المحرر السياسي
ساعات وتنعقد جلسة 8 ديسمبر في مجلس الامة مكتسبة صفة التاريخية بامتياز، فعام 1986 عندما قدمت 4 استجوابات شبه متزامنة لـ 4 وزراء كانت النتيجة حلا غير دستوري، اما اليوم فالنتيجة مزيد من التمسك بالديموقراطية وقرار الحكومة بالمواجهة رغم انه بين المستجوبين 3 شيوخ من الاسرة الحاكمة بينهم سمو رئيس الوزراء والنائب الاول ووزير الداخلية اضافة الى وزير الاشغال.
وبعدما اشرنا الى موقف سمو رئيس الحكومة قبل الاستجواب، نتطرق الى النائــــب الاول ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الذي كان حاسما بعـــــيد تقديــــم استجوابه عندما اكد انه ملتزم بالدستور والقسم وجاهز لصعود المنصة.
بكل تأكيد لا يمكن للنواب الحكم على مادة الاستجواب المقدم من النائب د.ضيف الله بورمية والموجه الى الشيخ جابر المبارك قبل سماع ردود النائب الاول خاصة ان بعض المواضيع المثارة حساسة جدا وتتعلق بجوانب عسكرية فنية تقتضيها طبيعة الوزارة التي يتولاها وهو ما يرجح ان تتم مناقشة الاستجواب بشكل سري وفقا للمادة 94 من الدستور التي تنص على ان «جلسات مجلس الامة علنية ويجوز عقدها سرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو 10 أعضاء وتكون مناقشة الطلب في جلسة سرية».
وهنا، ومن باب الانصاف لابد من الاشارة الى العديد من مواقف الشيخ جابر المبارك خاصة في السنوات الاخيرة، فقد عمل على تطوير الجوانب الادارية في وزارة الدفاع والقدرات العسكرية للقوات المسلحة، ومن قراراته ايجاد «مجلس الدفاع العسكري» ومنحه صلاحيات اتخاذ القرارات العسكرية بعيدا عن المركزية لاسيما تلك التي تخص التسليح.
المسيرة الطويلة للشيخ جابر المبارك في مجال العمل الحكومي والتي تعاقب خلالها على العديد من المناصب والحقائب الوزارية لم تخل من الاخطاء كأي سياسي يجتهد في عمله، لكنها ايضا لم تشهد بالمقابل اتهامات خطيرة، بل على العكس في مراحل كثيرة كانت عناوين للحياة الديموقراطية في البلاد، ولعل ابرزها تبني اللجنة التي ترأسها لدراسة تعديل وتطوير الدوائر الانتخابية عام 2006 خيار الـ 5 دوائر والذي كان مطلبا شعبيا في ذلك الوقت، ومنها التصدي الدائم للاستفزازات العراقية خلال مرحلة النظام الصدامي البائد ورواسبه من المسؤولين البعثيي الهوى الذين استمروا بعد صدام وثارت ثائرتهم عندما صرح الشيخ جابر المبارك في بداية العام بأن «الجيش الكويتي أصبح قادرا على التصدي لأي اعتداء، ويمتلك كثافة نارية غير مسبوقة» ومن مواقفه انصافه للعسكريين في مشروع توحيد البدلات الذي اخذ جدلا كبيرا قبل اقراره عام 2004.
الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود
من أبرز المواقف التي لا تغيب عن ذاكرته يقول الشيخ جابر المبارك: الموقف الذي يرد في خاطري باستمرار، هو الموقف العظيم للاخ الكبير الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، خلال محـــــنة الاحتلال العراقي للكويت. فوقتئذ كنت وزيرا للاعلام، واضطرتني الظــــروف الى البقاء في الكويت فترة من الزمن، ولما شعرت بان الاوضاع آخذة في التدهور، خرجت من الكويت باتجاه مدينة الخفجي، طبـــــعا عملية الخروج بحد ذاتها لم تكن سهــــــلة، وبمجرد وصولــــــي الى اول مدينة سعودية استـــــقبلني ـ المغفور له بإذن الله ـ الامـــير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز، وكان حينـــــئذ نائـــــــبا لأمير المنطقة الشرقية، فأبلغني بان الامير كان قلقا علي طوال الفترة الماضية، وان سموه يتحين وصولي الى السعودية في أي لحظة، وانه كلف الامير فهد بمتابعة اخبارنا.
وما هي الا لحظات وكان الامير سلمان على الخط الآخر من الهاتف وطمأنته على سلامتي، ولم يكتف بذلك، بل طلب مني زيارته في الرياض.
العلاقة التي تربطني بالامير سلمان وآل سعود الكرام هي علاقة تاريخية، تعززت اثناء كارثة الاحتلال العراقي، وهي تظل دائما في تطور نحو تلاحم الاسرتين والشــــــعبين، فالامير سلمان أشرف بنفسه على تأمين راحة اخوانه الكويتــــيين الذين توافدوا على الرياض، فكان نعم المعين ونعم السند لنا.
انجازات عسكرية
يؤخذ على المبارك ـ كما يتردد ـ انه لم يخلق لنفسه برنامج علاقات عامة، يعرف كيف ومتى يسوق القرارات التي تواجه باعتراضات، فحينما حمل اوراقه وعرضها على مجلس الوزراء ثم مجلس الامة للحصول على «موازنة التعزيز» العسكرية للجيش، لم يقم «بسياسة توعية» تؤكد الاستحقاقات السياسية والعسكرية لإقرار تلك الموازنة التي يتوقف عليها بناء المؤسسة العسكرية.
الاستجواب
ومع ذلك، فقد دخلت في عهد المبارك طائرات f18 وطائرات الغزال والمدفع الصيني الى منظـــومة الدفـــــاع الــــكويتي.
ينطوي استجواب النائب د.ضيف الله بورمية اليوم الى النائب الاول على 4 محاور هي «تجاوزات العلاج بالخارج» و«تجاوز مشروع مصانع الثلج» و«مقتل عدد من العسكريين واصابة آخرين في حادثة انفجار الاديرع بسبب الاهمال والتسيب»، و«منع ديوان المحاسبة من التدقيق على اعمال وزارة الدفاع».
والمحاور الاربعة تشكل تحديا مهما للشيخ جابر المبارك الذي اكد استعداده للمواجهة في جلسة اليوم حيـــــث سيدخل التاريخ كما سمو رئيس مجلس الوزراء بقرار صعود المنصة.