معصومة: زج الدين في قضية تولي المرأة منصب القضاء يجب تحييده
دانيا شومان
أكد النائب علي الراشد ان الحديث عن إعطاء المرأة لأي من حقوقها المسلوبة لاسيما السياسية منها في المجتمعات العربية تصاحبها ردود أفعال سلبية وعنيفة الى جانب وجود الرفض الاجتماعي لتلك الحقوق، مستعرضا تاريخ حقوق المرأة المدنية والسياسية في الكويت منذ حق التعليم حتى حق العمل ومن ثم الحقوق السياسية.
واشار الراشد في ندوة «أين المرأة من حق القضاء؟» التي نظمتها الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية مساء امس الأول في مقر الجمعية والتي تحدثت فيها النائب د.معصومة المبارك والمحامية نضال الحميدان والمحامية ذكرى الرشدي وبحضور النائب د.سلوى الجسار ان هناك آراء تنتقص من الدين الإسلامي وسماحته، مقدما ورقة عمل عن حق المرأة في تولي منصب القضاء والتي لم يرد بها نص قرآني واضح وصريح يحرم نيلها هذه المهنة السامية.
وتحدث عن الخلاف الفقهي في هذه المسألة، مشددا على ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعط المرأة أو الرجل منصب القضاء وذلك لكونه كان يقضي بين الناس بنفسه، مبينا ان الرسول اعطى المرأة مرتبة أعلى من القضاء وهي حق الفتوى، مدللا على ذلك بالحديث الشريف «خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء» أي السيدة عائشة رضي الله عنها، مؤكدا ان القضاء هو من يلجأ الى الفتوى في كثير من الاحيان بخلاف الفتوى التي لا تلجأ الى القضاء وتحتكم للنصوص الشرعية في الكتاب والسنة.
وبين الراشد مختلف الآراء الفقهية في هذا السياق، مؤكدا ان المذهب الحنفي يعطي المرأة حق القضاء في غير الحدود والجنايات وان الطبري يعطيها الحق كاملا، مشيرا الى اجتهاد الداعية د.يوسف القرضاوي في اعطائها جميع الحقوق في القضاء وغيره دون ان تأخذ منصبا يجتمع عليه عموم المسلمين كولاية الدولة الاسلامية، مؤكدا ان مذهب الامام مالك أعطاها حق الوصاية والوكالة، مشددا على ان حق التشريع يفوق حق القضاء في المكانة، موضحا ان القضاء ما هو إلا استناد للأحكام وتطبيقها سواء كان هذا خاصا بالمرأة أو الرجل.
وذكر ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستشير زوجاته وابرزهم أم سلمة حتى سميت مستشارة الرسول، كما عرج على سيرة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين امتدح رأي المرأة في احد الأمور الشرعية وقال مقولته المشهورة: «اصابت امرأة واخطأ عمر»، مبينا ان الفاروق ولى الشفاء بنت عبدالله بن عدي المخزومية القضاء واسند اليها منصب ولاية السوق اي وزير البلدية في وقتنا الحالي.
واستشهد الراشد بالدستور الكويتي الذي لا يميز بين الرجل والمرأة في توليهم المناصب العامة والقضائية، مؤكدا ان قانون القضاء لم يفرق بين الجنسين وقال «ان المادة 20 من القانون تؤكد ان يكون التعيين لمحكمة التمييز من رجال القضاء ولم يقل لغير هذا المنصب كلمة رجال مع وجود شبهة دستورية في ذلك الى جانب منصب النائب العام»، مؤكدا ان هذه المادة تعزز من وجود المرأة في المناصب القضائية الأخرى.
ومن جانبها أكدت النائب د.معصومة المبارك ان زج الدين الإسلامي في قضية تولي المرأة منصب القضاء أمر يجب تحييده، مبينة ان الشريعة الاسلامية منهج الكويت الذي يحترمه جميع النواب، مؤكدة ان شريعة الإسلام سمحاء ولا تمنع المرأة من تولي منصب القضاء، مشيرة الى ان الأصل في الأمور الإباحة ما لم يوجد نص قرآني صريح وواضح في تحريم ذلك الأمر ولاسيما منصب القضاء للمرأة.
وذكرت المبارك ان غالبية الدول الاسلامية وحتى الخليجية تتولى فيها المرأة هذا المنصب والذي يعتبر هو عمق الآية الكريمة (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وان القضاء ما هو إلا أمر بمعروف ونهي عن منكر، واشارت الى ان نسبة النساء في سلك القضاء في المغرب 18% بـ 550 قاض امرأة وفي مصر يصل عددهن الى 42 أما في البحرين فهناك 3 نساء وفي الإمارات اثنتان، مشيدة بتصريح فيصل المرشد الذي يقول بجواز دخول المرأة لسلك القضاء.
وأوضحت المحامية نضال الحميدان ان قضية تولي المرأة لمنصب القضاء هي قضية حقوق وعدالة، مؤكدة ان المادة 29 من الدستور تمنع التمييز بين المواطنين بسبب الجنس، مؤكدة على دور المحكمة الدستورية في هذا الجانب ضاربة مثالا بقضية استخراج جواز السفر للمرأة التي أقرتها «الدستورية» مؤخرا.
وبينت ان المادة 19 من قانون القضاء لا تميز بين المرأة والرجل، مؤكدة ان منصب القضاء في جميع الدول في العالم ولاسيما الأوروبية منها مر بشد وجذب حتى نالته وتقلدته المرأة، موضحة ضرورة وجود قرار سياسي يدفع بهذه المسألة الى الامام وذلك لعدم وجود مانع شرعي او قانوني وان مسألة حرمانها من هذا الحق عبارة عن اهواء شخصية.
ومن جانب آخر تطرقت المحامية ذكرى الرشيدي الى عدم قبول اوراق خريجة كلية الحقوق شروق الفيلكاوي والتي تنطبق عليها جميع الشروط المطلوبة لوظيفة باحث قانوني مبتدئ علما بان جميع قوانين الخدمة المدنية لا تمنعها من ذلك، الأمر الذي أدى الى اخطار وكيل وزارة العدل بذلك والذي كان رده سلبيا لوقفه طلبها الوظيفي مع اقتصاره على الذكور، واشارت الى رفعها لدعوى ادارية للطعن في القرار مبينة ضرورة تواؤم القرارات والدستور، مشددة على ضرورة الدفع بهذه المسألة سياسيا لعدم وجود المبرر الشرعي او القانوني الذي يقف حائلا بين المرأة والقضاء.