- السلطان: الشمولية من أساسيات الفكر الاشتراكي الذي أثبت فشله
- الطاحوس: السياسيون لم يكونوا يوماً سبباً في تعطيل التنمية
- الحربش: نعيش في حالة تخبط وانحدار منذ 1986 بسبب غياب الخطة
- البراك: 37 ملياراً مبلغ كبير ويثير لدينا المخاوف بسبب التجارب السابقة
- الغانم: خطة التنمية استحقاق وهي ليست هدية من الحكومة
- العبدالهادي: على الوزير الذي لا يستطيع تطبيق الخطة أن يقدم استقالته
- القحطاني: خطة التنمية ليست خطة بالمعنى الدقيق بل سياسة عامة
محمد هلال الخالدي
أجمع المشاركون في ندوة «العمل السياسي وتأثيره على التنمية» والتي أقيمت مساء أمس الأول في ديوانية التجمع المهني بمدينة سعد العبدالله على أن خطة التنمية التي تقدمت بها الحكومة ووافق عليها المجلس هي خطوة في الاتجاه الصحيح وأنها استحقاق جاء متأخرا، وأكدوا على أنها خطة طموحة واتفقوا على ضرورة دعمها بالرغم من عدم التفاؤل بتنفيذها بالصورة المطلوبة، كما أجمع المشاركون بالندوة وهم النواب خالد السلطان ومسلم البراك وناجي العبدالهادي ود.جمعان الحربش ومرزوق الغانم وخالد الطاحوس اضافة الى رئيس جمعية المهندسين م.طلال القحطاني، أجمعوا على أن الجهاز التنفيذي في الدولة ممثلا في الوزارات الحكومية هو جهاز مترهل ويحتوي على معوقات كثيرة لا تدعو الى التفاؤل بامكانية تنفيذ خطة التنمية، كما اعترض النواب المشاركون على القول ان مجلس الأمة هو السبب في تعطيل التنمية ملقين بالكرة في ملعب الحكومة التي حملوها مسؤولية الخلل الحاصل بسبب غياب الرؤية والخطط وبرامج العمل طوال السنوات الماضية، ومؤكدين على أن المجلس لم يتأخر في القيام بدوره التشريعي وأنجز كل مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة، كما حذروا بلهجة حادة الحكومة من استمرار المجلس بدوره الرقابي ومحاسبة أي وزير يقصر في أداء دوره باتجاه تنفيذ خطة التنمية.
شرح مهني
من جهته قال النائب خالد السلطان ان التجمع المهني يتطلب حديثا وشرحا مهنيا، وأبدأ بقضية التغيير في نمط التخطيط الحالي، وقد كنت مشاركا منذ الستينات والسبعينات في التخطيط وكذلك في خطة 1986، التخطيط الشامل هو من أساسيات الفكر الاشتراكي الذي تهيمن فيه الدولة على كل شيء وتخطيط لكل شيء، وقد أثبت الواقع فشل هذا الفكر، والاتجاه الحديث والسليم في التخطيط يكون من خلال «الخطط التأشيرية» التي تحكم كل جوانب الخطة، فهناك متغيرات لا نستطيع التحكم بها، وأشار السلطان الى أن خطة التنمية التي أقرت مؤخرا تتوافق مع الرؤية السليمة للتخطيط وأجاد من وضعها، وأضاف أن النجاح الحقيقي ليس في وضع وثيقة على ورق، وانما في تنفيذ محتوى هذه الوثيقة، وهنا نتكلم عن مكونات المجتمع ككل من وزارات وهيئات ومؤسسات وقطاع خاص، ولكننا سنكتفي بالحديث عن دور الحكومة، فنحن نتعامل مع وزارات هي فعليا أكبر معوق للتنمية في البلد، وهذا واقع يجب تغييره لضمان نجاح تنفيذ خطة التنمية، ولكنه أمر صعب وتحد كبير يتطلب تضافر كل الجهود، فنحن نتحدث عن تغيير نمط العمل وسلوك الانسان وهذا أكبر تحد يواجه الحكومة، فلابد من اعادة هيكلة الدولة لتتوافق مع مسار الخطة الانمائية، يجب أن يكون مسار الدولة بكل مؤسساتها باتجاه تحقيق الخطة، ولذلك نحن نحتاج اليوم الى قاعدة معلومات شاملة ومربوطة بكل قطاعات الدولة بحيث توفر المعلومات اللازمة لتنفيذ البرامج والمشاريع لنتمكن من قياس مدى نجاح الحكومة أو فشلها، وأكمل السلطان أن الحكومة قدمت ما يسمى برؤية الكويت 2035، ووضعت بناء عليها اطار الخطة ثم وضعت الخطة الانمائية ثم البرنامج السنوي لتنفيذ الخطة، فلابد أن تتناسب الميزانية السنوية مع البرنامج السنوي، ولكننا نتعامل مع حكومة هي عبارة عن حكومة ردود أفعال فكيف نغير هذا الواقع، ويجب أن تكون الخطة ديناميكية تتعامل مع المتغيرات وفق الرؤية الشاملة، فعلى سبيل المثال ماذا يحدث لو تغيرت أسعار النفط، وأشار السلطان الى أننا نطالب الحكومة بوضع خطة منذ سنوات ولكننا لا نتصرف بطريقة تدعم هذا التوجه، من خلال مطالبنا التي تستنزف موارد الدولة وهذا أمر يجب أن يتغير، لأن تطبيق الخطة يتطلب توافقا في كل المستويات، ورفض السلطان القول ان المجلس هو سبب تعطيل التنمية قائلا بأنه بات واضحا أن الخلل في الحكومة، فالمجلس أنجز كل مشاريع القوانين خلال وقت قياسي فالخلل عند الحكومة التي لا تلتزم بأداء دورها، وختم بالاشارة الى أن هناك العديد من التفاصيل الغائبة عن خطة التنمية ولكنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح وعلينا جميعا أن «نشد الحزام» ونتعاون لانجاحها.
تخوف
ومن جانبه أبدى النائب مسلم البراك تخوفه من الميزانية المرصودة لتنفيذ خطة التنمية قائلا ان 37 مليار دينار مبلغ كبير ويثير لدينا عدة مخاوف بسبب تجارب سابقة لنا مع الحكومة التي يعرف الجميع ضعف الجانب الاداري لديها، فحكومة عاجزة وضعيفة بهذه الصورة كيف ستتمكن من ادارة مشاريع ضخمة بهذه المبالغ الكبيرة، وأضاف البراك بأننا نقول بكل وضوح ان المرحلة القادمة تتطلب منا تفعيل الدور الرقابي بصورة أكبر، ونحذر الحكومة من أننا سنراقب ونحاسب ونعاقب حتى اذا اقتضى الأمر، وأشار الى أن المجلس لم يكن يوما ضد التنمية ولم يكن يوما معطلا لأي مشاريع تخدم المواطن والوطن، ولكن أداء الحكومة الحالية لا يوحي بأنها تسير في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ خطة عملها، ففي الوقت الذي يئن فيه المواطن الكويتي من تردي الخدمات الصحية ونقص المستشفيات يعلن وزير الخارجية عن تبرع الكويت لبناء مستشفى في البصرة، فالتنمية في نظر الحكومة لم تبدأ من أي مدينة كويتية بل بدأت في البصرة، واستغرب البراك من امكانية دخول المستثمر الأجنبي في دولة ينقطع فيها التيار الكهربائي وتعج فيها المخالفات والمشاكل والفساد، كما طالب مؤسسات المجتمع المدني بالقيام بدورها في مراقبة أداء الحكومة كونها جهات متخصصة، وقال ان خطة التنمية أصبحت قانونا نافذا الآن ونحن سنكون أول من يشيد بالحكومة اذا نجحت في تنفيذها، ولكننا أيضا لن نتوقف عن مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها اذا أخلت بواجباتها، وأقول للحكومة بعد سنة من الآن اذا لم تستطع تنفيذ برنامج السنة الأولى من الخطة فعليها أن تستقيل احتراما للشعب.
غياب الخطة والانحدار
ومن جانبه تحدث النائب خالد الطاحوس قائلا: ان السياسيين لم يكونوا يوما سببا في تعطيل التنمية، بل الحكومة هي المعطل الحقيقي لها، فالانحدار الذي تشهده الكويت في كل المجالات سببه الرئيسي غياب خطة العمل الحكومية، فالخطة أساس نجاح أي عمل وغيابها يعني الفشل والنهب وهو ما يحدث في الكويت، وأضاف أن الحكومة ظلت منذ عام 1986 بلا رؤية ولا برنامج عمل منظم ولذلك لم تقدم سوى الوعود والكلام، وقال الطاحوس ان البعض يصف المجلس الحالي بأنه مجلس ضعيف أو «بجيب الحكومة» وهذا كلام غير صحيح، فهذا المجلس أنجز عدة قوانين كبرى ومهمة لم تتحقق في المجالس السابقة، وهي قانون العمل في القطاع الأهلي، فالقانون القديم أقر في عام 1964 وهو غير صالح للتطبيق على البشر، وقانون تنظيم سوق المال، وقانون الخطة الانمائية، وكلها وافق عليها المجلس بأغلبية ساحقة وهذا يثبت حسن نية المجلس وتعاونه ودفعه باتجاه الانجاز، وأكمل الطاحوس بأننا في المجلس قمنا ولا نزال نقوم بدورنا التشريعي والرقابي، والكرة الآن في ملعب الحكومة لتقوم بدورها في تنفيذ المشاريع المقترحة في الخطة وتطبيق القانون، ونحن سنكون أول المباركين للحكومة اذا التزمت بالقانون ونفذت التزاماتها، وسنكون أيضا أول من يحاسب الحكومة اذا قصرت.
أما النائب ناجي العبدالهادي فقال ان الخطة أقرت ورصدت لها ميزانية ضخمة والكرة الآن في ملعب الحكومة، وعلى الوزير الذي لا يستطيع أن يفي بالتزامات تطبيق الخطة أن يستقيل قبل المساءلة، وأضاف أن الجهاز التنفيذي بحاجة الى الاصلاح فهو في وضعه الحالي غير قادر على تحقيق متطلبات التنمية، والمشكلة تكمن في حالة الاحباط لدى الموظفين بسبب تفاوت الرواتب والحقوق والامتيازات في الكوادر بين الوزارات، وطالب العبدالهادي الحكومة باعادة النظر في رواتب الموظفين والكوادر لأنه بدون تحقيق الرضا الوظيفي وانصاف الموظفين لن تكون الحكومة قادرة على تنفيذ خطتها وبرامجها، وعرج العبدالهادي على فشل الحكومة في التعليم قائلا ان السياسة التعليمية غير قادرة على القيام بالدور المطلوب ولا يوجد تنسيق مع متطلبات سوق العمل، وحذر من قيام وزارة التربية بتصعيب المناهج الدراسية بهدف التقليل من نسب النجاح كوسيلة للتقليل من مخرجات التعليم، وقال اننا نريد تطويرا للمناهج ولكن لا نقبل باستخدام المناهج الدراسية كوسيلة لتضييع حقوق المواطنين وفرصهم في العمل والدراسة الجامعية، وختم العبدالهادي بالقول اننا سنتابع عن كثب أداء الحكومة وسنحاسب في حال وجود تقصير.
استحقاق متأخر
أما النائب مرزوق الغانم فاعتبر أن خطة التنمية استحقاق جاء متأخرا وهي ليست هدية من الحكومة، فالحكومة لم تلتزم بالدستور منذ عام 1986 ولم تقدم خطتها للعمل، والاحتفال يجب أن يكون بتنفيذ البرنامج وليس بتقديم الخطة، وأضاف أنه طوال الأعوام السابقة كانت الحكومة تقدم الوعود والكلام فقط ولذلك لم تنجز شيئا، واليوم أصبح لدينا خطة وبرنامج عمل بالرغم مما فيه من ملاحظات الا أنني أقول لو تم تنفيذ 50% من هذه الخطة سأكون أول من يشيد بالحكومة، تقديم الخطة أمر جيد ولكن المحك الحقيقي في التنفيذ والواقع يقول اننا غير قادرين على التنفيذ، وقد كنت من المعترضين على هذه الخطة لأنني أعتقد أننا لو بدأنا بخطة قابلة للتنفيذ أفضل لأنها ستعيد الثقة بالحكومة ثم نسير باتجاه خطط أكبر، وأشار المرزوق الى أن لدينا خللا كبيرا في الايرادات حيث اننا نعتد على مصدر واحد هو النفط، ولدينا خلل أكبر في المصروفات خاصة في الباب الأول «باب الرواتب» فكيف ستنجح الحكومة في توفير الميزانية المطلوبة، ونحن لا نزال نشهد اقتراحات تستنزف موارد الدولة وتطالب بزيادة الرواتب لدرجة أخشى معها أن الايرادات لن تكفي للباب الأول فقط، والأولى أن توفر الحكومة فرص عمل وموارد دخل للمواطنين بدلا من زيادة الرواتب، وأكمل ان الحكومة تقول انها بحاجة الى 56 تعديلا على التشريعات واستحداث تشريعات جديدة من أجل انجاح الخطة، ولكنها لم تتقدم حتى اليوم بأي مشاريع بقوانين فكيف نثق بنجاح الحكومة في ظل هذا التخبط، وختم المرزوق بالقول برغم كل هذه المعوقات نحن سنظل ندفع باتجاه نجاح خطة التنمية وانجاز المشاريع، وسنكون أول من يمد يد التعاون مع الحكومة، وأكد على مشكلتنا تكمن في عدم وجود قطاع خاص في الكويت والذي هو أساس نجاح أي تنمية في العالم.
الحفيظ العليم
ومن جهته قال النائب د.جمعان الحربش أن الفرق بين الانسان الناجح والانسان الفاشل هو التخطيط وتنفيذ ما خطط له، وكذلك الحال في الدول ونحن نعيش في حالة تخبط وانحدار منذ 1986 بسبب غياب الخطة وبرنامج عمل الحكومة، وأضاف أننا نفهم نجاح خطة التنمية على ضوء سورة يوسف حيث قال الله تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام (اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم)، ونحن في الكويت ليس لدينا مشكلة في العلم والتخطيط، ولكن مشكلتنا في الأمانة، مشكلتنا في عدم وجود الحفيظ، فالتعيين في الوظائف القيادية والاشرافية يتم بالواسطة والمحسوبية وليس على أساس الكفاءة فكيف يمكن أن ننجح، الفساد أصبح ثقافة وليس مجرد حوادث فردية، وهذا واقع يجب تغييره قبل البدء بأي برامج ومشاريع لأنها ستفشل، واعتبر د.الحربش أن القطاع الخاص في الكويت هو قطاع محتكر ولا يقود عملية التنمية، وقال ان خطة التنمية انجاز كبير وقد أبدينا ملاحظات على ضرورة التأكيد على الهوية الاسلامية والقيم الكويتية في الخطة واستجاب الشيخ أحمد الفهد الذي بذل جهدا كبيرا يشكر عليه مع القائمين على هذه الخطة.
المشاريع والأهداف
أما رئيس جمعية المهندسين الكويتية م.طلال القحطاني فقال اننا صدمنا عندما اطلعنا على خطة التنمية بعد اقرارها حيث وجدناها بمثابة سياسة عمل وليست خطة بالمعنى الدقيق، والمشاريع المقترحة فيها لا تخدم الأهداف الموضوعة، كما أنها تتضمن العديد من المثالب والعيوب ومع ذلك لا أتفق مع النائب مسلم البراك حول التخوف منها، فهي خطوة في الاتجاه الصحيح ولابد أن نعمل جميعا على تنفيذها، مع ضرورة أن نعي أننا لا يجب أن نعيش في الأحلام ونتوقع تنفيذ كل الخطة في ظل هذا الترهل في أجهزة الدولة والمعوقات التشريعية، ونحن كمؤسسات مجتمع مدني نؤكد على دعم الحكومة في برامجها وسنقدم الدراسات اللازمة وسنقوم بدورنا الوطني في مراقبة أداء الحكومة واعداد التقارير الفنية حول سير تنفيذ الخطة، فالنجاح يتطلب تعاون الجميع، وختم القحطاني بالقول ان الشيخ أحمد الفهد فارس استطاع أن ينجز الكثير، ولكنه فارس لن يعينه جواده فالخلل كبير في أجهزة الدولة الحكومية.