكمة بالجواز من عدمه والرأي الغالب ان الدائرة الادارية ستقبل إشكال الحكومة غدا بشأن عدم جواز المرشح توكيل شخص لتسجيله.
وقال المحامي صالح العجمي انه يجوز تسجيل المرشحين بالوكالة الخاصة اي ان تكون الوكالة مشتملة على بيانات اساسية محددة بشأن تسجيل القيد في سجل المرشحين وتسمى بهذه الحالة وكالة خاصة لان المشرع لم يشترط حضورهم شخصيا، بينما في الانتخاب يجب على الشخص نفسه انتخاب المرشح بنفسه ولا يجوز لغيره ان يبدي رأيه في الانتخاب بوكالة خاصة، واضاف ان القضاء الاداري قضاء متطور وسريع ويتصدى لأي ظواهر وسلوكيات تصدر من الجهات الادارية في الدولة.