أكد رئيس ادارة الفتوى والتشريع الشيخ محمد السلمان ان الطلب المقدم من بعض النواب والهادف الى ادخال تعديلات على اقتراح اللجنة التشريعية في مجلس الامة في شأن هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة وتقرير اللجنة بشأن هذا الطلب أصابهما عوار من الناحيتين الشكلية والموضوعية.
وطلب الشيخ محمد السلمان مخاطبة رئيس مجلس الأمة بصورة من كتابه هذا للنظر في اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستبعاد الطلب والتقرير من الجلسة التي سينظر فيها مشروع القانون بشأن هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة. وقال الشيخ محمد السلمان في كتابه: تلقت الادارة كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء رقم 3/110 ـ 7865 المؤرخ 21/12/2009 مرفقا به الطلب المقدم من بعض اعضاء مجلس الامة لاضافة فقرة جديدة الى مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة يتضمن النص على نقل شاغلي الوظائف الخاصة بالادارة القانونية ببلدية الكويت بذات درجاتهم الى هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة، وذلك للاطلاع والافادة بالرأي بصفة عاجلة. وردا على ذلك نفيد بأنه: من حيث ان الثابت من الطلب المرفق بكتاب الامانة العامة المشار اليه انه مقدم من عشرين عضوا من اعضاء مجلس الامة الى رئيس مجلس الامة يطلبون فيه اجراء تعديلات على التقرير الرابع للجنة الشؤون التشريعية والقانونية المدرج على جدول اعمال جلسة 18/11/2009 والخاص بمشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة وذلك بإضافة القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت الى ديباجة الاقتراح بقانون الذي اعدته اللجنة واضافة فقرة جديدة الى المادة الثانية من مشروع القانون نصها «ينقل شاغلو الوظائف الخاصة بالادارة القانونية بذات درجاتهم الى هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة»، وحذف العبارة الواردة في اول المادة الثالثة عشرة من مشروع القانون والتي تنص على انه «مع عدم الاخلال بأحكام القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت» واضافة عبارة «كما يلغى اي نص آخر يخالف احكام هذا القانون الى المادة 52 من المشروع».وبتاريخ 16/11/2009 أشر رئيس مجلس الامة على الطلب المشار اليه باحالته الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وايداع نسخة لدى الأمين العام لتلاوته في المداولة الأولى وتوزيعه على الاعضاء، هذا ولم تخطر ادارة الفتوى والتشريع بما اتخذته لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الامة من اجراءات وفقط علمنا عن طريق الصحف ان اللجنة استجابت للطلب السالف الذكر ورفعت تقريرا بذلك الى مجلس الامة.
وحيث انه بدراسة الطلب المشار اليه والاجراءات التي اتخذت بشأنه فقد تبدت لنا عدة ملاحظات من الناحية الشكلية وأخرى من الناحية الموضوعية على التفصيل الآتي:
الملاحظات الشكلية:
وتتلخص فيما يلي:
1 ـ ان سن القوانين يتم وفقا لأحكام الدستور بإحدى طريقتين أولاهما بمشروع قانون يقدم من الحكومة وفقا لأحكام المادة 65 من الدستور التي تقضي بحق الأمير في اقتراح القوانين وحق التصديق عليها واصدارها، وثانيتهما باقتراح بقانون يقدم من اعضاء مجلس الامة وفقا لأحكام المادة 109 من الدستور التي تنص على ان لعضو مجلس الامة حق اقتراح القوانين، وأحكام المواد من 97 الى 110 من القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الامة وتنص المادة 97 المذكورة على أن لكل عضو من اعضاء مجلس الأمة حق اقتراح القوانين ويجب ان يكون الاقتراح مصوغا ومحددا قدر المستطاع.
ووفقا لما تقدم فإنه لا يمكن اعتبار الطلب المقدم من اعضاء مجلس الامة العشرين والسابق الاشارة اليه اقتراحا بقانون وفقا لحكم المادة 109 من الدستور والمواد من 97 ـ 110 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة وانما هو طلب لتعديل بعض أحكام الاقتراح بقانون المقدم للمجلس من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة في شأن هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة والاقتراحين بقانونين المقدمين من بعض اعضاء المجلس في هذا الشأن.
وبالتالي لا ينطبق حكم المادة 100 من القانون رقم 12 لسنة 1963 التي تنص على انه اذا تعددت مشروعات او مقترحات القوانين في الموضوع الواحد اعتبر أسبقهما هو الأصل واعتبر ما عداه تعديلا له.
2 ـ ان المادة 103 من القانون رقم 12 لسنة 1963 سالف الذكر تنص على انه لكل عضو عند نظر مشروع القانون ان يقترح التعديل او الحذف او التجزئة في المواد او فيما يعرض من تعديلات حتى وان كان سبق عرضها على اللجنة المتخصصة، ويجب ان يقدم التعديل كتابة قبل الجلسة التي ستنظر فيها المواد التي يشملها التعديل بأربع وعشرين ساعة على الأقل، ومع ذلك يجوز بموافقة المجلس النظر في التعديل الذي يقدم قبل الجلسة مباشرة او اثناءها ويصدر قرار المجلس في ذلك بعد سماع ايضاحات مقدم الاقتراح ودون مناقشة، ويجوز للمجلس كذلك ان يحيل اي تعديل ادخله على مشروع القانون الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لتبدي رأيها في صياغته وتنسيق أحكامه، ولا يجوز بعدئذ مناقشة المشروع الا فيما يتعلق بالصياغة.
ويبين من نص المادة 103 سالفة الذكر ان طلبات التعديل التي يقدمها أعضاء مجلس الأمة على مشروع قانون ينظره المجلس تقتضي من المجلس إذا أدخل التعديل على المشروع ان يحيله الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لتبدي رأيها في صياغته وتنسيق أحكامه، لما كان ذلك وكان الطلب المقدم من أعضاء مجلس الأمة العشرين والسابق الإشارة اليه قد أحيل الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية من رئيس المجلس وليس من المجلس ومن ثم فإن الاجراءات التي تمت في هذا الشأن تكون قد شابها إخلال بالأحكام والقواعد الدستورية والقانونية.
3 – ان لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة قد قامت ببحث الطلب المحال إليها والسابق الإشارة إليه دون دعوة إدارة الفتوى والتشريع للحضور أمامها لإبداء رأيها في شأن الطلب المذكور رغم انها الجهة الحكومية المعنية بهذا الموضوع والذي سيؤثر القرار الذي اتخذته اللجنة سلبا في شأنها ويضر بمصلحة العمل بها وبأعضائها، ومن ثم تكون اللجنة قد أخلت بحق الإدارة المقرر بمقتضى الدستور والقانون وقد استقر الفقه على ان للحكومة الحق في عرض مشروعات القوانين وشرحها والدفاع عنها أمام المجلس (وبالطبع لجانه) وعلى مجلس الأمة ان يمكنها من إبداء رأيها وتوضيح وجهة نظرها في هذا الخصوص وان هذا الحق مستمد من عموم نص المادة 116 من الدستور القاضي بأن «يسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام ولهم أن يستعينوا بمن يرون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المادة 50 من القانون رقم 12 لسنة 1963 المشار إليه تقضي بأن للوزير المختص ان يحضر جلسات اللجان عن نظر موضوع يتعلق بوزارته ويجوز له ان يصطحب معه واحدا أو أكثر من كبار الموظفين المختصين أو الخبراء أو ينيب عنه أي منهم، ولا يكون للوزير ولا لمن يصطحبه أو ينيبه رأي في المداولات وانما تثبت آراؤهم في التقرير ولا شك ان عدم دعوة إدارة الفتوى والتشريع لحضور جلسة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحث الطلب المقدم من أعضاء المجلس العشرين فيه إخلال بحقها في إبداء وجهة نظرها فيه وبالتالي يكون ما اتخذته اللجنة من قرارات قد شابها شبهة دستورية.
ويبين من مجمل ما تقدم مدى المخالفات التي شابت الاجراءات التي اتخذت بشأن الطلب المقدم من أعضاء مجلس الأمة العشرين بإدخال بعض التعديلات على الاقتراح بقانون المقدم من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بشأن إنشاء هيئة الفتوى والتشريع وقضايا الدولة.
الملاحظات الموضوعية:
وتتلخص فيما يلي:
1 – من المعلوم ان الدستور خصص الباب الرابع منه لبيان السلطات وخصص الفصل الخامس من هذا الباب لبيان السلطة القضائية وأورد تحت هذا الفصل كل من المحاكم والنيابة العامة والمحكمة الدستورية وأيضا إدارة الفتوى والتشريع حيث نصت المادة 170 من الدستور على ان يرتب القانون الهيئة التي تتولى إبداء الرأي القانوني للوزارات والمصالح العامة وتقوم بصياغة مشروعات القوانين واللوائح كما يرتب تمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة أمام جهات القضاء.
ولقد صدر القانون رقم 14 لسنة 1977 في شأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وادارة الفتوى والتشريع المعدل بالمرسوم بالقانون رقم 124 لسنة 1992 وساوى بين القضاء وأعضاء النيابة العامة وادارة الفتوى والتشريع فيما يتعلق بالدرجات والمرتبات والبدلات والعلاوات وكافة المزايا الأخرى، وأقرت كافة الأحكام القضائية الطبيعية القضائية للأعمال التي تقوم بها إدارة الفتوى والتشريع ومن أحدث الأحكام التي صدرت في هذا الشأن هي حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 8/5/2008 في الدعوى رقم 5 لسنة 2008 دستوري.
والجدير بالذكر في هذا المقام ان تشير الى ان المرسوم بالقانون رقم 14 لسنة 1977 المشار اليه قد عرض على مجلس الأمة بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/6/1981 فأقره بأغلبية كبيرة وأصبح لا مجال للتشكيك في الطبيعة القضائية لإدارة الفتوى والتشريع (راجع مضبطة مجلس الأمة التاسعة ب ص 49).
والبين من نص المادة 170 من الدستور انها توضح بما لا يدع مجالا لأي شك ان الهيئة التي يتعين ترتيبها بقانون هي المختصة بإبداء الرأي القانوني وصياغة مشروعات القوانين واللوائح للوزارات والمصالح العامة وتمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة أمام جهات القضاء وبالتالي فلا يجوز من الناحية الدستورية إسناد هذه المهام لأي جهة أخرى في الدولة خلاف إدارة الفتوى والتشريع، وإذ صدر القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت متضمنا نص المادة 33 منه والتي تقضي بأن يكون للبلدية إدارة قانونية تتبع الوزير المختص تتولى مباشرة جميع القضايا والحضور عنها أمام المحاكم وهيئات التحكيم وإبداء الرأي القانوني.. وهو نص يتعارض مع نص المادة 170 من الدستور وبالتالي تلحقه شبهة دستورية فيما يتعلق بالسماح لأعضاء الإدارة القانونية بالبلدية بمباشرة جميع القضايا والحضور عنها أمام المحاكم وهيئات التحكيم وإبداء الرأي القانوني.
2 – انه لا يغير من النتيجة السابق الإشارة اليها ما ورد بنص المادة 133 من الدستور والتي تنص على ان ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجه الدولة ورقابتها، إذ هو نص يهدف الى اعطاء المؤسسات العامة وهيئات الادارة البلدية قدرا من الاستقلال في أداء عملها تحت اشراف الدولة وتوجيهها ورقابتها ولا يعد استثناء بأي حال من الأحوال من حكم المادة 170 من الدستور والقول بغير ذلك فيه مخالفة صريحة لحكم المادة 170 المذكورة وتفريغها من مضمونها إذا ما سمح لكل المؤسسات العامة وهيئات البلدية بأن تعهد الى اداراتها القانونية بالحضور نيابة عنها أمام المحاكم وابداء الرأي القانوني دون الرجوع الى ادارة الفتوى والتشريع، وهذا ما يتعارض مع ما قصده المشرع الدستوري من إسناد مهمة الإفتاء وصياغة مشروعات القوانين واللوائح والحضور عن الدولة أمام جهات القضاء الى هيئة واحدة تتولى هذه المهمة بالنسبة لكل وزارات الدولة والمصالح العامة ووضع هذه الهيئة تحت الفصل الخامس من الباب الرابع من الدستور والمساواة بين أعضائها والقضاة وأعضاء النيابة العامة في جميع ما يتعلق بوظائفهم ومرتباتهم وبدلاتهم.
3 – ان اصدار نص قانوني بنقل موظفي الادارة القانونية بالبلدية الى ادارة الفتوى والتشريع بالاضافة الى ما يشوبه من شبهة دستورية فإنه يسبب إضرارا بالعمل بإدارة الفتوى والتشريع وبأعضائها لأن أعضاء الادارة القانونية بالبلدية تنحصر خبرتهم في أعمال البلدية فقط ولا تسعفهم خبرتهم في مباشرة أعمال ادارة الفتوى والتشريع التي تمتد الى جميع الأعمال المتعلقة بكل وزارات الدولة والمؤسسات والهيئات العامة والادارات العامة وغير ذلك من مصالح الدولة.
واقرأ ايضاً:
البلدية رفضت تحويل القطعة 10 في خيطان إلى «استثماري»