رندى مرعي
أكدت عضو مجلس الأمة د.أسيل العوضي أنها ضد تجريم من يطالب بالحل غير الدستوري للمجلس لأنه في نهاية المطاف نوع من أنواع حرية التعبير عن الرأي معتبرة أنه أمر يختلف تماما عما قامت بطرحه في شأن المرجعية الدستورية.
كلام العوضي جاء خلال مشاركتها في الصالون الثقافي الذي نظمته جمعية الخريجين مساء أمس الأول في ندوة بعنوان «المحكمة الدستورية لمزيد من الحريات» بمشاركة أستاذة القانون الدستوري بأكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية الدكتورة عصمت الخياط والخبير والأستاذ الدستوري والقانوني في جامعة الكويت د.محمد المقاطع وأدار الجلسة الخبير الدستوري د. محمد الفيلي.
بداية تحدثت د.عصمت الخياط عن عن دور القاضي الدستوري في حماية الحقوق والحريات قائلة أنه في الكويت المشرع هو البرلمان الذي يصدر التشريعات وهناك السلطة التنفيذية التي تصدر اللوائح وإذا ما تجاوزت السلطة التشريعية الحدود المرسومة بالدستور وأصدر قانون فيه تجاوزات يتم طرق باب المحكمة الدستورية التي من أهم مهامها أن تحكم بعدم دستورية التشريع سواء كان لائحة أو قانونا مخالفا للدستور.
من جانبها تحدثت د.أسيل العوضي عن الجانب السياسي للندوة مشددة على أهمية توافق القوانين مع النصوص العامة من الدستور كونه المرجع الأساسي الذي لابد من الاحتكام إليه خاصة أننا نواجه في الكويت ظاهرة تستحق الدراسة تتمثل في تجاوز الدستور من خلال سن قوانين غير دستورية علما بأنها ليست بالجديدة فالمجتمع الكويتي يعاني منها منذ 40 عاما، كقانون الانتخاب الذي كان غير دستوري لافتة إلى أن المشرع على الرغم من وضوح الحريات المكفولة في الدستور والنصوص الدستورية وحق المواطنة والتي ليست بحاجة لخبير دستوري أو قانوني لتفسيرها إلا أنه يقوم بسن وصياغة قوانين غير دستورية.
وتابعت العوضي أن ما يحدث اليوم ما هو إلا تعبير عن ثقافة مجتمع ولدينا أجيال متعاقبة تحمل هذه الثقافة، وأصبحت عقب وصولي لقبة البرلمان أرقب هذه الظاهرة عن كثب خاصة أن ثمة أطرافا مشرعة غير مقتنعة بأن الدستور هو المرجع الأعلى والنص الأساسي الواجب اللجوء إليه في صياغة تشريعاتنا، وهناك منهم من يعتقد أن الدستور يقيد صلاحيات معينة لا تناسبهم وهم من أصحاب الثقافات المختلفة مشيرة أن بعض المشرعين يتعاملون مع الدستور على مبدأ «القص واللصق» يأخذون منه ما يتناسب معهم ويفصلونه على أساس احتياجاتهم .
وقالت ان هذه المشكلة خلقت سلوكا بعيدا جدا عن روح الدستور وبالتالي بعيدا عن النظام الديموقراطي الذي صاغه الدستور وقد أدت هذه الثقافة إلى ممارسة سياسية تسمى «طغيان الأغلبية» وهي أبعد ما يكون عن الممارسات الديموقراطية التي أصبحت عبارة عن امتلاك أصوات الأغلبية والتي تبعد كل البعد عن النظام الديموقراطي الذي يقوم على أساس قيمة رأي الفرد مشددة على أن من لديه الأغلبية لا يملك الحق في انتهاك حقوق الأقلية مشيرة إلى أن هذه الثقافة المنتشرة والمشوهة والتي لا تفقه ما هي أسس الديموقراطية خلقت لنا مشرعين لا يعرفون الأسس الدستورية.
ورأت العوضي أن الوضع السياسي مشوه جدا في الكويت، مؤكدة على «أن ثقافة المجتمع هي العامل الأساسي الذي لابد من التركيز عليه لإحداث تغيير في ثقافة المجتمع الكويتي معتبرة أن التشريعات لا تصنع السلوك الإنساني بل الثقافة هي التي تصنعه ولفتت إلى أنه لا يمكن تغيير هذه الثقافة المجتمعية من خلال التشريعات، فلابد من تعديل ثقافة المجتمع أولا لوضع حد لهذه الممارسات، فالثقافة هي التي تصنع السلوكيات»، منادية بأهمية تفعيل مفهوم الديموقراطية الصحيح، ونشر ثقافة سيادة الدستور، وأنه هو الأساس في التشريع، وأي شخص لا يكون له مرجعية للدستور عليه ألا يدخل في الشأن السياسي وأشارت إلى أن الخطوة التي تتعلق بإحداث التغيير في ثقافة المجتمع يمكن أن تأتي من خلال تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أهمية دور الجانب التعليمي في هذا السياق».
وقالت ان هناك قائمة طويلة بالقوانين غير الدستورية التي جاءت نتيجة للممارسات الخاطئة، والتي ستعمل على التصدي لها، أولها كان التعديل الذي قدمته لدى وصولها لقبة البرلمان في قانون إنشاء المحكمة الدستورية فيما يتعلق بمسألة إتاحة فرصة أمام الفرد للتقدم بتظلم للمحكمة الدستورية.
وحول ما إذا كان التعديل الذي تقدمت به حول إتاحة الفرصة للفرد في التظلم للمحكمة الدستورية يسهم في فتح الباب على مصراعيه لأي فرد للتظلم والذي من شأنه أن يثقل كاهل المحكمة الدستورية بأمور ليست بالحسبان من الناحية الإدارية، وقالت انه لابد من فتح هذا الباب امام الفرد في التظلم إن رأى أن هناك قانونا فيه شبهة دستورية أو غير دستوري، هذا الأمر يعد صمام أمان للفرد خاصة أنه لا يوجد رادع الآن، ولن يثقل كاهل المحكمة فنحن نعاني من إنحراف في مسار الديموقراطية، وليس كل من «هب ودب» سيتوجه إلى المحكمة الدستورية.
ونوهت إلى «أن الفقه الإسلامي هو مصدر من مصادر التشريع وليس المصدر الرئيسي أو الأساسي بالتالي لن يأتي فوق الدستور» مشيرة إلى أن الضوابط الشرعية موضوعة للتمنن على النساء ولا تعني اللباس الشرعي، ورأت أنه يجب تطبيق وفرض الضوابط على الجنسين، وأن تعنى بالأخلاقيات العامة وألا تنظر للبس.
ومن جهته، تطرق د. محمد المقاطع في حديثه لدور المحكمة الدستورية في حماية الحريات والحقوق، مشيرا إلى «أنها قضية جوهرية وتأخذنا إلى إشكالية أكبر نعاني منها في الكويت وهي قضية تكوين المحكمة الدستورية وعملها واختصاصاتها بحيث تكون قادرة على ممارسة مسؤوليتها فيما يخص حماية الحقوق والحريات، وهي من المسائل التي نخطئ في تصويرها بعض الأحيان».
وأوضح «أن إحدى إشكاليات الحقوق والحريات عند اللجوء للمحكمة الدستورية هي أنها أحادية الهيمنة على النظام القضائي الكويتي، فضمانات النقض تكون في تعدد الرئاسات القضائية بحيث نصل لاجتهادات مختلفة ومحاولة إحداث التغيير، كما هو الحال في مسألة الطعون الانتخابية، والتي طالبنا فيها برد قضاة المحكمة الدستورية فلا يصلح أن يكون القاضي هو الخصم والحكم».