* حذّرنا مراراً من خطورة استخدام المال السياسي للتأثير على الانتخابات وشبهة حدوثه قائمة
أصدرت كتلة العمل الشعبي بيانا جاء فيه: أثار اهتمامنا قيام عضو مجلس الأمة د.فيصل المسلم في جلسة المجلس المنعقدة يوم الأربعاء 16 من ذي القعدة 1430 هـ الموافق 4 من نوفمبر 2009 بالكشف عن صورة الشيك المنسوب الى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، الا اننا آثرنا عدم التعليق على الموضوع الى حين اتضاح الامر ومعرفة وجهة النظر الاخرى، ولكننا الآن، وبعد ان اصدر مكتب المحامي الخاص بسمو رئيس مجلس الوزراء بيانه الصادر يوم الخميس الفائت 17 من ذي القعدة 1430 هـ الموافق 5 نوفمبر 2009 وما تضمنه ذلك البيان من اقرار بأن الشيك عائد الى سمو الشيخ ناصر المحمد وتم صرفه من الحساب الشخصي لسموه فإننا نجد لزاما علينا ـ ان كان قد تم صرفه لأحد اعضاء مجلس الأمة السابقين اثناء مدة عضويته ـ التعبير بوضوح عن بالغ استغرابنا وشديد دهشتنا لمثل هذا التصرف، الذي يناقض تماما التصريح الرسمي الذي سبق ان بثته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بتاريخ 14 مارس 2009 باسم وكيل ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء للشؤون المحلية ونفى فيه نفيا قاطعا ان تكون هناك شيكات صدرت من سمو رئيس مجلس الوزراء، أو احد وكلاء ديوان سموه، او من الحساب الخاص بديوان سمو رئيس مجلس الوزراء لصالح بعض اعضاء مجلس الامة.
تصرف غير مقبول
ونحن في كتلة «العمل الشعبي» نرى ان مثل هذا التصرف، الذي جرى الاقرار بحدوثه، انما هو تصرف غير مقبول ومثير للشبهات وفق المعايير الدولية المقررة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي سبق ان وقعت عليها دولة الكويت في العام 2003 وأقرها مجلس الامة وصدر بالموافقة عليها القانون رقم 47 لسنة 2006، حيث تشترط المادة الثامنة من تلك الاتفاقية في مدونات قواعد سلوك الموظفين العموميين فيما تضمنته بشأن افصاحهم «عن اي تصرفات بما في ذلك الهبات او المنافع الكبيرة، التي قد تفضي الى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين»، حيث ان الموظف العمومي وفقا للتعريف الوارد في المادة الثانية من الاتفاقية ذاتها هو اي شخص يشغل منصبا تشريعيا او تنفيذيا او اداريا او قضائيا لدى دولة طرف في الاتفاقية، سواء أكان معينا أم منتخبا، وهذا ما ينطبق على سمو رئيس مجلس الوزراء وعلى اي عضو من اعضاء مجلس الامة فترة توليه مسؤوليته النيابية،.. ناهيك عن عدم اشتراط الاتفـــاقية في المادة الثالثة منها البند ثانيا المساس بالمال العــــام لتحديد الجرائم المبينة فيها، اذ تنـــص على انه «ليس ضروريا ان تكون الجرائم المبينة قد ألحقت ضررا او اذى بأملاك الدولة»،.. وقد جرمت المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من بين ما جرمته من افعال «وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة او عرضها عليه، او منحه اياها، بشكل مباشر او غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص او كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى اداء واجباته الرسمية».
استخدام المال السياسي
وقد سبق لنا ان حذرنا المرة تلو الأخرى من خطورة استخدام المال السياسي في التأثير على الانتخابات أو غيرها، كائنا من كان مصدره او متلقيه ونرى ان شبهة حدوث مثل هذا الاستخدام للمال السياسي قائمة، الى ان يتضح خلاف ذلك.
ومما يؤسفنا ان هناك محاولات محمومة تجري للتغطية على هذا الأمر المريب والتستر عليه، بدلا من التوضيح المستحق لملابساته والكشف بشفافية عن حقيقته وأبعاده.
محاولات
والأسوأ من هذا تلك المحاولات الجارية التي تتجاهل عن عمد وعلى نحو مخالف لمبادئ النظام الديموقراطي ما قررته المادة 110 من الدستور من حظر قاطع لمؤاخذة عضو مجلس الامة على ما يبديه من آراء وافكار بالمجلس او لجانه حيث تنص هذه المادة بوضوح لا لبس فيه ولا غموض على ان عضو مجلس الامة حر فيما يبديه من الآراء والافكار بالمجلس او لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الاحوال.
ونحن في كتلة العمل الشعبي نحذر من مثل هذه المحاولات غير الدستورية ونعلن عن رفضنا التام والواضح لها ونتمسك بالحصانة المقررة في الدستور لنواب الامة وحريتهم المطلقة في ابداء الآراء والافكار بالمجلس او لجانه وعدم جواز مؤاخذتهم على ذلك ونطالب بالكف عن تكرار مثل هذه الادعاءات.
الانحراف عن الموضوع الرئيسي
ونرى انه لا يصح بحال من الاحوال ان يتحول مجرى التداول والنقاش وينحرف عن الموضوع الرئيسي المتمثل في التصرف غير المقبول والمثير للشبهة المتصل بما طرح عن صرف شيك من حساب مصرفي لسمو رئيس مجلس الوزراء الى احد اعضاء مجلس الامة السابقين اثناء توليه مسؤولياته الدستورية، فهذا ما يجب التحقق منه، وهو ما يلزم توضيحه والكشف عنه واجلاء حقيقته مع بيان ما اذا كانت هناك شيكات اخرى قد منحت من سمو رئيس مجلس الوزراء، ولو من حسابه الخاص، لاعضاء في مجلس الامة اثناء فترة عضويتهم سواء في المجلس الحالي او في مجالس سابقة.
وختاما يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه (وقفوهم انهم مسؤولون) صدق الله العظيم