العنجري: الجهاز الحكومي سيئ لا يستطيع استيعاب فلسفة المشاريع
محمد راتب
أكد النائب د.يوسف الزلزلة، أن الحكومة لن تكون قادرة مع إمكانياتها الحالية على إنجاز الخطة التنموية التي أقرها مجلس الأمة مؤخرا، إذا لم يكن هناك جدية في إنشاء جهاز تنفيذي على مستوى عال جدا يلائم المشاريع الضخمة التي تضمنتها الخطة، محذرا الحكومة من أن تكون هي المعطل والمؤزم لتنفيذ الخطة إذا ما استمرت في نهجها الذي ظهر مؤخرا والذي من خلاله أصبحت تطلب إمهالها للنظر في التشريعات التمهيدية لتنفيذ الخطة مثل قانون الخصخصة وقانون المناقصات المركزية، وقانون هيئة سوق المال، وذلك رغم جاهزية هذه القوانين للتطبيق بعد إقرارها من الدورات السابقة لمجلس الأمة.
وقال د.الزلزلة خلال ندوة أقامتها الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني، مساء أمس الأول، تحت عنوان «خطة التنمية بين التشريع والتنفيذ»، بحضور النائب عبدالرحمن العنجري، ورجل الأعمال د.حمد التويجري: «أبصم بالعشرة أن الحكومة لن تستطيع إنجاز شيء من الخطة، لأن الأشخاص المنوط بهم تنفيذها على مستوى قياديين غير مؤهلين لذلك، فهي خطة متقدمة جدا تحتاج إلى جهاز تنفيذي متقدم، يستطيع أن ينجز»، لافتا إلى أن هذا ما وعد به الشيخ أحمد الفهد من أنه سيكون هناك جهاز يلزم الجهات الحكومية بتنفيذ هذه الخطة ويتابع تنفيذها في كل الوزارات، بمعنى أنه لن يتم الاعتماد على وكيل الوزارة أو الوكيل المساعد في هذا الشأن للإنجاز، كونه لا يملك الإمكانية، وهذا الجهاز مثل ديوان المحاسبة، لدية القدرة على التخطيط، ويملك سلطة الأمر على الوزارة لتنفيذ الخطة، وهذا يطمئن إلى حد ما بأن الدولة قد تستطيع تنفيذ الخطة.
وقال: «ان 37 مليار دينار، ستنفق على مستوى مشاريع بهذا الحجم يسيل لعاب الكثير من الناس لها، ونحن لسنا في مجتمع ملائكة، ففي كثير من الأحيان كان ديوان المحاسبة يكشف عن حالات فساد كبيرة في المناقصات وعلى مستوى تنفيذ المشاريع»، مشيرا إلى أن اللجنة المالية نظرا لذلك ألزمت الحكومة بخلق شركات مساهمة لتنفيذ المشاريع الكبيرة والمتوسطة، يكون 50% منها لجميع المواطنين، و24% للحكومة وهيئاتها، و26% عن طريق المزايدة ليس لمن يدفع أكثر فقط، ولكن أيضا لمن لديه الجهاز الفني القادر على إنجاز المشاريع. لافتا إلى أن وضع هذه المشاريع في شركات مساهمة يهدف إلى أن تكون هناك جمعية عمومية تستطيع أن تحاسب مجلس الإدارة على عدم إنجازه، والأمر هذا ينقذ الحكومة ويساعدها في إنجاز المشاريع.
قوانين مهمة
وأضاف الزلزلة ان الحكومة ممثلة في البصيري جاءت إلى لجنة الأولويات، وقدمت بعض التشريعات التي تحتاجها الخطة لكي تكون متكاملة، مثل قانون الخصخصة وقانون المناقصات المركزية، وهيئة سوق المال، وذلك رغم أن اللجنة كانت قد قدمت في السابق هذه المشاريع التي لا تحتاج اليوم إلا إلى التصويت والتنفيذ، إلا ان الحكومة طلبت تأجيل النظر في قانوني الخصخصة والمناقصات للنظر فيهما شهرا وشهرين على التوالي.
وأشار إلى أن الميزانية ستقدم بعد أسبوعين، ولابد أن يكون لدى الحكومة تشريع قائم لأخذ الموافقة من المجلس، قائلا: أخشى أن تتكرر طلبات الحكومة بنفس الطريقة، فعلى الحكومة ألا تكون سببا في التعطيل، وإنما أن تكون على مستوى المسؤولية وأن تقبل بالتشريعات القائمة، ونحن مستعدون لمساعدتها على تنفيذ هذه الخطة إلى أبعد الحدود، ولكن عليها أن تتعاون معنا وتتناغم وأن تلتزم بكل ما أقرته على نفسها، حتى لو اضطررنا أن نأتي إلى جلسات خاصة فلا مشكلة، متمنيا أن تكون هذه بداية جيدة ويستمر التعاون بين السلطتين لتأصيل ما طلبه صاحب السمو الأمير من مبدأ فصل السلطات وتعاونها، وهو المبدأ الدستوري الذي يجب الأخذ به.
ضخامة المشاريع الحكومية
من جهته، اتهم مقرر اللجنة المالية البرلمانية في مجلس الأمة النائب عبدالرحمن العنجري، الجهاز الحكومي بأنه سيئ لا يستطيع استيعاب فلسفة وضخامة المشاريع الموجودة بخطة التنمية الحكومية المرتقبة، مشددا في الوقت ذاته على ان التحدي الحقيقي الذي يقف في وجه خطة التنمية الحكومية ينطوي على التطبيق الفعلي لما جاءت به الخطة من مشاريع استراتيجية وتنموية مختلفة ليصبح حقيقة على ارض الواقع.
وقال العنجري: ان الخطة وضعت لكي تنفذ، وهي تقضي بإنفاق سنوي يبلغ 7.3 مليارات دينار، وهو يحتاج في المقابل لجهاز حكومي قادر على تنفيذ ميزانية بهذه الضخامة، مؤكدا أن القطاع العام في العالم اجمع وليس في الكويت وحدها نسبة الفساد فيه اكبر من الموجودة في القطاع الخاص، الأمر الذي أكدت عليه العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية، لافتا الى ان القطاع العام تعشعش فيه البيروقراطية.
وضرب العنجري مثالا بمشروع جسر جابر الذي أعدت دراسته في عام 1988 بتكلفة 82 مليون دينار وقتها لتبلغ اليوم 880 مليونا في الوقت الراهن، مبينا ان الميزانيات السابقة للدولة كانت ترصد ملياري دينار لإنشاء مشاريع تنموية سنويا في حين الواقع يثبت ان ما تم صرفه على هذه المشاريع لا يتجاوز 400 مليون.
مشيرا إلى ان الفكرة في دبي والسعودية وقطر لكي تتحول الى مشروع حقيقي لا تستغرق 4 او 5 اشهر مقابل 5 و7 سنوات في الكويت، مؤكدا انه لا يعني بكلامه إشاعة الروح السلبية والتشاؤم، بل يجب التفاؤل لأقصى حد ممكن.
وشدد العنجري على أهمية استعانة اللجنة العليا لتنفيذ المشاريع الكبرى بمستشارين عالميين لوضع خطوط متوازية لتنفيذ الخطة الحكومية وإلا أصبحت مجرد حبر على ورق الأمر الذي نخشاه.
وقال ان الخطة التنمية الحكومية التي أتت بمرسوم قانون في شهر يونيو المنصرم تمثل رؤية الكويت لعام 2035 وجاءت بعد مخاض عسير منذ عام 1985 وحل مجلس الأمة وقتها وجاء القانون 60/86 الذي حدد الإطار العام للخطة الإنمائية للكويت وقت ان كانت هناك وزارة للتخطيط تحولت اليوم الى مجلس أعلى للتخطيط يتولى رئاسته رئيس الوزراء بصفته.
واضاف «تنفسنا الصعداء عندما تقدمت الحكومة بمشروع قانون خطة تنمية في شهر يونيو 2009 وبدأنا نشعر بنوع من الضوء في آخر النفق لأنه لا يمكن ان تكون هناك دولة دون رؤية واضحة وهوية اقتصادية تترجم هذه الرؤية الى مشاريع واقعية ملموسة. لافتا إلى ان خطط التنمية الحقيقية تتركز في مجال التنمية البشرية والعمالة المدربة تعتبر العنصر الفعال في دفع عجلة التنمية وفقا لنيل الفرد لمراحل تعليمية سليمة اضافة الى التركيز على إنشاء الجامعات المتخصصة لتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري يكون القطاع الخاص فيه المحرك الأساسي لدفع عجلة التنمية من خلال الاستثمارات القائمة على مشاركته للقطاع العام في طرح المشاريع الكبرى.
كما أوضح ان الخطة لابد أن ترتكز كذلك على الصرف والانفاق على مشاريع البنية التحتية من مشاريع تشمل الكهرباء والماء والمدن السكنية والطرق والكباري والمستشفيات وغيرها من مشاريع البنى التحتية.
من جانبه، وصف رجل الأعمال د.حمد التويجري كلام نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بالإنشائي، والمبهم، وذلك عندما قال انه سيعد جهازا لتنفيذ الخطة، وقال: «هذا كلام مبهم للشعب والقطاع الخاص والقطاعات التنموية الموجودة وشركات الاستثمار، لأن كل شيء يجب أن يكون واضح المعالم، وكان يجب على مجلس الأمة إلزام الدولة توضيح آلية تنفيذ جوانب الخطة المتنوعة من جانب اقتصادي ومالي وصحي واجتماعي وبترولي»، وتساءل: أين هي الأجهزة التي ستقوم بالتنفيذ؟ يجب أن نعترف أن هناك قصورا وخللا، وهناك مشكلة لدى الجهاز التنفيذي في الدولة، حيث انهم غير قادرين على تخفيض الدورة المستندية، وكان على مجلس الأمة أن ينبه الحكومة إلى أننا لا نريد خطة إنشائية.
مرحلة عصيبة
من جهته وجه عضو الجمعية الكويتية لتقييم العمل البرلماني، فايز النشوان رسالة إلى النواب الـ 49 في البرلمان، قال فيها: إننا نمر بمرحلة عصيبة، فالكويت يجب أن ينظر لها كبلد يجب أن ينمو خلال 5 سنوات، ولا يجب أن ينظر إلى مجلس الأمة كمؤزم، وبالعكس، على النواب أن يسدوا باب الذرائع على أي من كان، حتى لا يقال ان مجلس الأمة هو معطل التنمية، ونحن نرى أن على البرلمان مسألتين: التزام النواب بحضور الجلسات خصوصا الخاصة منها، والتي لا تعقد الكثير منها بسبب عدم اكتمال النصاب، كما يجب أن يسجل كل النواب مواقفهم وآراءهم فيما يعتقدون، وهذان الأمران إذا ما توفرا في نواب المجلس خلال المرحلة المقبلة، فإن المجلس سينجز إنجازا عظيما للأمة والكويت.
وأكمل النشوان بالقول: «ما بين دفتي هذه الخطة من 50 ـ 55 تشريعا لابد أن تقر خلال السنوات الأربع المقبلة، وأعتقد ان هذا الرقم كبير جدا، إذا افترضنا أن البرلمان يعقد في نوفمبر وينتهي في يونيو، وفي شهر 4 ستقدم الميزانيات، وبالتالي، فإن المدة هي 5 شهور بواقع 18 جلسة، وهي مدة غير كافية، لذا يجب أن يتم التركيز على الجلسات الخاصة ويحضر النواب تلك الجلسات لإنجاز مشاريع القوانين».